رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"يا مجبل يوم وليلة".. صحفى أمريكى يروى تجربته الرومانسية فى قطار النوم من الجيزة إلى أسوان

جريدة الدستور

نشر الصحفى الأمريكى هاريسون جاكوبس، الذى يعمل فى موقع «بيزنس إنسايدر»، تجربته الشخصية فى قطار النوم المتجه من محطة الجيزة إلى محطة أسوان، مؤكدًا أنه لن ينسى هذه التجربة الرومانسية التى أعادته إلى كلاسيكيات العصر الفيكتورى.

يقول «جاكوبس»: «استغرقت رحلتى إلى أسوان ١٢ ساعة، ليلة كاملة من الجيزة إلى الحدود الجنوبية لمصر، وذلك أثناء زيارتى لمصر فى ديسمبر الماضى، ووجدت أن أكثر الطرق فاعلية من حيث التكلفة للسفر من القاهرة إلى أسوان والأقصر، وهما من أهم الوجهات الأثرية فى مصر، هو قطار النوم، وحجزت حجرة لشخصين بحوالى ١١٠ دولارات للشخص».
ويضيف: «منذ أن كنت طفلًا، قرأت كتبًا وشاهدت أفلامًا عن القطارات، وحلمت بأن أستقل قطار النوم، وأن أخوض تجربة السفر بالقطار لمسافات بعيدة، وأحسست برومانسية التجربة، فالمقصورة كانت نظيفة، والأسرّة كانت مريحة، والخدمة كانت ودية ويقظة، وكل شىء ملائم، عربات الطعام والبار والوجبات الفاخرة».
ويكمل: «حتى فى هذا العصر الذى نعيشه، ومع احتلال التكنولوجيا ووسائل السفر الحديثة والرحلات الجوية لحياتنا، إذا سألت معظم المسافرين، هل تحبون تجربة السفر فى مقصورة قطار لعدة أيام ومشاهدة المناظر الطبيعية؟، فإننى أضمن أن معظمهم سيقولون نعم».
ويتساءل: «هل قرأت (جريمة قتل فى قطار الشرق السريع) لأجاثا كريستى؟ أو هل رأيت فيلم ألفريد هيتشكوك (شمالًا إلى الشمال الغربى)؟، وهل شاهدت مقصورات جيمس بوند فى فيلم (من روسيا مع الحب)؟، تخيل نفسك وأنت تسافر على متن تلك القطارات، السفر بالقطار يشعرك بالحنين، وسترى السحر الذى تراه فى خيالك، واقعًا، قد لا تسع الألفاظ سرده، فلقد ولّت الأيام الذهبية للسكك الحديدية عندما كان المسافرون الأثرياء يرتدون بدلات من ثلاث قطع، ويتناولون العشاء على مفارش المائدة، بينما كانوا يخرجون المشبك النحاسى لساعات الجيب ليتفحصوا وقت الوصول».
ويضيف: «كان لا شىء يمنعنى من أخذ قطار النوم فى أول فرصة أحصل عليها، وفى ديسمبر الماضى، حجزت تذكرتين من الدرجة الأولى لمقصورة مزدوجة، وبدأت فى التخيل لرحلة لمدة ١٢ ساعة، أى ما يقرب من ٦٠٠ ميل، وكانت الرحلة تجربة رومانسية».
ويقول: «توجهت إلى محطة القطار فى الجيزة، على بعد حوالى نصف ساعة بالسيارة من وسط القاهرة، فى حين أن العديد من القطارات يغادر من محطة رمسيس، التى بُنيت فى العصر الفيكتورى فى القاهرة، إلا أن محطة الجيزة أصغر بكثير وأسهل فى التنقل».
وتابع: «كان من المقرر أن آخذ القطار فى الساعة ٧:٤٥ مساءً، لذا تأكدت من الوصول بعد الساعة ٧ مساءً بقليل، وكانت المحطة مملوءة بالبشر عندما وصلت إلى هناك، ولكن معظم الناس لم يكونوا فى انتظار قطار النوم، كان غالبية الركاب على الرصيف فى انتظار القطارات من الدرجة الثانية أو الثالثة، التى تسير فى نفس الطريق جنوبًا، حيث لا تكلف القطارات من الدرجتين الثانية والثالثة سوى بضعة دولارات للتذكرة الواحدة».
وقال: «وصل قطار النوم، الذى يميزه شريط أخضر، متأخرًا، وبحلول ذلك الوقت تم إخلاء المحطة ولم تكن هناك سوى مجموعات سياحية ألمانية وصينية، وتفقد أحد الموظفين فى القطار التذاكر، ووجّهنا لأماكننا، وكانت رائحة الألواح الخشبية والسجاد الأحمر، والسجائر والنسكافيه تنبعث من القطار، وكانت مريحة».
وأكمل: «كان العشاء متبلًا.. اللحم البقرى اللذيذ المثير للدهشة، والأرز، والخضروات الطازجة المطهوة على البخار، والبرتقال، وعشاء على صينية، وكان هناك دفء فى الطعام، كان يشبه طعام الطائرات»، وتابع: «بعد العشاء، جاء الموظف المرافق، الذى كان ودودًا وأنيقًا بشكل استثنائى، لتحويل المقصورة إلى وضع النوم. وبما أن أسوان هى المحطة الأخيرة فى القطار، سنصل فى حوالى الساعة ٧:٥٥ صباحًا، وكانت الأسِرّة مع الوسائد وملاءات القطن وبطانية فخمة وسميكة ورائعة، وكنت أرغب فى القفز على السرير العلوى، أفترض أن الجميع يفضلون ذلك منذ الطفولة، ولكن شريكى سبقنى إلى السرير العلوى».
ويقول: «بالنسبة إلى مدمن سفر مثلى، لا يوجد شىء أفضل من الاستقرار فى حجرة دافئة مثل هذه، وعندما بدأ ضوء الفجر يتسلل خلال الستائر، صاح الموظف على الباب للإشارة إلى أنه سيحضر الإفطار، وكانت القهوة والشاى إضافية بنحو ١ دولار، وكان من الجميل أن أحتسى فنجانًا ساخنًا للاستيقاظ».
ويختتم تجربته قائلًا: «على الرغم من أن الروائى البريطانى أندرو مارتن قال فى كتاب صدر مؤخرًا، إن قطارات النوم اليوم تفتقر إلى عظمة الأيام القديمة، فإنه بالنسبة لأولئك الذين يحبون السفر، فإنها لا تزال تجربة فريدة لا ينبغى تفويتها».