رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل أنت موقن بالله حقيقة لا قولًا؟ «2-2»


أين اليقين فى الجنة: فى النار فى الحساب.. أم هى مجرد معلومات.. علم اليقين.. أم كأنك هناك؟.
عن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يشفع لى يوم القيامة، قال: أنا فاعل إن شاء الله، قال: فأين أطلبك؟ قال: أول ما تطلبنى على الصراط، قلت: فإن لم ألقك؟ قال: فاطلبنى عند الميزان، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبنى عند الحوض، فإنى لا أخطى هذه الثلاثة مواطن».
بلغ اليقين بأنس مبلغًا عظيمًا، فأصبح عنده يوم القيامة شهادة لا غيبًا وواقعًا لا خيالًا، لكن بقيت المسألة التى أرقته طويلًا: أين سيقابل الرسول، صلى الله عليه وسلم، وسط هذه الجموع والأمواج المتلاطمة من البشر من لدن آدم، عليه السلام، إلى قيام الساعة، لذا كان همّه بعد اليقين بحتمية اللقاء تحديد مكانه، حتى لا يتوه وسط الزحام فيفقد أثر الرسول، صلى الله عليه وسلم.
الصحابى الجليل سعيد بن العاص لما عوتب فى كثرة العطاء، برَّر ذلك بقوله: «إن الله تعالى عوَّدنى أن يتفضَّل علىَّ، وعوَّدته أن أتفضَّل على عباده، فأخاف إن قطعت أن يقطع». الحسن البصرى يقول: من أيقن بالخلف جاد بالعطية.
جدد اليقين فى الجنة والنار مثل عمر بن الخطاب، الذى يقول: «والله لو فتحت السماء فنظرت إلى الجنة والنار ما ازددت بهما يقينًا».
جدد اليقين أن عمرك لن يتأخر لحظة واحدة عن موعده.. سأل رجل بحارًا: أين مات أبوك؟، قال: فى البحر. فسأله: وجدك أين مات؟ قال: فى البحر، فصرخ الرجل مستغربًا وتركب البحر، فابتسم البحار ورد بالسؤال نفسه: وأنت يا هذا أين مات أبوك؟ قال: على سريره. قال: وجدك؟ فأجاب: على سريره، فالتفت البحار عنه، وقفز فى قاربه وهو يقول: وتنام على سريرك بعد هذا؟.
جدد اليقين أن الله يستجيب الدعاء، هل أنت موقن أن الله لا يرد دعوة الصائم عند الإفطار، هل أنت موقن أن أى خير تفعله سيعود إليك، هل أنت موقن من قال سبحان الله وبحمده ١٠٠ مرة غُفرت ذنوبه، هل أنت موقن لو بررت أهلك سيبرك أولادك ولو بعد ٤٠ سنة. هل أنت موقن أن الله يستجيب الدعاء «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ»، النبى، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»، اليقين شرط الإجابة.
هل أنت موقن بأن من صلّى الفجر فى جماعة فهو فى ذمة الله؟، هل أنت موقن بأن من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه؟، هل أنت موقن بأن الملائكة معك الآن، ملك على اليمين وآخر على الشمال، هل أنت موقن بالله وغضبه إن عصيته «قُلْ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»، هل تتقى الله فى زوجتك، ومالك، وعملك؟. لا بد من عودة فاعلية اليقين فى الحياة.. أمل، تفاؤل، إصرار، روح، سعادة، رضا، قوة نفسية.