رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لاتزال هناك سيناريوهات محتملة وخطيرة فى مصر فى المستقبل


فى الحوار التليفزيونى مع الإعلامية اللامعة جيهان منصور فى قناة دريم يوم الثلاثاء 12/3/2013، ذكرت أربعة سيناريوهات محتملة فى مصر وكانت آنئذ متوقعة فى المستقبل، والذى أصبح حاضراً اليوم. وكتبت موضحا ومفصلا ومجملا، تلك السيناريوهات الأربعة

فى العديد من الصحف فى نفس الشهر مارس 2013. وذكرتها فى برنامج تلفازى أيضاً مع الإعلامى الكبير عادل حمودة، واليوم يهمنى أن أكتب عن تلك السيناريوهات مرة أخرى .

أما السيناريو الأول ، الذى اعتبرته الأمثل فى وقتها، وكنت أتمنى أن يستمر، فهو أن يحسن مرسى إدارة الدولة حتى ينتهى الانفلات الأمنى، ويطمئن الناس على حياتهم وأرواحهم ومعيشتهم، وهو الذى يمثل الشق الثانى من الشرعية فضلا عن نتائج صناديق الانتخاب. وهذا ما لم يحدث لأسباب لا يمكن مناقشتها اليوم فى هذه الأجواء الحرجة . والحكومة كما يقول الإمام البنا فى رسالة التعاليم يجب أن «تؤدى مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها». ويقول الامام البنا أيضا « ومن صفاتها الشعور بالتبعة والشفقة على الرعية والعدالة بين الناس والعفة عن المال والاقتصاد فيه» ثم يقول رحمه الله تعالى «ومن واجباتها : صيانة الأمن وإنفاذ القانون، ونشر التعليم، واعداد القوة، وحفظ الصحة، ورعاية المنافع العامة، وتنمية الثروة، وحراسة المال وتقوية الأخلاق ونشر الدعوة».

هكذا يرى الإمام البنا واجبات الحكومة، ولم يشاهد الشعب كل ذلك أمام عينيه خلال سنة كاملة من حكم الإسلاميين، فسقط السيناريو الأول، وسقطت الشرعية الصندوقية بسبب ذلك.

أما السيناريو الثانى، فهو تولى الجيش إدارة الوطن فى مرحلة انتقالية لاتزيد على سنتين فقط، بعد أن فشل السيناريو الأول الأمثل، وتعرض أمن الوطن القومى للتهديد فى ضوء المظاهرات المؤيدة والمعارضة هنا وهناك وما صاحبها من قتل ودمار، وكتبت تحت هذا السيناريو الثانى يومها أقول « طبعاً الجيش مؤسسة قوية ومنظمة، ولكن مهمته ليست إدارة الوطن، كما أنه وفقاً للنظم الديمقراطية تكون الإدارة مدنية، فضلاً عن الانتخابات النزيهة وتداول السلطة بين أحزاب قوية وليست ديكورية ولا عنتريات فارغة، بل معارضة حقيقية ومنافسة سياسية راقية، وأن يهتم الجيش بالأمن القومى والإسهام فى الأبحاث والصناعات خاصة العسكرية والحربية التى يحتاجها الوطن، حتى يقل الاستيراد والاعتماد على الآخرين رويداً رويداً، وهى مهمة أكبر من مهمة إدارة الوطن» . وللأسف الشديد بعد إذاعة البرنامج فى قناة دريم اقتطع بعض الإعلاميين أجزاءً منه ونسوا السيناريو الأول تماماً، وركزوا على أننى أنادى بنزول الجيش إلى السياسة، ونسوا أننى أؤكد أن هذا سيناريو محتمل فى ضوء قراءة الأحداث والوقائع وتحليلها». وقد حدث هذا الذى قلته فى مارس 2013 اليوم، وقد رحَّب قطاع كبير من الشعب بهذا كما رحبت به حركة تمرد والإنقاذ، وشهدت الميادين دعما وفرحاً غير مسبوق بما حدث، واعتبره بعض من الإسلاميين «إنقضاضاً على الشرعية» ولو أن الشرعية أخذت مجراها كما ينبغى بواجباتها ومسئولياتها، لكان السيناريو الأول هو الأمثل ولما حدث السيناريو الثانى .

السيناريو الثالث المتوقع، فهو سيناريو مزعج ولكنه محتمل ومتوقع أيضاً، وهو حدوث فوضى رغم بروز الثورة الكبيرة التى قامت لتصحح الأوضاع، ومعارضة الإجراءات التى استخدمها الفريق أول عبد الفتاح السيسى بحضور شيخ الأزهر والبابا وممثلين لحركة تمرد والإنقاذ، ورحب كثير من الشعب بها، فإذا إستمرت الأوضاع كما هى عليه فى الشارع اليوم، فقد يؤدى ذلك إلى مزيد من الفوضى وانتشارها وخطورة هذا على البلد كبيرة، ومن لايدرك ذلك فعليه أن يرى ماحدث فى أفغانستان وباكستان والصومال والعراق وما يحدث فى سوريا اليوم كذلك، بصرف النظر عن الصواب والخطأ أو ما يسميه البعض خطأ وظلماً وجهلاً ، بالحق والباطل السيناريو الرابع : أنقله كما هو، مثلما كتبته فى مارس 2013، ويتمثل فى « انتشار التشدد والتكفير والتبديع والتفسيق، وانتشار بعض أعمال العنف والقتل كما حدث فى صحراء سيناء من قبل دون مكاشفة المواطنين بالمجرم أو بالفاعل الحقيقى. ورغم أن ذلك قد يكون نتيجة الفهم المتشدد للدين مع وجود الإخلاص، إلا أن أمريكا كما عودتنا من قبل فى العراق وأفغانستان مستعدة تحت ذريعة محاربة الإرهاب-كما فى سياستها واستراتيجياتها- أن تتدخل عسكرياً فى مصر لحماية ما تسميه مصالحها التى يهددها العنف كما زعمت أمريكا فى حالات سابقة كثيرة، وأن تنسب إلى القاعدة ما تريد كما تشاء، ليكون ذلك ستاراً للتدخل للحفاظ على مصالحها وعلى أمن إسرائيل كذلك، مع اعتبار أن مصر من الدول العربية القليلة التى ليس فيها حتى الآن قواعد عسكرية أمريكية، وقد نجد من بعض أهل الوطن الكرام من يسوغ ذلك التدخل، وقد نجده حتى من بعض العلماء، الذين سوغوا التدخل العسكرى الأمريكى فى الخليج سابقاً، دون أن يقول لنا أى مسئول ولا عالم فى الخليج اليوم متى يخرج الأمريكان من الخليج أو من تركيا على سبيل المثال . هذا سيناريو من أسوأ السيناريوهات المتوقعة، وإن كان بعيداً ولكنه محتمل، وبدايته هو التدخل الأمريكى فى الشئون المصرية، وإن كان سلمياً وتعاونياً، وفيه الكثير من النصائح للإدارة وللحكومة المصرية اليوم».

ما قلته هذا وما كتبته من قبل فى شهر مارس 2013، وما قلته كذلك مع الأستاذ الكبير عادل حمودة منذ أكثر من شهرين ومن قبل مع الإعلامية اللامعة جيهان منصور، هو أسوأ ما قد يصيب مصر للأسف الشديد، فكيف يكون لأى إسلامى دور فى هذا الفساد . مصر لا تحتاج إلى العنف أبداً، وأهل الدعوة يجب أن ينصرفوا إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يتركوا السياسة للسياسيين جميعاً ومن كل الاتجاهات، حتى تنتشر الدعوة وتسود ويقبلها من يقبل .

والله الموفق