رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام كشك وعدوية (3).. محمد الباز يكتب: البدايات المبهجة «شيل الواد من الأرض»

محمد الباز
محمد الباز

لم يكن هناك تناقض بين ما قاله الشيخ كشك عن حياته، وبين هذه الحياة نفسها على الأرض، لم أجد فجوة بين ما حدث بالفعل، وما رواه عن نفسه، لكن هذه الفجوة كانت بين ما تحدث به عن ‏حياته، وما قاله محبوه ومريدوه ومقدسوه عن فترة تعليمه فى المعهد الدينى. ‏
فى مذكراته يقول الشيخ: بعد أن حفظت القرآن فى البلدة، التحقت بمعهد الإسكندرية الدينى، وكان لهذا المعهد ميزة، حيث كان الطلاب يلجأون إلى مسكن على حساب الأزهر، وكان بين مبنى ‏الدراسة ومبنى السكن مزرعة اكتست بلون أخضر، وأذكر أن هذا المعهد كان به نخبة من الأساتذة العلماء، أذكر منهم شيخين حبيبين كان لهما أثر طيب فى تكوين شخصيتى. ‏

أداء الشيخ الصغير الكفيف كان مختلفا فى الدراسة، بحكم ظروفه وطبيعة فقده البصر، وهذا بعض مما كان، وتحدث عنه كشك. ‏
يقول: كنت أحمِّل ذاكرتى أكثر مما تحتمل، إذ كنت أحرص على أن أظل ذاكرا لما يلقيه على الأساتذة فى قاعات الدرس حتى لا أنساه فأحتاج لمن يقرؤه لى. ‏
كان كشك طالبا عاديا جدا، قد يكون اجتهد بعض الشىء، لكنه فى النهاية لم يكن عبقريا أبدا، تحدى ظروف إعاقته، بدا أنه مهتم أكثر من الآخرين، فبغير هذا الاهتمام كان سيضيع تماما، وهو ما ‏منحه تميزا، لكن لم يكن أبدا فلتة نادرة بين أقرانه. ‏
لكن من حاولوا رسم صورة أسطورية للشيخ، كان لهم رأى آخر، وهو رأى لا يخلو من غرض، يمكنك مثلا أن تقرأ على ويكيبيديا الآتى:‏
حفظ الشيخ كشك القرآن وهو دون العاشرة، ثم التحق بالمعهد الدينى بالإسكندرية، وفى السنة الثانية الثانوية حصل على تقدير ١٠٠٪، وكذلك فى الشهادة الثانوية الأزهرية، وكان ترتيبه الأول على ‏الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة، وكان أثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الأساتذة بشرح المواد الدراسية فى محاضرات عامة ‏للطلاب بتكليف من أساتذته الذين كان الكثير منهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب، خاصة علوم النحو والصرف. ‏
لا يمكن أن تستسلم لهذا الهزل فى رواية حياة الشيخ، حتى لو كان من فعلوا ذلك أقدموا عليه بحسن نية- وإن كنت لا أثق فى ذلك على الإطلاق - فبين سطور الكلمات مخاصمات كثيرة، ليس علىَّ ‏إلا أن أرصدها، وليس عليك بعد ذلك إلا أن تعقلها وتمنطقها قبل أن تقبلها أو ترفضها. ‏
المخاصمة الأولى للواقع أن الشيخ لم يحفظ القرآن وهو دون العاشرة، بل أتمه وهو فى سن الثالثة عشرة، كما أثبت هو فى مذكراته، قد تكون لدى من قالوا دون العاشرة رغبة فى إثبات عبقرية ‏الشيخ، فهو صاحب حافظة أسطورية مكنته من حفظ القرآن وهو صغير، وهو ما يضيف له الكثير لدى من يقدرون حفظة القرآن فى مثل هذه السن الصغيرة.

المخاصمة الثانية كانت فيما قيل عن أدائه فى الجامعة، وتحديدا قيامه بشرح الدروس بدلا من أساتذته، بل قيام الأساتذة أنفسهم بمراجعة موادهم العلمية معه قبل أن يقوموا بتدريسها.. وهو خبل ‏كامل، ولا أتحدث هنا بالمنطق، ولكن بما جرى على الأرض. ‏
لم يكن الشيخ كشك يشرح لزملائه المحاضرات نيابة عن الأساتذة، ولكن لأنه كان صاحب حافظة قوية، كان يطلب منه الأساتذة فى نهاية المحاضرات أحيانا أن يقوم بتلخيص الدرس لزملائه، أما ‏حكاية أن الأساتذة كانوا يعرضون عليه مادتهم العلمية لمراجعتها قبل شرحها، فهو الوهم الكامل، ولا يمكن أن يحدث ولو فى الخيال.. وربما صاغ هذا الكلام من لم يدرسوا يوما فى الجامعة، وهو ‏أمر طبيعى جدا، فكثيرون من جمهور الشيخ انجذبوا إليه لسطحية ثقافتهم، ولو أن واحدا منهم جلس ولو لمرة واحدة فى مدرج من مدرجات الجامعة لما قال هذا الكلام الفارغ أبدا. ‏

ما جرى ولم ينكره الشيخ ولا يمكن أن ننكره نحن أيضا، هو معاناته الشديدة أثناء دراسته، سواء فى المعهد الدينى بالإسكندرية، أو بالمعهد الدينى بالقاهرة الذى انتقل إليه بعد ذلك، أو فى كلية ‏أصول الدين.. فقد كان همه الذى يطارده بالليل والنهار، هو العثور على رفيق يقرأ له، فبدونه لا دراسة ولا تحصيل، وكثيرا ما كان يجد من يرافقه بين الكتب، لكنه كان يعانى كابوسا دائما، وهو أن ‏يستيقظ فيعجز عن وجود رفيق، وهو الكابوس، الذى أورثه خوفا، لم يفارقه حتى بعد أن انتهى من الدراسة وأصبح خطيبا، فقد كان فى حاجة لمن يقرأ له أيضا.. الأمر كان أسهل بالطبع، بعد أن ‏أصبح موظفا فى الأوقاف، لكن ماذا نفعل فى عقدنا النفسية، التى لا نستطيع أن نتخلص منها بسهولة. ‏
لم يكن الفقر محركا للشيخ كشك، كما كان محركا لعدوية، قد يكون أورثهما حالة من «الشقا».. جعلت فى صوتيهما حالة من الشجن، عبرا من خلالها إلى قلوب البسطاء، الذين يتقاسمون المعاناة ‏والشقاء كل صباح. ‏
سيكون ظالما جدا بالطبع إذا قلت إن عدوية سعى إلى الثروة.‏
ما جرى أنها سعت إليه بأكثر ما سعى هو إليها.. كان يتمناها طبعا، لكنها عندما أتته لم تفتنه. ‏
كان يمكن أن يورثه الفقر قسوة. ‏
كان جحود أهله له فى بداية حياته بسبب ميله إلى الفن والغناء ودخول كار العوالم قادرًا على أن يجعله جاحدًا هو الآخر، لكن قدمه لم تنحرف. ‏
الحكاية هذه المرة على مسئولية زوجته السيدة «نوسة». ‏
تقول: فى صغره كان عدوية يعشق الملوخية، وفى يوم ذهب إلى شقيقته، وهو طالع السلم شم ريحة الملوخية، قال لها أنا ميت من الجوع، إلحقينى بطبق ملوخية، رفضت وقالت له: إمشى يا ‏صايع يا بتاع العوالم، كانت أسرته تقاطعه، وترى أنه عار عليهم، وما يصحش واحد منهم يطلع مغنواتى، ويدور فى الأفراح، ويدخل كار العوالم، وتلف الأيام ويشتهر عدوية، وربنا يفتح عليه، فكان ‏أول حاجة عملها إنه اشترى لأخته البيت اللى هى عايشة فيه، ويوم ما تعمل ملوخية خضرا لازم تتصل بيه تعزمه، وإن لم تسمح ظروفه تشيل له طبق. ‏
البدايات دائما مبهجة.‏
بداية عدوية فى عالم الغناء كانت متعمدة، بحث عنها صاحبها حتى وجدها، وعندما عثر عليها لم يفلت خيطها من بين يديه. ‏
بداية كشك فى عالم الخطابة كانت بالصدفة، صحيح أنه كان يعرف مصيره، فدارس أصول الدين فى الغالب يصعد المنبر.. ولا أثق كثيرا فى حكاية أنه تم تعيينه معيدا فى كليته، إلا أنه تنازل عن ‏تعيينه من أجل المنابر، إذ لا تناقض فى الأصل بين أن يكون أستاذا فى الجامعة وخطيبا فى مساجد الأوقاف. ‏
أمسك عدوية بكلمات موال، انطلق منه وشكل كل حياته. ‏
‏«يا دنيا عيب اختشى طبعك رضى كده ليه
ليه بترفعى الندل وبتذلى الأصيل كده ليه ‏
اللى يمشى بضمير تبيعى وتشترى فيه
أنا اشتكيت لطوب الأرض من حالك ‏
وآخر ما هلت الدنيا حسيبهالك ‏
مش عايز أشوف حد عايش وإنتى بتذليه ‏
عايز أشوف الأصيل عالى ‏
ولا الندل يعلى عليه». ‏
فى حوار له مع مجلة «نصف الدنيا» فى ٣١ ديسمبر ٢٠٠٠ كشف عدوية عن سره. ‏
يقول: بصراحة لم أكن أتوقع أن أصل إلى ما وصلت إليه، نعم كان لدى أمل فى الله، ووالدتى- رحمة الله عليها- كانت تدعو لى أن أكون فنانا، لكن أبدا لم أتوقع أن أصير بهذه النجومية، وأن ‏أحقق هذا المجد الكبير فى سنوات قليلة، والبداية كانت فى موال «يا دنيا عيب اختشى طبعك رضى كده ليه». ‏
هذا الموال كما يقول عدوية: كان همزة الوصل بينى وبين الناس، ومن خلاله عرفت مأمون الشناوى وكانت الانطلاقة. ‏
كلمة السر إذن هى مأمون الشناوى. ‏
شاعر غنائى كبير ومتفرد تماما، كتب لكبار المطربين والمطربات عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش.. لكن من بين صفاته التى لا ينكرها عليه أحد أنه كان يتحمس للموهوبين ‏الجدد. ‏
فى التعريف به يمكن أن نعرف عنه: كان الشاعر الراحل مأمون الشناوى يتحمس للمطربين والموسيقيين الجدد، ويساعد فى تقديمهم إلى الساحة الفنية، ويكتب لهم خصيصا أبدع الكلمات، وقد كتب ‏لعزيزة جلال «بتخاصمنى حبة وتصالحنى حبة»، كما أنه كان يمر على الصحفيين والكتاب والنقاد فى السبعينيات لكى يسمعوا صوت المطرب الشاب آنذاك هانى شاكر، وكان يتولاه بالتشجيع ‏والدعاية له فى كل مكان، كما كان مأمون الشناوى قبل ذلك يأخذ الموسيقار سيد مكاوى من يده إلى كل الجلسات الصحفية حتى صار مكاوى علما فى مجال التلحين والغناء فى مصر والعالم العربى. ‏
لم يخطر على بال من حاول رسم صورة مأمون الشناوى أن يقترب من أحمد عدوية، ويقول إن مأمون هو من قدمه، بل هو من صنع له الفرصة الحقيقية ليكون نجم سنوات قادمة، أعتقد أن ‏مأمون لم يتصور أن تمتد لعقود طويلة، وأعتقد أنها ستمتد لعقود أطول. ‏
القصة طويلة ودالة، ومفسرة لأحوال الحياة، فكلنا أسباب نمهد الطريق أمام بعضنا بعضًا أو نسده تماما. ‏
جرى هذا على وجه التقريب فى العام ١٩٧٢. ‏
وقتها كان عدوية يغنى فى كازينو الأندلس، وهو الكازينو الذى كان يغنى فيه ملوك الأغنية الشعبية ومنهم شفيق جلال، الذى كان يملك سيارة كاديلاك جديدة، وكان يصر على أن يصطحب عدوية ‏معه فى سيارته من قهوة التجارة فى شارع محمد على إلى الكازينو. ‏
هناك كانوا يعتبرونه فاكهة الأندلس، عمره وقتها كان يقترب من السابعة والعشرين. ‏
فى الليلة الموعودة جاء مأمون الشناوى إلى الكازينو، ومعه عاطف منتصر صاحب شركة «صوت الحب»، الذى كان مأمون يعمل مستشارا فنيا لها، وكانت تنتج لكبار المطربين والمطربات مثل ‏شادية وفايزة أحمد. ‏
يومها كان عدوية يغنى دويتو مع المطربة الشعبية الكبيرة بدرية السيد. ‏
بدرية تغنى. ‏
‏«طلعت فوق السطوح أنده على طيرى
لقيت طيرى بيشرب من قنا غيرى
زعقت بعزم ما بى وقلت يا طيرى ‏
قال لى زمانك مضى روح دور على غيرى» ‏
وعدوية يرد. ‏
‏«يا حلو ليه خالفتنى ومشيت على كيفك
وطاوعت ناس يا جميل غيروا عقلك وتلفوا كيفك ‏
سنتين وشهرين وأنا سايبك على كيفك
وكيف العمل يا جميل وإن عدل لى أنا كيفك ‏
أنا أطلب من الله يرجعك لأصلك وتلاقى عندنا كيفك». ‏
انتهى عدوية من الغناء ليجد مأمون الشناوى يناديه، ويعطيه الكارت الخاص به، ويقول له: لازم تكلمنى فى التليفون.. عايز أقعد معاك. ‏
كان ما حدث أكبر من استيعاب عدوية، فهو فى النهاية أمام الأسطورة مأمون الشناوى، وحتما ما فعله ليس أكثر من مجاملة رقيقة عابرة، سرعان ما ستتبخر وينساه وينسى ما جرى فى الكازينو، ‏فهو يقابل كثيرين وينسى كثيرين.. ولن يكون عدوية إلا واحدا من هؤلاء الكثيرين. ‏
بعد أيام زار الشاعر سمير محجوب أحمد عدوية، الذى كان يسكن وقتها فى أوتيل بسيط فى شارع محمد على، وقال له إن مأمون ينتظره فى مكتبه بشركة «صوت الحب» غدا، ولما جاء الغد، لم ‏يذهب عدوية، فقد خاف أن يكون مقلبا دبره له صديقه سمير. ‏
فى اليوم التالى وعندما تأكد عدوية أنه لم يكن هناك مقلب، وأن مأمون كان ينتظره بالفعل، ذهب إليه معتذرا، وبدون مقدمات قال له مأمون: حنعمل لك شريط، روح هات بدرية اللى بتغنى معاك ‏فى الكازينو وتعالى. ‏
لم يذهب عدوية إلى مأمون ببدرية، ولكن ذهب إليه بأغنية كتبها له «الريس بيرة». ‏
الريس بيرة هو السيد بيرة، وهو شاعر من شعراء شارع محمد على، كان رفيقا لعدوية من سنوات طويلة، حيث رافقه فى أيام الشقا والمرمطة، وكانت تجمعهما معا جلسات الشيشة على المقاهى ‏فى الأيام الطويلة التى كانت بلا عمل. ‏
قبل أن يسأل مأمون عن بدرية السيد، قال له عدوية: عندى حاجة عاوز أسمعهالك، فقال له مأمون: قول يا سيدى.‏
وقال المطرب الذى كان يقف على أول سلالم مجده. ‏
‏«عمى يا صاحب الجمال ‏
ارحمنى ده أنا ليلى طال ‏
شوف لى جمال على قد الحال ‏
يعوض لى صبرى اللى طال
عم يا صاحب الجمال ‏
السح الدح امبو ‏
إدى الواد لأبوه ‏
يا عينى الواد بيعيط ‏
صعبان علىّ الواد
ما تشيل الواد م الأرض ‏
الواد عطشان اسقوه». ‏
شيل الواد م الأرض ‏
الواد لسه فى اللفة ‏
وعامل له زيطة وزفة
وده خلى عقلى استكفى
اكمنه شبه أبوه
الواد ده لسه صغير ‏
قاعد فى اللفة صغير
وده خلى العقل اتحير». ‏
كلمات مثل هذه كانت كفيلة بأن يطرد مأمون الشناوى أحمد عدوية من مكتبه، لكن شيئا من هذا لم يحدث، نظر إليه بدهشة، وسأله عمن كتب هذه الكلمات البديعة، وقبل أن يجيب عدوية، طلب ‏عاطف منتصر، وقال له: عندى لك مفاجأة، أغنية تكسر الدنيا. ‏
فى هذه السنوات التى أعقبت النكسة، والتى لم يكن أحد يعرف على وجه التحديد إلى أى وجهة تسير مصر، هل إلى حرب أو لا حرب، كانت سوق الكاسيت راكد تمامًا، والتوزيعات فى الأرض، ‏للدرجة التى كانت شركة مثل «صوت الحب» على وشك الإفلاس، رغم أنها كانت تنتج لكبار المطربين والمطربات. ‏
لم يتحمس عاطف لأغنية عدوية، ليس لأن المطرب الذى أمامه مغمور تماما، ليس معروفا إلا فى دوائر صغيرة ومحدودة، ولكن الكلمات بالنسبة له كانت مجرد كلام فارغ، لن يقبله الناس. ‏
كان عاطف منتصر صريحا مع مأمون الشناوى، قال له إن إنتاج أغنية لعدوية وبهذه الكلمات مغامرة غير محسوبة تماما، ثم إن الشركة خسرانة، ولا تتحمل خسائر جديدة، لكن مأمون كان ‏متحمسا، للدرجة التى جعلت معارضة عاطف منتصر لا شىء على الإطلاق. ‏
هل كان فى مأمون الشناوى شىء لله؟ ‏
بالحس الشعبى، لا بد أن نقول نعم، لكن بالحسبة العلمية، سنقول إنه كان يعرف السوق وما تحتاجه. ‏
بعد سنوات طويلة، وتحديدا فى العام ١٩٨٢، وفى تحقيق فنى كتبه محمد الدسوقى عن رحلة صعود عدوية، ونشرته مجلة الكواكب، قال مأمون الشناوى، ملخصا ما جرى كله: «أنا من اكتشف ‏أحمد عدوية، وقد هوجم بقوة وقسوة، وقال الكثيرون إنه يقدم أغنيات هابطة ومسفة ومفسدة للذوق العام، ولكن سيبك من الكلام ده كله، لأن أحمد عدوية صوت جميل جدا، يكفى أن عبدالوهاب بجلالة ‏قدره قال لى عنه «إن صوته يدخل قلبى على الفور».. ورغم أننى من اكتشفته إلا أننى لم أكتب له أغنيات كثيرة، كتبت له مرة أغنية واحدة هى «سيب وأنا أسيب»... لكن كتابتى أغنيات له ليست ‏هى المهمة قدر أهمية اكتشافى له. ‏
لقد قال عدوية بعد ذلك، إنه رائد الأغنية العبثية فى مصر، ولم تكن «السح الدح إمبو» إلا أغنية عبثية، تناسب حالة العبث التى كانت تعيشها مصر فى هذه الفترة. ‏
ما حدث بعد ذلك لعدوية لم يكن فيه شىء من العبث، بل كان ترتيب الأقدار التى كان يبدو أنها كانت ترقب الشيخ والمغنى وقررت أن تصنعهما على أعينها، فخرجت بهما من الضيق إلى الفرج.‏