"الدستور" تفتح ملف الحج في المسيحية.. له نوعان وبلا غفران أو طقوس
مع استقبال الكنائس المصرية لزوار مسار رحلة العائلة المقدسة إلى ارض مصر، بدأ مصطلح الحج في الانتشار بقوة في الشارع الكنسي، حيث أن الأقباط لم يعتادوا على ذكر ذلك المصطلح إلا في السفر للقدس فقط، ما دفع "الدستور" لفتح ذلك الملف لمعرفة الفرق في الحج بين المسيحية والإسلام.
الأرثوذكسية: الحج ليس فريضة.. وغالبا ما يكون إلى القدس لرؤية نور قبر المسيح
قال القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير، أستاذ علم اللاهوت بالكليات الإكليريكية والمعاهد اللاهوتية، وراعي كنيسة السيدة العذراء الأثرية للأقباط الأرثوذكس بمسطرد، إن الحج يختلف في مفهومه بين الإسلام والمسيحية، رغم كونه فريضة من أركان الإسلام الخمس لمن استطاع إليه سبيلا، إلا أنه لا يعتبر ملزما للمؤمن المسيحي، ولا علاقة له بخلاص الأفراد روحيا.
وأشار بسيط إلى أنه لا طقوس خاصة بالحج في المسيحية، إلا أن المسيحيين من شتى بقاع العالم اعتادوا على الحج بالأراضي المقدسة بالقدس أثناء الصوم الأربعيني، لتنتهي رحلة الحج برؤية النور المقدس المنبثق من قبر السيد المسيح كنوع من أنواع التبرك.
الكاثوليكية: الحج دخول في علاقة مع أبطال الحدث.. وله نوعان سياحي وتعبدي
وقال الأب هاني باخوم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، إن الحج بالنسبة للمسيحيين ليس مجرد زيارة سياحية يزور فيها المؤمن الآثار الجامدة والجدران ليس إلا، موضحا أن الحج يساعد الفرد المؤمن على الدخول في علاقة مع الحدث الذي شهده المكان وأبطاله، وعلى سبيل المثال مسار رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر، فزيارته تساعد الأفراد على الدخول في علاقة مع أبطال الرحلة وأفراد العائلة المقدسة والاقتداء بحالاتهم الإيمانية والروحية.
الإنجيلية: ليست له أي سندات "كتابية".. ولا يغفر الخطايا
ومن الكنيسة الإنجيلية، قال القس رفعت فكري، رئيس السنودس الإنجيلي، إن "الحج" ليست له أي سند كتابي أو نصوص إنجيلية، وبناء عليه، فحتى المصطلح ذاته لم يرد بين آيات الكتاب المقدس.
وأوضح فكري لـ"الدستور" أن السيد المسيح لم يطالب أتباعه بزيارة قبره المقدس، الأمر الذي لم يجعل له أي مراسم، كما لم تُلزم الكنيسة أبناءها به، بل هو عملية سياحية داخلية أو خارجية تخضع للمبدأ الاختياري البحت، يقوم بها الراغبون في مشاهدة الأماكن السياحية.
وأكد أن غفران الخطايا في المنظور المسيحي يعتمد اعتمادا كليا على تقديم التوبة الخالصة والندم على الماضي وانتواء عدم الرجوع إليه مجددا، ولا يعتمد على الحج نهائيا.
عن موقف البابا شنودة من زيارة القدس.. التيار العلماني: الأمر لا يقاس بالصح والخطأ
ومن التيار العلماني الكنسي، قال المفكر القبطي كمال زاخر، إن عنصر الإلزام هو الفرق الأبرز في مفهوم "الحج" بين الإسلام والمسيحية، موضحًا أنه لا يمكن النظر إلى موقف البابا الراحل شنودة الثالث، من منع الأقباط من زيارة القدس على أنه منع من البركة أو الحكم عليه من منظور الحلال والحرام، لأن ذلك في حد ذاته يعتبر تحميلا للأمر أكثر مما يجب.
وأشار زاخر إلى أن البابا الراحل شنودة الثالث كانت له حكنة سياسية، دائما ما كان يستخدمها في خدمة الوطن والكنيسة، موضحًا أن أزمة القدس تجلت محاربة للتطبيع وبسبب أزمة دير السلطان، ولكن لم يكن للقرار وجها دينيا.
الباحثون: مصطلح "الحج" له أصل لغوي قبطي
ومن الباحثين، قال مينا أسعد كامل، الباحث في لجنة العقيدة القبطية الأرثوذكسية بأسقفية الشباب، إن بعض الدارسين يرون أن كلمة (حج) لها جذور في اللغة القبطية، مكونة من مقطعين (حا) وتعني هيا، و(أج) اختصار (اجيوس) وتعني المقدس أو القدوس، وتستخدم (حج) بمعنى هيا إلي المكان المقدس، والحج في المسيحية ليس فريضة واجبة التحقيق.
وأضاف: "ولكن تقتصر على مفهوم التبارك بزيارة الأماكن المقدسة، سواء تلك التي كان فيها المسيح، أو الكنائس والأديرة التي بها آثار القديسين الذين عاشوا على خطى المسيح بأمانة".
وتابع: "والسائد في المسيحية أيضا أن عدم الزيارات لا يحسب معصية مثلا، فالصلوات القبطية الأرثوذكسية المسماة (القداس) تؤمن بوجود المسيح وجودا حقيقيا أثناء إقامته، ويتعامل معه المؤمنون بالصلاة والتناول، لذا فهي أقدس من زيارة المكان".