رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد فطر حزين... واستغلال الأطفال فى الاعتصام المسلح


يحل علينا عيد الفطر المبارك فى ظل أزمة طاحنة تواجه المصريين وغضب لثوار مصر الذين هم غالبية الشعب، والذين أسقطوا نظامًا كان يتاجر بالدين والدين منه براء، يحل علينا عيد الفطر بينما نواجه تدخلات سافرة دولية تقودها أمريكا ضد ثورة الشعب المصرى.

يحل علينا عيد الفطر المبارك بدون حكم الإخوان، ولكن باعتصامات مسلحة، وهجمات ضارية فى الشوارع ضد المصريين الآمنين فى بعض المحافظات.

يحل علينا عيد الفطر المبارك فى ظل غضب شعبى عارم من الحكومة الجديدة التى لا ترد بشكل فعال على من يريدون التدخل فى الشأن المصرى الداخلى.

يحل علينا عيد الفطر المبارك دون فرحة فى الشارع المصرى، حيث صدم عيون المصريين جميعًا، ماعدا جماعة الإخوان، مشهد لموكب أطفال من إحدى دور الأيتام يحملون نعوشًا وأكفانًا لأنهم ذاهبون إلى السلخانة فى رابعة العدوية، إن هؤلاء الأطفال الذين يتم استغلالهم أمام مرأى ومسمع من الفضائيات المصرية والعربية والدولية كلها يتم المتاجرة بهم، والتضحية بهم ليقتلوا إذا ما تم فض الاعتصام المسلح فى منطقة رابعة العدوية والنهضة، إن هؤلاء الأطفال ليس لهم دية، فهم بلا أم أو أب، وهم فى دور أيتام إخوانية إحداها للممثل السابق وجدى العربى، وإذا ما قرر الإخوان قتلهم أو أصيب أحد منهم بأذى من الوقوف فى الاعتصام فلن يسأل عنه أحد، فهم صيد سهل يمكن المتاجرة به أمام العالم.

أما الأمر الذى يثير الدهشة والاستياء فهو المؤسسات الدولية التى لم تطالب بموقف صارم إزاء هذه الانتهاكات السافرة لحقوق الطفل، والتى تدينها كل المواثيق الدولية، والقوانين والأعراف وحقوق الإنسان، ويبدو أن الضغط الأمريكى وصل إلى هذه المنظمات والهيئات الدولية حتى لا تطالب هذه المنظمات الحقوقية بإخراج الأطفال الأيتام من وسط الاعتصامين المسلحين، واكتفت بعض المنظمات مثل منظمة اليونيسيف بإدانة لاستخدام الأطفال فى الاعتصامات والتظاهرات، ورغم أن بعض الفضائيات العربية قد عرضت هذه المشاهد فى نشراتها الإخبارية، إلا أنها عرضتها فقط ومضت هذه المشاهد كأن لم تكن.

ولم يتوقف استخدام الأطفال حتى الآن، حيث تم القبض على مدرس مصطحبًا مجموعة أخرى من الأطفال، وتم إحضار هؤلاء الأطفال الأبرياء بحجة كاذبة هى أنهم ذاهبون لشراء ملابس العيد، إن القلب يدمع لمشهد هؤلاء الضحايا الأبرياء الذاهبين إلى الموت دون علمهم، إن هذا التصرف الفاشى يذكرنى بمحرقة النازى المجرم هتلر الذى كان يسوق الأطفال اليهود إلى الموت بعد صعوده إلى سدة الحكم فى ألمانيا.

إننى أتساءل هنا: كيف يستباح الأيتام ويتم استغلالهم فى منطقة مسلحة؟

كيف يترك هذا الاعتصام المسلح ويترك الأطفال وسط هذا الآتون المستعر، ولا يتم محاسبة أحد تحت أعين العالم أجمع؟

إن القانون الدولى صريح فيما يخص حماية الأطفال فى النزاعات المسلحة، وتوفر اتفاقيات چنيف الأربع لعام ١٩٤٩، وبروتوكولاها الإضافيان لعام ١٩٧٧ حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة، أما اتفاقية حقوق الطفل لعام ١٩٨٩ والتى حققت قبولاً عالميًا وتم التصديق عليها من ١٩٣ طرفًا أى أكثر من الدول التى انضمت إلى منظومة الأمم المتحدة أو الدول التى اعترفت باتفاقيات چنيف، والتى تسترشد منظمة اليونيسيف بتنفيذها مهمتها بنصوص واتفاقية حقوق الطفل، فتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة فى عدم التمييز وتضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل، والحق فى الحياة، والحق فى البقاء، والحق فى النماء، وحق احترام رأى الطفل، وهذه الحقوق الأربعة لم تكفل لأى من الأطفال المستغلين فى اعتصام رابعة العدوية، فأين الدول التى وقعت على هذه الاتفاقية من استخدام الأطفال الأيتام فى الاعتصام المسلح برابعة العدوية، ولماذا لم تصدر إدانة جماعية، أو يتم التحقيق مع الجماعة التى تستخدم هؤلاء الأطفال كدروع بشرية؟.

فضلاً عن هذا فإن قانون الطفل المصرى الصادر فى عام ٢٠٠٨ به أكثر من مادة تجرم استغلال الأطفال والاتجار بهم، ووفقًا للقانون المصرى فإن استغلال الأطفال وتعريضهم للخطر يقع تحت طائلة العقاب القانونى.

كنت أريد أن أهنئ قارئى بعيد الفطر المبارك، لكننى أجد نفسى أتوقف أمام جرائم ترتكب ضد الطفل المصرى ذخيرة هذا الوطن، وعدته للمستقبل، وبدلاً من أن يستمتع أطفال مصر ببهجة الأعياد، ويخرجون للتنزه فى الحدائق والأماكن الطبيعية، فإن هناك أيتامًا يعانون من الاتجار بهم وأخذهم إلى طريق الموت وإلى سياسة الكراهية للآخرين.

لهذا وأمام قتل المصريين جهارًا نهارًا حتى فى أيام الشهر المبارك من قبل أيدى الإرهاب الأسود والموالين لجماعة الإخوان المتأسلمين، واستغلال الأطفال والأيتام فى الاعتصامات المسلحة، فإننا نطالب الحكومة الانتقالية باتخاذ خطوات جادة لإنقاذ مصر ممن يروعون أهلها، ومن المجرمين الذين يروعون فى شوارعنا، وإذا كانت الحكومة الحالية غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية شجاعة بحيث تصون كرامة المصريين والمصريات، فلترحل ولتعتذر عن مهمتها ولتتركها لرجال قادرين على حماية الشعب المصرى المسالم والذى يتطلع إلى مستقبل أفضل لأبنائه