رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية


إن المواطن العربى عندما خرج فى ثورات الربيع العربى كان يتطلع إلى بناء الدولة المدنية الحديثة التى تضمن حقوقه فى الحرية والعدل والمساواة وتوسيع المشاركة السياسية واحترام حقوق الأقليات وتحسين مستوى العيش، فجاء حكم الإخوان ليصادر أحلام وتطلعات الثوار.

فشل الإخوان فى مصر سيكون له وقع كبير على هذا التنظيم فى دول عربية عديدة فما حدث فى مصر يمكن أن يصل إلى دول الربيع العربى الأخرى بعد أن فشل الإخوان فى مهدهم الأمر الذى يمهد لسقوط مشروعهم السياسى فى بلدان عربية كثيرة حيث يتفق الجميع على أن الإسلام الإخوانى كان يعيش ربيعه فى السنوات الأخيرة التى رافقت ما يسمى بـ «الربيع العربى» المدعوم من قوى إقليمية ودولية، ولقد كانت مصر مهد الإخوان ومركز قوتهم ولذلك كانت بعض الدول الخليجية تضع آمالا كبيرة على حكم الإخوان وتقدم لهم الدعم المالى بكل سخاء فى سبيل إنجاح مشروعهم فى مصر .

ما حدث فى مصر سيخلف موجة اجتماعية رافضة لحكم الإخوان فى جميع الدول بعد أن فشلت الحركة فى مصر التى تعد الأكثر تنظيما وتعدادا بين الدول الأخرى التى تنشط فيها الحركة ما سيدفع بها بعيدا عن السلطة وستواجه انحسارا كبيرا فى البلدان الأخرى فى ظل التجربة المصرية الفاشلة.

أخيرا نقول إن المواطن العربى عندما خرج فى ثورات الربيع العربى كان يتطلع إلى بناء الدولة المدنية الحديثة التى تضمن حقوقه فى الحرية والعدل والمساواة وتوسيع المشاركة السياسية واحترام حقوق الأقليات وتحسين مستوى العيش، فجاء حكم الإخوان ليصادر أحلام وتطلعات الثوار الأمر الذى ساهم فى سقوطه فى وقت قصير عبر ثورة شعبية جديدة ستهدد جميع بلدان الربيع العربى التى لم تتحقق تطلعات الثوار فيها .. وهذا ما تم إدراجه فى رسالة الدكتوراه لقطب من أقطاب الإخوان وجدى غنيم فى رسالته العلمية «الديمقراطية والشورى.. دراسة مقارنة» والتى حصل من خلالها على درجة الدكتوراه من أمريكا فى الشريعة الإسلامية، فقد قال فى دراسته: «هذه هى الديمقراطية باختصار وهذه هى أهم المبادئ و الأسس التى تقوم عليها، و التى من دونها تفقد الديمقراطية خصائصها ومعانيها، ومبررات وجودها، ولا تعد فى عرف القائلين بما تسمى ديمقراطية. وبناء على ما تقدم فإننى أقول جازما غير متردد ولا شاك إن الديمقراطية باطلة من أساسها، حكمها فى دين الله تعالى أنها لا تصلح ، وأن من اعتقدها أو دعا إليها، أو أقرها ورضيها أو عمل بها– على الأسس والمبادئ التى تقوم عليها الديمقراطية الآنفة الذكر من غير مانع شرعى معتبر، فهو كافر مرتد عن دينه وإن تسمى بأسماء المسلمين، وزعم زورا أنه من المسلمين المؤمنين، فالإسلام والديمقراطية بهذا الوصف لا يجتمعان فى دين الله أبداً.

وكذلك الذى يقول بالديمقراطية وهو لا يريد المعانى والأسس الآنفة الذكر وإنما يستخدمها كمصطلح يريد بها الشورى أو حرية التعبير والإفصاح عن الكلمة البناءة، أو رفع القيود والرقابة التى تمنع الناس من ممارسة حقوقهم الشرعية والأساسية فى الحياة، وغير ذلك من التأويلات والتفسيرات الفاسدة التى لا تحتملها الديمقراطية أساساً فمثل هذا نوضح له أسس الشورى وقواعدها الإسلامية القائمة على العدل والحق والمساواة الإسلامية.

إن هذا الشبه العارض فى بعض النقاط لا يجوز أن ينسينا الفارق الضخم فى القاعدة، إن القاعدة التى يقوم عليها الإسلام تختلف اختلافا جذرياً عن القاعدة التى تقوم عليها الديمقراطية، فى الإسلام يعبد الله وحده دون شريك، وتحكم شريعة الله عنواناً على التوحيد وتحقيقاً له فى عالم الواقع. وفى الديمقراطية يعبد غير الله وتحكم شرائع البشر عنوانا على التوحيد وتحقيقاً له فى عالم الواقع. وفى الإسلام يزكى الإنسان ليحتفظ بإنسانيته فى أحسن تقويم وفى الديمقراطية ينكس الإنسان فيهبط أسفل سافلين، تلك فروق جوهرية فى القاعدة، فما قيمة اللقاء العارض فى بعض النقاط أياً كانت القيمة الذاتية لتلك النقاط؟ وفى العالم الإسلامى كتاب ومفكرون ودعاة مخلصون مخدوعون فى الديمقراطية. يقولون: نأخذ ما فيها من خير ونترك ما فيها من شرور! يقولون نقيدها بما أنزل الله و لا نبيح الإلحاد ولا نبيح التحلل الخلقى والفوضى الجنسية! إنها إذن لن تكون الديمقراطية.. إنما ستكون الإسلام! إن الديمقراطية هى حكم الشعب بواسطة الشعب. إنها تولى الشعب سلطة الترشيح فإذا ألغى هذا الأمر أو قيد فلن تكون هى الديمقراطية التى تقوم بهذا الاسم نظرياً على الأقل وإن كانت الحقيقة كما أسلفنا أن الرأسماليين هم الذين يشرعون من وراء ستار، سيقولون إن الديمقراطية لا تتدخل فى الحرية الشخصية للأفراد فمن شاء أن يرتد عن دينه فهو حر، ومن شاء أن يتخذ صديقة أو خليلة فهو حر، ومن شاءت أن تخون زوجها فهى حرة ما لم يشتك الزوج، سيقولون: ابحثوا عن اسم آخر ما تريدون.. اسم غير الديمقراطية! فإذا كان كذلك فلماذا نصر نحن على تسمية نظامنا الذى نريده باسم الديمقراطية؟ لماذا لا نسميه الإسلام ؟! ولست أقول إن النظم الطاغية التى جاءت محل تلك الديمقراطية المزيفة هى خير منها، لا وألف مرة لا فالطغيان الذى يعتقل عشرات الآلاف و يعذبهم أبشع تعذيب عرفته البشرية، ويقتل منهم من يقتل فى محاكمات صورية أو داخل الأسوار بالتعذيب، وهو شر خالص لا خير فيه، ولكن أقول فقط إن البديل ليس هو الديمقراطية .. بل الإسلام، ومن كان يرى أن مشوار الإسلام طويل وأن مشوار الديمقراطية أقصر منه وأيسر فنحن نقول له: إن الديمقراطية ذاتها فى سبيلها إلى الانهيار بما تحمل فى طياتها من عوج وانحراف قائم فى أصل النظام. وسيبقى الإسلام .. لأنه دين الله.. ولأن الله تكفل بحفظه.. ولأنه هو الشىء الوحيد الذى يمكن أن ينقذ البشرية من ضلالها البعيد الذى لجت فيه، تقوم الديمقراطية على نظرية أن المالك الحقيقى للمال هو الإنسان، وبالتالى فله أن يكتسب المال بالطرق التى يشاء كما له أن ينفق ماله بالطرق التى يشاء ويهوى وإن كانت هذه الطرق محرمة ومحظورة فى دين الله تعالى وهذا ما يسمونه بالنظام الاقتصادى الحر، أو الرأسمالى الحر..! وهذا بخلاف ما عليه الإسلام الذى يقرر أن المالك الحقيقى للمال هو الله وأن الإنسان مستخلف عليه وهو مسئول عنه أمام الله تعالى كيف اكتسبه وفيما أنفقه، فالإنسان فى الإسلام كما ليس له أن يكسب ماله بالحرام والطرق غير المشروعة كالربا والرشوة والمتاجرة فيما هو حرام وغير ذلك كذلك لا يجوز له أن ينفق ماله فى الحرام والطرق غير المشروعة أو يقع فى التبذير والإسراف»، هذا هو فكر الإخوان المسلمين الديمقراطية كانت «كوبرى» للعبور على الدولة ثم من بعد ذلك تنتهى الديمقراطية للأبد لأنهم غير مؤمنين بها وأحد أقطابهم يتهم معتنقيها بالكفر والإلحاد والخروج من الملة والإسلام للآن، والديمقراطية منهج بشرى وضعى هكذا هو فكر الإخوان المسلمين.

■ خبير القانون العام - جامعة الدول العربي