رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حمد الباسل.. شيخ العرب فى ثورة 19


لا يقتصر دور حمد الباسل على دوره الوطنى فى ثورة 19 فحسب، بل لعب دورًا مهمًا فى دعم حركة الجهاد الليبى ضد الاستعمار الإيطالى
«حمد الباسل»، مَن منا يعرف اسم هذا البطل ودوره؟ إنه حمد الباسل باشا، شيخ عربان الباسل بالفيوم، وهى عائلة ما زالت شهيرة هناك حتى اليوم. ولد حمد الباسل حوالى عام ١٨٧١، وحصل على رتبة الباشوية فى عام ١٩١٤. ورغم الحسب والنسب ورتبة الباشوية، انضم حمد الباسل مبكرًا إلى سعد زغلول والوفد المصرى.
كانت مشاركة الباسل فى غاية الأهمية فى تأكيد معنى الثورة والمواطنة؛ إذ ينظر البعض بتوجس وريبة نحو الشعور الوطنى والانتماء لدى البدو. وهى نظرة سطحية إلى حد كبير، لا تستند إلى وقائع التاريخ ومشاركة البدو فى مقاومة الحملة الفرنسية، وأيضًا مقاومة الاحتلال البريطانى لا سيما فى ثورة ١٩. كانت مشاركة حمد الباسل- مثلها مثل مشاركة القمص سرجيوس وغيره من الأقباط، ومشاركة هدى شعراوى وغيرها من النساء- تعبيرًا عن وحدة الأمة، وتجسيدًا حيًّا لفكرة المواطنة.
فتح حمد الباسل قصره فى القاهرة ليكون مكانًا لاجتماعات الوفد والدعوة إلى الثورة. وترتب على ذلك انزعاج السلطات الإنجليزية من مشاركة حمد الباسل لعلمها بنسبه، وخوفها من تبعات ذلك من انضمام البدو للحركة الوطنية. من هنا كان قرار السلطات البريطانية إلقاء القبض على حمد مع سعد زغلول ورفاقه يوم ٨ مارس ١٩١٩ ونفيهم إلى جزيرة مالطة.
وسرعان ما اندلعت الثورة فى اليوم التالى، وبدأت من خلال مظاهرات الطلاب فى القاهرة، وتدحرجت كرة الثلج، لتعم الثورة كل أنحاء مصر. لكن أعنف المعارك مع الاحتلال البريطانى كانت فى صعيد مصر، لا سيما فى أسيوط والفيوم. وما يهمنا هنا هو المقاومة الوطنية للسلطات الإنجليزية فى الفيوم، فعلى عكس توقع الإنجليز لم يؤدِّ اعتقال حمد الباسل إلى بَث الرعب فى نفوس بدو الفيوم، بل استثار حماستهم ونخوتهم العربية. ومعلوم حوزة البدو للأسلحة النارية نظرًا لمعانى الشرف فى ذلك، وأيضًا للدفاع عن النفس فى البيئة الصحراوية الصعبة. لذلك رد بدو الفيوم على اعتقال حمد الباسل بالثورة المسلحة ضد القوات الإنجليزية الموجودة هناك، واضطرت السلطات البريطانية إلى إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة لمواجهة ثورة البدو. ويذكر البعض أن الجيش الإنجليزى اضطر إلى استخدام المدافع، بل والطائرات التى ألقت القنابل فى محاولة لقمع ثورة البدو، مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء منهم.
ومعلوم رضوخ بريطانيا بعد ذلك للثورة، والإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، ومنهم حمد الباسل. ليعود الباسل ويستمر دوره الوطنى فى الحياة السياسية المصرية.
ولا يقتصر دور حمد الباسل على دوره الوطنى فى ثورة ١٩ فحسب، بل لعب دورًا مهمًا فى دعم حركة الجهاد الليبى ضد الاستعمار الإيطالى، نظرًا لصلات القربى بين بدو الباسل وبدو ليبيا. وكانت هناك اتصالات سرية بين حمد الباسل والزعيم الليبى الكبير «عمر المختار»، وأقام حمد الباسل حفلًا فى مصر لتكريم الزعيم الليبى بعد استشهاده.
إن قصة حمد الباسل ودوره الوطنى فى ثورة ١٩١٩، ودوره العربى فى الجهاد الليبى، تؤكد على معانى الوطنية والقومية، وترفع عن البدو أى اتهام جائر بشأن وطنيتهم وحفاظهم على الدولة المركزية.