رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يسري أبو القاسم يكتب: 30 صحابيا أنصفهم التاريخ.. الشيماء "أخت الرسول "

يسري أبو القاسم
يسري أبو القاسم

رن هاتف أحد الركاب في القطار وكانت الرنة عبارة عن أغنية للمطربة "سعاد محمد "من فيلم "الشيماء" أولها إنك لا تهدى الأحبة والله يهدى من يشاء.
قالت يارا: هل كانت الشيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم مغنية ياأبى؟ . انزعج الأب وظهر الغضب على ملامحه وقال: لم تكن الشيماء رضى الله عنها مغنيه، كما لم تكن السيدة رابعة العدوية راقصة. لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
نور: احكى لنا يا أبى عن الشيماء وقصتها مع النبى صلى الله عليه وسلم.
الأب: هي الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى من بنى سعد بن بكر بن هوازن. تذكروا كلمة
هوازن
يارا: لماذا؟
الأب: ستعرفون بعد قليل.
الأب: أم الشيماء هي السيدة حليمة السعدية، نسبة إلى بنى سعد، وكانت من ضمن
المرضعات اللاتى جئن إلى مكة لأخذ الأطفال الرضع، وكان من بين الأطفال محمد
بن عبد الله.
نور: وكل المرضعات رفضن أخذ محمد لأنه يتيم.
الأم: ولم تجد حليمة ماتأخذه من الأطفال، فعادت إلى زوجها الحارث بن عبد العزى،
وقالت أخشى أن أعود بين صويحباتى دون رضيع، لأرجعن إلى ذاك الطفل اليتيم
وأعود به
يارا: وذهبت حليمة السعدية إلى بيت آمنه، ثم عادت بمحمد، وببركته نزل اللبن في صدرها
فاطعمته هو وابنها، وأسرعت دابتها العرجاء في العودة، حتى سبقت دواب بنى سعد
وعمت البركة على بيت حليمة السعدية.
اللأب. كم أنا فخور بكما
نور: ونحن أيضا فخورون بك يا أبى ولكن أين الشيماء في القصة وماعلاقتها بالغناء؟
الأب: الشيماء هي بنت السيدة حليمة السعدية، وكانت تكبر النبى بخمس سنوات تقريبا،
وكانت تقوم على رعايته، مثل أى طفلة تهتم بأخيها الصغير، تداعبه وتحمله وتجرى
معه. قضى النبى _صلى الله عليه وسلم _ خمس سنوات في بيت حليمة، ولقد وضحت
من قبل أنه تاخر لهذه المدة بسبب خوف والدته عليه من وباء انتشر في مكة. بما يعنى
أن الشيماء كانت قد بلغت العاشرة.
وهنا سننتقل إلى خمس وخمسين سنة حيث السنة الثامنة من الهجرة والنبى صلى الله
عليه وسلم يدخل مكة التي طرد منها فاتحا. ومعه عشرة آلاف مسلم. وها هو صلى الله
عليه وسلم يقول لأهلها اذهبوا فأنتم الطلقاء.
يارا ونور والأم: صلى الله عليه وسلم
الأب: ولما استقام الأمر للمسلمين وفتح النبى مكة اغتاظت هوازن
نور: هوازن.
يارا: قبيلة الشيماء.
الأب: نعم لذا قلت لكنّ تذكروا هذا الأسم. قام مالك بن عوف النضرى بجمع فرسان
قبيلته من هوازن، وتحالف مع قبيلة ثقيف، وجمعوا ثلاثين ألف فارس لغزوا مكة،
ويهزموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر مالك أن يكون في الجيش كل نساء هوازن
وأبناؤها وبقرها وغنمها وكل ما يمتلكون.
الأم: لماذا؟
الأب: لانه كان يعلم قوة المسلمين، وكان يخشى أن يفر جنوده من المعركة، رغم أن عددهم
ضعفى عدد المسلمين. ولما علم النبى صلى الله عليه وسلم، تجهز لقتالهم، وهنا يتضح
لنا ان غزوات النبى كلها لم تكن إلا للدفاع، وبعد النصر يكون التسامح الذي يدفع
الخصوم إلى الدخول في الإسلام طواعية دون اكراه، فدارت الحرب في حنين.
نور: اين تكون حنين ولماذا في حنين؟
الأب: حنين هو مكان بين هوازن ومكة. فالنبى صلى الله عليه وسلم، بحكمة القائد فضل أن
تكون الحرب بعيده عن مكة، لأن أهل مكة بالأمس كانوا مشركين، فمن الممكن أن
يرجعوا إلى شركهم ويحاربوا مع هوازن. ولذا أخذ الذين أسلموا من مكة معه في حنين
حتى يضمن ألّا يخونه أحد في مكة. . وأثناء السير إلى حنين أعجب فرسان المسلمون
بقوتهم، حتى إن أحدهم قال لن نهزم اليوم من قلّه. أى أن عددنا كبير جدا ولا يمكن
أن نهزم وكان جيش المسلمين وقتها اثنى عشر ألفا. دارت المعركة فانهزم المسلمون في
بدايتها، بسبب الكمين الذي صنعه لهم مالك وجيشه، بالتّخفى خلف الأشجار ولم يبق
حول النبى إلّا عشرة كان تسعة منهم من بنى عبد المطلب، وأيمن بن أم أيمن، ثم نادي
النبى في المسلمين، ونادى عمه العباس فعاد المسلمون، وانتصروا على هوازن، التي فرّ
فرسانها وبقيت نساءهم وأطفالهم وغنائمهم. فتحركت امرأة من بين النساء،
فسألها بعض الصحابة إلى أين؟ فقالت: إلى محمد فأنا أخت صاحبكم. فأخذوها للنبى
صلى الله عليه وسلم، فقالت له يا محمد أنا أختك الشيماء بنت الحارث. فعرفها النبى
ورحب بها ثم فرش لها رداءه وأجلسها.
الأم: الله على كرم رسول الله. رغم أنها جاءت مع قوم معتدين.
الأب: نعم، ثم قال لها إن أحببتى فأقيمى عندى محببة مكرمة. وإن أحببتى أن تعودى إلى
قومك أوصلك. فاختارت أن ترجع إلى قومها. ثم دعاها للإسلام فاسلمت بين يديه
صلى الله عليه وسلم، فاعتق النبى كل بنى سعد اكراما للشيماء، ولمّا جاء كبراء هوازن
أطلق كل أسراهم فدخلوا في الإسلام. ولما مات النبى صلى الله عليه وسلم، ارتّدت هوازن
فوقفت لهم الشيماء، تدعوهم بأن يعودوا إلى الإسلام فعادوا موحدين. هذه هي الشيماء
الصحابية الجليلة والشاعرة الفصيحة أخت النبى من الرضاعة وليست المغنية التي صورتها
لنا الدراما.
نور ويارا والأم: رحم الله الشيماء

من كتاب "30 صحابيا أنصفهم التاريخ".