رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. العقاد أديب الضعفاء الذي تنبأ به محمد عبده

العقاد
العقاد

رغم أنه لم يتحصل إلا علي الشهادة الإبتدائية٬ إلا أن ميراثه الثقافي يوصف بالضخم، متنوع ما بين الفكر والفن والأدب٬ "عباس محمود العقاد" عملاق الأدب العربي٬ والذي تحل اليوم ذكري ميلاده الــ129.

في طفولته تنبأ الإمام"محمد عبده "بعبقرية العقاد٬ وبحسب ما يروي العقاد نفسه عن ملابسات الظروف التي جمعته بالإمام عبده:"هذا الرجل كان في زمانه يعتبر أكبر شخصية إسلامية٬ في العالم كله لا في مصر فقط. وكان من عادته أن يزور أسوان في الشتاء٬ وتصادف أن حضر الشيخ محمد عبده لدروس أبناء بلدتي٬ وكان درس هذا اليوم في الإنشاء".

يتابع العقاد:" وأذكر أن أستاذي الشيخ "محمد فخر الدين" أخذ مني كراسة الإنشاء وعرضها على الشيخ محمد عبده، في ذلك الوقت كانت موضوعات الإنشاء تدور عادة حول المفاضلة بين شيئين٬ أيهما أفضل الذهب أم الحديد٬ الغني أم العلم٬ الحرب أم السلم.. ألخ هذه الموضوعات٬ وكان من عادتي أن أختار أضعف الطرفين.

فإذا كان الموضوع الذهب أم الحديد فكنت أختار دائما الدفاع عن الحديد٬ الحرب أم السلم كنت أختار الدفاع عن الحرب٬ والغرض هو إظهار القدرة علي الدفاع عن الضعيف٬ الجانب الذي حججه أضعف أجتهد أن أقويها بقدر الإمكان. الموضوع الذي قرأه الشيخ محمد عبدة في ذلك اليوم كان موضوع الحرب والسلام.

وسألني بإسلوب الآباء والأساتذة الكبار وهم يخاطبون التلميذ الصغير: كيف تفضل الحرب؟ وأخذ يناقشني في فضائل السلم٬ وتسفيه الحرب وإظهار أضرارها٬ فلم أشعر أنني أمام رجل لا نظير له في العالم الشرقي وأستمريت في مناقشته٬ فابتسم ووضع يده علي كتفي٬ وخاطب الشيخ محمد فخر الدين، وقال له هذه العبارة التي أحفظها بنصها وحركاتها وهي:" ما أجدر بهذا أن يكون كاتبا بعده" بضم الدال لم يكن بالتسكين. وبقيت هذه العبارة بلهجتها في ذاكرتي إلي أن سمعت خطب "سعد زغلول " فرأيته دائما يقف علي الحركة لا على السكون ويهرب من المثل الشائع" سكن تسلم" بمعني أن تختم بالسكون حتي لا تخطئ.

استدللت من العبارة صراحة هذه المدرسة كلها٬ لأن مدرسة سعد زغلول هي مدرسة الأستاذ الإمام محمد عبده.

ويؤكد العقاد: هذه الواقعة كان لها أثر كبير في نفسي خصوصا أنني كنت أقدر محمد عبدة٬ وأسمع عنه كثيرا في بلدنا لمآثره الخاصة التي وصلت إلي أسوان، كما وصلت إلي غيرها من البلدان.

وعن حجة ومنطق العقاد في دفاعه عن الحرب في النقاش الذي دار بينه وبين محمد عبده، يقول: قلت أن الحرب مجال لإظهار التضحية والبطولة٬ وأنها تجدد حركة النشاط في المجتمع٬ وتقضي علي الضعيف وتبقي الصالحين.