رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"سيرة الغواية".. أسرار ٩٠ سنة إغراء فى السينما المصرية

جريدة الدستور

لم تكن هياتم بطلة إغراء أولى فى السينما المصرية، لكنها كانت «نجمة فى حتتها»، ممثلة ممتلئة «مرسومة بالقلم» كما كانت تقول عن نفسها، صاحبة جسد «بلدى» جعلها واحدة من أبرز فنانات ما يمكن أن نسميه «الإغراء الشعبى» على الشاشة الصغيرة فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

برحيل هياتم، التى توقفت لاعتبارات السن عن لعب أدوار الإغراء منذ سنوات، وإن كانت تؤديه بمجرد طلاتها المعدودة أواخر سنوات عمرها، عاد السؤال مجددًا عن بطلات الإثارة والإغراء فى السينما المصرية، وكيف تطور الأمر من مجرد قبلة خجولة فى العشرينيات، مرورًا بتعرٍ كامل فى فترة «المقاولات»، ثم التراجع تحت دعاوى «السينما النظيفة» إلى المحاولات الفردية الجريئة، التى استعادت التعرى مرة أخرى وإن كان جزئيًا فى سياق الدراما.

البداية كانت خجولة بـ«قُبلة فى الصحراء» عام 1927
لطالما كانت لشخصية محترفات البغاء جاذبية خاصة لمخرجى ومنتجى الأعمال السينمائية لما تتميز به هذه الشخصية من أبعاد متنوعة، أو بلغة السينمائيين «قماشة واسعة»، أى يمكن أن تفصِّل من هذه القماشة ملابس مختلفة الذوق وتصنع أزياءً شتى، تتناسب مع عدة وجوه.
قدمت السينما المصرية شخصية البغاء فى عدة أفلام مهمة، شكلًا ومضمونًا، كما ظهرت شخصية هذه المرأة بالعمق الكافى الذى يفسر جميع جوانب حياتها، بائسة كانت أم سعيدة. وعادة ما تكون حياة مزرية. تقع المرأة تحت ضغط الحاجة ووفاء التزامات تحملها على عاتقها كمعظم أدوار البغاء، مثلما شاهدنا «نفيسة» فى فيلم «بداية ونهاية» و«إحسان» فى «القاهرة ٣٠» و«ريرى» فى «السمان والخريف»، أو تتجه إلى طريق البغاء انتقامًا من حبيب غادر مثلما فعلت «شفيقة» فى فيلم «شفيقة ومتولى».
نظرًا لسيطرة فكرة تقديم السينما الهادفة التى اقتنع بها المخرجون الأوائل فى بدايات الصناعة، رغبةً منهم فى احترام عقلية الجمهور، بالإضافة إلى ملاءمة الأفكار المقدمة لعاداته وثقافته، حرص الصنّاع على أن يبتعدوا عن الأفكار غير المستحسنة التى لا تهدف إلى تقديم حلول لمشكلات المجتمع المصرى، إلا فى مرة وحيدة أو قل أولى، فى فيلم من أوائل إنتاجات السينما المصرية بعنوان «قُبلة فى الصحراء»، فكانت أولى القبلات السينمائية بإخراج إبراهيم لامار، وتحديدًا فى عام ١٩٢٧.
منطقى أن يحتوى الفيلم على قُبلة طالما يحمل عنوان «قُبلة فى الصحراء». وقتها أحدثت هذه القبلة لغطًا بين جمهور مندهش من جرأة الحدث، وآخر معتاد عليه من مشاهدات الأفلام الأوروبية التى كانت الأقرب إليه وقتها. عندما بدأت السينما تتخذ شكلها التجارى بعد الحرب العالمية الثانية، تغيرت معايير الاختيارات كما اختلفت صورة المرأة الابنة أو الزوجة التى عادة ما تكون أرستقراطية، وحتى وإذا كانت فقيرة فتبدو أرستقراطية بأدائها الراقى، إذ ظهرت تلك الصورة بداية من سميرة خلوصى وراقية إبراهيم ورجاء عبده، اللائى قدمن شخصيات نسائية راقيات ومتحفظات، حتى سيطرت أفكار جديدة على السينما فى تقديم الإغراء بمفهومه الصحيح والبعيد عن الرُخص.
نعيمة وكاريوكا «الجسد المتناسق» وهند تكتسح بـ«أنوثة بلا ابتذال»
ظهر الإغراء كواحد من أنواع التمثيل الواقعى والتصويرى الذى ينقل حقيقة من حقائق المجتمعات الدولية، وهى وجود الأنثى جميلة الملامح ومتناسقة الجسد، هذه المرأة التى ظهرت على الشاشة متمثلة فى تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف، وذلك فى أفلام الأربعينيات التى شهدت نجاحًا كبيرًا، يرجع إلى استخدام الراقصات فى الأفلام الدرامية والأكشن، لأن وجودها فى أحداث الفيلم يعد أساس الجذب وضمان امتلاء قاعات العرض.
لم تقدم «سامية» أو «تحية» أو «نعيمة» أدوار إغراء صريحة، ولا تضمنت أفلامهن مشاهد عُرى، ولكن اعتمادًا على جمال ملامح وجوههن وبراعة رقصاتهن البعيدة عن الخلاعة، نجحن فى اجتذاب الجمهور المصرى إلى يومنا هذا، هذا الجذب الذى فشلت فيه ممثلات معاصرات ظهرن فى أفلام الألفية وما بعدها، هن جميلات حصلن على حب وقبول الجمهور الذى يغفر لهن، بل يدعو لهن بالشفاء والرحمة إذا ما توفيت إحداهن.
سرعان ما سطع نجم هند رستم وقد انتقلت من الأدوار الصغيرة والعابرة إلى الأدوار التى عرفناها بها، مثل «هنومة» فى «باب الحديد» و«نعمت» فى فيلم «الجسد».
«هند» الرقيقة التى تنتزع إعجاب المشاهدين كما تثير حسد المشاهدات من النساء، لم تقدم الإغراء المبتذل أو القبلات اللاهبة، ولكن صدّرت إغراءها من خلال قوة شخصيتها وطغيان أنوثتها على أبطال الفيلم من الرجال، إذ تتعامل بأسلوب آسر وجذّاب فى جميع أدوارها.
لم تُصنّف سعاد حسنى كممثلة إغراء صريح، ولكن «سعاد» مثّلت الإغراء بعينه بأدائها الأنثوى المتخفى تحت قناع طفولى محبب لقلوب جمهورها. ربما ظهرت «السندريلا» فى أفلام «الكرنك» و«بئر الحرمان» فى مشاهد مثيرة، ليست مشاهد مقحمة وإنما من اصل الحبكة الدرامية. لم تتغير آراء جمهورها عن محتوى ما تقدمه إلا فى سبعينيات القرن الماضى مع بداية ظهور الحركات السلفية فى نفس التوقيت الذى ظهرت فيه أفلام المقاولات، فاختلط الحابل بالنابل وحصلت كل ممثلة تقدم مشهد قبلات عادية على لقب ممثلة إغراء.
إذن، انحصرت أدوار الإغراء فى الخمسينيات فى النساء الأرامل أو المطلقات، واللائى يقمن بإغواء الرجال ممن هم أصغر منهن سنًا، مثلما فعلت «شفاعات»، «تحية كاريوكا» فى «شباب امرأة»، أو الراقصة التى يقع فى غرامها ابن الطبقة الراقية مثلما ظهرت «تمر حنة»، «نعيمة عاكف» فى التطلع إلى «أحمد»، «أحمد رمزى» ابن الباشا.

شمس وناهد «ممنوعات من العرض» وجرأة فردية لـ«علا وحورية»
فى السبعينيات، ظهرت نجمات جديدات كسرن قاعدة فن الإغراء فى السينما، منهن شمس البارودى بفيلمها الممنوع من العرض على الشاشات العامة حتى يومنا هذا «حمام الملاطيلى»، ومن بعده توالت أفلامها المثيرة التى صُنفت على أنها ممثلة أفلام إباحية وليس إغراء فحسب.
شهدت نفس الفترة أيضًا ظهور ناهد شريف على ساحة الإغراء، واكتسبت لقب ممثلة الإغراء الأولى، بما قدمته من أدوار أكثر جرأة مما قدمت زميلاتها. فعلى سبيل المثال، قدمت «ناهد» فيلم «ذئاب لا تأكل اللحم» الذى ظهرت فيه عارية تمامًا فى أحد المشاهد، وهو فيلم ممنوع من العرض فى جميع الدول العربية، خاصة أنه جرى تصويره فى دولة الكويت، ما أثار غضب الجمهور العربى، كما أثار متعته أيضًا، لا نستطيع إنكار هذا.

بحلول الثمانينيات، تبلورت وترسخت مبادئ التيارات السلفية التى كانت من الذكاء فى أن تتصيد إحباطات الشعب الاقتصادية وظروف البلاد المضطربة ما بين الانفتاح والتقدمية، فاتجه الناس إلى الاحتماء بتعاليم السماء فى مواجهة ما اعتبروه الابتذال الفنى.

لكن فى المقابل، واجهت صناعة السينما الكثير من الركود، فاضطر صنّاعها إلى اللجوء لأفلام متواضعة المستوى واللعب على غريزة المشاهد بالإثارة، فظهر نجم هياتم وسميرة صدقى وليلى حمادة وغيرهن من ممثلات الإغراء والعُرى أو الملابس الشفافة والرقصات الخليعة غير المبررة سوى لغرض إثارة شهوات وخيالات الجمهور.
لكن سرعان ما انتهت تلك الفترة بسيطرة نبيلة عبيد «نجمة مصر الأولى» ونادية الجندى «نجمة الجماهير»، بما قدمتاه من أفلام جادة فى المحتوى، مثل «الراقصة والسياسى» للأولى و«رغبة متوحشة» للثانية، فيما لم تخل معظم أفلامهما من مشاهد الرقص والإغراء الجسدى المغطى بملابس شفافة تُظهر أكثر مما تخفى.
بالنظر إلى تاريخ الإغراء فى السينما المصرية الذى انتقل إلى مدرسة جديدة عُرفت بـ«السينما النظيفة»، بكل ما يشتمل عليه هذا المصطلح من شعور طاغٍ بالغثيان والرفض لتصنيف إبداعات السينما بين نظيف وغير نظيف، نجد مثلًا منى زكى وياسمين عبدالعزيز وحنان ترك- والأخيرة أعلنت «ندمها» على قُبلتها الوحيدة مع هانى سلامة فى فيلم «الآخر»- كل هؤلاء قدمن سينما لا يقتحمها مشهد قُبلة واحد وكأنهن يُعِدن الزمن إلى فترة أفلام فاتن حمامة.

لم تستمر تلك الفترة «النضيفة» طويلًا حتى اقتحمت حورية فرغلى وعلا غانم وغيرهما من ممثلات الإغراء اللائى قدمن بضعة مشاهد لا يمكن تصنيفها بعيدًا عن الإغراء الذى تطور من مراحل الإغواء بغمزة العين ولثغة اللسان إلى الإغراء الصريح والتعرى الجزئى مثلما فعلت «حورية» فى «كلمنى شكرًا»، بعد أن كانت كلمة «سِنتى» لسميرة خلوصى تكفى، عندما عبرّت عن ألم أسنانها لحكيم العيون الذى «يفهم فى العين ويفهم كمان فى رموش العين».
لم تكن هياتم بطلة إغراء أولى فى السينما المصرية، لكنها كانت «نجمة فى حتتها»، ممثلة ممتلئة «مرسومة بالقلم» كما كانت تقول عن نفسها، صاحبة جسد «بلدى» جعلها واحدة من أبرز فنانات ما يمكن أن نسميه «الإغراء الشعبى» على الشاشة الصغيرة فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

برحيل هياتم، التى توقفت لاعتبارات السن عن لعب أدوار الإغراء منذ سنوات، وإن كانت تؤديه بمجرد طلاتها المعدودة أواخر سنوات عمرها، عاد السؤال مجددًا عن بطلات الإثارة والإغراء فى السينما المصرية، وكيف تطور الأمر من مجرد قبلة خجولة فى العشرينيات، مرورًا بتعرٍ كامل فى فترة «المقاولات»، ثم التراجع تحت دعاوى «السينما النظيفة» إلى المحاولات الفردية الجريئة، التى استعادت التعرى مرة أخرى وإن كان جزئيًا فى سياق الدراما.

البداية كانت خجولة بـ«قُبلة فى الصحراء» عام 1927
لطالما كانت لشخصية محترفات البغاء جاذبية خاصة لمخرجى ومنتجى الأعمال السينمائية لما تتميز به هذه الشخصية من أبعاد متنوعة، أو بلغة السينمائيين «قماشة واسعة»، أى يمكن أن تفصِّل من هذه القماشة ملابس مختلفة الذوق وتصنع أزياءً شتى، تتناسب مع عدة وجوه.
قدمت السينما المصرية شخصية البغاء فى عدة أفلام مهمة، شكلًا ومضمونًا، كما ظهرت شخصية هذه المرأة بالعمق الكافى الذى يفسر جميع جوانب حياتها، بائسة كانت أم سعيدة. وعادة ما تكون حياة مزرية. تقع المرأة تحت ضغط الحاجة ووفاء التزامات تحملها على عاتقها كمعظم أدوار البغاء، مثلما شاهدنا «نفيسة» فى فيلم «بداية ونهاية» و«إحسان» فى «القاهرة ٣٠» و«ريرى» فى «السمان والخريف»، أو تتجه إلى طريق البغاء انتقامًا من حبيب غادر مثلما فعلت «شفيقة» فى فيلم «شفيقة ومتولى».
نظرًا لسيطرة فكرة تقديم السينما الهادفة التى اقتنع بها المخرجون الأوائل فى بدايات الصناعة، رغبةً منهم فى احترام عقلية الجمهور، بالإضافة إلى ملاءمة الأفكار المقدمة لعاداته وثقافته، حرص الصنّاع على أن يبتعدوا عن الأفكار غير المستحسنة التى لا تهدف إلى تقديم حلول لمشكلات المجتمع المصرى، إلا فى مرة وحيدة أو قل أولى، فى فيلم من أوائل إنتاجات السينما المصرية بعنوان «قُبلة فى الصحراء»، فكانت أولى القبلات السينمائية بإخراج إبراهيم لامار، وتحديدًا فى عام ١٩٢٧.
منطقى أن يحتوى الفيلم على قُبلة طالما يحمل عنوان «قُبلة فى الصحراء». وقتها أحدثت هذه القبلة لغطًا بين جمهور مندهش من جرأة الحدث، وآخر معتاد عليه من مشاهدات الأفلام الأوروبية التى كانت الأقرب إليه وقتها. عندما بدأت السينما تتخذ شكلها التجارى بعد الحرب العالمية الثانية، تغيرت معايير الاختيارات كما اختلفت صورة المرأة الابنة أو الزوجة التى عادة ما تكون أرستقراطية، وحتى وإذا كانت فقيرة فتبدو أرستقراطية بأدائها الراقى، إذ ظهرت تلك الصورة بداية من سميرة خلوصى وراقية إبراهيم ورجاء عبده، اللائى قدمن شخصيات نسائية راقيات ومتحفظات، حتى سيطرت أفكار جديدة على السينما فى تقديم الإغراء بمفهومه الصحيح والبعيد عن الرُخص.
نعيمة وكاريوكا «الجسد المتناسق» وهند تكتسح بـ«أنوثة بلا ابتذال»
ظهر الإغراء كواحد من أنواع التمثيل الواقعى والتصويرى الذى ينقل حقيقة من حقائق المجتمعات الدولية، وهى وجود الأنثى جميلة الملامح ومتناسقة الجسد، هذه المرأة التى ظهرت على الشاشة متمثلة فى تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف، وذلك فى أفلام الأربعينيات التى شهدت نجاحًا كبيرًا، يرجع إلى استخدام الراقصات فى الأفلام الدرامية والأكشن، لأن وجودها فى أحداث الفيلم يعد أساس الجذب وضمان امتلاء قاعات العرض.
لم تقدم «سامية» أو «تحية» أو «نعيمة» أدوار إغراء صريحة، ولا تضمنت أفلامهن مشاهد عُرى، ولكن اعتمادًا على جمال ملامح وجوههن وبراعة رقصاتهن البعيدة عن الخلاعة، نجحن فى اجتذاب الجمهور المصرى إلى يومنا هذا، هذا الجذب الذى فشلت فيه ممثلات معاصرات ظهرن فى أفلام الألفية وما بعدها، هن جميلات حصلن على حب وقبول الجمهور الذى يغفر لهن، بل يدعو لهن بالشفاء والرحمة إذا ما توفيت إحداهن.
سرعان ما سطع نجم هند رستم وقد انتقلت من الأدوار الصغيرة والعابرة إلى الأدوار التى عرفناها بها، مثل «هنومة» فى «باب الحديد» و«نعمت» فى فيلم «الجسد».
«هند» الرقيقة التى تنتزع إعجاب المشاهدين كما تثير حسد المشاهدات من النساء، لم تقدم الإغراء المبتذل أو القبلات اللاهبة، ولكن صدّرت إغراءها من خلال قوة شخصيتها وطغيان أنوثتها على أبطال الفيلم من الرجال، إذ تتعامل بأسلوب آسر وجذّاب فى جميع أدوارها.
لم تُصنّف سعاد حسنى كممثلة إغراء صريح، ولكن «سعاد» مثّلت الإغراء بعينه بأدائها الأنثوى المتخفى تحت قناع طفولى محبب لقلوب جمهورها. ربما ظهرت «السندريلا» فى أفلام «الكرنك» و«بئر الحرمان» فى مشاهد مثيرة، ليست مشاهد مقحمة وإنما من اصل الحبكة الدرامية. لم تتغير آراء جمهورها عن محتوى ما تقدمه إلا فى سبعينيات القرن الماضى مع بداية ظهور الحركات السلفية فى نفس التوقيت الذى ظهرت فيه أفلام المقاولات، فاختلط الحابل بالنابل وحصلت كل ممثلة تقدم مشهد قبلات عادية على لقب ممثلة إغراء.
إذن، انحصرت أدوار الإغراء فى الخمسينيات فى النساء الأرامل أو المطلقات، واللائى يقمن بإغواء الرجال ممن هم أصغر منهن سنًا، مثلما فعلت «شفاعات»، «تحية كاريوكا» فى «شباب امرأة»، أو الراقصة التى يقع فى غرامها ابن الطبقة الراقية مثلما ظهرت «تمر حنة»، «نعيمة عاكف» فى التطلع إلى «أحمد»، «أحمد رمزى» ابن الباشا.

شمس وناهد «ممنوعات من العرض» وجرأة فردية لـ«علا وحورية»
فى السبعينيات، ظهرت نجمات جديدات كسرن قاعدة فن الإغراء فى السينما، منهن شمس البارودى بفيلمها الممنوع من العرض على الشاشات العامة حتى يومنا هذا «حمام الملاطيلى»، ومن بعده توالت أفلامها المثيرة التى صُنفت على أنها ممثلة أفلام إباحية وليس إغراء فحسب.
شهدت نفس الفترة أيضًا ظهور ناهد شريف على ساحة الإغراء، واكتسبت لقب ممثلة الإغراء الأولى، بما قدمته من أدوار أكثر جرأة مما قدمت زميلاتها. فعلى سبيل المثال، قدمت «ناهد» فيلم «ذئاب لا تأكل اللحم» الذى ظهرت فيه عارية تمامًا فى أحد المشاهد، وهو فيلم ممنوع من العرض فى جميع الدول العربية، خاصة أنه جرى تصويره فى دولة الكويت، ما أثار غضب الجمهور العربى، كما أثار متعته أيضًا، لا نستطيع إنكار هذا.

بحلول الثمانينيات، تبلورت وترسخت مبادئ التيارات السلفية التى كانت من الذكاء فى أن تتصيد إحباطات الشعب الاقتصادية وظروف البلاد المضطربة ما بين الانفتاح والتقدمية، فاتجه الناس إلى الاحتماء بتعاليم السماء فى مواجهة ما اعتبروه الابتذال الفنى.

لكن فى المقابل، واجهت صناعة السينما الكثير من الركود، فاضطر صنّاعها إلى اللجوء لأفلام متواضعة المستوى واللعب على غريزة المشاهد بالإثارة، فظهر نجم هياتم وسميرة صدقى وليلى حمادة وغيرهن من ممثلات الإغراء والعُرى أو الملابس الشفافة والرقصات الخليعة غير المبررة سوى لغرض إثارة شهوات وخيالات الجمهور.
لكن سرعان ما انتهت تلك الفترة بسيطرة نبيلة عبيد «نجمة مصر الأولى» ونادية الجندى «نجمة الجماهير»، بما قدمتاه من أفلام جادة فى المحتوى، مثل «الراقصة والسياسى» للأولى و«رغبة متوحشة» للثانية، فيما لم تخل معظم أفلامهما من مشاهد الرقص والإغراء الجسدى المغطى بملابس شفافة تُظهر أكثر مما تخفى.
بالنظر إلى تاريخ الإغراء فى السينما المصرية الذى انتقل إلى مدرسة جديدة عُرفت بـ«السينما النظيفة»، بكل ما يشتمل عليه هذا المصطلح من شعور طاغٍ بالغثيان والرفض لتصنيف إبداعات السينما بين نظيف وغير نظيف، نجد مثلًا منى زكى وياسمين عبدالعزيز وحنان ترك- والأخيرة أعلنت «ندمها» على قُبلتها الوحيدة مع هانى سلامة فى فيلم «الآخر»- كل هؤلاء قدمن سينما لا يقتحمها مشهد قُبلة واحد وكأنهن يُعِدن الزمن إلى فترة أفلام فاتن حمامة.

لم تستمر تلك الفترة «النضيفة» طويلًا حتى اقتحمت حورية فرغلى وعلا غانم وغيرهما من ممثلات الإغراء اللائى قدمن بضعة مشاهد لا يمكن تصنيفها بعيدًا عن الإغراء الذى تطور من مراحل الإغواء بغمزة العين ولثغة اللسان إلى الإغراء الصريح والتعرى الجزئى مثلما فعلت «حورية» فى «كلمنى شكرًا»، بعد أن كانت كلمة «سِنتى» لسميرة خلوصى تكفى، عندما عبرّت عن ألم أسنانها لحكيم العيون الذى «يفهم فى العين ويفهم كمان فى رموش العين».