رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصابةالـ4.. مَنْ يقود الجماعة الإرهابية الآن؟

جريدة الدستور

محمد بديع.. مسجون
محمود عزت.. هارب
عمرو دراج.. فى تركيا
محمود حسين.. فى تركيا
محمود حسين حصل على 6 ملايين دولار من قطر واشترى بناية له على مضيق البوسفور
عمرو دراج أسس مركزًا للدراسات السياسية يسهم فى صنع تقارير مزورة
شباب الجماعة يعيشون فى شقق مفروشة بتركيا تسعهم بالكاد


والله الذى لا أعبد سواه ما الإخوان إلا عصابة إجرامية تخطط لتخريب مصر، ولكن ما هو الخراب الذى كانوا يخططون له ولا يزالون؟.. المسألة واضحة بلا لبس ولا غموض، ولكن قرائحهم بليدة لم تستطع إنتاج أفكار جديدة، هم فقط ينفذون ذات الأفكار القديمة التى حفظناها عن ظهر قلب، هم يريدون الخراب لنا ولن يقع، والعمار لهم ولن يكون، هم يقصدون تقسيم البلاد وتحويلها إلى عدة إمارات ودويلات صغيرة تكون جزءًا من خلافتهم الإخوانية، ولكن يد الله مع مصر، ومن رحمته بنا أن جعلهم يذهبون إلى رحلة التيه، فتشتتوا بين البلدان، بعضهم هرب إلى تركيا، وبعضهم هرب إلى قطر، وآخرون ذهبوا إلى إنجلترا وأمريكا وإندونيسيا وماليزيا والسودان.

تلك هى سنوات التيه التى يعيشون فيها، كما عاش فيها من قبل بنو إسرائيل، وكأنهم يتعقبون أمراض بنى إسرائيل ويقلدونهم ويسيرون خلفهم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وفى التيه كان لا بد أن تنشأ الخلافات والصراعات، والشباب المُغرر به إذا به يرى القادة وهم يتنعمون ويعيشون فى قصور منيفة وينشئون شركات ويتشاركون مع قطر فى قنوات فضائية تدر عليهم الملايين، فى حين أن هذا الشباب الذين كانوا يظنون أنهم ذهبوا فى الغربة ليُعدوا أنفسهم من أجل العودة ذات يوم عندما يتحقق حلمهم بإقامة الدولة الدينية إذا بهم يدركون أن المسألة عند من غرر بهم لم تكن دينًا ولكنها كانت دنيا، وأنهم لم يكونوا إلا أدوات رخيصة لتحقيق دنيا غيرهم، وعندما تجمع هؤلاء الشباب فى تركيا فى شقق مفروشة تزدحم بهم وتسعهم بالكاد تكلموا عن الحلم المستحيل الذى تم تضليلهم به، حلم أن يحكم الإخوان مصر ليقيموا دولة الخلافة الإخوانية، ولكى يحكم الإخوان أجاز لهم قادتهم ارتكاب كل المحرمات، تحت مُسمى الضرورات تبيح المحظورات، ولم يقرأوا وقتها خطة أمريكا فى توطين الإخوان فى حكم مصر، ولكنهم ظنوا أن تلك هى خطة الإخوان، لا خطة أمريكا، وأن الإخوان هم أصحاب الدهاء والحنكة والخبرة التى جعلتهم يجعلون من أمريكا أداة لهم، أظنهم تذكروا عندما اجتمع بديع بعشرات من شباب الإخوان فى مقرهم بالمقطم فى اجتماع مغلق قبل زيارة كارتر لهم وقال لهم: أبشروا فإن الله ينصر الإسلام بالبر والفاجر، وفقًا لقول رسول الله، والله سينصرنا بالفاجر الأمريكى!.
وقتها صاح الشباب المغرر به: الله أكبر، مع أن الخطة والدهاء كانت من أمريكا وما الإخوان إلا بضاعة رخيصة استغلتها أمريكا، وقد كانت أصل خطة الأمريكان من البداية واضحًا بلا مواربة، والمدهش أن أمريكا لم تُخف خطتها أبدًا، فقالت إنها تعمل على إثارة فوضى عارمة فى المنطقة كلها، ثم من هذه الفوضى سيقومون بتخليق نظامٍ جديد وحكمٍ جديد، وأطلقت كونداليزا رايس على خطتهم عنوانًا براقًا هو «الفوضى المنظمة» وبترجمة دقيقة «الفوضى الخلاقة» وأخذنا نحن فى بلادنا نردد ببلادة ذلك التعبير الفوضوى، وسرنا قدمًا نحو تحقيقه، ثم حققته عُصبة من بلادنا، هم جماعة الإخوان، ولكن الذى باع عقله وقلبه لن يرى ولن يسمع، فكان اقتحام السجون وحرق الأقسام والمؤسسات وقتل الأفراد لندخل فى الفوضى العارمة، ثم كان تنظيم هذه الفوضى وجعلها خلاقة بتخليق الإخوان وتمكينهم من الحكم.
فشل الإخوان وفشلت أمريكا وفشلت بريطانيا ونجحت مصر، وهرب الإخوان، كما تعرفون جميعًا، هرب من استطاع من قادتهم واختبأ من استطاع الاختباء منهم كالجرذان مثل نائب المرشد محمود عزت، وبدأت الخلافات الأولى وهم فى منفاهم الاختيارى.
كانت بداية الخلافات حول الإدارة والقيادة، مَنْ يقود ومَنْ يدير؟ وخلافات القيادة عند الإخوان قديمة ومستمرة، فقد كانت موجودة فى زمن البنا بينه وبين الشيخ أحمد السكرى، ثم كانت بعد مقتل البنا بين مجموعة الأزهريين بقيادة الشيخ أحمد حسن الباقورى فى مواجهة التنظيم السرى بقيادة عبدالرحمن السندى، ودخل على خط الخلافات أسرة البنا، متمثلة فى أخيه عبدالرحمن البنا وزوج شقيقته عبدالحكيم عابدين، إلى أن جاء الماسونى حسن الهضيبى ليصبح هو مرشدهم، لتنقسم الجماعة وتتفتت، ثم كان الخلاف الثانى بعد وفاة حسن الهضيبى، حتى إن الإخوان وضعوا مرشدًا سريًا يقودهم هو حلمى عبدالمجيد، إلى أن جاء التلمسانى وأصبح هو مرشدهم، وهكذا وهكذا فى كل مرة، ولكن هذا الخلاف ليس مثل كل خلاف، فالمرشد بديع على قيد الحياة ولكنه مسجون، لذلك كانت البداية عندما استعمل محمود عزت من مخبأه نصًا فى اللائحة الإخوانية يبيح لنائب المرشد أن يتولى منصب الإرشاد إذا ما أصيب المرشد بمرض يمنعه من أداء دوره، واعتبر عزت أن سجن بديع يمنعه من ممارسة اختصاصه كمرشد، فنصَّب نفسه مرشدًا، واستخدم فى ذلك تعبيرًا جديدًا عليهم لنفسه هو «محمود عزت القائم بأعمال المرشد».
لكن هذا الأمر لم يرق لخيرت الشاطر وهو فى محبسه، ولقى اعتراضًا من بديع، فأرسلوا أثناء جلسات المحاكمة للمحامين رسائل مفادها: أبلغوا الإخوان بأن المرشد باقٍ فى أداء منصبه، وأن السجن لا يمنعه من ذلك، وأن كل التعليمات التى يجب أن يقوم بها الإخوان لا تصدر إلا من المرشد دون غيره، وأن وحدة الصف مطلوبة فى هذه الفترة، وأن أى شخص يفتت تلك الوحدة سيُعتبر خارج الصف.
وبطبيعة الحال لم يلق هذا الكلام قبولًا من محمود عزت، فاستخدم محمد كمال عضو مكتب الإرشاد والذى كان يقود من مخبأه الخلايا المسلحة مثل حركة حسم، وحركة أجناد مصر، وغيرهما، فأصدر بيانًا تم توزيعه على مناطق الإخوان فى مصر، وإرساله إلى إخوان التيه فى منفاهم جاء به: إن وجود المرشد بديع وإخوانه داخل السجن يعطل إرادتهم، وإن القاعدة الشرعية تقول إنه لا ولاية لسجين، وبالتالى تنحسر عنهم الولاية الإخوانية، وبدأوا بالفعل من بعدها فى تشكيل مكاتب إدارية لهم داخل مصر، وخارجها، فتولى محمود عزت موقع القائم بأعمال المرشد بعد أن أخذ البيعة بذلك من معظم المكاتب الإدارية فى مصر، ثم من إخوان إنجلترا وأمريكا وإندونيسيا وماليزيا، وأصبح محمد كمال هو القائد الرسمى للجناح العسكرى للجماعة، وفى تركيا نشأ خلاف بين عمرو دراج من ناحية، ومحمود حسين من ناحية أخرى حول منصب مسئول المكتب الإدارى لإخوان مصر خارج البلاد، وتواصل محمود حسين مع التنظيم الدولى ليحصل لنفسه على شرعية، فضلًا عن تواصله مع قطر ليحصل على التمويل اللازم لإدارة الجماعة، وفعل عمرو دراج نفس الشىء.
وأصبح للإخوان فى تركيا مكتبان إداريان، وحصل أصحاب كل مكتب على أموال طائلة كان من المفترض أن يتم إنفاقها كلها على أعمال الإخوان التخريبية والإرهابية فى مصر، ولكن الشباب الإخوانى الهارب وجد أن محمود حسين الذى حصل من قطر ذات مرة على ستة ملايين من الدولارات أو أكثر، يقوم بشراء بناية له على مضيق البوسفور فى إسطنبول فى أرقى المواقع، وهى بناية قال بعض الشباب منهم إن أحدًا منهم لا يمكن أن يفكر فيها إلا فى الأحلام أو إذا كان فى الجنة، وفى ذات الوقت تلقى عمرو دراج أموالًا طائلة من قطر، فأقام مركزًا للدراسات السياسية يخدم به على الإخوان، ويسهم فى صنع تقارير مزورة لتقديمها إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، واستخدم فى ذلك المركز عددًا كبيرًا من شباب الإخوان بمرتبات هزيلة، وبدأ التلاسن بين الفريقين، فعصام تليمة، سكرتير القرضاوى السابق والهارب إلى تركيا والمنضم لجبهة عمرو دراج أخذ يوجه الاتهامات المالية لمحمود حسين ويتهمه بسرقة أموال الجماعة، وجبهة محمود حسين اعتبرت نفسها الجهة الشرعية الوحيدة التى حصلت على دعم لشرعيتها من الهارب محمود عزت، فى حين أن عمرو دراج اعتبر نفسه وجبهته رجال المرشد بديع والحاصلين على شرعيتهم منه، ووصلت درجة الخلاف إلى أمر غير مسبوق، فحين دعت جبهة عمرو دراج الإخوان فى تركيا إلى اجتماع فى أحد الفنادق من أجل حسم مسئولية المكتب الإدارى وانتخاب من يراه الإخوان الهاربون أهلًا لتولى المسئولية، إذا بمحمود حسين يقوم باستدعاء الشرطة للمجتمعين من أجل فضه بزعم أنهم لا علاقة لهم بالإخوان، وكانت فضيحة لم تحدث من قبل فى تاريخ تلك الجماعة، أدت إلى مزيد من التشرذم والتشظى والتفرق، وأصبحوا جميعهم فى أودية التيه يتيهون فى شُعَبها.
إلا أن الدنيا أظهرت خلافًا كان صغيرًا ثم أخذ يتفاقم، كان هو الخلاف الأكبر والأقوى، فمحمد كمال فى مصر أصبح هو الرجل القوى، فتحت يده السلاح والمال، وقد استطاع فى فترة قصيرة اصطياد مئات من الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، وأيضًا من خلال المساجد، وقام بتجنيدهم فى تنظيماته العسكرية، مع باقى الشباب الإخوانى الذى كان قد انضوى تحت لوائه، ومع هؤلاء كانت الملايين من الدولارات التى تم تهريبها إليه، وبالفعل قام بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية أشهرها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، واغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات، وأخذت مجموعة عمرو دراج تؤيد وتؤازر محمد كمال، وتحصل من قطر على الملايين لتمويله، وبذلك أصبح محمد كمال هو الرجل الأقوى، والمال والسلاح تصيب هؤلاء بالجنون، فأصبح مريضًا بمرض القوة.
وهنا بدأت الخلافات بينه وبين محمود عزت الذى رأى أنه خرج على توجهاته وإدارته، وانحاز محمود عزت لتلاميذه من جبهة محمود حسين، وأصبح كل واحد منهما يرى أنه صاحب القيادة الشرعية للجماعة، وانسحب أثر هذا الخلاف على إخوان مصر، فانقسموا إلى ثلاث فرق، فرقة ترى أن محمد كمال هو صاحب الإدارة الشرعية، وفرقة ترى أن عزت هو صاحب الولاية، وفرقة ثالثة قالت سنعمل على استقلال ولا شأن لنا بهؤلاء ولا هؤلاء، فبات لزامًا ضرورة فك هذا الاشتباك، خاصة أن التنظيم الدولى تدخل لحسمه، وبالفعل تم تكوين لجنة تحكيم مكونة من القرضاوى والغنوشى ومحمد أحمد راشد، حيث اجتمعت مع أفراد من الفريقين، ثم أصدرت قرارًا بوجوب أن يستقيل محمود عزت ومحمد كمال من منصبيهما، ويتقدم لهذين المنصبين شباب من الإخوان من أصحاب الفكر المختلف فى كيفية مواجهة مصر، فاستجاب محمد كمال وأصدر تسجيلًا صوتيًا، موجودًا على «يوتيوب» قرر فيه الموافقة على الاستقالة، وبعدها بأسبوعين أصدر محمود عزت تسجيلًا صوتيًا رفض فيه الاستقالة وسمى نفسه «القائم بأعمال المرشد» فأدى هذا إلى عودة محمد كمال عن استقالته، وأخذ يسير فى طريق الدم حتى داهمت الشرطة الوكر الذى كان يختبئ فيه فأطلق عليهم الرصاص فأردوه قتيلًا.
عقب ذلك أقام الفريقان فى تركيا صلاتى غائب على محمد كمال، أقامهما كل فريق على حدة، وأقاموا عزاءين وحفلى تأبين، سافر القرضاوى إليهما وحضر فى كل صلاة، وقدم العزاء للاثنين، ولكن كل فريق منهما رفض مشاركة الآخر فى تأبينه وعزائه، لتكون سابقة فى تاريخ الإخوان لم تحدث من قبل، وزاد على ذلك أن الشيخ جمال عبدالستار، الإخوانى الهارب إلى تركيا، أنشأ هناك جامعة وهمية ادعى أنه حصل على صيغة رسمية لها من ماليزيا، وألحق للعمل بها قيادات من الفريقين، ثم طلب من كل طالب إخوانى أن يدفع إن أراد الالتحاق بها مبلغ ٢٠٠٠ دولار، ثم اتضح أنه جمع الملايين من كبار أثرياء الإخوان فى أوروبا وأمريكا بزعم أنه سيلحق طلبة الإخوان بها مجانًا، وكانت المفاجأة الثانية أن هذه الجامعة وهمية ولا يوجد أى موافقات رسمية لها من أى جهة، فكانت الطامة الكبرى. أما الخلاف الشرعى بينهما فهو حول استخدام القوة فى مواجهة مصر، ففريق محمود حسين يرى أن القوة لا تُستخدم إلا عند الاستطاعة حتى لا يترتب على تلك المواجهة أى أضرار على التنظيم، فى حين أن الدكتور الأزهرى الإخوانى الهارب مجدى لاشين كتب بحثًا للإخوان عنوانه «التأصيل الشرعى لوجوب مواجهة الانقلابيين بكل وسيلة مستطاعة» وأن الاستطاعة ليست شرطًا للمواجهة، وهذا البحث يقوم على أن هذا المجتمع الذى نعيشه ليس مجتمعًا مسلمًا خالصًا، وهو أقرب إلى المجتمعات التى ارتدت عن الإسلام، وأن علامات ودلائل هذه الردة هى أنه خرج عن الحاكم المسلم الوحيد الذى حكم البلاد حكمًا شرعيًا! رغم أن فى عنق الذين خرجوا عن هذا الحاكم بيعة! وذهبوا إلى أن من خرجوا يلزم قتالهم، فإن تابوا وعادوا كف الإخوان أيديهم عنهم، وإن أصروا على الخروج وجب قتلهم، وذهب جانب آخر من البحث إلى أن الجيش والشرطة والقضاء من أكبرهم لأصغرهم هم جنود فرعون، وما خرجوا على الإخوان إلا لأنهم يحاربون الإسلام ويكرهونه! وهذا المحارب يجب قتله فورًا متى استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، أما من خرج عليهم من باب معاونة الحاكم ولمجرد الاعتداء فهو من «الصالين» أى المعتدين، وقالوا إن الشرع يسمح لهم بقتل الصائل المعتدى.
وبين هذين الرأيين تعيش الجماعة، فريق يسعى لإعادة تشكيل الجماعة بشكل سرى حتى يصل بها إلى قدر الاستطاعة، وفريق يعيش على فكرة المواجهة مهما كانت الاستطاعة، وفريق من الشباب يعيش فى تركيا فى ظروف صعبة للغاية أدت بهم إلى الصراخ، وفريق رابع حصل على الغنائم التى يريدها وحط رحاله فى أوروبا وكندار وأمريكا مثل جمال حشمت ووليد شرابى، وكلهم معًا يشكلون عصابة الأربعة.