رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نجاة الأمة


إن التحديات كلها ليست ما يظهر على السطح ويراه الجميع أو يحس بآثاره.. هناك تحديات قد لا تظهر للعين وهذا أخطر.. وأرى من موقعى المتجرد، وتخصصى فى الدراسات الاستراتيجية، أنه يمكن تلخيص هذه الأزمة المعقدة فى المحاور الآتية التى قد لا يلتفت إليها كثير من الناس عند التحليل أو دراسة الأزمات، أو حتى وضع العلاج اللازم فى مثل هذه الحالات. تتلخص الأزمة التى تمر بها الأمة كلها، فى أهم التحديات الآتية، والأزمة فى مصر أقل من غيرها بكل تأكيد - فى ظنى - وهى:
أولًا: قلة الوقت المخصص للتفكير.
ثانيًا: كثرة القضايا وتداخلها التى لم يعد الكتف (كتف الأمة) تحتملها.
ثالثًا: الخلل فى الأولويات عند العلاج.
رابعًا: إسناد الأمور إلى غير أهلها من أهل الثقة دون أهل الكفاء.
خامسًا: ضعف الاهتمام بالتقويم والتقييم.
سادسًا: الضعف والانهزامية أو الانبطاح أمام العدو الحقيقى.
سابعًا: التمزق والتفرق بدلًا من الوحدة والتكامل.
ثامنًا: ضعف المؤسسات التى تعمل لتجميع وتوحيد وتكامل الأمة.
تاسعًا: كل حزب بما لديهم فرحون.. وهذا نشاهده على المستوى الوطنى ومستوى الأمة كلها.
عاشرًا: ضعف الاستفادة من التجارب السابقة والدروس العديدة.. مرت بالأمة كاملة وأوطانها منفردة.. دروس عديدة وتجارب كثيرة كانت تكفى من وقت مبكر لكى تستيقظ الأمة، ورأينا ثورات الربيع العربى فى بعض البلاد، وكان من الممكن وهو من المتوقع أن تقوم تلك الثورات ولو بشكل آخر فى بقية البلدان التى لم تعالج الأسباب التى قامت من أجلها تلك الثورات، ولا نستثنى من ذلك بلاد الربيع العربى التى لم تحقق أهداف تلك الثورات.. إن غضبة الشعوب خطيرة، مهما كانت القبضة الأمنية أو قوة الحاكم الظالم أو اللاهى أو العابث بالمعنى الواسع للحاكم، إذ إنهم ممن يفسدون ويحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
إذا نبهنا لهذا الوضع الشاذ، وتعقد الأزمة فى الأمة، وأدركنا ضرورة الحل قبل الانهيار أو تحقق الفشل الذى لا علاج له، والذى يؤدى إلى الدمار الكامل والاستعصاء على الحل، ويفتح الباب أمام التقسيم والركوع لمخططات التقسيم والتدخل الأجنبى، بحجج تبدو منطقية فى الشكل وهى استعمارية فى الجوهر، فيكون لزامًا علينا التصحيح وليس الثورة، والإصلاح قبل عموم الفوضى، فإذا عزَّ ذلك فعلى الدنيا والأوطان بل والأمة السلام.. كتبت ذلك سابقًا فى عدة مقالات فى مصر وقلت الآتى: أرى أن هناك متطلبات لهذا الإصلاح وهذا التصحيح. وفى ظنى أن هذه المتطلبات تشمل المحاور التالية:
أولًا: اليقظة للمخططات الخارجية والتى قد تنجح بأيدى ومتطلبات محلية أو إقليمية وهذا يتطلب استخدام العقل، وفهم العالم المعاصر، والابتعاد عن الصراع وأشكاله. والحوار أجدى من الصراع، ولا يكلف ما يكلفه الصراع المدمر.
ثانيًا: توحيد المواقف فى الأمة على المستوى الوطنى والإقليمى والعربى والإسلامى، وهذا يؤدى إلى التكامل، ويقوم على تحديد العدو الحقيقى، وفى ظنى أن الأعداء اليوم هى: (الصهيونية، الإمبريالية، وداعش) وكل من على شاكلتها من الفهم الخاطئ والممارسة المدمرة.
ثالثًا: بناء الإنسان العصرى الحضارى السلمى الديمقراطى (المسلم أو المسيحى).
رابعًا: الاستفادة من التجارب السابقة، والاتعاظ بما وقع فيها.
خامسًا: تنشيط المؤسسات الإقليمية على المستوى العربى والإسلامى أو إلغاؤها، وإنشاء مؤسسات جديدة على أسس وأهداف جديدة معاصرة، وفى مقدمة هذه المؤسسات التى تكلّست الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى.
سادسًا: التركيز على العلم والبحث العلمى، من حيث ما وصلت إليه آخر التجارب، فلا نخترع العجلة مرة أخرى، ولا نخرج من دائرة المؤسسات العلمية الخادعة أو التجارب الفاشلة مثل اختراع الكفتة لعلاج السرطان الذى فضحنا أمام المؤسسات العلمية الجادة.
سابعًا: احترام الإنسان أى إنسان، واحترام الوطنيات والقوميات واللغات والعرقيات المتنوعة فى الأمة والمذاهب الدينية والمدارس السياسية حتى تحن حنينًا واضحًا، وتتشبع روحها بالوحدة وفق نظام دعوى وتعليمى وثقافى وإعلامى واضح.