رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السعودية تغني بالمصري.. الأوبرا تنظم أول حفل فى مركز الملك فهد الثقافى بمشاركة 45 فنانًا ‏

جريدة الدستور

تعيش المملكة العربية السعودية حاليًا، حالة من الانفتاح الثقافى والفنى غير المسبوق، بعد أن اتخذت خطوات جادة فى هذا المجال، بدأت بافتتاح دور السينما، وتنظيم الحفلات ‏التى يُحييها كبار المطربين فى العالم العربى. ‏
وفى واحدة من أهم الخطوات نحو التحول إلى الاهتمام بالثقافة والفنون، نظمت الأوبرا المصرية على مدار يومين، ولأول مرة فى تاريخها، حفلًا فى مركز الملك فهد الثقافى، ‏أمس الأول الأربعاء، بحضور وزيرى الثقافة لمصر والسعودية، الدكتورة إيناس عبدالدايم، والدكتور عواد بن صالح العواد، إضافة لـ٣ آلاف من الحاضرين.‏
الحفل الذى أحياه ٤٥ فنانًا من فرقة الموسيقى العربية، انطلقت فعالياته من البهو الرئيسى لمركز الملك فهد الثقافى، بافتتاح معرض يضم ٦٠ صورة فوتوغرافية نادرة توثق ‏لتاريخ الأوبرا القديمة والجديدة، ويسرد للجمهور رحلتها الطويلة التى تقترب من قرن ونصف من الزمان.‏


العواد مُرحبًا بالمثقفين المصريين: «أهلًا بالإبداع»‏
وانتقل الحضور إلى القاعة الكبرى لمتابعة الاحتفال الفنى، الذى بدأ بكلمة لوزير الثقافة السعودى «العواد»، قال خلالها: «إنه لمن دواعى سرورى وسعادتى فى هذه الليلة، أن أُرحب بزميلتى ‏معالى الدكتورة إيناس عبدالدايم، وصحبها من المثقفين والفنانين والإعلاميين فى مصر العروبة.. مصر الفنون.. مصر الأصالة والإبداع.. أهلًا ومرحبًا بكم فى وطنكم الثانى المملكة العربية ‏السعودية الذى يتشرف بكم فى أمسية فنية تروى الذائقة السمعية والبصرية لدى الحضور والمتابعين ضمن ليالى الأوبرا المصرية».‏
وأكد «العواد» أن استضافة حفلى فرقة الموسيقى العربية التابعة لدار الأوبرا المصرية، تأكيد على ما تحظى به العلاقات الأخوية بين المملكة العربية السعودية وشقيقتها مصر، بقيادة خادم ‏الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس عبدالفتاح السيسى، من تميُّز فى جميع المجالات، منها الثقافى والفنى الذى يلامس دائمًا بقوته الإبداعية مشاعر الشعوب والمجتمعات، ويعزز ‏رسائل المحبة والسعادة والسلام.‏
وأضاف: «بالأمس القريب عندما زار الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد، دار الأوبرا المصرية مع الرئيس السيسى، وشاهدا عرضًا خاصًا لإحدى المسرحيات، الذى تم اختياره كأفضل عرض ‏مسرحى خلال عام ٢٠١٧؛ إنما هو تأكيد من القادة على أهمية الثقافة والفنون ومكانتهما فى توثيق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وهذا ما يجعلنا نضطلع بمسئولياتنا المشتركة لمواصلة آفاق التعاون ‏الثقافى والفنى، وتوسيع دوائر حراكهما المعرفى، والتعاون المثمر والمفيد لمثقفى وفنانى البلدين».‏



إيناس عبدالدايم: بداية للتبادل الثقافى
انتقلت الكلمة بعد ذلك، إلى الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، التى أكدت فى كلمتها على تعزيز التواصل الثقافى بين مصر والمملكة، باعتبارهما صمام أمان للهوية العربية، وتأكيدًا على ‏قدرة القوة الناعمة فى التنمية الشاملة لشعوبنا، مما يؤدى إلى الأمن الفكرى وينعكس إيجابًا على البلدين.‏
وأشادت بالخطوات السريعة التى اتخذتها المملكة العربية السعودية فى الآونة الأخيرة، واستهدفت الاهتمام برسم مسارات جديدة فى الجانبين الثقافى والفنى، مما جعلها قادرة على إظهار حضارتها ‏مع أشقائها خاصة مصر، لما يربطهما من علاقات متجذرة تنمو بصورة مستمرة، فالفعاليات الثقافية والفنية بين البلدين أصبحت حاضرة بقوة فى المشهد الثقافى العربى.‏
واعتبرت مبادرة الانفتاح الثقافى على المستوى الرسمى المتمثل فى أجهزة الدولتين تمنح علاقاتهما على جميع المستويات أفقًا أكثر رحابة، وتؤدى إلى حراك متنوع يعود بفوائد كبيرة على الشعبين ‏المصرى والسعودى، مضيفة: «أعتبر هذه بداية وانطلاقة لدعم وتعزيز التبادل الثقافى والفنى بين البلدين».‏




الجمهور يهز المسرح بترديد «أحلف بسماها وبترابها»‏
تبادل الوزيران دروع التكريم، احتفالًا بهذه المناسبة، ثم عُرض فيلم وثائقى بعنوان «الأوبرا المصرية بين الماضى والحاضر»، تناولت مادته الفيلمية تاريخ الأوبرا القديمة والحديثة، بتعليق صوتى لكل من ‏الإعلامى الراحل أحمد سمير، وآخر رئيس للأوبرا الخديوية، صالح عبدون، واستقبل المسرح ليلة من الطرب المصرى فى الزمن الجميل، بقيادة الفرقة الموسيقية العربية التى قادها بتمكن واقتدار ‏المايسترو مصطفى حلمى.‏
وشهد الحفل الذى تم تنظيمه على يومين «الأربعاء والخميس»، مشاركة مجموعة من مطربى الأوبرا، وكان الفاصيل الأول، صولو أورج لـ«حمادة النجار»، أعقبه فقرة غنائية لـ«نهاد فتحى»، و«أحمد ‏عفت»، وفى الفاصل الثانى، تم تقديم فقرتين الأولى للمطرب أحمد عصام، الذى أدى أغنية «ويلك ويلك» و«كان أجمل يوم»، والفقرة الثانية لـ«مى فاروق»، التى أدت «القلب يعشق»، و«فكرونى».‏
وكانت البروفات، بدأت منذ أشهر استعدادًا لهذا الحفل، واستمع الحاضرون إلى أنغام موسيقية ترتقى بالوجدان، وحول الفنان وحيد ممدوح، الجيتار، إلى صوت بشرى عندما عزف لشادية «على عش ‏الحب، إن راح منك يا عين»، كما تألقت المطربة نهاد فتحى فى أغنيتى «على اليادى، يا أعز من عينى»، ثم شاركت المطرب أحمد عفت دويتو «حاجة غريبة».‏
واستكمل أحمد عفت، فقرته الغنائية التى تفاعل معها الجمهور عندما تغنى برائعتى العندليب الراحل عبدالحليم حافظ «على قد الشوق وموعود»، وردد الجمهور معه، بعدها عزف الفنان حمادة النجار على ‏‏«البيانو» كلاسيكيات من زمن الفن الجميل، وصاحبه الجمهور بالغناء فى إشارة إلى التأثير الإيجابى للموسيقى على ثقافات الشعوب.‏
وأبدعت صاحبة الصوت الكلثومى، مى فاروق، التى نجحت فى انتزاع آهات الجماهير، وهى تشدو لكوكب الشرق سيدة الغناء العربى أم كلثوم «مصر التى فى خاطرى»، بمناسبة أعياد تحرير سيناء، ثم ‏اختتم الاحتفال الذى استمر لأكثر من ٣ ساعات بمشاركة جميع المطربين «أحلف بسماها» وسط صيحات الجماهير، التى هزت أرجاء المسرح «تحيا مصر والسعودية»، موجهين تحية شكر وتقدير لقيادات ‏الدولتين.‏



وفد سعودى يزور الدار لدراسة استنساخها بالمملكة
كان وفد سعودى، برئاسة بدر محمد عبدالعزيز بن عساكر، الأمين العام لمؤسسة محمد بن سلمان، المعروفة باسم «مسك الخيرية»، زار دار الأوبرا المصرية، وتفقد جميع مسارحها، والتقى العديد ‏من المهندسين والمخرجين بالأوبرا، للاستماع منهم إلى شرح تفصيلى لجميع ما تحتويه الأوبرا من مسارح، ومتاحف، ودراسة إمكانية إنشاء دار أوبرا بالسعودية خلال الفترة المقبلة.‏
وبحث الوفد السعودى، مع نظيره المصرى فى القاهرة، سُبل دعم التعاون والتواصل الثقافى بينهما، كما تم وضع بروتوكولات ومبادرات مشتركة تفيد المجتمعين المصرى والسعودى فى مجالات ‏الثقافة والفن.‏
وأبدى «عساكر» استعداده لدعم بعض المشروعات الفنية فى مجالات الفن التشكيلى، من أهمها «بينالى القاهرة الدولى للفنون»، الذى توقف منذ ٧ سنوات بعد دورته الـ ١٢ عام ٢٠١١، ووصفه ‏بأنه أحد أهم ملتقيات الفنانين التشكيليين على مستوى العالم، كما تفقد متحف الفن الحديث، الذى يعد أحد أهم المتاحف فى الشرق الأوسط، ويضم مقتنيات تصل لـ«١٩ ألف عمل فنى».‏