رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبطال «اعتصام المثقفين»: أطلقنا شرارة ‏الثورة.. وقدمنا نموذجًا للمقاومة

جريدة الدستور


انطلقت شرارة ثورة ٣٠ يونيو باعتصام بسيط لفنانى الأوبرا ضد قرار وزير الثقافة الإخوانى علاء عبدالعزيز بإقالة رئيس الأوبرا وقتها وزيرة الثقافة الحالية الدكتورة إيناس ‏عبدالدايم.‏
الاعتصام الذى بدأ على مسرح الأوبرا وانضم له موظفوها، أنتج بعده بأسبوع اعتصامًا موازيًا بدأ بنواة من كبار المثقفين داخل مكتب الوزير نفسه، وزاد بانضمام شباب ‏المثقفين وفشل مجموعة إخوانية مناوئة تجمعت بجانب سور الوزارة وبادرت بمناوشة المعتصمين، الذين تصدوا لعنف بلطجى الإخوان أحمد المغير. تحرشات الإخوان ‏والتجاوب العام مع المعتصمين، دفعهم لتصعيد مطالبهم من إقالة وزير ثقافة الإخوان - وفق بيانهم الأول- إلى إقالة رئيس الجمهورية الإخوانى محمد مرسى. «الدستور» ‏تسترجع مع أبطال هذا الاعتصام التاريخى حكايات الوقوف فى وجه الإخوان

سامح مهران:‏بهاء طاهر أول مقتحمى مكتب الوزير

قال الكاتب والمؤلف المسرحى الدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون السابق، الذى كان من أوائل محركى اعتصام المثقفين، إنه دُعى قبل التفكير فى الاعتصام لاجتماع حمل اسم «أركان» فى ‏الشيخ زايد، بحضور إيناس عبدالدايم والمهندس محمد أبوسعدة والدكتور أحمد مجاهد والمخرج المسرحى عصام السيد والمخرج السينمائى حامد سعيد.‏
وأضاف «مهران» أنه نظم بعدها مؤتمرًا فى أكاديمية الفنون بعنوان «ضد العدوان على الثقافة المصرية» بحضور الفنان حسين فهمى، ألقى فيه بيانًا، ثم بعدها فكروا فى اعتصام وزارة الثقافة.‏
وأشار إلى أن التخطيط لاقتحام مكتب الوزير تم بالتنسيق من كثيرين جدا، ممن دخلوا الوزارة بالفعل، لكن بهاء طاهر وفتحية العسال كانا أول ما نجحا فى هذا، ثم انضمت أطياف كثيرة و«ركبت على ‏الليلة». وعن الاعتداء على اعتصام المثقفين أكثر من مرة، قال: «أعضاء من مكتبى شخصيا اشتركوا فى ضرب المغير وعبدالرحمن عز، وهذا مصور ومثبت».‏

زين العابدين فؤاد:‏ردينا على خطاب مرسى بـ«الزوربا»‏

نجح الشاعر زين العابدين فؤاد، مستخدمًا كاميرته، فى توثيق ما جرى فى ثورة ٢٥ يناير، وما شهده اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة، التى كانت شرارة ثورة ٣٠ يونيو.‏
وقال «فؤاد» عن ذكرياته حول الاعتصام، إنه يتذكر صورة التقطها لسيدة أرستقراطية أنيقة وجميلة جدًا، لم يكن يعرفها، وبعد نشر الصورة جاءته فى اليوم الثانى، وقالت له: «مقولتليش إنت مين.. هشام ‏طلع عارفك»، ليكتشف بعدها أنها زوجة الكابتن صالح سليم ووالدة الفنان هشام سليم.‏
وتذكر رقصة «زوربا»، التى أشعلت الاعتصام ومنحته حيوية، موضحًا: «جاء هانى حسن وفرقة الباليه المصرى، وقدموا رقصة زوربا فى شارع شجرة الدر أمام الوزارة، فالتف الناس من حولهم، ‏بالتزامن مع إلقاء محمد مرسى خطابه الأخير، وخرج أحد الشيوخ ليقول إن الباليه فن الفجور والدعارة». وتابع: «صورت أيضًا مظاهرة جاءت يوم ١١ يونيو ٢٠١٣ من بولاق، كل من فيها سيدات، كنّ ‏يهتفن: (اكتب على جدران البيت.. جابوا رئيس بإزازة زيت)».‏


مجدى أحمد على:‏ الثورة أنقذتنا من 100 سنة فاشية

قال المخرج السينمائى مجدى أحمد على، الذى كان من أوائل المشاركين فى اعتصام المثقفين، إن هذه الأيام كانت لحظات عظيمة ونادرة، وتمثل موقفًا واضحًا للمثقفين ككل، وليس للفنانين وحسب.‏
وأضاف: «لو فشلت ثورة يونيو وظل الإخوان فى الحكم، كنا رحنا فى سكة تانية خالص، كتلك التى تسير فيها تركيا بوجود شخص مثل أردوغان، يعتقل ١٥٠ و٢٠٠ ألف من المواطنين الأتراك، بينما ‏الغرب يتركه ولا يرفع فى وجهه لافتة حقوق إنسان واحدة، لرغبته فى وجود تنظيمات متطرفة فى بلادنا بهدف تقسيمها».‏
وتابع: «لو ظل الإخوان متواجدين حتى الآن، لبقينا أكثر من ١٠٠ سنة حتى نتحرر من أفكار الفاشية الدينية»، محذرًا من أن «السكوت عليهم والسماح لهم بالوجود مرة ثانية شىء خطير جدًا، لأنهم ‏يتسللون ويكمنون إلى أن تتاح لهم فرصة أخرى».‏
وشدد على ضرورة أن تنتبه الدولة لخطر هذه الجماعات الفاشية، باعتبارها أخطر من إيران وإسرائيل وأى شىء آخر.‏

فتحى سليمان:‏وثَّقت انتفاضتنا فى رواية «قفا المغير»‏

كشف الروائى فتحى سليمان أن خوفه من خيانة الذاكرة، دفعه إلى توثيق شهادته عن الاعتصام فى رواية بعنوان «شـــاى بلبن على سطوح فى الزمالك». وقرأ «سليمان» من روايته: «تناوبنا على مدار ‏‏٢٤ ساعة حراسة المكان. تأتينا الأخبار أن الرجل- يقصد وزير الثقافة الإخوانى- يبحث عن مكان يمارس منه مهام وظيفته المُجمدة بأمر الشعب، وكنا نسخر منه ومن تاريخه المجهول، ونردد خلف كل من ‏غنى للثورة ونرد التحية للسيارات التى تلوّح بالأعلام».‏
وأضاف: «فى الرابعة فجرًا، عندها بادلنا الصمت أطراف الحديث، وأخذت أختلس النظر إلى وجه محدثتى التى شاركتنا الجلسة منذ منتصف الليل، بدا لى وجهها أكثر وضوحًا، استدرتُ أواجهها وأنا ‏أسترجع كل ما قالت منذ جلوسها بجوارنا». وتابع: «فجيعتها فى وصول الإخوان لكرسى الحكم، نقدها الحاد للمتلوّنين وعاصرى الليمون، فرحتها كطفلة عندما رأينا شباب الاعتصام يطاردون فئران الإخوان ‏على رصيف الكورنيش، صفعة رشا عزب التى تركت بصماتها على قفا أحمد المغير».‏

فتحى إمبابى:‏لا أنسى رقص أعضاء «باليه القاهرة»‏

قال الروائى فتحى إمبابى، إن خصومة المثقفين المصريين مع الإخوان قديمة جدا، لارتباطها بحرية الفكر والقمع، منتقدًا عدم وجود قوى سياسية تستطيع أن تأخذ موقفًا حاسمًا من الجماعة وقتها.‏
وأوضح: «الثقافة المصرية عريقة جدا، وتتناول التابوهات الثلاثة: الجنس والسياسة والدين بشكل راقٍ، كما فى أفلام الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، بجانب الأدب، لذا كان هناك خوف شديد لدى ‏المثقفين وموقف من الإخوان والكتائب التى تقف وراءهم».‏
وقال إنه لا ينسى مشهد المنصة، التى أقيمت أمام الوزارة وشارك فيها، وما كان يقدم عليها، بجانب رقص أعضاء فرقة باليه أوبرا القاهرة فى الشارع، والتفاف الناس حولهم، مضيفًا: «لا يوجد عمق ‏وارتباط بالفن أكثر من هذا، فالقضية ليست إسلامًا أو عريًا، لكن الفن هو هوية وشخصية المصريين».‏
وفسر: «نحن من نرقص الباليه، ونحن المرأة التى تشارك زوجها العمل فى الحقل بدون أن تكون مصدر شهوة أو إغراء».‏

محمد العدل:‏خالد صالح وشريهان أكبر المتبرعين

رأى المخرج محمد العدل أن اعتصام المثقفين كان بمثابة أول مسمار فى نعش الإخوان، فقد ظللنا لمدة ٣٥ يومًا بمقر الوزارة، وشكلنا لجنة للإعاشة كنت مسئولًا عنها، ولجنة (الميديا)، ولجنة تحضير ‏الوجبات الغذائية للمعتصمين، وكانت تتكلف يوميًا من ٥ إلى ١٥ ألفًا، ولجنة للبيانات الإعلامية».‏
وأشار إلى أن المخرج ناصر عبدالمنعم كان مسئولًا عن حركة المسرح أمام مقر الوزارة، هو وكريم نجل الفنان سامى مغاورى، كما كان الفنان الراحل خالد صالح مسئولا وداعمًا للإعاشة ومتابعة تأجير ‏المسرح الثابت أيام الاعتصام، الذى كان يتراوح بين ٢ و٣ آلاف جنيه فى اليوم. وأضاف: «دفعنا ذلك لفتح باب التبرع للإنفاق على كل ذلك، وكان الفنانون الراحل خالد صالح وشيريهان وإسعاد يونس ‏والمخرج خالد يوسف، أبرز الداعمين للتبرعات». وأشاد بأدوار الروائيين بهاء طاهر وصنع الله إبراهيم، والفنان نبيل الحلفاوى، والكاتبة فتحية العسال، والشاعر سيد حجاب، والكاتب عمار على حسن، ‏والموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى.‏

أحمد فؤاد درويش:‏«الإرهابية» خططت لتحويل الأوبرا إلى مقر لـ«الإرشاد»‏

اعترف أحمد فؤاد درويش، المخرج وكاتب السيناريو، بمشاركته المتأخرة فى الاعتصام، وتحديدًا يوم انطلاق مسيرة من وزارة الثقافة شارك فيها كل فنانى ومثقفى الوطن. وقال: «وصل بهم الأمر فى ‏سعيهم لتغيير وطمس ملامح الهوية والشخصية المصرية، إلى محاولة تحويل دار الأوبرا إلى دار للإرشاد واتخاذها مقرًا لهم بديلًا عن مقرهم فى المقطم، وهو ما يعنى إلغاء كل فنون الأوبرا من غناء ‏وموسيقى وباليه، وجعل مسارح الأوبرا وقاعاتها مقرًا لندوات التوعية والدورات التدريبية التى ينظمونها لقياداتهم الجديدة».‏

محمد فاضل:‏اعتصام حضارى يليق بمستوى الفنانين

تجاوز المخرج محمد فاضل فكرة أن اعتصام الفنانين والمثقفين بوزارة الثقافة كان احتجاجا على وزير الثقافة وقتها علاء عبدالعزيز، باعتباره وزيرًا غير مؤهل لهذا المنصب، إلى أنه جزء من احتجاج ‏المصريين ضد السياسات غير المسئولة للجماعة.‏
ورأى «فاضل» أن الفنانين قادوا الاعتصام لأنهم قوة نضالية ولديهم رؤية مستقبلية للتغيير إلى الأفضل، مضيفًا: «كان اعتصامًا يليق بمستوى الفنانين المصريين، خاصة أنه نظم بدقة». وأوضح: «لم ‏يشهد أى خروج أو سلوك غير سوى، كتشويه مبنى الوزارة أو تكسيره أو توجيه السباب لأحد».‏

سامح الصريطى:‏انتفضنا ضد الجماعة و«الجيران» دعمونا

رأى الفنان سامح الصريطى أن اعتصام المثقفين والفنانين كان يعكس الشعور بنبض الشارع والتعبير عنه.‏
وقال إن مطلب إقالة وزير الثقافة الإخوانى علاء عبدالعزيز أو عودته عن قراراته الصادمة للهوية المصرية كان سببًا مباشرًا يخفى السبب الأكبر– الذى برز بتجاوب الشارع- وهو إزاحة الجماعة التى ‏تجرأت على تغيير هوية مصر ومحو شخصيتها. وأبرز «الصريطى» تجاوب الجماهير المحيطة بالوزارة، وتشجيعهم للاعتصام، لافتًا إلى أن شعار وهتاف الاعتصام كان واحدًا وهو «تحيا مصر».‏

جابر عصفور:‏نحن أصحاب أول بيان طالب المعزول بالاستقالة

قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن الاعتصام كشف عن رفض المثقفين بشكل عام لوجود الإخوان فى الحكم، باعتبارهم داعمين للدولة المدنية الديمقراطية، ورافضين لأى شكل من ‏أشكال الدولة الدينية. وأضاف «عصفور»، الذى كان يتردد على الاعتصام يوميًا: «كان بيننا عدد كبير من أعضاء اتحاد الكتاب، وعلى رأسهم الكاتب محمد سلماوى، رئيس الاتحاد آنذاك، الذى عقد اجتماعا ‏وقرر إرسال مذكرة إلى محمد مرسى، مطالبين إياه بالاستقالة، وكان هذا هو أول نص يصدر عن هيئة فى مصر، أيًا كانت، سواء نقابة أو غيرها تطالب مرسى بالتنحى».‏

سعيد الكفراوى:‏خرجنا لإزاحة الماضى والتطلع لـ«دولة مدنية»‏

وصف القاص سعيد الكفراوى اعتصام المثقفين بأنه «كان تعبيرا عن لحظة تسعى فيها مصر لتغيير وجود ماضٍ، وتتطلع نحو مستقبل». وقال «الكفراوى»: «كان المثقفون فى تلك الأيام يمتلكون رؤية ‏حقيقية على مستويات عدة، الأمل فى التغيير، واستبصار وانتظار ثقافة أخرى غير التى كانت، بجانب محاولة إيجاد وحدة ثقافية تقاوم تجاوز النظام السياسى». وأضاف: «استهدفنا فرض قيم آمنت بها الثقافة ‏المصرية، مثل الاستنارة والسعى لدولة مدنية ومقاومة الإسلام السياسى، واستظهار قيم الدولة المدنية المطلوبة، مثل حرية التعبير وثقافة مستنيرة وسيادة القانون».‏