رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يمين الرئيس.. وشمال «التحالف السياسي المصري»!


 

عادت الحياة إلى طبيعتها وحلف الرئيس اليمين الدستورية أمام مجلس النواب لأول مرة منذ ٢٠٠٥، وهي السنة التي شهدت أول وآخر انتخابات رئاسية قبل انتخابات ٢٠١٤ التي لم يكن لدينا برلمان وقتها، فاضطر الرئيس عبدالفتاح السيسي لأن يحلف اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا. ولو سألتني عن تلك التي جرت في ٢٠١١، أعدك بأن تتلقى الإجابة في ليلة أقل جمالًا من ليلتنا تلك!.

العشرات أو المئات توقفوا أمام الرسائل التي تضمنتها كلمة الرئيس أمام مجلس النواب. أما أكثر ما لفت نظري في هذا اليوم، يوم حلف اليمين، فكانت تلك الرسالة التي وجهها ما يوصف بـ«التحالف السياسي المصري»، إلى الرئيس، بمناسبة بدء فترة توليه رئاسة الجمهورية للمرة الثانية. وفي الرسالة كلام لطيف عن نجاح الرئيس في تثبيت أركان الدولة المصرية وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار للشعب وبناء جميع مؤسسات الدولة خلال فترة رئاسته الأولى. وفيها يعرب التحالف عن ثقته الكاملة في قدرة وكفاءة الرئيس ونجاحه في أداء مهمته في مختلف القطاعات واستكمال المشروعات القومية التي بدأها في ولايته الأولى. مع إشادة بكلمة الرئيس أمام البرلمان عقب أداء اليمين، وما حملته من مكاشفة ومصارحة لجموع الشعب المصري.

هل سمعت شيئًا من قبل عن هذا التحالف، التحالف السياسي المصري؟!.

عن نفسي، لم أسمع وأعتقد أنك ستندهش معي لو عرفت أن هذا التحالف يضم ٤٠ حزبًا، وقبل أن تستوعب الصدمة، وقبل أن تطرح أي أسئلة «غلسة» أنصحك بأن تفتش عن إجاباتها وأنت تتأمل أمام أسماء تلك الأحزاب وأسماء أصحابها: الحزب الاجتماعي الحر برئاسة عصمت الميرغني، والحزب الدستوري الاجتماعي برئاسة تيسير مطر، وحزب شباب مصر برئاسة أحمد عبدالهادي، وحزب الحق المصري برئاسة نيرمين عبدالرحمن، والحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة حسن ترك، وحزب صوت مصر برئاسة نصر سليمان، وحزب البداية برئاسة محمود حسام، وحزب المستقلين الجدد برئاسة هشام عناني، والحزب العربي للعدل والمساواة برئاسة علي فريج، وحزب المواطن برئاسة جمال التهامي، وحزب الغد المصري الجديد برئاسة جيهان الشريف، وحزب نهضة مصر برئاسة أحمد أبوالنصر، و... و.... إلخ!.

لا تشغل بالك بالأسئلة «الغلسة»، لأنك ستجد مئات غيرها تتراقص أمامك، لو عرفت أن هذا الكيان تم الإعلان عنه منذ ستة أشهر تقريبًا، بالضبط في ١٦ ديسمبر ٢٠١٧ وقيل وقتها إن «التحالف السياسي المصري ليس اندماجًا للأحزاب المؤسسة له والموقعة على هذه الوثيقة، ولكنه إطار للعمل السياسي والحزبي المشترك وتنسيق المواقف وتوحيد القدرات والطاقات والإمكانيات المتاحة والعمل على تعظيمها لخدمة الأهداف الرئيسية والثوابت المشتركة المتفق عليها، ويعمل وفقًا لقاعدة الرأي للجميع والقرار للأغلبية مع الالتزام الكامل للجميع بما يصدر عنه من قرارات وتوصيات وبيانات، وأن هذه الوثيقة هي المرجعية لأي خلاف قد ينشأ مستقبلًا، ولا يجوز الاعتماد على أي مرجعية أخرى وأن الحوار الحر الديمقراطي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف لخدمة الوطن والمواطنين».

قد يقودك شيطانك إلى السؤال عن «الوثيقة»، الوثيقة التي قالت الفقرة السابقة إن الأحزاب المؤسسة للتحالف وقعت عليها. وبدلًا من تضييع الوقت ووجع الدماغ وهدر المساحة في الحديث عن تلك «البتاعة»، أقصد الوثيقة، سأفاجئك بأنني وجدت خبرًا منشورًا في ٣١ يناير الماضي، ينفي فيه «المجلس الرئاسي للتحالف السياسي المصري»، صحة ما نشرته إحدى الصحف، عن تأييد التحالف للمرشح الرئاسي موسى مصطفى موسى بعد انسحاب السيد البدوي رئيس حزب الوفد من السباق. وقال التحالف، في بيان، إن هذا الخبر لا أساس له من الحقيقة، وإن التحالف لا دخل له في قرار ترشح موسى. وكان أهم ما في هذا الخبر هو الإشارة إلى أن هذا التحالف يضم ١٠ أحزاب، ستجد أنها صارت ٣٤ في ٢٦ فبراير، حين أكدت الدكتورة عصمت الميرغني، رئيسة الحزب الاجتماعي الحر، أن التحالف سيعقد مؤتمرًا جماهيريًا حاشدًا بأحد فنادق القاهرة لدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي وإعلان تأييده لولاية رئاسية ثانية. ثم زاد العدد إلى ٣٧ في اليوم نفسه، يوم ٢٦ فبراير مع تأكيد المهندس تيسير مطر، عضو المجلس الرئاسي للتحالف، على أن المؤتمر يحمل رسالة للعالم الخارجي بأن المصريين على قلب رجل واحد في مواجهة أعداء الأمة.... إلخ.

اليوم، صار العدد ٤٠ حسب زعمهم، والعدد في الليمون كما يقولون. ولاحظ أننا ما زلنا عاجزين عن معرفة العدد الفعلي للأحزاب المصرية. دراسة عنوانها «خريطة الأحزاب السياسية الحالية» أصدرتها لجنة شئون الأحزاب، في ٢٨ سبتمبر ٢٠١١، ذكرت أن عدد الأحزاب الرسمية ٤٧، منها ٢٣ تم تأسيسها قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، و٢٤ بعدها. وبوابة معلومات مصر، التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقول إنها ٨٣ حزبًا.. وهي ٩٠ حزبًا في دراسة للدكتور أحمد أبوالحسن زرد، عنوانها «النظام السياسي المصري وتحولاته في خمس سنوات (٢٠١١- ٢٠١٦)»، نشرتها الهيئة العامة للاستعلامات. ثم قفز الرقم إلى ١٠٦ طبقًا لما نشرته جريدة «الأهرام»، في ٢١ يوليو ٢٠١٥، نقلًا عن «استطلاعات رأي أجرتها عدة مراكز بحثية ذات ثقة والتي أوضحت أن شعبية الأحزاب والقوى السياسية متدهورة وخارج الخدمة».

السؤال الآن: هل يمكن لهواة الهبد على «الكيبورد»، رد ما سبق إلى المجال العام الذي يزعمون أنه مُوصد، أو إلى الأفق السياسي الذي يقولون إنه انسدْ، أو إلى أي «كلام فارغ» قد يكون مدفوع الثمن، أو ناتجًا عن أمراض نفسية؟

بدلًا من محاولة البحث عن إجابة أو فضيحة، نشير إلى أن الأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، بينها ١٩ لها مقاعد بالبرلمان، ستحصل على جائزة برونزية لو استطعت أن تذكر أسماء خمسة منها، وعلى جائزة فضية لو ذكرت عشرة، ولن تحصل على الذهبية لو كانت ذاكرتك تحتفظ بأكثر من ذلك، لأنني وقتها سأموت من الفرحة أو من «الخضّة»!.