رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح بيصار: نعيش كارثة النخبة.. والفن لغة عالمية

جريدة الدستور

صلاح بيصار ليس ناقدا فنيا فقط، بل كاتب ومفكر، يهتم بتنمية الأطفال وخلق بيئة جيدة لهم، فهو تعلم على يد كبار فناني الزمن الجميل ما جعله صاحب رؤية، خريج الفنون الجميلة، الذى عمل فى بلاط صاحبة الجلالة بـ "حواء والمصور"، كما حصد الجائزة الأولى فى الإخراج الصحفى من نقابة الصحفيين، تحدث لـ "الدستور" فى هذا الحوار.

- كيف ترى دور الدعاة في تجديد الخطاب الديني؟
لا أتابع ما يحدث في القنوات الفضائية، لأنه أمر مُعطل، وبشكل عام أفضل القراءة أو زيارة معرض، ولكن بشكل عام دون تشخيص أرى أن الدعاة الجدد لديهم انفصام في الشخصية، وهذا ليس تعميما، صحيح أن حياته الخاصة ملكه، ولكنه يضر بالمجتمع، فأنا ضد رجل الدين الذي يملي إملاءات ولا يعمل بها.

- ما رؤيتك لدور وزير الأوقاف والمساجد التابعة له؟
أعترض بشدة على إلقاء وزير الأوقاف خطبة الجمعة بنفسه، فهذا ليس دوره وحده ولكن دوره في رأيي أن يُقدم الأئمة المستنيرين كل أسبوع، لأجل التنوع، المجتمع يزهد التكرار، وتكرار وجوده كل جمعة أمر مزعج للمواطن الذي يرغب في التجديد دائما، لأن هذا هو حال النفس البشرية، والأصوات الرسمية بشكل عام تضر بحالة المجتمع، فعندما تكون ذا منصب رسمي ويتكرر ظهورك دون داع، ستفقد كلماتك معناها وتفقد مصداقيتك.

- ماذا عن رأيك في النخبة في مصر ودورهم في تجديد الخطاب الديني؟
الظرف الحالي الذي تمر به مصر اقتصاديا، أضر كثيرا باستراتيجية فكر النخبة، أصبحوا مجرد أناس موجودة على الساحة للكلام فقط دون قدرة على إحداث تغيير، وإن كنت أنتمي لهذه النخبة، ولكني لا أنكر وجود مدعين مثل جابر عصفور الذي يرفع راية التنوير، وأرجو أن يكون دوره أعمق من ذلك، لدينا الأمية حوالى 40% وهو يتحدث عن التنوير، أى تنوير، وعندما كان وزيرا أخفق كثيرا، وضقنا بالبروتوكولات التى وقعها مع التعليم وحتى الرى ورث المجلس الأعلى للثقافة، يدعي كونه من التنويريين لكنه في الواقع لا يقدم فرصا ولا يترك مساحة لأحد غيره، أى نخبة وجائزة "النيل المصرية " التى أصبحت تنافسها جائزة "النيل العربية "التى قدمت من مصر للفنان يوسف عبدلكى "ونعتز بهذا لأنها استحدثت لأول مرة هذا العام وهى بادرة لعودة الريادة فى الثقافة لمصر من جديد كسابق عهدها كما نتمنى فى الفن والفكر والسينما والمسرح والكتاب أيضا الذى كان يقال إنه يكتب فى مصر ويطبع فى لبنان ويقرأ فى العراق "للأسف أعطيت جائزة النيل المصرية هذا العام للفنان د. مصطفى الرزاز وأغفلنا المثّال الكبير د.أحمد عبدالوهاب الذى تخرج على يديه أجيال، ويعد العلامة الثالثة بعد مثّال مصر مختار، وجمال السجينى ومعه المثّال آدم حنين.. للأسف هذا هو حصاد النخبة التى يحكمها اللوبيات والتربيطات وهو ميراث من سنوات.. الحقيقة إن مفيش نخبة، النخبة مقصورة على مجموعة معينة، نحن نعيش كارثة النخبة.

- الكنيسة صنعت طفرة فيما يخص تجديد الخطاب كتدريس الموسيقى ودعوة التائبين، هل يمكن تعميم هذه التجربة؟
مع احترامي لكل الخصوصية الدينية سواء مسيحية أو إسلامية، ولكني أتفق مع فكرة دعوة التائب، "أصل إحنا مش ربنا" حتى نقوم برفض الآخر، وبالتالي يتجه إلى التطرف سواء اليميني أو الإلحاد، وإن تمكن الأزهر والمساجد من إقامة حفلات ذكر مصحوبة بالموسيقى أو غيره من النشاطات التي تجذب الشباب لبيوت العبادة ومن ثم القدرة على تعليمهم أسس الدين السليم، فهو أمر رائع.

- هل ترى أن الخطاب الديني يحتاج لمن يقوده، وماذا عن دور الإعلام فيه؟
"إحنا مش في عصر الزعامة، نتشارك جميعا، مفيش قدوة، نتشارك لرأب ما يحدث"، وعلى الإعلام ألا يستغرق في الردود على فتاوى المتطرفين، لا بد أن ندعو إلى الوسطية ونركز على الفتاوى التى تهم الناس وبشكل يتماشى مع العصر وتأكيد فكرة الاجتهاد كما دعا الرسول مثلما قال لمعاذ عندما سأله وهو فى طريقه إلى اليمن: بم تحكم يا معاذ؟ فقال: بكتاب الله وإن لم أجد فبسنة رسوله، وإن لم أجد أجتهد، كما أرى أن على الصحف زيادة مساحة التعريف باللوحة والتمثال، وأن تتسع مساحات النقد التشكيلى، ومساحة الكاريكاتير لأنه قادر على البقاء في الذاكرة لفترة طويلة عكس الكلام الرسمي المكتوب.

- ما رؤيتك للأزهر وتجديد خطابه من حيث المناهج حتى بعد تنقيحها؟
أنا أُجِل الشيخ الطيب وهو رجل مستنير وشهادة الدكتوراه الخاصة به حصل عليها من فرنسا، ولكن الأزهر فيه مشاكل مثلما توجد في أي مؤسسة كبيرة، يتوغل داخله الإخوان والكيان يحاول لفظهم، وننتظر منه أن يطهر نفسه بنفسه، علينا أن نرى أعداد المغتربين من دول أخرى يتعلمون لدينا، علينا أن ندرك مشاكله وبالتالي نقدر المجهود، ونحاول أن نساعده على التطوير.
- كيف يمكن أن يحارب الفن الإرهاب؟
عبر العودة إلى الجذور المصرية وتدعيم الفن القديم والشعبي الذي يعيدنا إلى ما كنا عليه، وقتها كان لدينا فنانون ولم يكن هناك تطرف، والفن أداة خطيرة لمجابهة الإرهاب، إذ إنه وسيلة وغاية، لكن على أن نبدأ من المدرسة، وأن تكون هناك زيارات للمتاحف عن طريق الرحلات المدرسية، فالفن أداة يمكن للمجتمع بالتعاون مع الحكومة والنخبة استخدامها للوصول إلى ما يرجوه الجميع من رفعة، فهو قادر على مناقشة كل القضايا.

- لو كنت مسئولًا عن المؤسسات الدينية، ماذا ستفعل لتجديد الخطاب الديني؟
أنا لست رجل دين، أنا أحد أبناء الشعب المصرى ومهموم بالوطن، مهموم بالنهوض بالإبداع والحركة مثلما أنا مهموم بألا يتعثر الوطن، والحل من خلال محو الأمية، لأن دعاوى الجماعات المتطرفة تفرخ كثيرا فى المجتمعات التى تعانى الأمية، وتنقية المناهج وأن نخاطب عقلية الإنسان المصرى بصفته عضوا فى المجتمع العالمى يعيش فى نهاية العقد الثانى من الألفية الثالثة. نحن نعيش ثورة الاتصالات وهى ببساطة ثورة ما بعد الحداثة. بمعنى آخر ما بعد مجتمع الصناعة..وفى الوقت التى تجرى تجارب كثيرة فى الهندسة الوراثية ويقفز العالم إلى آفاق البترول الصخرى والسيارة الكهربائية، ونحن ما زلنا نعيش فى أوهام وخزعبلات ليست لها صلة بصحيح الدين مثل تلك الرسائل "ابعتها لعشرة وإلا تروح النار !!".

- هناك أصوات تطالب بأن تدخل الموسيقى لصحن المسجد؟ فما رأيك؟
أنا مع هذه الفكرة، وهناك مسجد بالقرب منى فيه ألعاب رياضية كثيرة مع صالة أفراح، فالموسيقى ترتقى بالإحساس.

ما الذى يمنع تجديد الخطاب الديني؟
لست مع التجديد، إيمانى الشديد بالحرية ولكن من المستنيرين.. يعنى نسمح بالرأى والرأى الآخر فى إطار من الكتاب والسنة وفى إطار من الاجتهاد.. نفتح كل الأبواب والمنافذ ولكن لمن يضيف ما هو فى مصلحة الدين والدنيا.