رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فؤاد يكتب: الأحوال الشخصية.. أصل الوجع

جريدة الدستور

يعانى العديد من البيوت المصرية بسبب مشكلات الزواج التى تتمثل فى «متطلبات الزواج نفسه تحديًدا قائمة المنقولات والمهر والمؤخر والمسكن»، ثم تأتى النفقات ثم مشكلات الطلاق ونتائجه من «نفقات أيضًا ومستحقات وخلع ومشكلات حضانة ومسكن ورؤية وولاية تعليمية وخلافه». كل تلك الأزمات يفضل فيها الحلول الودية، ولكن ماذا يحدث عندما نقف أمام انعدام الحلول الودية ونتواجد أمام المحكمة لنطبق القوانين والعدالة؟!.
من هنا يستحق الأمر منا أن ننظر نظرة شاملة وواسعة على الزواج ونتائجه الأساسية التى تتلخص فى «أسرة وطفل»، ومن هذا المنطلق علينا أن نبحث عن الحقوق ونحددها، فعندما يحدث زواج تبدأ الأسرة فى التكوين وتكتمل بوجود الأطفال زينة الحياة، لكن بعد امتزاج شديد بين حقوق المرأة وحقوق الأسرة، تلخصت التشريعات المطبقة حاليًا فى صورة مكتسبات للمرأة تغلف فى صورة حقوق للطفل، بينما الواقع مخالف لذلك تمامًا.
فالطفل هو أكثر المتضررين من كثرة حالات الطلاق، وهو أكثر المتضررين من انتقاص حقه فى الرعاية المشتركة بين الأبوين، وأكثرهم ضررًا من الصراع على النفقات والمسكن وخلافه.
هكذا يبدأ مسلسل تدمير الأسرة المصرية التى هى عصب المجتمع المصرى، والمكونة من أم وأب وأطفال، وعندما يحدث الخلاف ويصل إلى المحكمة نجد تشرذمًا للطفل المصرى وصراعًا بين الأم والأب فى حقيقته هو صراع مالى، ونجد الطفل منعزلًا فقد حرم من الأم والأب وخيمت أجواء المحاكم والحقوق، وتأتى القوانين لترسخ فكرة الرعاية الموحدة والابتعاد عن الرعاية المشتركة، فنجد أن الأم هى التى تنال رعاية الطفل وحدها دون أى حق للأب فى الرقابة والمتابعة والمباشرة، وتفتقد هنا المشاركة فى نشأة الطفل ويتسبب كل هذا فى ضرر بالغ على الطفل، بينما نجد أطفالًا آخرين بين عشية وضحاها أصبحوا أيتام الأم والأب، حيث توفيت الزوجة «الأم» فتأخذ «أم الأم» الطفل وتحرم الأب منه وتحرمه من أبيه رغم أن الزيجة كانت مستقرة والطفل يعيش بين أبويه!.
وينتج من تلك الوقائع افتقاد الطفل الأمان والقوة والرقابة الصارمة المتمثلة فى الأب والقوامة، ويتعايش الطفل فقط مع مشاعر الأمومة التى تمتاز بالعاطفة والحنان، تفتقد الابنة الأمان والحزم وحنان الأب والرقابة والحماية من المفسدات، ويفتقد الابن الخشونة ومجالس الرجولة والرقابة والمتابعة، فنجد أنفسنا أمام أطفال غير متوازنين، وهذا يؤكد أن التشريعات الحالية هى تشريعات أحادية الحقوق، وليست مشتركة الحقوق، وأى تشريع يراعى «مصلحة الطفل» وحده، مؤكد أننا سنكون أمام تشريع عادل يكافئ بين الأطراف.
فإذا التشريع سمح للأم بالحضانة، وبالتالى سيتعايش الطفل مع أسرتها ومنح الأب الحق فى المعايشة والاستضافة سيتواجد الطفل مع أبيه وكذا أسرة أبيه فيحدث للطفل الاتزان العاطفى والنفسى فى نشأته وتربيته على صلة الرحم الحقيقية، ونكون أمام مجتمع أسرى مترابط ومتكامل. وبما أننا طرقنا باب الوجع، وجب علينا التطرق بشكل منطقى لمحتوى هذا الملف الشائك بشكل يخلو من «الصعبانيات» المعتادة والجو المشحون، فسنسرد فى المقالات المقبلة التطور التشريعى لهذا الملف، وآراء المتخصصين، والدراسات المقارنة والحلول المقترحة، وللحديث بقية.