رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لأول مرة.. قصة الذين قتلوا جمال حمدان

جمال حمدان
جمال حمدان

تواصل الاحتفال بالذكرى الـ٢٥ لرحيل المفكر العظيم

السؤال الذى يفرض حضوره كغيمة هائلة فى يوم قائظ: هل بعد ٢٥ عامًا على رحيله، هناك جديد يقال عن هذا العالم الأسطورى بعد كل الذى قيل؟
الإجابة بلا تردد: إن سيرة جمال حمدان الحقيقية لم تُكتب بعد، وإذا كانت حياته انتهت بلغز كبير لم نصل بعد إلى إجابة عنه، ولم نحسمه حتى الآن: هل كان موته مدبرا بعملية اغتيال متقنة أم راح ضحية موت عبثى بانفجار أنبوبة بوتاجاز «تافهة»؟.فإننا بعد ربع قرن على تلك النهاية «المأساوية العبثية» نجد أن الألغاز تضاعفت والأسئلة الحائرة عن حياة جمال حمدان تكاثرت، حتى لتسأل نفسك: ما جدوى كل تلك الأطنان من الأحبار والأوراق التى كُتبت عنه إذا لم تقدم لنا إجابات مقنعة عن كل تلك الألغاز والأسئلة الحائرة؟.
عن نفسى سأتوقف عند لغز واحد، شغلنى كثيرا وأظنه يشغل بال كثيرين من عشاق أشهر عالم مصرى فى الجغرافيا السياسية ظهر فى القرن العشرين، وأقصد به سر حالة «الرهبنة» التى فرضها جمال حمدان على حياته، ولماذا طلق كل مُتع الدنيا: المال والبنون والنساء والمناصب، وعاش حياة قاسية من الزهد والتقشف وأغلق على نفسه باب شقته المتواضعة الخالية من كل مظاهر الترف بل من الحد الأدنى للحياة الإنسانية البسيطة، فلم يملك تليفزيونا ولا ثلاجة، بل ولا مكتبة يضع بها كتبه، وبالطبع لم تكن لديه سيارة ولا حساب فى بنك، وقرر أن يوقف عمره وحياته على العلم.. العلم وحده.
ما السر؟.. ما الدافع؟.. ما المبرر؟
هذه محاولة للإجابة:
رفض عروض القذافى وهيكل للخروج من منزله واعتذر عن عدم قبول منصب رفيع بـ«اليونسكو»
قبل ٧ سنوات كاملة على النهاية المأساوية لجمال حمدان، وفى عدد يناير ١٩٨٦ من مجلة «الهلال» كتب صديقه الناقد المرموق محمود أمين العالِم مقالا مطولا عنوانه: «العاشق العظيم لمصر وللحقيقة» يفيض بالتقدير والمحبة لصاحب «شخصية مصر»، يذكّره فيه بصداقتهما القديمة التى بدأت فى مكتبة قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، وكان العالِم حينها نهاية الأربعينيات، وعقب تخرجه فى قسم الفلسفة فى الكلية نفسها يعمل أمينا لتلك المكتبة العامرة، ويعرف المترددين عليها طالبًا طالبًا، ويشارك فى نقاشاتهم ومحاوراتهم، والتقط بعين الناقد ذلك الطالب النحيف الطويل المتوهج عقلا وحماسا وثقافة: «استشعرت نبوغه منذ حوارنا الأول، لم يقف الأمر عند سعة اطلاعه وذكائه وعمق حجته، بل كان شعلة من قلق خلاق يستوعب ويتمثل وينتقد ويرتعش بالتساؤلات الفنية، وبإرادة الغوص إلى الأعماق البعيدة والتحليق فى الآفاق الفسيحة كشفا لأسرار الأشياء والحياة».
كان محمود أمين العالِم أول من تنبه لموهبة ونبوغ وعبقرية جمال حمدان وبشّر بها وتابع مسيرته وكتب بعمق عن مؤلفاته وربطتهما علاقة وثيقة ومحبة متبادلة وبحكم تلك الصلة كتب إليه العالِم: «أملى أن يخرج من عزلته الصوفية إلى الجماهير الغفيرة من قرائه ومحبيه ومقدرى فضله على فكرنا المعاصر».
ربما قرأ جمال حمدان ما كتبه العاِلم وابتسم، صحيح أنه يقدر صديقه الناقد والمفكر اليسارى المرموق، لكن ليس إلى درجة أن يلبى دعوته ويستجيب لأمنيته بأن يقطع عزلته الحديدية ويخرج للدنيا التى طلقها، فقد كانت عنده عروض أكثر إغراء لكنه رفضها جميعا وبلا تردد.
جاءه الرجل الثانى فى ليبيا «عبدالسلام جلود» برسالة من الرجل الأول «القذافى» يعرض عليه شيكا على بياض يحدد فيه بنفسه راتبه مهما كان ويضع كل الامتيازات المادية التى يطلبها، مقابل أن يأتى إلى ليبيا ليؤسس وزارة للتعليم العالى ويتولى إدارتها.. واعتذر جمال حمدان.
وجاءه هيكل يحمل عرضا من أمير الكويت: تعال إلينا لترأس جامعة الكويت ونترك لك تحديد راتبك وامتيازاتك.. واعتذر جمال حمدان.
وجاءه وفد من مؤسسة الكويت للتقدم العلمى ليحمل إليه خبر فوزه بالجائزة السنوية للمؤسسة فى مايو ١٩٨٦، عن الجزءين الثالث والرابع من كتابه «شخصية مصر» ومعه شيك قيمته ١١ ألف دولار، القيمة المادية للجائزة، فاحتفظ بشهادة التقدير وأعطى الشيك لشقيقه الأصغر محمد ليصرفه من البنك ويوزعه على أشقائه بالتساوى، ولما راجعه شقيقه وعرض عليه أن يودع باسمه مبلغا ولو ٥٠٠ جنيه، ربما يحتاجه لشراء مراجع وكتب، إلا أنه أصر على موقفه ولم يأخذ مليما من الجائزة.
وقبلها جاءه عرض من مصر ليشغل منصبا مرموقا فى اليونسكو.. وبلا تردد اعتذر جمال حمدان.
حالة من الزهد لا يقدر عليها إلا المتصوفة والرهبان، حالة لفتت نظر أستاذنا د. جلال أمين، فكتب عنها: «كنت أعرف مما سمعته عنه أنه يعيش حياة متقشفة للغاية، ولكنى دُهشت أشد الدهشة عندما رأيت صورة حجرة نومه ومطبخه، فلم أكن أتصور أن هناك من لايزال يعيش فى القاهرة بمثل هذا التقشف، فما بالك بأستاذ جامعى وكاتب شهير؟».
وحدث مرة أن طلب الأستاذ هيكل من مصطفى نبيل، رئيس تحرير مجلة الهلال الأسبق، وكان من أقرب أصدقاء جمال حمدان ومن المسموح لهم بزيارته فى بيته أن يصحبه لزيارة «راهب الجغرافيا» فى شقته، وحكى مصطفى نبيل عن حالة «الهلع» التى أصابت هيكل عندما دخل شقة جمال حمدان لأول مرة: «شقة متواضعة فى الدور الأول وتتكون من غرفتين إحداهما للنوم والأخرى للاستقبال، وتضم المائدة التى تتكدس فوقها الكتب وعددا من الكراسى المتواضعة، وواضح أن الغرفة لم يدخلها أحد من منذ عدة أيام، وترى بعض اللوحات معلقة بدبابيس الرسم.. نظر الأستاذ هيكل حوله وتساءل أين نحن؟ هل نحن فى محطة للقطارات؟ ووجه كلامه إلىّ قائلًا: مصطفى.. لابد من إقناعه بالخروج والجلوس معنا فى مكان مناسب».
فما الذى قاد جمال حمدان إلى تلك الحالة العجيبة من الزهد والعزلة والاعتزال، وهى حالة لا تتناسب مع ما كان يتمتع به من تقدير وشهرة ومكانة وقيمة، ولا تستقيم كذلك مع طبيعة شخصيته المحبة للحياة والبهجة والمرح، وقد يشعر كثيرون بالدهشة عندما نصف جمال حمدان بأنه كان من عشاق الحياة، وهو ما أكده صديقه مصطفى نبيل عندما كتب عنه: «لا أظن أحدا يتصور أن هذا العالِم الكبير يهوى الغناء ويجيده وأنه يتمتع بصوت فى منتهى العذوبة ويقلد أغانى عبدالوهاب وفريد الأطرش ومولع ولعًا كبيرًا بأغانى أم كلثوم وعلى قدر ولعه بالموسيقى الشرقية مولع بالغناء الأوبرالى، ويرى فى نفسه خطاطًا ورسامًا ويصر على تصميم أغلفة كتبه ويرسم خرائطها.. وكان معجبًا بصلاح جاهين ويلفت نظرى أنه لا تتكرر ملامح وجوه شخصياته فى رسوماته الكثيرة واليومية وكثيرا ما يترنم بأشعاره، وكان أنيقا ومهذبا وخجولا ودمث الخلق ومعتدا بنفسه».
وسمعت من شقيقه الأصغر أن جمال حمدان كان لسنوات طويلة شخصية مرحة وخفيفة الدم، يهوى لعب الكرة فى حوارى شبرا والسباحة فى حمام نادى التوفيقية وكان موهوبا فى الرسم ويحتفظ ببورتريهات له رسمها لنجومه المفضلين أمثال «نجاة وعبدالوهاب وأم كلثوم وحليم»، وكان يستمتع بغناء أغانى العندليب وهو فى الحمام.
فكيف حدث هذا التحول الكبير فى شخصية جمال حمدان، فأغلق عليه بابه واعتزل الناس والدنيا ورفض إلحاح مصطفى نبيل عليه بتوصيل خط تليفون إلى شقته يتواصل به مع أصدقائه وأسرته بدلا من تلك الطريقة الصعبة المرهقة التى كان على المقربين منه أن يتحملوها إذا أرادوا أن يصلوا إليه، وأصر على أن يقطع الخيوط التى تصله بالعالم ويحول شقته إلى صومعة راهب وأن يسخر كل وقته للعلم والبحث وأن يقهر كل رغبات الجسد والنفس.. كالرهبان تماما.
فى الإجابة نستطيع أن نضع أيدينا على ثلاثة أسباب رئيسة كانت وراء هذا الاعتزال المدهش.

أحب فتاة إنجليزية لكنها لم تقبل الحضور معه إلى مصر للزواج فاعتزل النساء بعدها إلى مماته
فى السبب الأول فتش عن المرأة بالضرورة.. وهنا يطل شبح «فيلما» تلك الفتاة الإنجليزية الساحرة التى كانت زميلة له فى جامعة ريدنج، التى عاش بين جدرانها من عام ١٩٤٩ حتى ١٩٥٣، مبعوثا من قسم الجغرافيا بكلية الآداب فى جامعة فؤاد الأول، وكان قد تخرج فيه بتفوق عام ١٩٤٨، وسافر فى بعثة للحصول على درجة الدكتوراه فى فلسفة الجغرافيا من الجامعة البريطانية العريقة.
فى سنوات البعثة تعرف جمال حمدان على «فيلما» زميلته فى نفس الجامعة والتخصص، وكانت تعمل مساعدة للبروفيسور «ميللر»، المشرف على رسالته للدكتوراه، وأحبها جمال حمدان، وعاش معها قصة الحب الكبيرة والوحيدة فى حياته وخطط لأن تكون شريكة حياته، وأن يعود من بعثته بـ«فيلما» الإنجليزية مثلما عاد الدكتور طه حسين من بعثته بـ«سوزان» الفرنسية.
ولما أن انتهى جمال حمدان من بعثته ونال درجة الدكتوراه بتفوق وحزم حقائبه استعدادا للعودة إلى الوطن بالشهادة والزوجة فوجئ بـ«فيلما» تطلب منه أن يبقى هو معها فى إنجلترا، وجاءته بعرض من أستاذه ميللر ليعمل مدرسًا مساعدًا براتب يفوق خياله، وكان ميللر يعرف نبوغ الباحث المصرى، ويتمنى لو استفادوا به فى بريطانيا.. لكن جمال اعتذر عن عدم قبول العرض وأصر أن يعود إلى وطنه، وحاول جاهدا أن يقنع «فيلما» لأن تأتى معه لإتمام زواجهما فى مصر، لكنها طلبت مهلة للتفكير وترتيب أمورها مع أسرتها، وعاد جمال حمدان ليعين مدرسا فى كليته وراح يراسل «فيلما» ويدعوها للمجىء لكنها رفضت فى النهاية، وكانت الصدمة مروعة والجرح عميقا فى قلب جمال لم يستطع أن يتجاوزه وأن يعالجه، وقرر بعدها أن يغلق قلبه ولا يفتحه لامرأة أخرى.. قرر أن يظل أعزب وراهبا، فلم يتزوج حتى مات.
إذن كانت «فيلما» سببًا فى تلك العزلة وفى تلك الرهبنة وفى ذلك المصير القاسى الذى اختاره جمال حمدان لنفسه: أن يعيش بلا امرأة.
وزير سابق حصل على ترقية لا يستحقها وراء استقالته من جامعة القاهرة وقراره التفرغ لأبحاثه
فوجئ جمال حمدان بعد انضمامه لسلك التدريس بكلية الآداب فى جامعة القاهرة بحجم الفساد والمجاملات فى ساحة العلم، التى ظنها مقدسة.. فوجئ مثلا بزميل له تخرج فى قسم الجغرافيا بدرجة مقبول وارتضى أن يعمل رسامًا للخرائط فى القسم ومساعدًا للأساتذة فى أبحاثهم مقابل أجر زهيد، وبعد سنوات قليلة فوجئ به زميلا له فى هيئة التدريس، حاصلا على درجة الدكتوراه بمجاملات فجة، رغم أن مستواه العلمى لا يؤهله للتدريس ولا للقب.
لكن أكثر ما آلمه وأغضبه أن تتسرب السياسة إلى أروقة الجامعة ومنابر العلم ويسعى الأساتذة إلى المناصب السياسية ويوطدوا صلاتهم بالجهات الأمنية وأصحاب القرار، وكان من بين هؤلاء زميل لجمال فى قسم الجغرافيا استطاع بصلاته وعلاقاته السياسية أن يحصل على ترقية علمية كان يستحقها جمال، فثار الأخير وغضب وقرر فى فورة الغضب أن يتقدم باستقالته من جامعة القاهرة وأن يتفرغ لأبحاثه وكتبه بعيدًا عن صراعات لا يجيد أدواتها، حدث ذلك عام ١٩٦٣، والزميل الذى تسبب فى استقالته وانعزاله كان هو د. صفى الدين أبوالعز، الذى كان زميل دفعة لجمال وسافر فى بعثة معه إلى إنجلترا لدراسة الدكتوراه فى جامعة درهام، وعاد معه فى نفس السنة ١٩٥٣، وتولى د. أبوالعز رئاسة قسم الجغرافيا، كما شغل مناصب سياسية كان أهمها تعيينه وزيرا للشباب عام ١٩٦٨، وشغل رئاسة أبرز الجمعيات والهيئات الجغرافية فى مصر والعالم العربى، بينها الجمعية الجغرافية المصرية وامتد به العمر ليرحل فى فبراير ٢٠١٥، رحمه الله.
ومنذ استقالته من الجامعة رفض جمال حمدان بحسم كل ما وصله من عروض لتولى أى منصب بل عروض بالكتابة المنتظمة فى الصحف مقابل أجر مادى مجز، فقد أرسل إليه صديقه وجاره الكاتب الكبير أحمد بهاءالدين أثناء رئاسته دار الهلال يعرض عليه «أن يكتب ما شاء فى الوقت الذى يشاء فى المجلة التى يشاء وأن تتولى الدار مهمة نشر كتبه ومؤلفاته وبأجر يرضيه»، لكنه اعتذر كذلك شاكرًا ورافضًا أى قيد على حريته.
على أى حال فإن الظلم الذى شعر به جمال حمدان بعد تجربته فى الجامعة قاده إلى قراره بالعزلة والاعتزال.
الهزيمة الأخيرة تلقاها من أنور السادات بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع «العدو الإسرائيلى»
كان جمال حمدان ناصرى الهوى أيد مواقف عبدالناصر المعادية للاستعمار والصهيونية المساندة لحركات التحرر الوطنى والقومى، ووقف مع مشروعه لتطوير مصر وتعظيم دورها وأن تحتل ما تستحقه من مكانة تليق بتاريخها وجغرافيتها أو كفلتة جغرافية متفردة بتعبيره، لكنه لم يغفر لعبدالناصر ديكتاتوريته التى قادته إلى كارثة الهزيمة المروعة فى ١٩٦٧.
وفى عهد السادات كان مبهورًا بانتصاره العسكرى فى أكتوبر ١٩٧٣، وكتب فى مديح النصر والعبقرية العسكرية للجيش المصرى وما يمكن أن يحققه العبور من مكاسب على كل المستويات، لكنه فوجئ وصُدم بعد اتجاه السادات لتسليم كل أوراقه لأمريكا وسعيه لإتمام صلح مع إسرائيل لا يعطى لمصر ما تستحق من مكاسب، فكان غضبه عارمًا على سياسة السادات، وامتلأ بحالة من الإحباط سيطرت عليه وجعلته يفرض على نفسه سياجًا من العزلة، هربًا من ذلك الواقع البائس، وبعد أن صم الجميع آذانه عما قدمه من خريطة طريق استراتيجية كانت كفيلة بإخراج مصر من هذا المأزق، هذا الإحباط يمكنك أن تدركه بسهولة من الملاحظات التى كان يسجلها جمال حمدان ويدونها فى أوراقه الشخصية، تعليقًا على تطورات الواقع السياسى فى مصر ومآلاته، وفى تلك الأوراق التى نجت من حريق بيته، الذى كان جسده أول وأهم ضحاياه وخسائره، كتب جمال حمدان:
■ كامب ديفيد: كيف نودع جثة مصر إلى مقرها الأخير فى أكبر احتفال مهيب لائق؟
■ حرب أكتوبر: هى الفرح الذى انقلب إلى مأتم فى كامب ديفيد.
■ هل دخلت مصر والعرب مرحلة الخسوف أو المحاق بعد أن عبرت خط الزوال من قبل؟
■ يوم ١٩ نوفمبر ١٩٧٧ تم وضع حجر الأساس للإمبراطورية الصهيونية العظمى من النيل إلى الفرات وجاءت حرب لبنان لتكون الدور الأول من البناء.
■ لسنا نرفض السلام والتعايش مع العدو ولكننا نرفض هذا السلام الإسرائيلى الذى يعنى عنده الاستسلام المطلق والعبودية الحقيقية.
■ إسماعيل حاول أن يجعل مصر «قطعة من أوروبا»، وهدف السادات الآن بالانحياز والانفتاح أن يجعل مصر «قطعة من أمريكا».
■ مشكلة مصر الاقتصادية علاجها ليس اقتصاديًا فحسب، فهو سكان + سياسة قبل وبعد الاقتصاد، لا حل بغير ضبط السكان كما لا فائدة فى ظل الأوضاع السياسية الراهنة.
«لا فائدة».. هذه هى النتيجة النهائية التى توصل لها جمال حمدان بعد ثلاث هزائم:
■ هزيمة عاطفية على يد حبيبته الإنجليزية «فيلما».
■ هزيمة جامعية على يد من أصبح وزيرًا.
■ هزيمة سياسية على يد الرئيس الذى لم يفهم «فى ظنه» حقائق الجغرافيا والتاريخ فعقد هذا الصلح مع إسرائيل.
هزائم ثلاث نعتقد أنها هى التى قادته إلى حالة العزلة الطويلة والزهد القاسى وألزم نفسه بعدها بما سماه د. جلال أمين «حياة الرهبان»، وكانت النتيجة: ٢٩ كتابًا و٧٩ بحثًا، كانت كفيلة بأن تخلد اسمه وتجعل منه «أغنى» و«أغلى» علماء الجغرافيا العرب فى القرن العشرين، وأعظم من استخرج الحقائق من الخرائط.