رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. حكايات مكاوي سعيد عن ميدان التحرير وناسه

جريدة الدستور

كما كانت "تغريدة البجعة" نداء المنسيين المهمشين والساقطين من قيد الحياة٬ في دفتر المحروسة التي تقسو عليهم وتطاردهم وتطردهم من فردوسها المفقود٬ جاء كتاب "كراسة التحرير" تاريخًا عن "فلان وفلان اللي ماطلعوش جوا البرامج" ورصد لمشاهد وشخصيات، أمكنة، حيوات، وجمادات شاركت في ثورة 25 يناير 2011 وتلك الأيام في تاريخ مصر والمصريين.

"كراسة التحرير" للروائي مكاوي سعيد والصادر عن الدار المصرية اللبنانية٬ يكشف الكثير من المواقف المتباينة والمتناقضة لشخصيات وأحزاب سياسية وعامة على الساحة، والكتاب الذي يقع في 212 صفحة من القطع المتوسط قسمه الكاتب إلى قسمين، القسم الأكبر جاء تحت عنوان "حكايات" وفي تدفق سلسل وسرد حكائي يجذب المتلقى فلا يترك الكتاب إلا وقد تماهى٬ مع حكايات لمصريين ربما لو مر بأحدهم ما عرفه فـ"صابرين وبيير السيوفي، عم عبد التواب وأحمد لطفي، كارولين وأم يوسف" شخصيات حقيقية التقاها مكاوي في التحرير، وكانت ثورة 25 يناير لحظة استثنائية اكتشف فيها هذه الشخصيات مصريتها بالفعل وليس مجرد شعارات وأغان.

صابرين إحدى فتيات الشوارع التي قامت بأدوار عدة بدءًا من جلب الأطعمة والأدوية وكل ما كان يحتاجه الشباب في الميدان٬ مرورًا بنصبة الشاي التي ارتجلتها سريعًا لتمنح كوبا لمن يطلبه وبدون مقابل٬ انتهاءً بجلب الحجارة والطوب لرد هجوم البلطجية أو قوات الأمن ويوم التنحي بعد أن كان الفتيات يحتضنها وتقضي الليل معهن صرن كأنهن لا يعرفنها، وعادت صابرين لشوارع وسط البلد مرة أخرى مهمشة منسية ومطاردة بقسوة المحروسة.

أما القسم الثاني من الكتاب والذي أفرده المؤلف لأسماء الشوارع، وأهم معالم وسط البلد خاصة ميدان التحرير والشوارع المحيطة به وتاريخ إنشائها، والسبب التاريخي وراء اسم كل شارع منها، وبالطبع كوبري قصر النيل والمعارك المحتدمة التي صنعها الشباب المصري في أيام 25 و28 يناير 2011، وفي هذا القسم تحدث مكاوي بإيجاز عن ميدان التحرير منذ تقسيمه الأول 1872 وكان يطلق عليه "ميدان الكوبري" نسبة إلى كوبري قصر النيل الذي يتصل بالميدان وعندما أعيد بناء الكوبري عام 1933 في عهد الملك فؤاد أطلق على الكوبري اسم "الخديو إسماعيل" تخليدًا لذكرى والده وتحول اسم الميدان إلى ميدان الخديو إسماعيل ثم ميدان الإسماعيلية، والذي تغير إلى ميدان التحرير بعد ثورة 1952.

وشهد الميدان أحداثًا سياسية كثيرة أعظمها ثورة 1919 مرورًا بمظاهرات إلغاء معاهدة 1936 مرورًا بمظاهرات الطلبة ضد أحكام الطيران عقب هزيمة 1967، وفي عام 1972 شهد الميدان أكبر المظاهرات الطلابية التي اندلعت من جامعة القاهرة ضد السادات إلى أن يشهد ثورة 25 يناير 2011.

والكتاب يتميز عن غيره من الكتب والمؤلفات الكثيرة التي نشرت عن ثورة 25 يناير بالحس الأدبي والسرد المكاني الأشبه بقصص قصيرة بتكثيف عال لا يخل بموضوع الكتاب.

كراسة بحجم كف اليد كان يحملها "مكاوي سعيد" في جيبه طوال أيام الثورة٬ يكتب ويسجل فيها الأحداث والمشاهد خلال الـ18 يومًا٬ تحمل بين دفتيها حلقة من عمر الوطن في أدق لحظاته لميلاد ثورة 25 يناير 2011.

ويشار إلى أن مكاوى سعيد كاتب وروائي وسيناريست مصري وُلد في القاهرة في 6 يوليو 1956، توفي في 2 ديسمبر 2017.