رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من «اللوبى الصهيونى» إلى «جيش الاحتلال» أموال قطر فى خدمة إسرائيل

تميم
تميم

وسط حطام عزلتها الخليجية، وحدودها القابعة بين أنقاض عروبتها، لم تعد قطر تمتلك سلاحًا لمواجهة المقاطعة العربية سوى إغداق أموالها على محاولات تحسين صورتها، ساعية ما أمكنها للخروج من نفق العزلة المظلم حتى وإن قادها هذا المسار لخدمة إسرائيل، وتوجيه دفة أموالها لمصلحة الكيان الصهيونى، ليس فقط لدعم الإرهاب.

وعلى الرغم من تشدق الدوحة بمساعداتها لقطاع غزة، من منح مالية بملايين الدولارت والحديث عن صفقات غير مباشرة مع حركة حماس وإسرائيل بوساطة قطرية، جاءت التقارير الإسرائيلية الأخيرة لتزيح الستار عن صفقات سرية أبرمها «تنظيم الحمدين»، لتمويل نفقات الجيش الإسرائيلى.

وكشفت القناة العاشرة الإسرائيلية، النقاب عن صفقات قطر لتمويل سفر ضباط إسرائيليين وشخصيات إسرائيلية للخارج، مشيرة إلى أن ضابطين إسرائيليين، وموظفين سافروا على حساب مؤسسة إعلامية تمولها قطر، فيما أكد الجيش الإسرائيلى، أن التعامل مع المنظمة تم وفق الإجراءات.

وفي تقرير لها، ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية، أن قطر أنفقت 200 ألف دولار على تبرعات للجماعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة خلال حملة ضغط مكثفة بعد أن صنف الرئيس دونالد ترامب، الدوحة، بأنها دولة ممولة للإرهاب.

وأظهرت الوثائق، أن قطر دفعت 100 ألف دولار لمنظمة أمريكية تدعى "جنودنا يتحدثون"، وهى منظمة مقرها الولايات المتحدة تقوم بتنظيم جولات المحاضرات من قبل الجيش الإسرائيلي والشرطة والدبلوماسيين لتعزيز وجهة نظر إسرائيل في العالم.

وعن التفاصيل، قالت القناة الإسرائيلية: "سافر كبار ضباط من جيش الاحتلال الإسرائيلى، وكبار المسئولين الحكوميين إلى محاضرات فى الخارج على حساب منظمة إعلامية حصلت على تمويل من حكومة قطر".

وأضافت: "أن المنظمة والتى تدعى "Our soldiers speak" جنودنا يتحدثون، هى التى نظمت رحلات الضباط وكبار المسئولين الإسرائيليين".

وأوضحت القناة أن منظمة "جنودنا يتحدثون" هى منظمة يمينية تم تأسيسها قبل بضع سنوات من قبل بنجامين أنتونى، وهو مستوطن من أصول بريطانية قرر بعد خدمته العسكرية تأسيس منظمة لشرح نشاط جيش الاحتلال الإسرائيلى فى الجامعات فى البلدان الناطقة بالإنجليزية.

وأشارت إلى أنه فى 30 أكتوبر 2017 تلقت المنظمة تبرعًا بمبلغ 100 ألف دولار من رجل أعمال يهودى أمريكى يدعى جوى اللحام، وهو صاحب سلسلة مطاعم فى نيويورك، وفى العام الماضى عمل كجهة ضغط لصالح الحكومة القطرية فى الولايات المتحدة، وخاصة بين الجالية اليهودية.

وتابعت "وفق القانون الأمريكى، على اللحام أن يسجل نفسه كوكيل أجنبى كونه يعمل مع الحكومة القطرية، وعليه الكشف أمام وزارة العدل الأمريكية عن الأموال التى يحصل عليها من قطر، وأوجه صرف هذه الأموال، ومن وثائق نشرتها مجلة أسبوعية أمريكية باسم "Jewish week"، تبين أن اللحام حصل على مليون ونصف المليون دولار من حكومة قطر لجماعات ضغط داخل الولايات المتحدة.

كما أظهرت الوثائق أنه فى 30 أكتوبر 2017 تبرع بمبلغ 100 ألف دولار من أموال الحكومة القطرية إلى منظمة بنجامين أنتونى "جنودنا يتحدثون"، وكانت هذه مساهمة مهمة جدًا للمنظمة، والتى شكلت حوالى 15% من ميزانيتها.

ومن الوثائق نفسها تبين للقناة العاشرة، منذ تسلم المنظمة للتبرعات، سافر ضابطان من جيش الاحتلال الإسرائيلى على حساب المنظمة إلى الولايات المتحدة، أحدهما ضابط فى القطاع الطبى فى جيش الاحتلال الإسرائيلي، والثانى فى منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بالإضافة إلى محاضر آخر مختص فى نشاطات المنظمة، ويعمل حاليا فى الولايات المتحدة.

وقال رئيس المنظمة الإسرائيلى بنجامين أنتونى، إنه لم يكن يعلم أن قطر هى من يقف وراء التبرعات، ولكن بعد علمه لا ينوى إعادة الأموال، وهو ينوى استخدام الأموال للحملة الإعلامية الخاصة بمنظمة Our Soldiers Speak.

وعقب إعلان دول الرباعي العربي «مصر، السعودية، الإمارات، والبحرين»، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة في الخامس من يوينو 2017، على خلفية علاقاتها مع إيران ودعمها للإرهاب، شرعت قطر في استئجار العديد من شركات الضغط وتنظيم الزيارات السرية للقادة اليهود في الولايات المتحدة، بهدف تحسين صورتها لمواجهة المقاطعة العربية.

وذكرت صحيفة «جويش تليجراف اليهودية»، أنه في منتصف عام 2017، بدأت قطر باستخدام خدمات «نيك موزين»، وهو استشاري للعلاقات العامة اليهودية الأمريكية، الذي كان يعمل سابقا في مجلس الشيوخ الجمهوري، ونظم «موزين» اجتماعات بين القيادة العليا في قطر، بما في ذلك أمير البلاد تميم بن حمد آل ثانى، وشخصيات بارزة في المجتمع اليهودى.

ومنذ الصيف الماضي زار ما لا يقل عن خمسة من قادة المنظمات اليهودية الأمريكية قطر واجتمعوا مع قادتها، وكشفت صحيفة «هآرتس» عن أن «مورت كلاين» رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية زار قطر في مطلع يناير الجاري، وقضى «كلاين» خمسة أيام فى الإمارة واجتمع مع الأمير ومع كبار المسئولين الآخرين.

ومنذ يناير الماضى، قام بعض القادة اليهود من المستوى الرفيع مثل المحامى البارز آلان ديرشويتز، ومالكولم هوينلاين من كبار رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية، بزيارة قطر سرًا بدعوة من أميرها تميم بن حمد آل ثاني، ولاقت هذه الزيارات انتقادات عديدة من زعماء يهود آخرين، فيما أكد المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن: "نحن لا نوافق على هذه الزيارات من قبل المنظمات اليهودية لدولة قطر".

وقال المتحدث باسم السفارة «إيتاي بار دوف»: «إننا نعارض المحاولات القطرية في المجتمع اليهودي والموالي لإسرائيل»، وأضافت السفارة: «إن أى شخص يدعى أن هذه الرحلات تلقى ترحيبًا من السفير، فهذا غير حقيقي».

ويأتي التقرير الإسرائيلي، عقب تصريحات سابقة أدلى بها السفير القطرى فى غزة ورئيس لجنة إعمار القطاع، محمد العمادي، حول توسط قطر فى محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، وكذلك الحديث عن صفقة مقتترحة من قطر حول وقف الاحتجاجات إذا ما سمحت إسرائيل لخمسة آلاف من سكان القطاع بالعمل داخل حدودها، مضيفًا أن المظاهرات قرب السياج الأمني الفاصل ستتوقف حينها.

وأضاف، فى مقابلة مع القناة الحادية عشرة الإسرائيلية، أن هذه هى تفاصيل الصفقة التي تم نقلها إلى إسرائيل، معربًا عن معارضته لربط إعادة تعمير قطاع غزة بإرجاع الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس.

وفي تصريحات سابقة مع وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، كشف السفير القطري محمد العمادي، عن مباحثات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، للتوصل إلى صفقة بشأن الأوضاع في قطاع غزة، وذلك بعلم الإدارة الأمريكية.

فيما طالب عضو المجلس الوطنى الفلسطينى، وليد العوض، بطرد السفير القطري من القطاع، بعد تصريحاته الأخيرة بشأن وساطة قطرية لعقد اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل.

وقال العمادى: «نحن طالبنا بفك الحصار عن غزة التى عانت ثلاث حروب، وأبلغنا الأمريكان والإسرائيليين بضرورة تحقيق ذلك، ونحن نعمل على هذا الأمر، لكن حتى الآن لم نصل لأى نتيجة».

وصرح العمادى خلال اللقاء، بأن موقف بلاده ثابت بأن أى حلول لمصلحة قطاع غزة يجب أن تكون عبر السلطة الفلسطينية، مضيفًا: «هذا شرطنا، ومن دون موافقة ووجود السلطة لن نتدخل، وأي حل يجب أن يكون بوجود السلطة، وهذا قرار قطر الواضح».

وأعلن العمادي عن توزيع منحة مالية بقيمة مليونين ونصف المليون دولار أمريكى خلال زيارته الحالية إلى غزة، لصالح دعم جامعات قطاع غزة، إلى جانب تقديم بلاده منحة بنفس القيمة المذكورة كمستلزمات طبية.

وقال: «نحن نبحث عن حل دائم لمشكلات غزة، ونريد منع أي حرب جديدة قد تشن على القطاع»، مضيفًا: «نقف على مسافة واحدة من الفصائل الفلسطينية، والهدف من تدخلنا فى غزة إنساني».