رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الكف" رسول المحبين في ليالي الصعيد

جريدة الدستور

في عيد الحب المصري، العديد من قصص الرومانسية الملتهبة على ضفاف النيل، بدءًا من العاصمة مرورًا بالدلتا ومدن القناة وسيناء والواحات وصولًا إلى الصعيد.

يزخر الصعيد بالعديد من القصص التي وأدتها الظروف والعادات والتقاليد، وأخرى التي يحالفها الحظ أحيانًا، ولكن كيف يكون حال الحب في الصعيد؟ وما هي سبل الوصول واللقاء أمام الشباب في مجتمع مغلق ومحكم؟.

في أقصى الصعيد، تبقى الاحتفالات والأعياد هي جل ما ينتظره الشباب للقاء من يحبون، فتبقى الأفراح هي المتربعة على القمة في المقابلات، وغالبا تكون هناك ليالي فى العرس، بدءًا من ليلتين وحتى 10 ليال فى محافظات الصعيد، وبالتحديد قنا وأسوان يبقى الكف الشعبي منقطع النظير نظرًا لطبيعته الارتجالية، فالكف صنيعته الارتجال بين شباب «يرفعون» «الخانة» أي يغنون البيت الشعري المؤلف منهم ليرتجل عليه الفنان المعتلي المسرح بمصاحبة العود والدف والطبلة.

للكف العديد من قصص الحب بين الشباب، فمنهم من ذهب ليلة زواج حبيبته ليقول فى كف زوجها «خانة» يعبر بها عن حالته فمنهم من قال «فتلهم عسير متلت.. حبلهم يوم فارقون.. لما قلت أنا أعصابي كلت.. شدوا بكره وعلقون»، هكذا الكف يصنع الشباب «الخانة» ليقوم الفنان بالارتجال.

لو كنت ممن يقطن بالصعيد أو ممن ترددوا عليه، ستعلم أن "الكف" هو رسائل العشق عند الشباب فيما بينهم، ولم يقتصر على الوداع كرسالة تبعث من حبيب، فهناك من أحب وأن يوصل رسالة لحبيبته الباقية معه ليمدحها ويحذرها فى وقت واحد من أنها ما زالت جميلة وتشغل كبار السن «من صغره جسمه فاتن.. تبع الشيخ الفتاة.. جسمه ما بين مفاتن.. إلا وجهة وكفتاه».

كتب الكف الشعبي فى طياته الكثير من حكايات الحب والغزل والفراق، منهم من عتب ومن من هجا ومنهم أرثى وكان منبر شرعي لتوصيل رسائل الحب.

وعلى الوجهة الأخرى، تفاخر الفتاة صديقتها بما قاله حبيبها فيها، فما منها أن ترد إلا برسالة خطية أو بإيصال سلامها بالنظرات فى الطرقات أو المناسبات والأعياد.

أثرت الثورة الرقمية والإنترنت سلبا على الكف، فقد كان قديمًا لا يوجد سبيل أو طريق لإيصال رسائل الحب، إلا عن طريقه ولكن فى وجود الفيس بوك وغيرها من شبكات التواصل سهلت الكثير فيما بين الشباب وما كان إلا أن الكف شهد تراجعًا وانحدارًا شبه ملموس.