رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. ومن زرع حصد


مع «اغسل يديك قبل الأكل وبعده»، كنا نقرأ على ظهر «كراسة الواجب»، أى على غلافها الأخير، عددًا من النصائح أو الإرشادات، الحكم أو الأمثال، بينها «من جد وجد.. ومن زرع حصد»، وأضافوا إليها «ومن سار على الدرب وصل»، فى كراسات أخرى. وفى الدرس رقم ٢٠ من كتاب القراءة للصف الأول الابتدائى، زارت «أمل» بيت خالها فى الريف، وذهبت مع خالها و«نرجس» بنت خالها، إلى الغيط، ووجدت فى الغيط شجرًا وزرعًا. ولما قالت أمل: انظر يا خالى، فوق الشجرة بطة، ضحكت نرجس وقالت: لا يا أمل، هذا غراب!.

من جد وجد.. ومن زرع حصد.. ومن سار على الدرب وصل، وحتى لو كنت ممن لا يعرفون الفرق بين البطة والغراب، مثل «أمل»، ستدرك بسهولة أن الدولة لديها خطة جادة، للنهوض بالزراعة، عبر عدد من المشروعات القومية، بينها مشروعات الصوب الزراعية التى تقوم بتنفيذها الشركة الوطنية للزراعات المحمية، التابعة لجهاز الخدمة الوطنية لقواتنا المسلحة، وقام الرئيس عبدالفتاح السيسى، بافتتاح عدد منها، صباح أمس السبت، بمدينة العاشر من رمضان، وشهد وضع حجر الأساس لعددٍ آخر بمحافظة الفيوم. بالضبط، كما فعل فى فبراير الماضى، حين افتتح عددًا من مشروعات الصوب بقرية الأمل، شرق القناة، وبقاعدة محمد نجيب، بمحافظة مرسى مطروح، كما وضع، وقتها، حجر الأساس للمشروعات التى افتتحها، صباح السبت.
مشروع الصوب الزراعية، هو الأكبر فى مجال الصوب الزراعية بمنطقة الشرق الأوسط، ويعد خطوة على طريق تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، نظرًا لما تحققه مشروعات الصوب الزراعية من معدلات كبيرة فى إنتاج الحاصلات الزراعية، واستغلالها الأمثل لمساحات الأراضى، وتوفيرها للمياه، لاعتمادها على الرى بالتنقيط. كما أن إنشاء البيوت الزراعية (التى انتقد الرئيس تأخر الانتهاء منها)، وكذا إنشاء محطة فرز وتعبئة، يعنى أن المشروع يهدف إلى إنشاء مجتمعات زراعية تنموية متكاملة. وبإضافة مشروع المليون ونصف المليون فدان، نكون أمام خطة تنمية زراعية شاملة، يمكن الرهان عليها لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
هنا، تكون الإشارة مهمة إلى أن الرئيس طالب، خلال افتتاحه مشروعات الصوب الزراعية، بالعاشر من رمضان، بضرورة تقديم عرض تفصيلى للشعب، بما تم تحقيقه حتى الآن فى مشروع المليون ونصف المليون فدان. وبالنص قال: «إحنا اتكلمنا على مشروع واحد فى الزراعة، لكن ما اتكلمناش على مشروع المليون ونصف المليون فدان، وأرجو نعرف إحنا وصلنا لفين، ونعرض للناس ده». وبعد تأكيده أن الدولة تتحرك بخطى جيدة وثابتة، أعلن الرئيس أنه جارٍ إنشاء أكبر مزرعة للتمور فى العالم بواقع ٢ مليون و٥٠٠ ألف نخلة.
المشروع القومى لزراعة المليون ونصف المليون فدان يهدف إلى تأمين احتياجاتنا الاستراتيجية من المحاصيل الرئيسية. وكانت شركة تنمية الريف المصرى، المسئولة عن المشروع، قد طرحت أراضى المشروع عن طريق حق الانتفاع بأنظمة متعددة للتقسيط. ومنذ أيام أعلنت عن تيسيرات جديدة لصغار المزارعين والشباب المنتفعين بالمشروع، تراوحت فيها فترة السداد بين ثلاث وتسع سنوات بفائدة سنوية ٥٪ متناقصة، تسرى على فترة السماح وفترة السداد. ولم تقتصر التيسيرات على التعاقدات الجديدة، بل شملت أيضًا التعاقدات السابقة، ويتم التواصل مع المنتفعين بأراضى المشروع لتوقيع عقد ملحق يتضمن التيسيرات الجديدة.
الأهم من ذلك، هو أن أكاديمية البحث العلمى وشركة تنمية الريف المصرى، بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية والجامعات المصرية، قامت بتوجيه مشروعات البحوث والتطوير، للاستفادة من الطاقات العلمية والتكنولوجية، فى زيادة إنتاجية المحاصيل المختلفة، وتصنيع مستلزمات استصلاح واستزراع الأراضى، وكذا فى تصنيع المنتجات الزراعية، وحفظ وتبريد وتصدير المحاصيل الزراعية. كما قدم مركز بحوث الصحراء، المشورة الفنية والدراسات اللازمة لبعض المناطق التى شملتها خطة استصلاح واستزراع الأراضى، عبر دراسات متخصصة فى تصنيفات واستخدامات الأراضى، والتراكيب المحصولية، والثروة الحيوانية والداجنة، ودراسات أخرى كثيرة بلغ عددها نحو ٥٠٠ محتوى علمى.
.. ولا يبقى غير أن نعود إلى «أمل» التى لم تعرف الفرق بين البطة والغراب، لنضيف أنها استطاعت بسهولة تمييز الحمار عن البقرة، لكنها لم تستطع التعرف على الخروف. فبعد أن ذهبت إلى الغيط، فى الدرس رقم ٢٠، رأيناها تصف بيت خالها الكبير، فى الدرس رقم ٢١، وعرفنا أن به حظيرة، فيها بقرة وحمار. قبل أن تلفت نرجس «بنت خالها» نظرها إلى وجود خروف صغير. وحين قالت أمل: تعالى يا نرجس نركب الخروف، ردّت نرجس: لا يا أمل. نحن نركب الحمار.. ولا نركب الخروف. وعليه، يمكننا استنتاج أن عدم تمييزك بين البطة والغراب، قد يجعلك تحاول ركوب الخروف، والدخول فى حوار مع البقرة أو الحمار!.