رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التراجيديا الأخيرة للإخوان


الدكتور محمد مرسى أول وآخر رئيس لمصر من الإخوان المسلمين، دخل وخرج فى مسيرة تشبه الأساطير، حيث تعيش الجماعة فصلها الأخير، فى تراجيديا حقيقية، فما بنوه خلال تاريخهم ينتهى الآن كقبض الريح، يعيشون المحنة الأخيرة، فى مسيرة امتدت لثمانية

عقود، خلالها لم ينفكوا ينشرون فكرهم، ويعملون على إحياء خلافة سقطت من تاريخ الشعوب، ولم يبق منها سوى أطلال أفكار فى أذهانهم، فلقد سقط الخليفة وصعد الإمام، وراحوا يروجون بأنهم جماعة المسلمين، لا جماعة من المسلمين، وخاضوا الصدامات مع كل الحكومات التى عاشوا بينها ومعها، أنشأ حسن البنا النظام الخاص، فخاض فى دماء القاضى الخازندار ورئيسى الوزراء أحمد ماهر والنقراشى، واصطدموا بضباط ثورة يوليو 1952 قبل أن تقف على أقدامها، استعجلوا السلطة فذهبوا خلف القضبان، وروجوا أنهم كانوا ينادون بالديمقراطية ضد جمال عبد الناصر الديكتاتور، وعاشوا فى السجون، وادعوا أنهم تعرضوا لتعذيب يشيب منه الولدان، وجاء كتاب مذابح الإخوان فى سجون ناصر لجابر رزق، وخلف البوابة السوداء لأحمد رائف الذى تخلى عن فكرهم فيما بعد، ليضفى بطولات لم يصنعوها، فادعى بعضهم أن عبد الناصر كان يحضر حفلات التعذيب الوهمية، وأثبتت الأيام زيفه فيما بعد، وبعد أن أخرجهم الرئيس أنور السادات من السجون، وكانوا تشربوا فكر سيد قطب المتوتر حتى الثمالة، فكفروا المجتمع، فقتل بعض من خرج من عباءته الشيخ الذهبى، ثم توجوا مسيرتهم بقتل السادات، الرجل الذى أخرجهم من ظلمات السجون.

عاش الإخوان فى اضطهاد مع كل الحكومات، وهو اضطهاد من صنع أنفسهم، فلقد تعاطف الناس معهم كما يتعاطف مع كل معارض للسلطة، فما بالنا إذا كان المعارضون يرفعون المصحف شعارا، ولكن ما خفى كان أعظم وأكبر، كانت لهم اتصالات بمن كانوا يصفونها بالشيطان الأكبر، مع أمريكا، ومن خلالها وصلوا للسلطة بعد ثورة يناير التى سرقوها من صانعيها، وتحالفوا مع جماعات السلفية، أولئك الذين يعيشون خارج العصر، فلا ملابسهم ملابسنا، ولا حديثهم حديثنا، ولا طريقتهم فى تلاوة القرآن مثل تلاوتنا، ولا فكرهم فكرنا، ولكنهم جميعا تسلطوا على الشعب، وخضنا معهم صراعات بسيطة وحققوا مقولة: «إن الشيطان يكمن فى التفاصيل»، قضايا تشغل وتفتن، هل نهدم الأهرامات أم نبقيها، نهنئ المسيحيين بأعيادهم أم لا، نؤذن فى مجلس النوّاب أم لا نؤذن، نقف للسلام الوطنى أم نجلس، نحيى العلم أم حرام، وخلال كل ذلك يقف الرئيس الأول والأخير فى المسيرة الإخوانية تاركا الشيوخ يكفرون الشعب، فكان من الطبيعى أن يخرج عليهم كل الشعب بعد أن فقدوا التعاطف التاريخى، فخرج كل الشعب لتنقلب على مسيرة الإخوان فى صدام ينهى أسطورة الإخوان الإيمانية والفكرية، وسيذكر التاريخ أن الشعب المصرى، كما حافظ على الإسلام، فقد أخرج من ادعى تمثيله، أخرجه من مصر وكل العالم فى ملحمة سيذكرها الأبناء والأحفاد، تراجيديا بكل ما فى التراجيديا من أفراح وأتراح.

■ كاتب