رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تمصير الإخوان (1-2)


جمعتنى ندوة تلفازية أو حوار فى «صدى البلد» مساء الخميس أول أغسطس 2013، مع كل من الدكتورسعد الدين إبراهيم، عراب العلاقة بين الحركة الإسلامية والأمريكان، كما يسميه الأستاذ حمدى رزق. شارك فى تلك الندوة الأستاذ ثروت الخرباوى، والخبير الأمنى

المعروف اللواء فؤاد علام بتاريخه الطويل فى ميادين الأمن القومى. دعا إلى ذلك الحوار الإعلامى البارز حمدى رزق. قد يقول قائل من الذى جمع الشامى على المغربى، وأنا أقول جمعتهم مصر، وإن كان حمدى رزق قد أشار فى تعليقاته قائلاً: نادرا ما يجتمع هؤلاء الأربعة فى برنامج واحد وهذا صحيح.

مما جاء فى مداخلات الأستاذ الدكتور سعد الدين إبراهيم، ضرورة تمصير الإخوان. وهذا العنوان يعنى الكثير فى المضمون والشكل، وفيه جزء كبير جدا من الأهمية، بل ضرورة الانتماء الصادق للوطن والوطنية الصادقة. تطرق الحوار كذلك إلى الإمام البنا - رحمه الله تعالى - ودعوته ومفاهيمه، التى لم تتعرض للنقد الموضوعى أو للهجوم العنيف بالحق والباطل، كما تعرضت له اليوم، نتيجة سوء أداء قيادة الإخوان المسلمين مؤخرا، وإهمالهم الدعوة وتركيزهم على السياسة، وخصوصا فى عهد الرئيس المعزول مرسى، الذى لم يستمر أكثر من سنة واحدة وثلاثة أيام حسوما.

أريد فى هذا المقال القصير أن أوضح ما فهمته، وما يجب أن يفهمه ويفقهه ويمارسه الإخوان بشأن الوطنية كما جاءت فى رسائل الإمام البنا، حتى لا نظلم أحدا فى قبره، ولا نضلل أحدا فى الشرق أ والغرب، يريد أن يفهم موقف الإسلام أو بعض دعاة الاسلام عن الوطنية والقومية. وقد قدمت فى هذا من قبل أكثر من مقال، وجاء وقت التأكيد على هذين المفهومين فى فكر الإمام البنا.

لقد احتلت الوطنية والقومية، مقاما كبيرا فى فكر حسن البنا، ولكن ممارسات بعض القيادات الإخوانية فى السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، وخصوصا بعد وفاة الأستاذ المرشد عمر التلمسانى، شوهت المفهومين عمليا، مما عمَّق الانقسام فى المجتمع الواحد فى الفهم بين الإسلاميين أ وأبناء الحركة الإسلامية، وغيرهم من المسلمين وغير المسلمين، بل إن بعضهم بسبب التشدد والبعد عن الوسطية، اتهم بعض القوميين ودعاة الوطنية بأوصاف لا تليق بعاقل، بل إن بعضهم استحل دم بعضهم الآخر. ومما قاله الإمام البنا عن الوطنية بشكل عام ما يلى:

«افتتن كثير من الناس بدعوة الوطنية تارة والقومية تارة أخرى وبخاصة فى الشرق، حيث تشعر الشعوب الشرقية بإساءة الغرب إليها إساءة نالت من عزتها وكرامتها واستقلالها وأخذت من مالها ومن دمها، وحيث تتألم هذه الشعوب من هذا النير الغربى الذى فرض عليها فرضا، فهى تحاول الخلاص منه بكل ما فى وسعها من قوة ومنعة وجهاد وجلاد، فانطلقت ألسن الزعماء، وسالت أنهار الصحف، وكتب الكاتبون وخطب الخطباء، وهتف الهاتفون باسم الوطنية وجلال القومية.

حسن ذلك وجميل، ولكن من غير الحسن وغير الجميل أنك تحاول إفهام الشعوب الشرقية وهى مسلمة، أن ذلك فى الإسلام بأوفى وأزكى وأسمى وأنبل مما هو فى أفواه الغربيين وكتابات الأوروبيين، أبوا ذلك عليك ولجوا فى تقليدهم يعمهون، وزعموا لك أن الإسلام من ناحية وهذه الفكرة من ناحية أخرى، وظن بعضهم أن ذلك مما يفرق وحدة الأمة ويضعف رابطة الشباب».

ثم يواصل الإمام البنا فيقول: «هذا الوهم الخاطئ كان خطرا على الشعوب الشرقية من كل الوجهات. وبهذا الوهم أحببت أن أعرض هنا إلى موقف الإخوان المسلمين ودعوتهم من فكرة الوطنية وذلك الموقف الذى ارتضوه لأنفسهم والذى يريدون ويحاولون أن يرضاه الناس معه».

ثم يواصل الإمام البنا فى رسالة: دعوتنا، حديثه عن وطنية الحنين، ووطنية الحرية والعزة، ووطنية المجتمع، ووطنية الفتح، ولكنه ينفى فى الوقت نفسه عن الوطنية أن تكون ميدانا لتقسيم الأمة إلى طوائف تتناحر وتتضاغن، كما هو قائم اليوم للأسف الشديد. ها هو يقول رحمه الله تعالى، عن وطنية الحنين:

«إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض، وألفتها والحنين إليها والانعطاف حولها، فذلك أمر مركوز فى فطر النفوس من جهة، مأمور به فى الإسلام من جهة أخرى».

أما عن وطنية الحرية والعزة؛ فيقول:

«وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد فى تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير استقلاله، وغرس مبادئ العزة والحرية فى نفوس أبنائه، فنحن معهم فى ذلك أيضا، وقد شدد الإسلام فى ذلك أبلغ التشديد».

ثم يقول الإمام البنا عن، وطنية المجتمع:

«وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد، وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية فى مصالحهم، فذلك نوافقهم فيه أيضا، ويراه الإسلام فريضة لازمة».

أما عن وطنية الفتح فيقول الإمام البنا:

«وإن كانوا يريدون بالوطنية فتح البلاد وسيادة الأرض، فقد فرض ذلك الإسلام ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح».

وللحديث صلة والله الموفق