رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناضل آخر فى فخ التحرش!


 

المناضل الحقوقي «ديفيد كييز» طالته أيضًا اتهامات بالتحرش الجنسي، وصفها بأنها «زائفة ومضللة». ومع ذلك، لم يظهر، إلى الآن، هاشتاج «كلنا ديفيد كييز»، ولم يشكك زملاؤه المناضلون، النشطاء والحقوقيون، في الاتهامات الموجهة إليه، مع أن بينهم «عيش وملح وتمويل» و... و... وخلافه!.

كييز، David Keyes، ناشط حقوقي أمريكي (إسرائيلي)، يتحدث الإنجليزية والعبرية والعربية، بطلاقة. وكان الضلع الثالث في مثلث لعب دورًا كبيرًا، في دعم نشطاء وحقوقيي العالم العربي، قبل وبعد ما صار معروفًا باسم «الربيع العربي». وبعد رحلة كفاح ونضال، اختاره بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مارس ٢٠١٦، متحدثًا رسميًا باسمه لوسائل الإعلام الخارجية، خلفًا لمارك ريجيف الذي صار سفيرًا في لندن. وقيل إنه كان المرشح الرئيسي لخلافة «داني دانون» السفير الإسرائيلي، الحالي، لدى الأمم المتحدة!.

قبل التحاقه بطاقم رئيس الوزراء الإسرائيلي، قام «كييز» مع ضلعي المثلث، روبرت برنشتاين، Robert L.Bernstein، وجاريد كوهين، Jared Cohen، بتأسيس منظمة حقوقية اسمها «دعم حقوق الإنسان»، Advancing Human Rights، مقرها نيويورك. وتحت رعاية وتمويل الخارجية الأمريكية، شارك الثلاثي في تأسيس منظمة «تحالف حركات الشباب». وقبلها قاموا بتأسيس منظمة «منشقو الإنترنت»، Cyber Dissidents، التي اتضح لاحقًا أنها مجرد واجهة لوحدة مراقبة وسائل الإعلام الجماهيري في المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، وكانت إحدى منصات تمويل مجموعات سياسية وإعلامية معارضة، مع عدد آخر من مؤسسات التمويل التي يديرها «الموساد» بشكل مباشر أو عبر وسطاء.

نشاط «كييز» تركّز في الهجوم على مصر، والصين، وروسيا. وبعد ثورة ٣٠ يونيو أعلن دعمه وتضامنه، مرارًا، مع جماعة الإخوان وتابعيها. أما إيران، فكان هجومه عليها كوميديًا، كأن يسأل، مثلًا وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، في أكتوبر ٢٠١٣، خلال زيارته نيويورك، كيف يستخدم منصات مثل «فيسبوك» و«تويتر» التي تحظرها الحكومة الإيرانية على المواطنين؟. ويجيب عليه ظريف بأن «هذه هي الحياة»!. وربما تضحك من قلبك لو عرفت أن المذكور كانت تستكتبه وتنشر مقالاته في رأس صفحة الرأي، جريدة «الأخبار» اللبنانية لسان «حزب الله» الإيراني (اللبناني). وبكل فخر، تذيِّل مقالاته بـ(خاص «الأخبار»).

لجاريد كوهين، قصة طويلة يطول شرحها، نكتفي منها، الآن، بأنه عمل في مكتب وزيرتي الخارجية الأمريكيتين السابقتين، كوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون. وكان زميلًا لوائل غنيم في شركة «جوجل»، وتم إلقاء القبض عليهما معًا، في أحد مقاهي أو مطاعم الزمالك، مساء الخميس ٢٧ يناير ٢٠١١، أي قبل ساعات من «جمعة الغضب». أما «برنشتاين» فتكفينا الإشارة إلى أنه أحد مؤسسي منظمة «هيومن رايتس ووتش»، المشبوهة، وأنه بعد عمر طويل انفصل عنها وهاجمها، في مقال شهير، قبل أن يحتضن «كييز» و«كوهين»، ويبدأ الثلاثي أنشطتهم التي شاركهم فيها عدد من المناضلين العرب والمصريين، يمنعني ضيق المساحة من ذكر أسمائهم!.

المهم، هو أن تقارير نشرتها صحف عبرية، بينها «يديعوت أحرونوت» و«تايمز أوف إسرائيل»، كشفت أن ١٢ سيدة اتهمن «كييز» بالتحرش، بينهن شايندي رايس، Shayndi Raice، مراسلة جريدة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، التي اتهمته بأنه تصرف معها تصرفات غير لائقة، عندما كانت تجري مقابلة صحفية معه، وأنه اعتذر لها عن فعلته، لاحقًا، في رسالة إلكترونية. كما اتهمته أيضًا جوليا سالازار، Julia Salazar، مرشحة الحزب الديمقراطي لمجلس شيوخ الأمريكي عن ولاية نيويورك. وكتبت في حسابها على تويتر: «كنت ضحية لتحرش ديفيد كييز الجنسي. قد تضطر المرأة في كثير من الأحيان إلى عدم الإعلان عن تلك التجربة المؤلمة بسبب الاستفزازات والردود المفزعة التي تتبعها».

لأسباب لا أعرفها، لم يخطر على بالي ذلك المأفون، طريد القناة الألمانية الشهيرة، المتهم أيضًا بالتحرش. لكن لاح لي طيف الأستاذ المناضل خالد علي، الذي دفعته اتهامات بالتحرش، منذ شهور، إلى الاستقالة من حزب «العيش والحرية»، الذي لا يزال تحت التأسيس. كما لا أعرف لماذا ظننت أن الأستاذ المناضل نجاد البرعي، المحامي، يتحدث عن قضية «كييز»، دون غيرها، حين أبدى استياءه، في تصريحات صحفية، من «حالة الاصطفاف بالتأييد أو المعارضة لكل شخص متهم بالتحرش، وفقا للانتماء السياسي». وبمنتهى الحكمة، أوضح الأستاذ «البرعي» أن تفشي ظاهرة الاتهام بالتحرش والتشهير عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن بحد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون «سواء ما يتعلق بالسب والقذف والتشهير، إذ إنه يستبق إجراء تحقيقات أو صدور حكم قضائي».

أخيرًا، ولأنهم «إِذا مارَأَوا خَيرًا رَمَوهُ بظنةٍ.. وإِن عاينوا شرًا فكُلٌّ مناضلُ»، رأينا الأستاذ «ديفيد كييز» يستحق صفة «مناضل»، خاصة بعد أن قرر ككل المناضلين الذين وقعوا في فخ التحرش، أن يخوض المعركة بصدر عارٍ وأصدر بيانًا أعلن فيه أنه طلب إجازة من عمله لـ«تطهير اسمه». وربما فاته، فقط، أن يضيف إلى البيان أسئلة تخاطب أفئدة زملائه المناضلين وتدغدغ نقاءهم الثوري، كتلك التي طرحها الأستاذ «المناضل» عزالدين فشير: من أين أتت كل هذه الكراهية والرغبة في إيذاء الغير؟، ماذا حدث للمودة واللطف والتسامح؟.