رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على أمين 16.. الدرس الأول فى الحب

جريدة الدستور

آدم: لماذا تذرفين كل هذه الدموع؟
حواء: إن عصفورى يرفض أن يغنى لى كعادته.
آدم: لعله تعب من الغناء، لعل دخان حريق أمس أتعب حنجرته، اتركيه قليلًا فى الهواء الطلق.
حواء: تركته فى الهواء، فبقى فى مكانه لا يتحرك. جاءت العصافير الأخرى وحامت حوله، وراحت تغنى نغمات حزينة ثم تركته وطارت فى الهواء، وكنت أتوقع أن يحلق معها مغردًا كعادته، ولكنه بقى مكانه لا يتحرك. لم يلوّح للعصافير بجناحيه مودعًا، لم يحرك رأسه ويتابع العصافير بنظراته. بقى مغمض العينين.
آدم: لابد أنه مريض.
حواء: منذ مجيئنا إلى الأرض ونحن نتلوى من أوجاعنا أحيانًا، ونصرخ من الألم أحيانًا أخرى.. ولكن عصفورى ساكن لا يتحرك.
آدم: لعله جريح.
حواء: لقد فحصت جسده، فلم أجد فيه جروحًا ولا دماء.
آدم ينحنى ويلتقط العصفور من الأرض، ويقلبه بين أصابعه ويعيده إلى الأرض.
آدم: مات عصفورك.
حواء: ما معنى الموت؟.
آدم: معناه أن عمره قد انتهى.
حواء: ولماذا ينتهى عمره؟.
آدم: هذه هى إرادة الله.
حواء: لا يمكن أن يقتل الله عصفورًا صغيرًا لم يسئ لأحد، ماذا فعل هذا العصفور المسكين حتى يعاقب هذا العقاب؟.
آدم: الموت ليس عقابًا.. إنه نهاية عمر.. لا خلود لحيوان ولا لطائر ولا لإنسان على هذه الأرض.. كل منا له عمره.
حواء: هل سنموت نحن أيضًا؟.
آدم: طبعًا.. سأموت فى اليوم الذى تختاره السماء.
حواء: وهل سأموت أنا فى نفس اليوم؟.
آدم: كلا.. إن السماء تحدد لكل منا عمره قبل أن يولد.
حواء: هل معنى هذا أن السماء حددت سنًا معينة للإنسان؟، هل معنى هذا أننا جميعًا سنموت فى سن الخمسين أو الستين؟.
آدم: كلا.. السماء تحدد لكل منا سنًا خاصة فقد ترى السماء أن أموت أنا فى سن الثلاثين وتعيشى أنت حتى الستين. إن هذه مسألة من اختصاص السماء، ولها حكمتها وفلسفتها.
حواء: ولكن الملائكة أكدت لنا أن الله سيعدل بين الناس.. فكيف يجاملنى لأعيش إلى الستين ويظلمك فتموت فى الثلاثين؟. أنت تكفر بالله حينما تنسب إليه مسئولية التفرقة فى الأعمار.
آدم: هذا سر من أسرار السماء.. ولا يجوز لنا أن نحاسبها.