رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النيابة تكشف أسرار «إمبراطورية الكتعة» للاتجار في الأطفال بالدرب الأحمر

جريدة الدستور

- المتهمة تبرر خطف الصغار بـ«بكسب ثواب».. وتتعاون مع 3 من أزواجها السابقين فى ارتكاب الجرائم
- المتهمة: سجلت الأطفال بأسماء أزواجى السابقين حماية لهم من التشرد
- تحريات المباحث: أجبرت الأطفال على التسول وحصلت منهم على متحصلات عملهم


حصلت «الدستور»، على نص تحقيقات أخطر قضايا استغلال الأطفال، المعروفة إعلاميا بـ«قضية كتعة الدرب الأحمر»، وتحمل رقم «٩٨٨» لسنة ٢٠١٧.
وكشفت تحقيقات النيابة تفاصيل استقطاب الأطفال لاستغلالهم فى التسول، بجانب الاتجار فى بعضهم، بواسطة المتهمة الأولى «مريم.أ» والمتهم الثانى «محمد.ح» والثالث «سيد.ص»، إذ زوروا محررات رسمية للأطفال، وغيروا أسماءهم ونسبوهم إلى أنفسهم.

الضحية: رفضت التسول فعذبتنى بـ«سكين مشتعلة».. واستولت على راتبى لمدة 3 سنوات
بداية السقوط الكبير لـ«عصابة الكتعة» كانت «مكالمة هاتفية»، قادت شاهد الإثبات «إبراهيم. س»، مالك «سنترال خاص»، ٥٢ سنة، إلى الإيقاع بالتشكيل العصابى.
وقال شاهد الإثبات إن طفلة تدعى «نعمة.م»، حضرت إليه، وطلبت منه التحدث فى التليفون، وأثناء المكالمة سمعها وهى تقول لزميلتها: «مش هتيجى تخدينى»، ثم انهمرت فى البكاء.
وأضاف: «بكاء الطفلة كان ملفتًا، فأسرعت إليها على الفور لسؤالها عن السبب، فأجابت بأنها لا تعلم أسرتها فعاشت فى الشارع، إذ أخذتها السيدة التى تعيش معها الآن، والتى تتعدى عليها دائما بالضرب وتعذبها، إذا ما رفضت النزول للعمل وجلب المال لها».
وبعد سماعه لقصة الطفلة، اصطحبها إلى منزله، لكى تستريح، ثم توجه إلى القسم للإبلاغ عن الواقعة.
أما الطفلة «نعمة»، ١٣ سنة، فقالت إنها كانت تعيش مع والدتها، لكن مع عدم وجود أموال للإنفاق عليها، تركتها الأخيرة مع صديقتها لكى تربيها وتتكفل بها، التى بدورها تركتها فى الشارع، لتواجه مصيرها وحيدة.
وأضافت: «بعد فترة من تجوالى فى الشوارع، لم أجد مكانا لأنام فيه، حتى ظهرت لى سيدة، تدعى (مريم الكتعة)، اصطحبتنى لكى أعيش معها وأجبرتنى على التسول، لأبيع مناديل فى إشارات المرور، وذات مرة ألقت الشرطة القبض على، وتحرر لى محضر تسول».
ولذلك، وحسب ما ترويه الطفلة، واجهت «الكتعة» وأخبرتها بأنها لن تتسول مرة أخرى، فما كان منها إلا أن ضربتها ووضعت سكينًا على النار ثم حرقتها بها فى قدمها، وطلبت منها بعد ذلك أن تعمل فى مصنع، حتى تتفادى إلقاء القبض عليها مرة أخرى بتهمة التسول، بشرط أن تحصل هى على الراتب.
وبالفعل عملت «نعمة» لمدة ٣ أعوام فى المصانع، حتى أصبح راتبها الآن مائتين وخمسين جنيهًا فى الأسبوع، تستولى «الكتعة» عليها.
واعترفت الطفلة، التى لم تتخط عامها الخامس عشر، بأنها حاولت الهرب من بيت «الكتعة» أكثر من مرة، ولكن كانت تفشل طوال الوقت، ما تسبب فى ضربها وتعذيبها مرات عديدة، لكن منذ شهر تقريبا، نجحت أخيرًا فى الهرب، إلا أنها عادت من جديد، لأنها لم تجد مكانًا آخر تقيم فيه، ثم طلبت من سيدة عجوز كانت تعمل معها فى المصنع، أن تعيش معها، فوافقت على الفور.
حينها قررت الطفلة الهروب، وذهبت إلى السنترال لتتصل بزميلتها فى المصنع لتخبرها بأنها فى طريقها إلى منزلها، إلا أنها فوجئت برفضها استضافتها، فلم تتمالك نفسها، ودخلت فى نوبة بكاء، فشاهدها مالك السنترال، فسألها عن سبب بكائها فأخبرته بالقصة كلها- حسب ما جاء فى نص التحقيقات.

تنسب الأطفال لنفسها بشهادات ميلاد مزوَّرة.. و«الطب الشرعى»: لا تنجب
قالت عبير حسن، تعمل فى مصنع خياطة ملابس، إحدى الشهود والضحايا، إنها مقيمة فى المنزل، مع «نعمة. م. ح»، التى عثرت عليها المتهمة الأولى «مريم.أ»، طفلة، فى منطقة «الحسين»، وأحضرتها إلى ذلك المنزل.
وأضافت: «وفى اليوم التالى أخذتها وذهبت بها إلى مقر عملها فى الحسين، لكن الغريب، أن أحدًا لم يسأل عليها لمدة ثلاثة أيام، لأفاجأ بمريم تتصل بطليقها (محمد.ح)، وتخبره بأنها ترغب فى استخراج شهادة ميلاد للطفلة».
وبالفعل، ذهب الاثنان بصحبة الطفلة فى اليوم التالى إلى السجل المدنى، وسجلاها باسمهما، ثم ترك «محمد» الطفلة مع «مريم»، التى عادت إلى المنزل، وعاشت فيه حتى هربت.
وكشفت اعترافات المتهم «محمد.ح»، عامل أنابيب، ٤٥ سنة عن أنه متزوج من المتهمة «مريم.أ»، منذ ١٦ عامًا، ثم انفصلت عنه قبل ١٠ سنوات، لافتًا إلى أنها اتصلت به، وأخبرته بالعثور على الطفلة، وترغب فى استخراج شهادة ميلاد لها.
وأضاف: «ذهبت إلى مكتب الصحة، وسننتها، ثم حررت لها محضر (ساقط قيد)، واستخرجت لها شهادة ميلاد رسمية، باسم (نعمة)، وسلمتها إلى مريم مرة أخرى».
وأمام هذه الاعترافات، أقرت المتهمة الرئيسية «مريم. أ. س»، ٥٠ سنة، ربة منزل، بأنها عقيم، وتزوجت ٣ مرات، لكنها لم تنجب، فقررت جمع الأطفال من الشارع، بزعم تبنيهم كى تأخذ ثوابهم، ثم استغلتهم فى التسول ليدروا لها أموالا.
وعن «نعمة»، قالت: «عثرت قبل عشر سنوات عليها فى منطقة الحسين، فأخذتها لتعيش معى، وكلمت طليقى وطلبت منه استخراج شهادة ميلاد لها، وهو ما حدث». وأضافت: «فوجئت بالشرطة تحضر إلى المنزل عقب تغيب (نعمة)، وسألونى عليها، وأجبت بأنها ابنتى، ثم أخذونى على القسم، وحرروا لى محضرا». وخلال التحقيقات، أقرت المتهمة بأنها عثرت على طفلة أخرى قبل سنوات تدعى «عبير» فى الشارع، فتبنتها وسجلتها فى شهادة ميلاد باسمها وزوجها السابق «حسن.س.م».
أما «محمود. س»، فقالت إنه ابن طليقها الثالث «سيد.ص»، من زوجة أخرى، رفض تسجيله باسمها لأنها مصابة بمرض ذهنى.
وبررت المتهمة، خلال التحقيقات، كتابة كل من «نعمة» و«عبير» و«محمود» بأسماء أزواجها السابقين، بأن ذلك «أفضل لهم من تشردهم» بالإضافة إلى رغبتها فى أن تربيهم وتكسب فيهم ثوابا، لافتة إلى أنها كانت تعتزم تزويج «عبير» فور بلوغها السن القانونية، ما يعد دليلًا كافيًا على حسن النية.
وتبين من تحريات المباحث الجنائية استغلال المتهمة للأطفال، وإجبارهم على العمل والتسول، وأخذ المبالغ المالية منهم، التى هى متحصلات عملهم، بالإضافة إلى تورطها فى تزوير شهادات ميلاد خاصة بالمجنى عليهم.
واشتركت مع المتهمين الثانى والثالث، بإثبات نسب المجنى عليهم سالفى الذكر لها، على خلاف الحقيقة، لرغبتها فى أن يكون لها أبناء، كونها عاقرا، فيما أثبت تقرير الطب الشرعى، اختلاف البصمة الوراثية للمجنى عليهم جميعا مع البصمة الوراثية للمتهمة الأولى، وأنها لا تنجب.