رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانفلات الأمنى والتجسس فى مصر


قرأت خبرين يوم الأربعاء (5 يونيو 2013) فى جريدة الجمهورية، وهى جريدة من بين 50 جريدة ومجلة قومية فى مصر .الخبر الأول فى الصفحة الأولى، ويقول عنوانه «فى يوم واحد (50) قضية سلاح ومخدرات والقبض على 150 بلطجيا وهاربا».

هذه الجرائم والمجرمين فى منطقتى الزاوية الحمراء والنزهة فقط .أما الخبر الثانى فى الصفحة الثالثة من نفس العدد ونقرأه كالتالى: مصدر قضائى يصرح للجمهورية بأن نتائج التحقيقات فى قضية «التخابر مع إسرائيل تعلن خلال أيام».

الخبران مزعجان وفيهما إرهاب وتخويف وتهديد للوطن والمواطن، تهديد داخلى وخارجى، وإن كان لكل منهما جوانب إيجابية حميدة، ولكنهما يدلان على وجود جوانب سلبية كثيرة فى مصر. فالقبض على مائه وخمسين بلطجيا وهاربا من منطقتى الزاوية الحمراء والنزهة فقط، إنما يشير إلى وجود عشرات الآلاف من المجرمين والهاربين والبلطجية، لو استطعنا تمشيط مصر كاملا لتطهيرها من هذا الوباء والإجرام والبلطجية. والقياس العددى هنا فى ضوء النسبة والتناسب على وجه التقريب وليس وجه التعيين، لأن التعيين والتحديد يتطلب دراسات فى معهد قومى لقياس اتجاهات الرأى العام، وليس إلى معهد حزبى.

ولا ندرى أن كان بعض هؤلاء البلطجية من الذين، تردد فى مصر مؤخرا، على استيحاء كبير ودون متابعة حقيقية، تتبناهم وتدربهم بعض جهات أمنية سيادية حتى بلغ عددهم 3000بلطجى، تم تدريبهم تدريبا راقيا، وهذا ما أثار الشكوك والخوف فى قلوب كثير من المصريين، لأنه إن صدق، فعلينا أن نتوقع بلطجية مرخصين، فى كل أنحاء الدولة، وإن أمسك بهم أحد من رجال الشرطة أو الأمن فلابد من أن يعمل لهم ألف حساب، لأن لهم ضهر يحميهم، كما يقول المصريون، «اللى له ضهر ما ينضربش على بطنه» . ولذلك يستعين كثير من حكام العرب بأمريكا حتى قال بعضهم «إن جالك بوش نم فى الحوش» يقصد الرئيس الأمريكى بوش الابن الذى تعرض للضرب بالحذاء فى آخر زيارة له للعراق .

وإن لم يكن هذا الخبر صادقا، فكم أثار من الشبهات والبلبلة فى مصر كلها . يجب أن تطهر البلد من البلطجية والهاربين والفاسدين والمنافقين والمخادعين والكذابين.. إلخ... وأن يأخذ الحق وكذا العدل، مجراه ليطمئن الناس ويتجهون إلى العمل والإنتاج . المزعج أيضا فى هذا الخبر كثرة السلاح الممسوك فى أيدى البلطجية. وناهيك عن الوجهاء أصحاب الجاه والسطان والسلاح المرخص الذى عندهم لأن كثرة السلاح فى الوطن إن لم يكن لحمايته، فهو لتدميره، وهو مما قد يؤدى إلى حروب أهلية ولو صغيرة، وهو أيضا مما يساعد على أن يسعى كل من معه سلاح (قوة) أن يستخلص حقه بيده، بدلا من الانتظار طويلا فى الصف أمام المحاكم، وبعض القضايا للأسف الشديد، تبقى دون حل، حتى يأتى دور الأحفاد وبعد وفاة الجدود والآباء.

أما الخبر الثانى، فأخطر بكثير من الخبر الأول وإن كان كلاهما خطير على أمن الوطن داخليا وخارجيا، يتعلق الخبر الثانى بقضية تجسس تم ضبطها أو التعرف عليها، أما ما لم يتم التعرف عليه أو ضبطه، فالله تعالى أعلم به وبخطورته. يقول الخبر إن التحقيقات مع المتهمين الرئيسيين اللذين تم القبض عليهما تضمنت اعترفات مثيرة، وأن المتهمين الاثنين تسللا إلى إسرائيل، -الكيان الصهيونى المحتل لبلادنا -، وأنهما تقاضيا مبالغ مالية كبيرة، مقابل تقديم معلومات تضر بالأمن القومى المصرى وتضر بالمصالح العليا للبلاد . «وهذه هى القضية التى تعرف باسم: التجسس لإسرائيل من سيناء».

ولابد أن نشيد فى هذا الصدد، بأجهزة الأمن الوطنى والقومى وجهودهما وحرصهما على المصلحة العامة، تلك الأجهزة التى قامت بمتابعة المتهمين وإلقاء القبض عليهما، وتقديم أدلة واضحة للجهات القضائية المعنية بذلك. خطورة هذه القضايا أنها تنخر فى أمن الوطن حتى ينهار، وتوضح أن العدو والعدوان والخطر الصهيونى لايزال قائما، ولايزال ينتهك حرمة بلادنا، رغم اتفاقيات كامب ديفيد التى تسمى بـ «اتفاقية أو معاهدة السلام» والتى نتمسك بها لأن الإسلام يحضنا على ذلك ماعلاقة التجسس بالسلام أو السلام بالتجسس؟

لن ترضى إسرائيل الصهيونية التى اغتصبت بلادنا باتفاقيات أو معاهدات ودنست المقدسات لن ترضى، إلا بما تخطط له، وإذا كانوا نقضوا العهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صدر الإسلام بالمدينة المنورة، فلماذا لا ينقضون العهود والعقود والاتفاقيات مع المسلمين اليوم، وإذا كانوا قد أهانوا بل قتلوا أنبياءهم فلماذا لايقتلون - حتى وهم يزعمون أنهم شعب الله المختار – غيرهم من شعوب الله غير المختارة فى عقيدتهم .

بما أن القضية تسمى: التجسس لإسرائيل من سيناء، فإن ذلك لا يمكن أن يكون مبررا لبعضهم فى أن يتهم أهل سيناء بالتجسس، بل لابد أن ندرك أن لأهل سيناء كثيراً من الفضل فى التعاون مع الأجهزة المعنية لكشف هذه الشبكات التجسسية التدميرية التى تسعى لتدمير الوطن ومنه سيناء . وأنهم جزء من الوطن العزيز، رغم أنهم كانوا تحت الاحتلال مدة زمنية طويلة. صحيح أن إسرائيل تحاول أن تجند من تستطيع لكى يسير فى فلكها ويقبل بأن يتجسس على وطنه، ولكن الغالبية العظمى من أهل سيناء هم من المخلصين لهذا البلد الوطن وليس لهم وطن غيره.قد تكون هناك قلة فاسدة شأن سيناء شأن بقية البلاد الأخرى ولكل جريمة عقاب ولكل مجرم مصير.

والله الموفق