رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المقاتل".. هكذا تحول "كانتى" من جامع للقمامة إلى المتوج بالذهب

كانتي
كانتي

البداية عام 1980 عندما هاجر والدا كانتي من مالي إلى باريس بحثًا عن حياة أفضل، ولم يجد والدا كانتي وظيفة لعدم امتلاكهما أي شهادة علمية، فعمل والده جامعًا للقمامة ووالدته عاملة نظافة ليعيلا أبنائهم الـ"8".

نشأ كانتي على بُعد أمتار من نادي سورنيس، وعند بلوغه 8 سنوات انضم كانتي إليهم، يقول سكرتير نادي سورنيس، بيير فيل: عندما جاء إلينا كان طوله نصف طول بقية الأولاد، كان فعلًا صغير الحجم لكنه عندما لعب معهم راوغهم وفرض نفسه.

في إحدى البطولات فاز كانتي بجائزة أفضل لاعب، فأخذ زملاء كانتي الجائزة فيما بقي الصغير ينظر إليهم، هذه الصورة تعكس شخصية كانتي تمامًا، ويعلق فيل: كنت أقول لكانتي تخيل أنك محلولًا كيميائيًا تغير لون التركيبة وشكلها، كل واحد منهم يريد أن يفرض تألقه وفي النهاية أنت تتألق.

‏في عمر الـ"11" توفي والده، فكان عليه أن يتحمل مسئولية بيت بأكمله، لكنه دائمًا ما كان يسمع تلك الجملة حينما يخرج للبحث عن عمل "صغير الحجم، ضئيل، أي عمل قد يناسب ذلك الطفل"، لن يتحمل جسده النحيل حمل أثقال، وطوله لن يكون مناسبًا لأعمال كثيرة، ربما عليه إذن أن يتبع والده ويجمع القمامة، عمل سهل مناسب تمامًا إلى حجمه.

‏في الصباح يبحث عن القمامة يجمعها ثم يسير كيلومترات حول ضواحي باريس، يبحث عن النفايات القيمة ثم يسلمها إلى مصنع إعادة تدوير القمامة، يحصل على الأموال ثم يعود إلى البيت، واستمر بالعمل ليحقق حلم والده ويصبح لاعبًا كبيرًا.

‏واستمر في لعب الكرة إلا أن الأمور لم تكن على ما يرام، كانت التعليقات دائمًا سلبية بسبب حجمه، لكن حركته في الملعب كانت تضع كل من أمامه في حيرة، "حسنًا، لدينا أفضل منه" هذه الكلمة لم تكن فقط من الفريق الصغير الذي انضم له لكنها كانت كلمة مستمرة قالها كشافة باريس سان جيرمان، لوريان، رين وسوشو، الجميع لا يريد كانتي، لكنه رغم ذلك لم ينزعج.

‏بعد "8" أتته فرصة مناسبة، أخبره المدير الرياضي لفريقه الصغير سورنيس أن فريق بولون درجة ثانية يريد التعاقد معه، لكن لماذا؟.. ‏يقول جورج تورناي الذي دربه في بولون: "كان انتقاله في البداية لسبب بسيط هو أن ابن رئيس نادي سورنيس يلعب في بولون وهو الذي رتب لخضوع كانتي لتجربة أداء وأخذه بولون بصفة لاعب هاوٍ مقابل مساعدته في إكمال دراسته".

‏جلس كانتي على دكة بدلاء الفريق الذي يكافح كي لا يهبط، يسعى للحصول على فرصة للعب في الفريق الأول لكن ذلك لم يكن متاحًا إلا بعدما هبط الفريق للدرجة الثالثة، دخل التشكيلة الأساسية تدريجيًا وأصبح في الفريق الأول بعد أن أظهر ما يملكه على أرض الملعب.

‏زميله في الفريق المدافع ماكسيم كولين يتذكر: في إحدى الحصص التدريبة كان الفريق يُجري تدريب السرعة، كانتي قتل التدريب، تابع الركض من دون توقف، في وقت توقف كل اللاعبين عن الجرى.

عام 2013 وبعد تألقه مع بولون بالدرجة الثالثة تعاقد معه نادي كاين بالدرجة الثانية، وبعد موسم ممتاز مع كاين وصعود الفريق لدوري الدرجة الأولى الفرنسي جذب كانتي القصير اهتمام الكثير من الفرق.

‏عام 2015 تعاقد معه نادي ليستر سيتي بمبلغ "5.6" مليون جنيه إسترليني، يقول كلاوديو رانييري مدرب ليستر: لقد ضغط عليّ ستيف والش حينما وصلت لليستر في يوليو، قال لي وقع مع كانتي يا كلاوديو، كانتي، لقد حدد والش كانتي كأكثر صفقة يريدها، كان يرغب في الصفقة أكثر مني.

‏وحصل كانتي في أول موسم مع ليستر على لقب الدوري، لينتقل بعدها بموسم إلى تشيلسي بمبلغ "30" مليون جنيه إسترليني، وحقق معهم الدوري في أول موسم له، وحصل على جائزة أفضل لاعب بالبريميرليغ.

2018 وفى نهائي كأس العالم وبعد فوز فرنسا، وفي أحد أغرب المشاهد في نهائيات كأس العالم كل اللاعبين يحتفلوا بصور تذكارية مع كأس العالم، يظهر في الخلف كانتي ويطلب من زميله في الفريق أن يطلب من زملائه أن يفسحوا له المجال للتصوير لأنه خجل أن يطلب بنفسه.