رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"عملية إنقاذ".. كيف نعالج أخطاء مونديال روسيا 2018؟

جريدة الدستور

خيبة أمل كبيرة أصابت المصريين عقب الظهور الباهت والنتائج المخيبة للآمال لمنتخبها فى مونديال موسكو، ما تسبب فى ثورة جماهيرية عريضة على صفحات التواصل الاجتماعى، رفضا لهذا المستوى الذى ظهر به معظم لاعبى الفريق، بالإضافة إلى التساؤلات الكثيرة حول مسئولية الإدارة الفنية عن الهزائم.
وبحنكة ومكر شديدين نجح هانى أبوريدة، رئيس اتحاد الكرة، فى إخماد الاعتراضات عبر نشر معلومات غير حقيقية، تدور تارة حول بقاء هيكتور كوبر كمدير فنى للمنتخب، أو الاستعانة بحسام البدرى للقيام بالمهمة تارة أخرى، وهو ما فتح باب الجدل والمعارك الجانبية حول الأشخاص بدلا من التركيز على الموضوع. وبعيدًا عن هذا العبث، والتشتيت المتواصل، تبحث «الدستور» فى السطور التالية عن الآليات والحلول التى تستطيع من خلالها الكرة المصرية استغلال الإمكانيات الحقيقية للمواهب التى تملكها، للوقوف على بداية الطريق الذى يجعلنا نشارك بقوة فى المونديالين المقبلين ٢٠٢٢ و٢٠٢٦.

الاستعانة بخبير أجنبى أولى خطوات التطوير بعيد المدى.. والتخلص من «مافيا اتحاد الكرة» أهم العقبات
أول خطوة تحتاجها الكرة المصرية للنهوض والسير على الطريق الصحيح، هى الاستعانة بالأسلوب العلمى فى الإدارة والتخطيط للمستقبل، وتجنب سياسات الفهلوة التى يغلب عليها «الجهل» والمحسوبيات.
ولبدء هذه المرحلة، فإننا فى حاجة ضرورية لتفعيل دور المخطط، بضم الميم، أى الاستعانة بمدير فنى لاتحاد الكرة، لا مجرد مدير فنى للفريق الوطنى، مع منح هذا الرجل صلاحيات كاملة لوضع استراتيجية حقيقية للتطوير، وتوفير كل ما يطلبه من إمكانيات دون التدخل فى اختياراته أو محاولة التربح من وراء هذه الخطوات والبرامج التى يضعها.
وعند البحث عن مدير فنى خبير، يمتلك رؤية معاصرة وتصورا للنهوض بمنظومة كروية، فإننا فى حاجة إلى خبير أجنبى، من أصحاب الفلسفة والاستراتيجية والتجارب الكثيرة، أى أننا بحاجة لخبير من عينة ماوريسيو سارى، المدير الفنى لنابولى، أو مارسيلو بيلسا، المدير الفنى الجديد لنادى ليدز يونايتد.
هذه الأسماء وما يماثلها اشتهرت بالقدرة على التخطيط والابتكار والإبداع، ولم ترتبط أسماؤها بالبطولات الكبيرة والإنجازات الضخمة فقط، لأنها تعمل بشكل دائم مع إمكانيات أقل، وظروف مشابهة للحالة المصرية.
ومع هذا المدير الفنى لاتحاد الكرة، سنحتاج إلى فريق عمل كامل يساعده، يضم رجالا أكاديميين دارسين ومؤهلين، وآخرين من نجوم ولاعبى كرة القدم، من أصحاب التجارب الاحترافية الناجحة، أمثال أحمد حسن، وأحمد حسام ميدو، وعبدالظاهر السقا، وحازم إمام، مع إمدادهم بما ينقصهم من خبرات.
فريق العمل الكامل الذى يقوده خبير أجنبى، يجب أن يتقاضى أجرًا ملائمًا نظير ما يقدمه، حتى لا يتذرع أحدهم بحجة التطوع، وهو ما قد يحقق نقلة تاريخية للكرة المصرية.
هل يمكن أن يستجيب أحد لهذا المقترح؟.. الوزير قال لكاتب هذه السطور بشكل شخصى: «سنبدأ مناقشة الأمر عقب المونديال»، ومن جهتى أتمنى لو أفلح فى ذلك، وإن كان الشك يظل قائما فى ظل وجود شبكة من الشخصيات القاتلة فى الجبلاية.

النتائج السريعة تتطلب الاستعانة بمدير فنى مصرى ذى شخصية أبوية
الخطوة السابقة تتحدث عن خطوة البناء التى يمكن أن نجنى ثمارها على المدى البعيد، لكن ماذا عن الوقت الحالى؟.
أولى خطوات التطوير حاليا تتمثل فى اختيار المدير الفنى الجديد الذى سيقود الفريق فى الفترة المقبلة، وهو ما يعد عقبة كبيرة حاليا، فى ظل الجدل حول هوية هذا الشخص، وأولوية الاستعانة بمدير فنى مصرى، مقابل الاستعانة بآخر أجنبى.
المدرب الأجنبى من جهة يحتاج إلى الوقت، وسنكون مطالبين بانتظار نتائجه، ومنحه فرصة للتعرف على الكرة المصرية واكتشاف خباياها، أى أن الأمر سيكون مرتبطًا أيضًا بالاستراتيجية بعيدة المدى، وحينها سيكون الحل الأجنبى هو الحل الأمثل.
المشكلة أن المدير الفنى الأجنبى دائمًا ما سيكون تابعًا لشخصية مساعده المصرى، فلا يخفى على أحد تأثير أسامة نبيه السلبى على اختيارات كوبر، فمهما كان الأجنبى ذا خبرة واستراتيجية، فإنه دائمًا ما يشعر بالغربة ويحتاج لصديق من الداخل ينير له الطريق، ما يجعله يقع فى أسر التبعية ولو بنسبة قليلة.
أما عن أهم العوامل التى تجعلنا بحاجة إلى مدرب مصرى فهى نوعية اللاعبين الذين يحتاجون إلى مدرب يتعامل معهم بأبوية، قبل أن يكون مدربًا، عبر استخدام فلسفة الأخ الأكبر أو كبير العائلة، قبل أن يكون بينهم رئيسا للعمل، يملك أوراق كل شىء بيده.
فى هذا الإطار، نحتاج إلى رجل للم الشمل، وخلق حالة الود والتأهيل النفسى كما فعل حسن شحاتة من قبل.
ومن الخطأ أن يعتقد البعض أن معسكرات حسن شحاتة لم تشهد أزمات من نوعية ما فعله حسام غالى مع أسامة نبيه، أو ما وقع فيه باسم مرسى، لكن طريقة التعامل الأبوى كانت تتناسب مع عقلية اللاعب المصرى، لذا فإنه نجح فى خلق روح العائلة، وعالج مشاكله بطريقة جعلت اللاعبين يؤمنون به وبقدراتهم على تحقيق الإنجاز.
حاجتنا الملحة للوصول إلى نهائيات أمم إفريقيا المقبلة التى ستقام بالكاميرون ٢٠١٩، لا تترك أمامنا مجالًا لتجريب مدرب جديد، يسعى للبحث عن شكل وخطة تحتاج وقتا طويلا، ربما تضيع معها فرصة الصعود من الأساس، فى حين سيكون وجود مدرب مصرى يعرف إمكانيات لاعبينا، ويملك مفاتيح التعامل معهم أسهل وأضمن لوصولنا إلى البطولة المقبلة، ودخولنا منافسات كأس العالم ٢٠٢٢، فقط إذا نجح فى تقديم شىء جيد بأمم إفريقيا.
وعند النظر إلى اختيار شخص المدير الفنى الجديد، فيجب علينا خلع ثوب المجاملات، أى أن يكون اختيارنا قائما على الكفاءة لا الصداقة، وأن نتجرد من جلباب التعصب والعنصرية، فلا مجال للحديث عن أهلاوى وزملكاوى.

رحيل العواجيز ضرورة قصوى.. والتخلص من الفاشلين يفتح المجال للمواهب الشابة
إلى جانب هذه الخطوات الاستراتيجية، تحتاج الكرة المصرية إلى خروج بعض الأسماء، وكتابة فصل النهاية بينها وبين المنتخب الوطنى، وأول هذه العناصر هو عصام الحضرى، الحارس الذى أرهقه العمر، ولا يزال يلعب من أجل المال، لذا مثل وجوده الدائم فى معسكرات الفراعنة محركا للأزمات والخلافات، بسبب رغبته الدائمة فى المشاركة.
الحضرى قبل أى معسكر أو بطولة يقول إنه مستعد للذهاب لحمل الحقائب، لكنه داخل المعسكر يتعارك من أجل المشاركة ومداعبة الكاميرات، رغم أنه ظهر ضعيفًا فى كل مباريات المنتخب التى شارك بها فى التصفيات، ولولا قلة الاختبارات التى تعرض لها أمام الخصوم، ما كان له وجود بين الحراس الثلاثة فى الأساس، لذا يجب خروجه نهائيا من الحسبة.
ثانى الأسماء التى يجب استبعادها من الحسابات تمامًا هو محمد عبدالشافى، الذى كان إحدى أهم نقاط الضعف طوال السنوات الأخيرة، خاصة مع الأرجنتينى هيكتور كوبر، فلم نر شيفو فى أدوار هجومية منذ أكثر من عامين، عوضًا عن فشله دفاعيًا، وكونه ثغرة تستقبل منها مصر كثيرا من الأهداف.
أما ثالث الأسماء المتوقع خروجها فهو عبدالله السعيد، الذى تراجع مستواه بصورة كبيرة، رغم أنه أذكى اللاعبين المصريين حاليا، إلا أنه يعانى البطء والتراجع البدنى الكبير بفعل تقدم عمره، كما لم يعد قادرًا على حمل الفريق، لذا عليه إفساح المجال أمام الأسماء الشابة مثل ناصر ماهر وأحمد حمدى وإبراهيم حسن.
الفريق الوطنى بحاجة لتطهير صفوفه من أنصاف وأرباع الموهوبين الذين يذهبون إلى المعسكرات كمالة عدد، ولا يكون لهم دور سوى صناعة المواد المضحكة كأنهم بهلوانات فى سيرك.
بوضوح أقول إننا نحتاج لاستبعاد سعد سمير، الذى صار عبئًا على فريقه وعلى المنتخب، ومنح الوجوه الشابة من أمثال عبدالله البكرى، ومحمود الونش، ومحمود متولى فرصة للظهور، بالإضافة إلى كثير من الأسماء التى تتألق فى الدورى المصرى، بدلا من الأراجوزات.
وبالمثل جاء الوقت لإغلاق صفحة عمر جابر، وأولئك الذين يذهبون إلى المعسكرات ليحصلوا على حقيبة الملابس الجديدة المقدمة من الشركة الراعية، ومصاريف الجيب، ثم يعودون من المعسكر دون أى بصمة حاضرة، سوى الصور التذكارية والاستمتاع بالتجول فى أفضل الأماكن السياحية، فهؤلاء جميعا باتوا عبئًا علينا وعلى الكرة المصرية.