رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشارو الرئيس.. سنها مرسى وأكملها منصور


لقد سن «مرسى» سنة سيئة ولكن للأسف أخذ بها الرئيس منصور كما هى بغرض سداد فواتير دعم أو وجود عزوة ولكنها للأسف لا تتماشى مع الأصول الديمقراطية لنظم الحكم فى العالم.

استن الرئيس المعزول محمد مرسى سنة ليست بالحسنة وهى تعيين مستشارين له فى مختلف التخصصات وفى مثال غير متبع فى أى نظام حكم ولا أى دولة ديمقراطية فى العالم. الغرض من سنة مرسى كان تمكين جماعة الإخوان - أو «جماعة البنا» كما ينبغى أن يطلق عليها لأنه هو نفسه نزع عنهم كونهم إخوانا أو كونهم مسلمين – ودخول أكبر قدر منهم إلى قصر الاتحادية ليصولوا ويجولوا ويعلمون كل شىء عن خبايا الحكم فى مصر ويطلعون على ملفات ما كانوا يحلمون أن ينظروا إليها. الأمر الثانى وقصده مكتب الإرشاد بمرشده وشاطره بأن وجود هذا الكم من المستشارين سيكون عينا لمكتب الإرشاد على الرئيس نفسه ومقابلاته والتى ستكون محل متابعة واستقصاء وتقييم من مكتب الإرشاد. وقد ذكرت من قبل أن دليل الأخونة رأيته بنفسى فى قصر الاتحادية بهدف تمكين العدد الأكبر من الجماعة والمكتب من قصر الرئاسة حيث استدعيت من رئاسة الجمهورية لمقابلة مستشار الرئيس للزراعة والتنمية الريفية فإذا بسيادته شاب حاصل على الدكتوراة حديثا فى مجال الحاسبات والمعلومات ولا ينتمى بأى قدر لا إلى قطاع الزراعة ولا إلى التنمية الريفية وكل مؤهلاته أنه ملتح وأنه ينتمى «لجماعة البنا». هكذا سار الأمر أيضا مع السيدة باكينام والتى ليس لها سابق تواجد على الساحة الإعلامية أو السياسية قبل ظهورها المفاجئ فى قصر الاتحادية تحديا لمشاعر العامة وبالتالى فلا عجب من أخطائها القاتلة التى ارتكبتها وأهمها إذاعة مؤتمر لقاء مرسى مع قيادات الأحزاب على الهواء مباشرة دون علم المشاركين وما رأيناه فيه من سذاجة وهبل مؤكد طمأن إثيوبيا بأن مستوى النخبة فى مصر لا يخشى منها إلا على مصر فقط. ثم يأتى السيد عصام الحداد مساعد الرئيس للشئون الخارجية وهو طبيب التحاليل الذى لا علم له بالعلاقات الدبلوماسية ولا الدولية وأنتقل من فشل لآخر مع الإمارات وألمانيا وإنجلترا ثم أخيرا تفرغ لشخصنا ومعنا بعض العلماء الذين تصدينا لبناء سد النهضة الإثيوبى وبينّا أثاره الكارثية على مصر فأرسل إلينا من يريد أن يحتويا ويأمرنا بعدم الحديث عن هذا الأمر وترك الأمر للرئاسة مقابل التعيين فى لجنة أو مجلس تتبع رئاسة الجمهورية وهو ما رفضناه وفطنا إلى فحواه مبكرا وعلمنا بأن الرئاسة تريد تمرير سد النهضة فى صفقة أظنها مع إسرائيل وأمريكا مقابل تأييد وحماية حكم الأخوان فى مصر رغم آثاره الكارثية على مصر.

المهم أن المبدأ بأن يكون لرئيس الجمهورية مستشارون مرفوض وليس له مثيل فى العالم ولا يوجد أدنى فائدة أو غرض منه إلا المجاملة أو التمكين أو توزيع الغنائم أو سداد فاتورة تأييد أو دعم لسبب بسيط أن الوزراء هم من يعتبرون بحكم عملهم مستشارى الرئيس، ومن البدهى عندما يطلب رئيس الجمهورية معلومات عن بعض الشئون الزراعية الدولية قبيل مشاركته فى مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة مثلا أو البنك الدولى أن يطلبها من وزير الزراعة مباشرة حتى تكون رسمية وموثقة ومن غير المقبول أن يطلبها من مستشار الوزير للزراعة والذى بدوره يتصل بوزير الزراعة لينقل له رغبة الرئيس فى معلومة بعينها ففى هذا إطالة وإهدار للوقت وخلق وسيط دون مبرر. وبالطبع فإن منصب الوزير أقوى من منصب مستشار الرئيس بالإضافة إلى كونه أقسم اليمين بالحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه مقابل أن مستشار الوزير غير حالف لليمين وبالتالى فلو كنت أنا مثلا وزيرا للزراعة واتصل بى مستشار الرئيس للزراعة ليطلب منى بيانات أو ينقل لى تكليفات أو أوامر من الرئيس لرفضت ذلك على الفور بل وأغلقت الخط فى وجهه لأنه ينبغى ألا يكون هناك حجاب أو وسيط بين الوزير وبين رئيس الجمهورية، وبالتالى فإن عدم وجود مستشارين للرئيس هو الأصل وهو ما شاهدناه على مدار ستين عاما منذ حكم ناصر والسادات وصولا إلى مبارك لأن التواصل بين الرئيس ووزرائه ينبغى أن يتم دون وساطة ودون مستشارين. الأمر الثانى أننا نتفهم أن يكون للرئيس طاقم سكرتارية مثل سكرتير الرئيس لشئون المعلومات ولكن أبدا لا نقبل بوجود مستشار للرئيس لشئون الأمن القومى الذى تتولاه جهات بعينها أو لأى شئون وزارية أخرى فنحن لا نعيش بمعزل عن العالم وينبغى علينا أن نتبع قواعد وأصول الحكم المطبقة فى البلدان الغربية.

توزيع المكافآت أو الغنائم وهى إحدى أهم سلبيات نظم الإنتخابات أو تعضيد المواقف وعادة ما تأتى بشخصيات غير متخصصة بالمجاملة وإستغلال لضعف نفس بشرى فى الرغبة فى التواجد فى الساحة الرسمية والإعلام لأكبر قدر من الوقت حتى وإن كانت الصحة ولا السن تسمحان بذلك. مثال على ذلك الصحفية المحترمة الأستاذة سكينة فؤاد وأكن لها كل الاحترام والتوقير وقد كانت عبر سنوات طوال إحدى اللواتى عينهن الرئيس مبارك فى مجلس الشورى ولثلاث فترات متتالية بإجمالى 18 عاما، ثم وافقت أن تكون مستشارة للرئيس المعزول مرسى بلا اختصاصات، ثم فوجئنا أيضا باختيارالرئيس المؤقت عدلى منصور لها كمستشارة لشئون المرأة فى مجاملة فجة ما كان ينبغى للرئيس أن يقع فيها ولا للصحفية المحترمة أن تقبلها فى ضعف أمام بريق المنصب غير المتخصصة فيه. فلم يعرف مطلقا عن الأستاذة سكينة فؤاد أن لها أنشطة أو مقالات أو معارك خاضتها دفاعا عن حقوق المرأة أو الأسرة أو الطفل، خاصة فى ظل وجود السفيرة المحترمة ميرفت التلاوى- رئيس المجلس القومى للمرأة- والتى وقفت بصلابة ضد الإخوان وحدها ودون مساندة ولها تاريخ حافل فى الدفاع عن حقوق المرأة والطفل.

ويأتى أيضا وجود مستشار للرئيس فى الأمن العام والمرشح له وزير الداخلية السابق وهو شخص محترم وخدم مع شقيقى فى الأمن العام لسنوات طوال وكثيرا ماقابلته أثناء زياراتى القليلة لشقيقى المتقاعد الآن، ولكن فى ظل وجود وزير للداخلية فليس من المسموح أن يستقى الرئيس معلوماته من مستشاره للأمن أو وزير الداخلية الموازى أو وزير داخلية الظل ولكن الأصول فى الحكم تقتضى أن يتصل الرئيس بوزير الداخلية الحالف لليمين مباشرة ليبلغه تكليفاته أو يتلقى منه الإفادة بشأن أى موضوع آخر. ويصل الأمر إلى مستشار الرئيس للشئون الاقتصادية ومستشاره للإعلام وغيرها وغيرها، مع أن الأمر الأولى كان يمكن أن يضم كل هذه الأسماء فى لجنة «للأمن القومى» ويجعلها تابعة لرئيس الجمهورية وتكون مهامتها الرئيسية إدارة الأزمات التى تنشأ فى مختلف قطاعات الدولة سواء كانت أمنية أو غذائية أو زراعية أو تفشى أوبئة وأمراض بشرية وحيوانية وتضم مختلف التخصصات كما هو الحال فى المجالس القومية المتخصصة حاليا.

لقد سن «مرسى» سنة سيئة ولكن للأسف أخذ بها الرئيس منصور كما هى بغرض سداد فواتير دعم أو وجود عزوة ولكنها للأسف لا تتماشى مع الأصول الديمقراطية لنظم الحكم فى العالم وعلى سيادته أن يراجع تماما وجود مستشارين للرئيس فى ظل وجود وزراء يقومون بنفس المهام والتكليفات وحالفين للقسم.

■ كلية الزراعة جامعة القاهرة