رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجيب سرور يعرض ابنه للبيع في ميدان التحرير

جريدة الدستور

كان يجلس هناك علي مقهي ريش٬ وهناك عرفته٬ كنت أراه كثيرا جالسا علي حافة المقهي٬ يتفرج علي المارة ويحتسي الشراب٬ كنت أعرف أنه نجيب سرور٬ النجم الذي سمعت عنه ورأيت صوره في بعض الصحف٬ وقرأت له هنا وهناك٬ لكنني لم أكن أتصور أنه علي هذا القدر من الوسامة٬ واسع العينين٬ خفيف السمرة باختصار فوتوجينيك.
يضيف الكاتب الروائى "عبدة جبير"٬ عن ذكرياته مع نجيب سرور: أتذكر أنهم كانوا جميعا عندي في البيت٬ سهرة كبيرة ضمت الشيخ إمام٬ وأحمد فؤاد نجم والأبنودي٬ ونجيب سرور اللي فضل أنه يقعد على الأرض، وبعد ما الشيخ إمام إنتهي من الغنا٬ أحمد فؤاد نجم (سلط ) علي سرور٬ شاعر معروف عنه أنه غزير الأشعار وكتابتها بغزارة بطريقة سخيفة٬ بالفعل الشاعر المغزار نفذ كلام نجم وهجم علي نجيب سرور يسمعه شعره٬ ونجيب يتراجع علي الأرض٬ الشاعر يقول ونجيب يتراجع حتي دخل أوضة النوم٬ والشاعر إياه اللي مش هاقول أسمه٬ وراه لحد ما سرور دخل البلكونة وقلع هدومه٬ وقعد يصرخ ويقول إلحقوني لحسن أرمي نفسي.
كنت أجلس علي مقهي ريش عصرا٬ وجاء أمل دنقل وصادف أنه علي الرصيف المقابل٬ كان واقف يحيي الطاهر٬ فصرخ عليه "دنقل": "روح شوف نجيب بيهبب إيه في التحرير. وبالفعل جريت مع يحيي للتحرير نشوف نجيب فرأيناه يقوم بأداء عرض مسرحي كامل٬ ممسكا بيد ابنه الصغير الأشقر الجميل "فريد"وينادي٬ ألاؤنا ألا تري مين يشتري الورد مني.
وتذكرت انني حين رأيته منذ ليال قبلها علي خشبة وكالة الغوري٬ يقوم بالتمثيل في مسرحية"أوكازيون" أحسست ساعتها بأن مساحة المسرح ضيقة علي هذا الممثل العبقري.
لقد وجد "سرور" الحل من خلال التمثيل في أكبر ميادين القاهرة في التحرير٬ فهو المكان الوحيد الذي يمكن أن يستوعب هذه الطاقة الفنية الجبارة.
بالطبع كان الجمهور يعرف أن هذا هو نجيب سرور الممثل العبقري الكاتب والشاعر٬ لقد رأيت الدموع في عيون الناس وهم يتابعونه بشغف٬ وأتذكر أنني سمعت أحدهم يقول:"هذه هي آثار الهزيمة".
لم يكن "سرور" وهو يعرض ابنه للبيع في الشارع يعبث٬ بل أنه أراد أن يقول للجميع: هذه هي الخشبة الوحيدة التي يمكنها أن تستوعب موهبتي الكبيرة.