رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجيب مرّ من هنا

نجيب ‏
نجيب ‏

أهالى قريته بالغربية: أقاربه كتبوا كل أراضيهم باسمه لمساعدته فى دخول الكلية الحربية

تعود جذور أسرة محمد نجيب إلى قرية «النحارية» التابعة لمركز «كفرالزيات» بمحافظة الغربية، ففيها ولد والده اليوزباشى يوسف نجيب، وعاشت عائلته «آل قشلان»، التى اشتهرت بالزراعة وكانت ‏تمتلك كثيرًا من الأفدنة.‏
هناك، التقت «الدستور» الحاج «عبدالقوى القشلان»، ابن عم الرئيس الراحل محمد نجيب، داخل منزله فى القرية، الذى بدأ حديثه بالإشارة إلى أن والد «نجيب» تزوج من سيدتين، الأولى من أصول ‏سودانية أنجبت «اللواء محمد» فى الخرطوم والثانية مصرية، وكان يمتلك من ١٠ إلى ١٥ فدانا. ‏
وكشف «القشلان» عن أن الرئيس الأسبق كان لديه شقيقان هما «على» ضابط فى القوات المسلحة، و«محمود» طبيب، بالإضافة إلى ٤ شقيقات متزوجات جميعًا من ضباط فى الجيش.‏
وأضاف ابن عم الرئيس الأسبق: «محمد نجيب تزوج وهو فى رتبة عميد، وكان لديه ٣ أبناء، «على» الذى قتل فى ألمانيا وأصر الرئيس على رؤية جثمانه ودُفن بمقابر العائلة، وفاروق الذى رحل بعد ‏وفاة شقيقه بحوالى عام، ويوسف الذى كان يعيش فى شقة والده بالمرج وتدهورت حالته الصحية وتوفى منذ نحو عامين».‏
ولا يملك «نجيب» أى أملاك فى «النحارية» حاليًا، وفق «عبدالقوى»، الذى يوضح: «الرئيس الأسبق باع إرثه لوالدى، الذى ربطته به علاقة وطيدة، حتى إنه حضر جنازته فى القرية وقضى بها الـ٣ ‏أيام المخصصة للعزاء، بجانب جميع رجال الدولة»، لافتًا إلى أن الحرس المسئول عن تأمينه لم يزد على ٤ أفراد داخل سيارتين. وخلال رئاسته مصر، زار «نجيب» القرية مرتين، الأولى عندما شب ‏حريق هائل بقرية «قليب أبيار» المجاورة لها، حيث جاء لتفقد الحريق وأمر بصرف «بطاطين» للمواطنين.‏
ويتذكر «القشلان» هذه الزيارة: «بعد مغادرته موقع الحريق أراد أن يزور قريته، وكان ذلك يتطلب عبور ترعة البجارية، التى كانت ضحلة بما يصعب معها مرور المراكب، فطلب منه الأهالى ‏المرور على كوبرى الدلجمون الذى يبعد عن القرية عدة كيلومترات، فرفض حفاظا على بنزين السيارات، فى ظل أن الدولة كانت تعانى ظروفا اقتصادية صعبة آنذاك».‏
ويضيف: «الأهالى أحضروا كنب بلدى ووضعوه بعرض الترعة، ومر عليه الرئيس وصولًا إلى القرية، حيث جلس مع كبار عائلات القرية، ونصحهم بتقليل النفقات حتى تمر البلد من الأزمة ‏الاقتصادية».‏
أما المرة الثانية التى زار فيها القرية وهو فى منصب الرئيس، فكانت أثناء حضور جنازة ابن عمته «عبدالعزيز أبو العلى خضر»، وحينها أقام هناك ليلة كاملة.‏
بدوره، طالب الدكتور فارس القشلان، حفيد «نجيب»، بأن يكون للرئيس الأسبق متحف داخل القرية تُعرض فيه جميع مقتنياته، بجانب النظر إلى القرية بعين العطف.‏
ورغم جود حكم قضائى بتحويل اسم القرية لـ«محمد نجيب»، إلا أن السجل المدنى ما زال يسجلها فى دفاتره باسم «النحارية». ‏
وكشف أنه أثناء تقديم الرئيس محمد نجيب أوراقه للكلية الحربية، كتب جميع أقاربه الأراضى التى يمتلكونها باسمه، وما زالت اسمها حتى الآن «زمام محمد نجيب».‏

جيرانه فى «قصر زينب الوكيل»: لم يعان الجوع خلال تحديد إقامته.. وحرّاسه كانوا فى ‏خدمته
لا تتوافر معلومات كثيرة عن القصر الذى قضى فيه اللواء محمد نجيب ما بقى من حياته بعد رحيله عن الحكم، وتحديد إقامته بأمر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.‏
القصر الذى كان مملوكا لـ«زينب الوكيل» زوجة مصطفى النحاس باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق، يوجد فى منطقة المرج الجديدة، حيث لا يعلم معظم أهالى المنطقة أى شىء عنه بعد ما نسيه ‏الجميع وتغيرت معالمه.‏
فى رحلتنا للبحث عن القصر الذى يمثل جزءًا من تاريخ مصر، واجهنا صعوبة بالغة فى العثور عليه، وبعد قرابة ساعة من البحث والتجول للسؤال عنه دلتنا سيدة مقيمة فى المرج الجديدة إلى شارع ‏يسمى «محمد نجيب» متفرع من شارع آخر يحمل اسم «عبدالله رفاعى».‏
وبالفعل، وجدنا القصر هناك، والغريب أن الأهالى لا يعرفون أن منطقتهم تحويه من الأساس، لذا تعجب كثيرون من سؤالنا عنه.‏
المفاجأة الكبرى التى واجهتنا هى أن القصر لم يعد موجودًا، بل بُنيت مكانه عدة بيوت صغيرة ومجمع للمدارس، حسب «جرجس» أحد أهالى المنطقة المجاورة للمبنى.‏
يقول «جرجس»: «القصر كان موجودا حتى سنوات قليلة ماضية، على مساحة تبلغ نحو ٤٠٠ متر، وظل مهجورا بالكامل لمدة ١٠ سنوات، حتى تحول لمأوى للبلطجية والمسجلين وتجار المخدرات».‏
ويضيف: «فى ٢٠١٢، بدأت الأحاديث تدور حول بيع القصر لأحد المستثمرين من قبل رئاسة حى المرج الجديدة، لاستغلاله والاستفادة من مساحته، وبعدها علمنا أنه بيع وأصبح ملكا لأحد المحامين ‏الكبار، الذى بنى مكانه بيتا كبيرا وإن كان على مساحة أصغر من القصر السابق».‏
ويتابع: «عام ٢٠١٦، شهد بناء مجمع مدارس خاصة بجانب بيت المحامى، والبيوت التى نشأت حوله، ومن ساعتها الناس نسيت أن نجيب كان هنا، وأنه عاش ومات محبوسا فى هذا القصر».‏
أما «الحاج سيد» الذى عاصر السنوات الطويلة لإقامة محمد نجيب فى المنطقة التى انتهت بوفاته فى منتصف الثمانينيات، فيقول: «طبعا ماكانش بيطلع ولا يدخل، والحرس بتوعه كانوا فى حدود ١٠ ‏أفراد بيتغيروا كل فترة، وبيقوموا بخدمته من أكل ولبس وأوراق كان بيكتب فيها مذكراته، وناس كتير كانت بتطلب تزوره، لكن طبعا كان ممنوع».‏
وينفى «الحاج سيد» جميع الشائعات التى تحدثت عن منع الطعام عن الرئيس الراحل، والأحاديث حول أنه كان يتغذى على لحوم القطط والكلاب بقوله: «كل ده كلام إشاعات، هو كان بيحب تربية الكلاب ‏والقطط بس وبيتونس بيهم، الحقيقة إن العساكر اللى كانوا هنا كانوا بيخدموه بكل شىء فى الأكل والشرب، هما منعوا عنه الخروج بس».‏
وعن ذكريات أهالى المنطقة مع نجيب، يتذكر: «معظمنا اتعود على وجوده وقتها كرمز للمنطقة، وكنا عارفين إنه كان عايز يموت هنا، وكان نفسنا القصر يفضل موجود، لأنه أثرى ومهم، عشان كده ‏الأهالى طالبوا بوقف هدمه وبيعه أكتر من مرة، لكن ماحدش سمع لينا، لأن أحفاد زينب الوكيل باعوه بعد ما بقى ملكهم من ساعة حكم المحكمة».‏
وختم: «وقت هدم القصر، الأهالى راحوا لرئاسة الحى عشان يوقفوا التنفيذ، لكن مسئولى الحى قالوا لنا إنهم ما بقاش ليهم سلطة هناك، لأن القصر بقى ملك أصحابه».‏

الحيوانات الضالة والقمامة تسكن فيلته بكوبرى القبة
‏«فيلا» قديمة فى حى كوبرى القبة بالقاهرة، يجهل كثير من أهالى المنطقة هوية صاحبها وما وراءه، خاصة مع انتشار أكوام القمامة والحيوانات الضالة والجدران المتهالكة والأشجار المعمرة بداخلها. ‏ورغم تلك الصورة القاتمة، تظل هذه «الفيلا» شاهدة على أيام فاصلة من تاريخ مصر، فهى بيت مؤسس أول جمهورية فى مصر والسودان، الرئيس محمد نجيب، وفيها عقد الضباط الأحرار آخر ‏اجتماعاتهم فى بداية ثورة ٢٣ يوليو.‏
وعندما تقترب من «الفيلا» الواقعة فى شارع «ولى العهد» بحى كوبرى القبة، تستقبلك بوابة حديدية محكمة الغلق، كانت تحمى الضباط الأحرار يومًا ما من رجال الملك وأعوانه، لكن ما وراء هذه ‏البوابة من فوضى وإهمال حوّل المبنى وجعله «نسيًا منسيًا» حتى من أبناء وأحفاد «نجيب» نفسه. ‏