رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المسلمون الروهينجا يواجهون رمضان في مخيمات اللاجئين

جريدة الدستور

يتذكر فتى لاجئ من الروهينجا أيام رمضان السابقة التي كان يقضيها في قريته، حين كان يتناول السمك على وجبة الإفطار، ويحصل على الهدايا من عائلته، ويسترخي بعد ذلك في ظل الشجر قبل صلاة العشاء في المسجد.

ولكن بالنسبة للصبي "م. د. هاشم"، 12 عاما، وغيره من الاولاد الذين يعيشون في مخيم متواضع في بنجلادش، فإن بداية شهر الصيام لا تجلب معها سوى ذكريات مريرة لكل شيء فقدوه منذ إخراجهم من بورما في حملة عسكرية.

وقال هاشم، لوكالة فرانس برس، في المخيم الواقع على تلة جرداء في منطقة كوكس بازار: "هنا لا نستطيع شراء الهدايا، وليس لدينا طعام جيد.. لأن هذا ليس بلدنا".

ووصفت الأمم المتحدة حملة الجيش ضد أقلية الروهينجا المضطهدة، بأنها تطهير عرقي، ويعتقد أن آلاف الروهينجا المسلمين قتلوا في الحملة التي بدأت في أغسطس الماضي، وفر نحو 700 ألف من الروهينجا من أعمال العنف إلى بنجلادش، حيث يعيشون في أكواخ من البامبو والبلاستيك على السفوح القذرة.

ورغم أنهم يقرون بأنهم كانوا محظوظين لنجاتهم من القتل الا ان قلة المال والطعام وارتفاع درجات الحرارة تتسبب بالقلق للعديد منهم مع حلول رمضان.

وداخل خيمة بلاستيكية في يوم قائظ يجلس هشام ليتحدث بحنين كبير عن الأمور البسيطة المبهجة التي كانت تجعل من رمضان أكثر شهور السنة تميزا في قريته، ففي كل مساء كان يجلس مع أصدقائه وعائلته للإفطار بعد يوم من الصيام على وجبة من السمك واللحوم، يتم طهيها لمرة واحدة في السنة بمناسبة شهر رمضان.

وأضاف أنه مع بداية الشهر كان يحصل على ملابس جديدة بعد رشها بالعطور التقليدية بمناسبة رمضان.. "لا نستطيع أن نفعل الشيء ذاته هنا لأننا لا نملك المال ولا الأرض، لا يمكننا كسب المال لأن ذلك غير مسموح به".

ويحظر على الروهينجا العمل، كما أن نحو عشرين نقطة تفتيش عسكرية تمنعهم من مغادرة المخيم الذي أصبح أكبر مخيم لاجئين في العالم، ولذلك فإنهم يعتمدون على المساعدات الخيرية في كل شيء من الطعام والدواء وانتهاء بالملابس ومواد البناء. ويتعين على هاشم أن يسير لأكثر من ساعة في الحر القائظ ليصل إلى أقرب سوق.

وأوضح هاشم أن العديد من شبان الروهينجا يتخوفون من الصيام الذي يمتنعون خلاله عن الطعام والشراب وسط درجات الحرارة المرتفعة في المخيم، ففي الماضي كان هاشم ينضم إلى أصدقائه في صيام شهر العبادة، حيث كان بإمكانهم الاستراحة في ظلال الأشجار.

وقال لوكالة فرانس برس: "لا يمكننا أن نصوم هنا كما كنا نفعل في بورما لأن الحر شديد ولا توجد أشجار، فالقماش المشمع حار جدا ويزداد حرارة عندما تضربه الشمس.. سيكون الأمر صعبا للغاية".

ورغم ذلك فإن هاشم هو أحد المحظوظين، حيث سيتمكن من الاحتفال ببدء الشهر مع عائلته، بينما آلاف الأطفال الآخرين سيقضون رمضان بعيدا عن ديارهم ولوحدهم، فقد عبر الكثيرون إلى بنجلادش دون ذويهم أو عائلاتهم، بعد أن انفصلوا عنهم في الفوضى، أو تيتَّموا بسبب العنف والمرض اللذين سادا عملية الخروج الجماعية.

وتقول روبرتا بوسينارو، من منظمة "أنقذوا الأطفال"، لوكالة فرانس برس، من مخيم كوكس بازار: "للأسف فإن هذا أول رمضان سيذكره هؤلاء بسبب المعاناة، فلن يكون لديهم شيء يلعبون به سوى التراب والطين والغبار. سيقضون شهر رمضان بعيدا عن وطنهم وذويهم وأصدقائهم".

ولكن رغم الصعوبات، إلا أن الروهينجا لن يتخلوا عن تقاليدهم مهما كانت صعوبة الظروف، بحسب ما أكد الإمام محمد يوسف، الذي قال لفرانس برس: "سيكون الأمر صعبا لأن الشمس حارة جدا، ولكن مع ذلك فإننا سنصوم".