رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ورطة فى طرابلس».. الإرهاب يقاوم إجراء الانتخابات فى ليبيا

تفجير المفوضية
تفجير المفوضية

فى بداية غير مبشرة للإعلان عن انطلاق قطار الانتخابات الليبية، استهدف هجوم انتحارى، مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فى طرابلس.

وتتجه ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجارى، وسط ضغط أوروبى وأممى لإجرائها إلا أن مؤشرات متضاربة تأتى من داخل البلد المنهك تشير إلى عدم توافق الأطراف على إجراء تلك الانتخابات وفق الخطة الزمنية المعلنة من قِبل المبعوث الأممى.

ويظل السؤال يطرح نفسه، هل إجراء انتخابات رئاسية فى ذلك التوقيت حل لحالة الانسداد السياسى فى ليبيا، أم أن الأمر سيؤدى إلى مزيد من التعقيد فى ظل وجود حكومتين متنازعتين ومجلس نواب ومجلس رئاسى؟

السراج يؤيد تنظيمها.. حفتر يقلل من أهميتها.. والأمم المتحدة: ضرورية
تبدو الخريطة الليبية فى غاية التشابك، ففى الوقت الذى يرحب فيه رئيس الحكومة فائز السراج، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبيى، بإجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجارى، إلا أن الأخير عاد ليقلل من أهمية إجرائها، فى أول تعليق له عقب عودته من باريس بعد تعافيه من أزمة صحية، وقال: «أريدكم أن تثقوا فى هذا الجيش، لأنه هو الذى سيوصلكم إلى ما تتمنوه بعون الله، إذا كنتم تريدون حياة حقيقية، وليس تمثيلًا كما يأتون بها من خلال الانتخابات ولا غيره هذا كله كلام اركنوه على جنب».
عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبى، أعلن من جانبه موافقته على إجراء الانتخابات، فيما شكك أعضاء من المجلس الأعلى للدولة، المعترف به أمميًا، فى جدية إجراء انتخابات فى أجواء يسيطر عليها عدم التوافق السياسى بين الأطراف إلى جانب انعدام الأمن. واستبعد محمد معزب، عضو المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا، إجراء انتخابات رئاسية هذا العام خاصة فى ظل عدم التوافق بين الأطراف حتى الآن. ومن المرتقب إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فى ليبيا قبل نهاية ٢٠١٨، وفق خارطة طريق للأمم المتحدة، ترتكز على ٣ مراحل رئيسية، تشمل تعديل الاتفاق السياسى الموقع بمدينة الصخيرات المغربية فى ١٧ ديسمبر ٢٠١٥ وعقد مؤتمر وطنى يهدف إلى فتح الباب أمام المستبعدين من جولات الحوار السابق، وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور، ثم انتخابات نيابية ورئاسية.
ويقول المبعوث الأممى إلى ليبيا، غسان سلامة، إن كل الاستطلاعات أظهرت رغبة المواطنين فى التوجه للانتخابات، مشيرًا لوجود توجه دولى وأممى داعم للانتخابات فى ليبيا كحل للأزمة.

أنصار القذافى «رقم صعب» فى المعادلة.. وجهود لتحقيق مصالحة وطنية
تبقى عقدة أنصار القذافى فى ليبيا، عائقًا آخر أمام إجراء الانتخابات، وتندرج ضمن الأولويات الأساسية إعادة نحو ٤٠ ألف شخص هجّرهم مقاتلو مصراتة من تاورغاء عام ٢٠١١، عقب خلع الزعيم الليبى معمر القذافى ثم قتله.
ومنذ ذلك الوقت، يعيش أهالى تاورغاء الذين كانوا يدعمون القذافى فى خيم فى المخيمات الصحراوية، وفرتها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
وعلى الرغم من الوصول إلى اتفاق أممى بعودتهم إلى قراهم، أعاقت ميليشيات مصراتة هذا الاتفاق لتمنع عودة ما يزيد على ٤٠ ألفًا.
وشدد المبعوث الأممى على ضرورة عودة جميع النازحين داخليًا فى ليبيا البالغ عددهم ١٦٥٤٧٨ مواطنًا إلى قراهم قبل إجراء الانتخابات.
والتقى رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا بالقاهرة أنصار النظام الجماهيرى الليبى، وضم اللقاء «الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا»، و«جبهة النضال الوطنى الليبى»، و«التجمع الوطنى الليبى»، و«مؤتمر أنصار النظام الجماهيرى»، والقوى الوطنية والمستقلين ومؤسسات المجتمع المدنى والشباب والمرأة والإعلاميين.
وقالت مصادر ليبية حضرت اللقاء إن اللقاء بحث أربعة محاور «المحور السياسى والاجتماعى والعسكرى والمصالحة»، لافتة إلى أن الأمم المتحدة تبحث عن الحلول المرضية للجميع والمصالحة الوطنية دون إقصاء أى طرف ومشاركة الجميع.
وأضافت المصادر فى تصريحات صحفية: «أبلغنا سلامة بضرورة التسريع فى إجراء انتخابات وطرح الخطوات المقبلة، وضرورة دعم المصالحة العامة بين كل الأطراف الليبية، إضافة إلى توحيد المؤسسة العسكرية، وتأسيس جيش ليبى موحد، حتى تتم الانتخابات بشكل نزيهة».
وتابعت: «الاجتماع لفت انتباه سلامة إلى أنه بمجرد الإعلان عن ترشح سيف الإسلام القذافى أقبل الليبيون على التسجيل فى سجل الناخبين، حيث إن أنصار النظام السابق يشكلون ٧٠٪ من الليبيين».
وأعلن سيف الإسلام القذافى، عبر محاميه، اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية المنتظرة، إلا أن عودته للمشهد السياسى تصطدم بعدد كبير من الصعوبات والعراقيل، لعل أبرزها العائق القانونى المرتبط بأحكام قضائية صدرت بحقه، إلى جانب مطالبات دولية بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.

الاتحاد الأوروبى يدفع للإسراع بها.. روسيا غير مرحبة.. وألمانيا تقدم دعمًا ماليًا
يدفع عدد من دول الاتحاد الأوروبى المتضررة من حالة الانعدام الأمنى بليبيا، والهجرة غير الشرعية التى تنوء بها سواحلها، فى اتجاه الإسراع بإجراء انتخابات رئاسية، وقال وزير الخارجية الفرنسى، جان إيف لودريان، فيما يتعلق بضرورة تنظيم انتخابات فى ليبيا، إن هذا الجدول الزمنى الانتخابى يعد الحل الأمثل بالنسبة لليبيا. وبالتالى، وجب فى الوقت الحاضر تفعيله بسرعة قصوى.

وأضاف إيف لودريان: «عندما أقول خلال فصل الربيع، يعنى ذلك خلال فصل الربيع، وأنا أعى جيدًا ما أقول». وقد اختار المبعوث الأممى لليبيا بدوره التوقيت نفسه.
وتتفق رؤية إيطاليا بشأن أهمية إجراء الانتخابات للخروج من الأزمة السياسية فى ليبيا مع فرنسا، التى دعت إلى ضرورة التطبيق السريع لخطة الأمم المتحدة.
وهو ما أشار وزير خارجيتها أنجيلو ألفانو فى زيارة له إلى طرابلس، خلال محادثات أجراها مع رئيس المجلس الرئاسى فايز السراج فى طرابلس.
على النقيض أبدت روسيا تحفظها على إجراء الانتخابات فى مثل تلك الأجواء غير المستقرة سياسيًا وأمنيًا، وقال رئيس مجموعة الاتصال الروسية الخاصة بالتسوية فى ليبيا، ليف دينجوف: إنه من المستحيل والسابق لأوانه الحديث عن موعد للانتخابات فى ليبيا، قبل تلقى موافقة رسمية من الأطراف المعنية.
ومن جهتها، أيدت الولايات المتحدة تأييدًا تامًا جهود الممثل الخاص للأمم المتحدة فى سعيه لمساعدة الليبيين على التفاوض على تعديلات على الاتفاق السياسى الليبى وإرساء الأساس للانتخابات فى عام ٢٠١٨، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم مكتب شئون الشرق الأدنى فى وزارة الخارجية الأمريكية كريستيان ك. جيمس.
وفى إطار تعزيز القدرات الانتخابية لليبيا، أعلن الاتحاد الأوروبى تقديم مساهمة مالية قيمتها ٥ ملايين يورو، وأشارت البعثة الأوروبية إلى أنه بهذه المساهمة ينضم الاتحاد الأوروبى إلى ألمانيا وهولندا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا لتعزيز القدرات الليبية لتنظيم الانتخابات وزيادة المشاركة فى العملية الانتخابية.
وقررت الحكومة الألمانية تقديم مليون يورو لدعم إجراء الانتخابات فى ليبيا، فى إطار مشروع الأمم المتحدة، وبلغ الدعم الفرنسى مائتى ألف يورو، وحمل مشروع الأمم المتحدة الانتخابى فى ليبيا من جانبها لم تمانع مصر إجراء انتخابات رئاسية ليبية، وشهدت القاهرة مباحثات بين وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان والرئيس عبدالفتاح السيسى، وأعلنت الرئاسة أن وجهات نظر مصر وفرنسا اتفقت على «حدوث تقدم نسبى بالمشهد الليبى، وهو ما يستلزم الإسراع فى عقد الانتخابات قبل نهاية العام الجارى».
يأتى ذلك بالتزامن مع الجهود المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وهى اللجنة التى ضمت ممثلين عن الجيش الوطنى الليبى الذى يقوده المشير خليفة حفتر من شرق البلاد، إضافة إلى ضباط محسوبين على حكومة الوفاق الوطنى التى يترأسها فائز السراج.