رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كريم سعد.. أصغر معالج من الإدمان:‏ تعاطيت المخدرات فى التاسعة

جريدة الدستور

تسع سنوات وعشرة أشهر هى المدة التى احتاجها ليتعافى من إدمان الكحوليات والمواد المخدرة بمختلف أنواعها، يذكرها باليوم والساعة، يقول إنه فى يوم الخميس الموافق الثامن من يونيو عام ٢٠٠٨ ‏قرر الاعتراف لوالدته بتعاطيه المخدرات، وكان اعترافه ناتجًا عن يأس ولا مبالاة أكثر منه رغبة فى التعافى.‏
تفاجأت الأم ووقع الخبر عليها كالسكين فى القلب، ولكن ما زاد الأمر سوءًا أن ابنها كان لا يزال عند عتبة الرابعة عشرة من عمره، وكانت هناك تغيرات عديدة طرأت على شخصيته لاحظتها الأم ولكن ‏لم يخطر ببالها أن الأمر قد وصل إلى إدمان المخدرات، فابنها لا يزال صغيرًا وإدمان الصغار للمخدرات لم يكن منتشرًا، كما هو الحال فى هذه الأيام.‏
يحكى كريم سعد، صاحب الـ٢٤ عامًا تجربته مع الإدمان، وهو الآن أصغر متعافٍ ومعالج للإدمان، فيقول إن البداية كانت فى سن السادسة حين توفى والده الذى اعتمد عليه فى كل شىء فى الحياة.‏
كانت الفاجعة بالنسبة لطفل فى سنه «كبيرة»، وعندما زاد عمره سنة واحدة قرر أن يقلد والده الذى كان يدخن السجائر دون أن يلحظ أحد ذلك، وظل يدخن لمدة سنتين كان فيهما منطويًا بائسًا لا يتحدث إلى ‏أحد. وفى يوم ميلاده التاسع، تواجد بين مجموعة تتعاطى «الحشيش»، فنظر إلى السيجارة على أنها مجرد سيجارة عادية، كتلك التى يدخنها وسارع يجربها عندما عرضوها عليه. يقول كريم: «شعرت ‏بسعادة لم أشعر بها من قبل ووجدتنى أقدم على فعل الأشياء التى أخشاها دون رهبة أو خوف».‏
لكن السعادة لم تستمر، إذ إنها قضت على مستقبله الرياضى بعد أن كان ثالث جمهورية فى رياضة الجودو وأصبح لا شىء، وقتها عاد إلى أصدقائه يخبرهم بما حدث له، فعرضوا عليه «الترامادول» ‏وبعدها الكحول، لينخرط منذ هذه اللحظة فى ألوان مختلفة من المخدرات انتهت إلى الهيروين، وهو فى الثالثة عشر. ‏
كان ذكاؤه خارقًا فى إخفاء كل هذه الأحداث عن والدته، ربما يفسر ذلك أنها لم تستطع تحديد أسباب تغيره، إلى أن جاء واعترف بنفسه.‏
‏«كريم» كان مراهقًا قويًا، كما هو الآن شاب قوى قادر على تخطى الصعاب بشكل بارع ومبهر للجميع، فعندما قرر التعافى لم يعد إلى المخدرات يومًا بل ويساعد غيره من المدمنين فى الحصول على ‏فرصة أكبر فى الحياة.‏
يقول «كريم» إن الحياة اختلفت تمامًا بعد التعافى: «بعد أن كانت هناك أشياء تسوق قراراتك وتدمر حياتك أصبحت أنت المتحكم الأول والأخير فى مصيرك». قبل تجربته، كان يظن أن المدمن مجرم، ‏وبعدها أدرك أنه مجرد إنسان مريض يحتاج للدعم والمساعدة، وكان هذا السبب الذى دفعه إلى الحصول على دبلومات فى علاج الإدمان ليصبح أصغر معالج فى مصر. يحضر «كريم» عددًا كبيرًا من ‏دورات التنمية البشرية واللغات، فطور من مستواه التعليمى ولا تزال الفرصة فى الحياة أمامه ليكمل المشوار الذى بدأه، ويحقق الأحلام التى ينشدها، سواء بالأعمال الخيرية فى أكثر من مستشفى لعلاج ‏الإدمان، أو فى مستقبله الخاص بإنهاء دراسته وتحقيق نجاحات فى مجال عمله، والأهم أن يظل محافظًا على مدة تعافيه التى وصلت اليوم إلى تسع سنوات وعشرة أشهر.‏