رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحقق فى غرق التجمع: خسائر ‏بالملايين من السيارات حتى أحواض السمك

جريدة الدستور

◄ على: سياراتى الخمس غرقت و«عم سعد» حارس العقار من البدروم الغارق: «العفش ضاع»‏

◄ حمامات سباحة وأثاث وأنتيكات ضمن الخسائر واتهامات للحى بالصرف فقط على «الديكور»‏

شهد اليومان الماضيان تجمع بحيرات من الأمطار داخل الوحدات السكنية الراقية فى منطقة «التجمع الخامس» بمحافظة القاهرة، ما جعل كثيرين من متداولى صور هذه ‏الأمطار على مواقع التواصل الاجتماعى يرددون: «الحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به سكان التجمع».‏
‏«الدستور» انتقلت إلى هناك لنقل المشاهد الحقيقية على أرض الواقع، خاصة أن ما تشهده المنازل هناك أكثر ألمًا من المتداول على منصات «السوشيال ميديا»، فى ظل تكبد ‏السكان خسائر بملايين الجنيهات. ‏




انسداد البلاعة العمومية.. غرق محطة الرفع.. والمتضررون يستأجرون عربات شفط: ‏الساعة بـ300 جنيه
يقف «محمد على» مع عدد من عمال الرفع فى أول شارع «التسعين»، كاشفًا عن ساقيه، فى محاولة لتخطى المياه الغزيرة ورفعها برفقة جيرانه، بعد مرور ساعات من ليلتين مروعتين عاشهما أهالى ‏المنطقة.‏
يقول «على»، وهو أحد سكان المنطقة: «البلاعة العمومية اتسدت وبوظت الدنيا، وبتطلع مياه ومجارى.. كل مطرة تحصل معانا نفس المشكلة، بسبب تدهور البنية التحتية، والأعطال اللى بتصيب مواتير ‏الرفع فى محطة رفع المياه أول ما المطر ينزل، وده كله بيخلى المجارى تضخ فى المنطقة زى النافورة».‏
يرى أن الحل الأمثل هو وجود علاج أساسى لمحطات رفع المياه فى التجمع الخامس: «لازم المحطات دى متوقفش، اتكلمنا وقدمنا للحى، قالوا كل عربيات الرفع مستهلكة داخليًا، لأن فيه أكتر من جزء ‏فى المنطقة البنية التحتية الخاصة بيه بايظة».‏
‏«سيارات، وبدروم، وحمام سباحة، وأحواض سمك، وأثاث»، كانت خسائره جراء الليلتين الممطرتين. يوضح: «الخساير حوالى نص مليون، عربياتنا باظت، والميه دخلت جوه البيوت، وحمامات السباحة ‏ومواتيرها غرقت، والعفش كامل، والسمك مات جوه الأحواض»، مشيرًا إلى أن «الفيلا ٦٠٠ متر، والمياه واصلة ٤ أمتار ارتفاع، يعنى حوالى ٢٤٠٠ متر مربع مياه جوه الفيلا»، معلقًا: «دول يغرقوا ‏شارع».‏
لم يختلف الأمر لدى «محمود إبراهيم»، أحد سكان المنطقة، الذى قال: «كنت مسافر.. جيت لقيت الدنيا غرقانة، والمياه دخلت كل البيوت حتى البدروم.. والخسائر فى العفش والأنتيكات»، مضيفًا: ‏‏«المفروض البينة التحتية تكون أقوى من كده لأنها مدينة جديدة».‏
يرى «إبراهيم» أن السبب الرئيسى لتلك الكارثة هو: «تجمع مياه الأمطار فى منطقة الغاز والمستشفى الجوى، عالية الارتفاع، ثم انحدارها وتجمعها فى هذه المنطقة التى تعانى من تدهور البنية التحتية»، ‏مضيفًا: «المجارى اتسدت، لأن الأرض مش متوازية، والكل بيرمى علينا».‏
ويتابع: «معندناش غير بلاعة واحدة.. إحنا اللى عملناها على حسابنا، الجهاز معملش بلاعات، روحنا نجيب عربيات رفع قالوا مافيش عربيات، الناس أجرت على حسابها بـ٢٠٠ و٣٠٠ جنيه فى الساعة.. ‏خراب بيوت».‏
أما «على أحمد»، أحد سكان المنطقة، فخسر ٥ سيارات باهظة الثمن فى يوم وليلة، بسبب الأمطار وغرق الشارع، إلى جانب دخول المياه إلى منزله الخاص وارتفاعها إلى ٨ أمتار فى «البدروم» ‏الملحق بالمنزل. يقول: «المشكلة متكررة عشان الأرض نازلة والبنية التحتية ضايعة».‏
ويضيف: «الأزمة بتحصلنا كل مرة والمشكلة مش فى مياه الأمطار، لأن الأهالى عاملين بلاعات، المشكلة فى أن الصرف بيروح على محطة رفع المياه، وبيكون فيها طرمبتين رفع.. اتعطلوا أول ما ‏المطر بدأ.. المحطة المسئولة عن رفع المياه هى نفسها غرقت بسبب المطر».‏
واعتبر أن الحى «بيصرف على الديكور وتوسيع الطرق وسايب الحاجات الأساسية ومتجاهل صيانتها بشكل كامل»

أرقام الحى «مغلقة».. ومسئول بالكهرباء رفض فصل «العمومى»: «الدنيا مبلولة»‏
أمام أحد المنازل التى تتوسط شارع «التسعين»، يجلس «عم سعد»، الرجل الذى تخطى الستين من عمره، فى الطابق العلوى لفيلا تحت الإنشاء يتولى حراستها، ويقيم بها هو وزوجته، وخصص طابقًا ‏سفليًا لوضع أجهزتهما وغرفة النوم، وملابسهما.‏
‏«كل شىء كان هُنا».. يُشير الرجل بأسى نحو طابق غمرته المياه حتى آخره، وبقى كل ما يملك الرجل المسن وزوجته، فى قلب بحيرة كبيرة من المياه، ولا يقوى على تحمل تكاليف إزالة المياه، كما ‏يفعل جيرانه.‏
يقول الرجل بنبرة حزينة: «أنا مقيم فى البدروم، غرفة صغيرة تؤوينى، وبمجرد هطول الأمطار، انهمرت المياه نحو الغرفة.. الثلاجة والبوتاجاز وكل المفروشات والموبيليا غرقت فى المياه».‏
اتصالات عديدة حاول من خلالها الرجل الستينى أن يصل إلى رئاسة الحى دون جدوى -حسبما يروى: «الحى رفض أن يمدنا بسيارات سحب مياه، حتى نخرج من هذا الهم، وأى سيارة سنستأجرها من ‏الخارج، ستكون بمصروفات لا نقوى على تحملها».‏
‏«غلابة» التجمع ليسوا من ساكنيه فقط، فهناك أصحاب المحلات الذين فقدوا مصدر رزقهم الوحيد. فعلى بُعد أمتار قليلة يقف «أحمد محمود»، وتحيطه المياه من كل جانب، لا يرفع عينيه عن ذلك ‏المشهد أمامه ومحاولات زملائه رفع المياه بطرق بدائية عن المحل مصدر رزقهم الوحيد.‏
‏«أحمد» هو عامل فى «صالة جيمانزيوم»، وبمجرد هطول الأمطار قبل شهرين غرقت بأكملها وبجميع الأجهزة الرياضية داخلها، وهو ما تكرر عند هطول الأمطار خلال اليومين الماضيين، ليخسر ‏صاحبه ما يقرب من ٥ ملايين فى المرتين.‏
يقول: «عندى محل جيم، كله غرق بالأجهزة ودى تانى مرة، والخساير رهيبة، والمشكلة مش فى المطر المشكلة كلها فى الصرف اللى بايظ وسوء التخطيط، ماحدش بيهتم، وقدمنا شكاوى كتير لحد ‏دلوقتى مرمية فى الأدراج».‏
مع هطول المطر وغرق الشوارع، حاول برفقة الجيران الاتصال بجميع أرقام رئاسة الحى للاستغاثة، إلا أنها كانت مغلقة: «كل ما نكلم الحى مقفول، وشركة الكهرباء مقفول، عايزين حد يفصل ‏الكهرباء عن المنطقة عشان لو حصل ماس هنموت، ماحدش بيتحرك، روحت جبت حد من شركة الكهرباء عشان يفصل العمومى قالى خايف يتبل من الميه واللى يموت يموت». ليس ذلك فحسب، بل إن ‏الحى اختفى من المشهد فى اليوم الثانى من كارثة الأمطار، وفقًا لرواية «أحمد» مضيفًا: «ماحدش ساعدنا حتى فى الرفع، كل ما نكلمهم عشان يبعتوا عربيات رفع يقولوا مافيش.. الناس بترفع بجرادل».‏