رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معبود الجماهير.. أيام الوعظ والسلطنة «17»

محمد الباز يكتب: كشك صانع أكذوبة حسن البنا.. «اللي اختشوا ماتوا»

محمد الباز
محمد الباز

كشك كان داعية فى مدرسة «الإخوان».. وكان دجالهم الأكبر حسن البنا هو مرشده ‏وقدوته

الشيخ ادعى أن مؤسس «الإرهابية» قاد الجيوش إلى فلسطين وقاتل اليهود وجدد شباب ‏الإسلام

كشك كان أهم لدى الجماعة من قياداتها الرسميين المعلنين المعروفين لأنه كان المتحدث غير الرسمى باسمها

قد تحيط بك الدهشة والاستنكار، وتسارع إلى اتهامى بالجنون، إذا وجدتنى أسالك: أيهما أكثر تدينًا من الآخر: الشيخ كشك أم المطرب أحمد عدوية؟. ‏
لن تجيبنى عن سؤالى، أليس كذلك؟. ‏
وإذا حاولت أن تفعل ذلك، فحتمًا ستسبق أى كلام لك بالاستغفار، وربما تطلب لى الهداية وتطالبنى بأن أستغفر الله عن مجرد طرح الفكرة. ‏
لكن ما رأيك أن نتحدث معًا بالمنطق؟ واسمح لى أن أضع أمامك سؤالًا آخر: ما الذى يجعلك تستبعد أن يكون أحمد عدوية أكثر تدينًا وقربًا إلى الله من الشيخ عبدالحميد كشك؟. ‏
هل لأن كشك كان واعظا وعدوية كان مغنيا؟.‏
هل لأن كشك كان يعمل فى المساجد ويتحدث إلى الناس من فوق المنابر، وعدوية يعمل فى الأفراح والكباريهات ويغنى من فوق المسارح؟. ‏
هل لأن كشك كان يعظ الناس بما قاله الله ورسوله، وعدوية يغنى كلمات يعتبرها البعض هابطة ومبتذلة؟. ‏
هل لأن كشك كان يستعرض على الناس بطاعته لله وعمله لخدمة الإسلام باعتباره مبلغًا لرسالات الله كما قال هو، وعدوية لا يرجو من الله إلا الرحمة والمغفرة والغفران؟. ‏
يمكن أن نشير إلى مقارنات كثيرة بين الواعظ والمغنى، وكلها تبدو من ظاهر القول فى مصلحة الشيخ وضد المطرب، لكن ولأن الله أعلم بالنوايا ومطلع على السرائر، فلا يمكننا أن نجزم نحن ‏بشىء، لا يمكننا أن نقول إن كشك أقرب إلى الله من عدوية، أو إن عدوية أفضل عند الله من كشك، كلها أمور غيبية لا نستطيع أن نتدخل فيها، وقد يكون من حقنا فقط أن نتساءل، أو نقول ما نعتقد ‏أنه منطقى. ‏
فأن تكون عالمًا فى الدين فهذا لا يعنى أنك أكثر تقوى من الآخرين. ‏
عندما تكون حافظًا للقرآن ومطلعًا على سنة وسيرة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، ومتبحرا فى العلوم الشرعية المختلفة، وتستخدم هذا كله فى وعظ الناس وتعريفهم بأمور دينهم، لا يعنى ذلك ‏أنك أكثر منهم إيمانًا أو تقوى أو قربًا أو حظوة عند الله، ولكن يعنى فقط أنك أكثر علمًا منهم، والعلم فى نهايته وظيفة يمكن ألا تؤهلك من الأساس لتدخل رحمة الله، فى الوقت الذى قد يكون أمامك ‏عبد لا يكاد يفقه شيئا مما تقوله، يكون أفضل عند الله كثيرا منك، لأنه يعرف الله حق المعرفة، ولأنه يؤدى ما عليه لله دون أن يمن عليه بطاعته له. ‏
هل أدلكم على طريق آخر يمكن أن نسير عليه ونحن نبحث عن إجابة لتساؤلاتنا عن أيهما أقرب إلى الله كشك أم عدوية؟. ‏
هذا الطريق هو طريق الإخلاص، فأيهما كان يعمل مخلصًا لله؟، لم يكن ما فعله كشك كله لوجه الله، كان يقصد به خدمة جماعات أخذت من الإسلام مطية لتحقيق أهدافها، أما عدوية فأغلب الظن ‏أنه كان يحاول أن يسعد الناس وأجره على الله، صحيح أنه كون ثروة هائلة من غنائه، وإدخاله السرور على قلوب الناس، لكنه لم يتطاول على أحد، ولم ينصّب نفسه حكمًا على دين الناس وقربهم من ‏الله، كما فعل كشك. ‏
لا أفارق الواقع أو ما جرى على الأرض عندما أقول لكم إن كشك لم يكن داعية فى مدرسة محمد، صلى الله عليه وسلم، كما كان يدعى ويخدع الناس، بل كان داعية فى مدرسة الإخوان، وكان ‏دجالهم الأكبر حسن البنا هو مرشده وقدوته الذى يسير على خطوه وخطوته وطريقه وطريقته، ولا يمكن أن أتجاهل الدور الذى لعبه كشك مستغلًا منبره وغفلة الناس فى تحويل حسن البنا من مجرد ‏إرهابى أسس جماعة إرهابية إلى أسطورة إيمانية. ‏
فى واحدة من خطبه التى كان يتحدث فيها كشك عن اغتيال حسن البنا، قال نصًا: فى اليوم الثانى عشر من فبراير ١٩٤٩، فى مساء هذا اليوم انطلقت رصاصات مجرمة آثمة إلى صدر رجل ‏امتلأ قلبه يقينًا بالله، وفى أحد شوارع القاهرة انطلقت الرصاصات فى صدر الإمام الشهيد مجدد شباب الإسلام حسن البنا، رضى الله عنه. ‏
ويتساءل كشك بحماس ما زلت أحسده عليه كلما سمعته وهو يردد هراءه: لماذا حسن البنا بالذات؟ لماذا اغتيل حسن البنا بالذات؟. ‏
ويجيب الشيخ الذى يسيطر التضليل على نبرات صوته: «جرى له ذلك، لأنه وقف فى مدينة الإسماعيلية سنة ١٩٢٨ وفى حشد حاشد ورفع المصحف بيمينه ونادى على المسلمين: الطريق ها هنا، ‏كلمة ما قال غيرها، وكان الرجل صادقًا فيها، ودعا إلى الله ٢٠ عامًا فى مصر وخارجها، فانضوى تحت لوائه ٣ ملايين من المسلمين، اجتمع أصحاب البرانيط وقادة الصهيونية، لأنه قاد الجيوش ‏إلى فلسطين، وقاتل اليهود تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فاليهود لا يخافون أسلحتنا ولا دباباتنا ولكنهم يخافون من سلاح لا إله إلا الله، لأنهم أهل عقيدة ولا يخافون إلا من أهل العقيدة». ‏
فى هذه العبارات القصيرة تتجسد كل جرائم الشيخ كشك، وتجعل منه المروج الشعبى الأول لجماعة الإخوان، ولأنه كان رسول الجماعة إلى عامة الناس، فقد خدعهم بأدائه وبعموميات كان يسوقها ‏إليهم، وهو يعرف أنهم لن يفكروا فيها على الإطلاق. ‏
فحسن البنا لم يُقتل لأنه قال للمسلمين وهو يرفع القرآن بيمينه: «الطريق ها هنا»، ولكنه اغتيل لأنه كان جزءا من الحياة السياسية فى مصر، وهى حياة كانت تقوم على الصراع بين فرقاء على ‏السلطة، ثم إن اغتياله تم ردًا على اغتيال جماعته- بتحريض مباشر منه- لرئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى، وبحكم هذه الجماعات وبعقليتها، فإن حسن البنا قُتل قصاصًا، لكن كشك روج ‏لأسطورة أن مؤسس الجماعة اغتيل لأنه كان فقط يدعو إلى الإسلام. ‏
من بين الضلال الذى روجه كشك عن حسن البنا محاولة تقديس مؤسس الجماعة الضالة. ‏
فرغم أن البنا لم يكن أكثر من مؤسس جماعة سياسية أخذت من الدين ستارًا لتنفيذ كل أهدافها، إلا أن كشك وضعه فى مرتبة النبى، صلى الله عليه وسلم، وإلا فبماذا نفسر قوله إن البنا انضوى ‏تحت لوائه ٣ ملايين مسلم، فهل كان لحسن البنا لواء؟ وهل هناك لواء أصلًا غير لواء النبى محمد؟. ‏
كنت أتعجب من سلوك الإخوان الذين يتعاملون مع حسن البنا وكأنه نبى مرسل من الله، وأن دعوته دعوة سماوية، لكن عندما كنت أقرأ ما يكتبه الإخوان عنه يزول تعجبى، ولم يخرج كشك فى قليل ‏أو كثير عما فعله الإخوان مع دجالهم الكبير الذين ينظرون إليه بقداسة أعتقد أنهم لا يقدمونها بين يدى النبى محمد وهم يتحدثون عنه. ‏
تضليل كشك ينصرف إلى أن حسن البنا قاد الجيوش إلى فلسطين، مرددًا أكاذيب الجماعة عن دورها فى حرب ٤٨، والسؤال: عن أى جيوش يتحدث هذا الواهم؟. ‏
لقد خدعت الجماعة ملايين من العرب والمسلمين بحديث عن دورها فى الحرب ضد اليهود، وأن لها شهداء وأبطالًا وفرسانًا هناك، رغم أننا لا نعرف غير بعض المتطوعين الذين ذهبوا إلى ‏فلسطين، ولم يكن الهدف أرض الله الطاهرة، ولكن حسن البنا رأى إيفاد أبناء جماعته لتدريبهم على المعارك الحية، لأن معركته الأساسية كانت هنا فى مصر، وهى الوصول إلى السلطة، ولم يكن ‏هناك شىء غير ذك على الإطلاق. ‏
الضلالة الكبرى التى مارسها كشك، وهو يتحدث عن حسن البنا، كانت فى كلمته أن الصهاينة اجتمعوا لاغتيال حسن البنا، وشفع ذلك بقوله أن اليهود لا يخافون الأسلحة أو الدبابات ولكنهم يخافون ‏من «لا إله إلا الله محمد رسول اللهس. ‏
لا يمكن لأحد منا أن يزايد على «لا اله إلا الله»، لكن الشيخ كشك وحده من كان يزايد عليها، بل كان يخدع الناس بها، ويسوقهم بعيدًا عن أسباب القوة، فليس صحيحًا أن اليهود لا يخافون من الدبابات ‏أو السلاح، ولكنهم يخافون فقط من سلاح لا إله إلا الله. ‏
كان كشك مثل غيره من الدعاة والوعاظ يحبطون الناس ويثبطون عزائمهم، فلا يمكن أن نقاتل بسلاح لا إله إلا الله وحده، لا يمكن أن نذهب إلى أى معركة دون أن تكون لدينا أسباب للنصر، دونها ‏لا يمكن أن ينصرنا الله، أو يجعل يده خلف ظهورنا. ‏
حاول كشك أن يبرئ نفسه مرة، أراد أن يقول للناس إنه لم يقابل حسن البنا ولم يجلس إليه، وهذا طبيعى، فالواعظ لم يصل القاهرة تقريبًا إلا بعد مقتل حسن البنا، وكأنه يقول للناس إنه واعظ ‏موضوعى، ومن خلال موضوعيته المزعومة يستطيع أن يمرر أى وكل شىء. ‏
فى خطبته رقم ٣٠٥ التى ألقاها فى ١٦ ديسمبر ١٩٧٩، قال كشك لمستمعيه: وأقسم لكم بالله إننى إذا تكلمت عن حسن البنا، إنما أتكلم عن جهاده وسيرته العطرة وأنا لم أره ولم أسمعه فى حياتى، ‏وحتى لا أكون حانثا فى يمينى ما رأيته إلا مرة واحدة فى المنام. ‏
ويسأل كشك بطريقته التى يقصد بها التشويق: أتدرون ليلة ماذا؟ ‏
ويجيب هو: ليلة الجمعة يوم أن انقطع التيار الكهربائى هنا بعد عشر دقائق من الخطبة، رأيت ليلتها الشهيد قبل أن آتى إلى صلاة الجمعة، ولما استقبلنى جلست أمامه فسمعته يقرأ فى أذنى سورة ‏الأنفال، وفى سورة الأنفال قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون»، قلت لا بد أن فى الأمر حدثا سيحدث، فإن سورة الأنفال تتكلم عن معركة وشدة من ‏الشدائد، وصعدت المنبر يومها، وانقطعت الكهرباء بعد عشر دقائق، والله أعلم من قطعها. ‏
تذكرون ما قاله كشك بعد هذه الخطبة التى يعتقد أن هناك من قطع عن المسجد الكهرباء حتى لا يتيح له فرصة الحديث مع جمهوره، ادعى أن أجهزة الأمن تدس جواسيس من الكفرة بين ‏المصلين، وقال إفكا «إنهم أمسكوا بشاب مسيحى بين المصلين، حتى ينقل أخبارهم». ‏
وأعتقد أن حكاية حسن البنا الذى جاءه فى المنام هذه ليست إلا أكذوبة وإفكًا أيضا، ولا أدرى كيف عرف كشك أن من زاره فى المنام هو حسن البنا بشحمه ولحمه، إنه لم يره، وطبيعى أنه لم ‏يتطلع إلى صوره، فهل قدم البنا نفسه للشيخ فى المنام قبل أن يتحدث ويهمس فى أذنه بآية سورة الأنفال؟. ‏
على أى حال كانت هذه حيلة من حيل كشك، للترويج لحسن البنا، الذى يجعل منه نبيًا أو على الأقل وليًا من أولياء الله يحمل رسائل، ويوصلها للناس عبر المنام، ولم يخطر على بال كشك أنه كان ‏على باطل كما كان حسن البنا نفسه على باطل. ‏
جذور الإخوانية فى نفس وروح كشك كانت متأصلة، إعجابه بسيرة حسن البنا بدا لى مبكرا، وأنا أطالع مذكراته، فعندما دعى ليلقى محاضرة على عمال أحد المصانع، تذكر حسن البنا وأثنى عليه، ‏دون أن يذكر اسمه قال عنه نصًا: لقد كان أحد رجال الدعوة وهو من الأفذاذ العباقرة، كان يقتحم على الناس فى المقاهى مجالسهم، ويقدم لهم الدروس والمواعظ، فكانت دعوته تجد آذانًا مصغية ‏وقلوبًا واعية فتتمكن من النفوس فضل تمكن. ‏
لقد قدم كشك لجماعة الإخوان أعظم خدمة فى تاريخها، لم يقم بغسل تاريخ حسن البنا القذر فقط، ولكنه صدّره كصاحب رسالة فى الحياة، وكان يؤكد طوال الوقت أنه ما قُتل إلا لأنه كان ينصر ‏الإسلام، عازفًا بذلك على وتر عاطفى حساس جدًا، ولأنه كان صاحب خيال واسع للغاية، فقد استخدم كل ما لديه من إمكانيات دعائية لرسم صورة براقة لهذا الذى مات قاتلًا، لكن أصرت جماعته ‏على أنه كان شهيدًا. ‏
فى الخطبة رقم ٣٧٨ التى ألقاها كشك فى ٢٨ أغسطس ١٩٨٠، قال عن البنا، وأرجو أن تنتهبوا إلى الحالة الدرامية الجبارة التى نسجها الشيخ، هادفًا من خلالها احتلال قلوب مستمعيه من ‏البسطاء. ‏
يقول: حُمل جثمان البنا إلى بيته، وصدرت الأوامر ألا يغسله أحد، أتدرون من الذى غسل جثمان البنا؟ إن الذى غسل جثمان البنا هو أبوه، فقد مات وهو فى ريعان الشباب، كان عنده من العمر ‏ثلاث وأربعون سنة، ملأ فيها الأرض علمًا وهدى وإرشادًا. ‏
ولأن الأسطورة لا تكتمل إلا بالأكاذيب، يصر كشك على أن يقول: لقد سار إلى ميدان فلسطين عشرون شابا مدربا على حمل السلاح، جعلوا من اليهود نعاجًا، وجعلوا من اليهود فئرانًا وجرذانًا. ‏
كلام مطلق لا دليل عليه، لكن كشك كان يحلو له أن يردده بحماس وقوة، لأنه كان يعرف ما يفعله جيدا، ويكفى أن تعرفوا أن خطب كشك التى كان يأتى فيها على سيرة حسن البنا وسيد قطب، ‏جعلت آلاف الشباب يدخلون إلى الجماعة الإرهابية عن طيب خاطر، معتقدين أن الواعظ الذى يبدو متجردًا يسوقهم إلى الخير رغم أنه كان يسوقهم إلى الجحيم الكامل. ‏
هذه مرة ثالثة سأجعلها أخيرة هنا، رغم أن كشك تحدث عن البنا كثيرا.‏
الخطبة ألقيت فى ١٣ فبراير ١٩٨١، جاء فيها كشك عرضًا على البنا، قال عنه: لماذا اغتيل حسن البنا، رضى الله عنه (كان يستخدم هذه الصيغة كلما تحدث عن مؤسس جماعة الإخوان) معتبرا ‏إياه- كذبًا وزورًا- فيما يبدو واحدا من الصحابة أو التابعين أو الأولياء. ‏
ويجيب كشك مضللًا ومدلسًا، يقول: لأنه فهم الإسلام فهما صحيحا، فهم الإسلام على أنه دين ودولة، عقيدة وشريعة ومسجد وقيادة وعبادة وريادة، فلما علم الشرق والغرب أن هذا الرجل خطير ‏على مصالحه كان لا بد من القضاء عليه. ‏
هل رأيتم تضليلًا أكثر من ذلك؟ ‏
تجاهل كشك أن حسن البنا أسس عصابة تداخلت فى السياسة، واغتالت قضاة وسياسيين، تحالفت مع الملك ثم انقلبت عليه، تودد البنا نفسه إلى السياسيين، وأبدى استعداده الكامل للتعاون معهم، وفى ‏كل مرة كانت تتبدى نوايا الجماعة يتم لفظها على الفور، وحاول إيهام مستمعيه أن البنا قُتل فقط لأنه كان يريد نصرة الإسلام، وهو السبب الذى كان كشك ينتزع به آهات الإعجاب ليس له فقط، ولكن ‏لشخصية البنا القاتل. ‏
ستقول لى: هل من المنطقى أن يفعل كشك كل ذلك للجماعة دون أن يكون عضوا فيها؟ فلم نعرف أنه أقسم يمين الولاء للمرشد، ولم نعرف أنه كان أحد قياداتها؟.‏
سأقول لك: كان كشك أهم لدى الجماعة من قياداتها الرسميين المعلنين المعروفين، لأنه كان المتحدث غير الرسمى باسمها، استغلوا شهرته واسمه وتأثيره حتى يحشد الناس فى اتجاههم، ودون أن يتم ‏تجريح شهادته بشىء، فلو عرف الناس حقيقة علاقته بالجماعة لعزف كثيرون منهم عنه وعما يقوله، لكنهم جلسوا إليه وهو يدعو إلى الإسلام، رغم أنه كان فعليا لم يكن يدعو إلا إلى الإخوان. ‏
حادت الجماعة مرة واحدة عن منهج إخفائها لكشك كداعية لها، عندما قررت دخول معركة انتخابات مجلس الشعب فى العام ١٩٨٤ عرضت عليه- وكان وقتها حبيس بيته- أن يرشح نفسه على ‏قوائمها ليكون عضوا فى البرلمان ممثلا لها، لكنه رفض. ‏
سئل كشك عن موقفه فقال نصًا: لم أدخل هذه التجربة لأنى أعتبر نفسى جنديًا يعمل فى مجال الدعوة، وهو مجال يقتضى أن أكون متفرغًا للقراءة والكتابة والدعوة إلى مصر. ‏
كان كشك يعرف أهمية وقيمة ما يفعله للجماعة التى آمن بها وبأهدافها، وكان يساندها فى الانتشار والتمدد والسيطرة على عقول الناس، وليته كان يفعل ذلك بالحقائق، لكنه فعله بالأباطيل والأكاذيب ‏والأراجيف التى سيحاسبه الله عليها حسابا عسيرا. ‏
أتدرون ما الذنب الأعظم بالنسبة لى على الأقل؟ إنه أن يزكى أحدهم نفسه على الله، يمنح نفسه فى ساحة الإيمان ما ليس فيه ثم يتطاول على الناس بذلك، وهو ما كان يفعله كشك وباحترافية شديدة. ‏
لا أستطيع أن أمنع عدوية من التعليق على هذا الموقف الهزلى، واعظ مضلل يدعو من على المنبر لرئيس عصابة ومؤسس جماعة إرهابية، ولا تعليق مناسبًا على هذا الموقف العبثى إلا أغنية ‏عدوية الشهيرة «اللى اختشوا ماتوا»، وهى الأغنية التى كتبها يحيى مرسى ولحنها مصطفى شكرى. ‏
يغنى عدوية: الليل يقول للنهار ليه بالعجل تطلع وشال الناس همومها قبل ما تطلع صحيح اللى اختشوا ماتوا من باع نص حياته يدى لغيره كتر خيره يبقى طبيعى يعيد حساباته وأنا حساباتى ‏معاكو مفيهاش إلا أذاكوا أعاتب مين وأكلم مين دول ناس ضمايرهم ماتوا.‏