رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القرآن «جملة واحدة» يقضى على الأفكار المتطرفة «2-3»


يجب على كل مسلم وجد شخصًا أخل بدراسة القرآن دراسة موضوعية، وبدأ يجتزئ الآيات عن سياقها وبعيدة عن باقى الآيات المتعلقة بنفس الموضوع، أن يُعيده إلى الفهم الشبكى والموضوعى للقرآن الكريم.
فقد قامت تلك التنظيمات المتطرفة بأخذ بعض الآيات التى تتحدث عن القتال، وقامت بعزلها عن باقى الآيات الأخرى التى تتحدث عن موضوع القتال أيضًا، مما أدى إلى تجزئة نصوص القرآن.
لنا نتخيل أن شابًا تأثر بتلك الأفكار ويفكر فى الانضمام إليهم ونحن نريد أن نحميه ونرده للصواب، من خلال الرد على شبهاتهم التى طرحوها عليه:
هو: ألم يأمرنا الله بالجهاد وقتال أعداء الإسلام؟!
أنا: هذا هو أول خطأ تقع فيه، فالقرآن فرَّق بين الجهاد والقتال، فالجهاد هو بَذْلُكَ الجهد فى كل عمل لله، أما القتال فلا يأتى فى القرآن إلا عن معركة عادلة بين جيشين، فالله تعالى قال: «وجاهدهم به جهادًا كبيرًا»، أى بالقرآن وليس بالسلاح، فليس كل الجهاد قتالًا، فالجهاد أعمُّ من القتال.
هو: تمام.. لكن ألم يقل الله تبارك وتعالى: «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» وقال أيضًا: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم»، وقال كذلك: «فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب»، أليس بهذه الآيات يأمرنا أن نقاتل كل من كفر؟!
أنا: هذا ثانى خطأ تقع فيه؛ لأنك نسيت أن القرآن جملة واحدة! فلا تقرأ مجموعة آيات دون باقى الآيات فى نفس الموضوع
* تعال نجمع الآيات:
«وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا»، فقيَّد الآيات السابقة بقيد شديد وهو عدم الاعتداء، ولفظُ «الذين يقاتلونكم» قيَّدَ لفظَ «وقاتلوا»، فالقتال فى الإسلام لرد الاعتداء!
نعم، قال الله تعالى «واقتلوهم حيث ثقفتموهم»، ولكنه قال أيضًا: «لا يحب المعتدين»، فلو اعتديت صرت أنت أيضًا عدوًّا لله!
هو: وهذا ما تفعله داعش.. إنها ترد الاعتداء الذى وقع على المسلمين.
أنا: لابد أن تقرأ القرآن جملة واحده لأنك ستجد آية أخرى وضعت شرطًا دقيقًا: أنك لا تعتدى إلا على ذات من اعتدى عليك؛ لأن داعش تقول: المسلمون اعتدى عليهم.. «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، فاعتدوا عليه، هنا عائدة على ذات المعتدى وليس غيره، فإذا انتقمت أو قتلت أخاه أو أباه؛ يكون هذا الدم فى رقبتك يوم القيامة.
ستقول لى: فكيف آخذ حقى ممن اعتدى علىَّ؟!
بناء على الشرط الشديد أن تحدد بدقة من الذى اعتدى عليك، وهذا مستحيل إلا بمعركة عادلة بين جيشين، وإلا؛ فدم من تقتله فى رقبتك يوم القيامة!
وقبل أن تدخل المعركة ابحث عن رد الحقوق بالوسائل السلمية؛ لأن السلم فى الإسلام هو الأصل والحرب هى الاستثناء؛ لذلك نجد الله عز وجل يقول: «ادخلوا فى السلم كافة» ويقول: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».