رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتحى رضوان.. شاهد على تاريخ إعلان الوحدة المصرية - السورية


◄ كيف سعى السوريون الى اعلان الوحدة مع مصر عقب نجاح ثورة يوليو
◄ عبدالناصر للرئيس السورى: المصريون يخشون من منافسة التجار السوريون والقواتلى يرد: سيحدث تزاوج بينهم ولن تعرف المصرى من السورى

على الرغم ان حلم الوحدة كان أحد أبرز مشاريع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكانت الوحدة المصرية السورية في فبراير عام 1958، إلا أن التاريخ يقول أن أشقائنا السوريين هم من طالبوا بها بإلحاح، منذ عام 1955 وفقا لشهادات كثيرين من الكتاب والسياسين السوريين
فقد أعلنت الوحدة وسميت الدولة الجديدة "الجمهورية العربية المتحدة" بتوقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من قبل الرئيسين السوري شكري القوتلي، والمصري جمال عبد الناصر، واختير عبد الناصر رئيسًا، والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة.
وفي عام 1960 تم توحيد البرلمانين المصرى والسورى فى برلمان واحد سمى مجلس الأمة بالقاهرة، وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضًا.
فقد كان لتأثير ثورة يوليو عام 1952 ردود افعال وصلت الى حد الانبهار بما حققته الثورة ونادت به كما يرى الكاتب السورى الدكتور جورج جبور أنه منذ منتصف عام 1954، ومنذ مطلع عام 1955 خصوصا، أبدت الجماهير في سوريا اهتماما خاصا بثورة مصر بعد اتفاقية القناة والدعوة الى مقاومة الأحلاف وبلورة الفكرة العربية لدى قادة ثورة مصر،
ونجاح مؤتمر باندونج وصفقة الاسلحة التشيكية ومحاربة الطبقية والتوجهات الاجتماعية لقادة الثورة كل ذلك اكسب الثورة وقائدها احتراما عظيما في الأوساط التقدمية والديموقراطية في القطر العربي السوري،
ويقول جورج ان ذلك جاء الى جانب أضفنا الثقل الذي تمثله مصر في الوطن العربي بشريا وحضاريا وجغرافيا خصوصا، اتضح لدينا أن استقطاب الزعامة الناصرية للجماهير العربية في النصف الثاني من الخمسينات كان أمرا محتما".
وبدأت ملامح هذا الاستقطاب في سوريا عام 1955 حين طرحت حكومة الثورة في مصر مواجهة حلف بغداد، شعار انتهاج سياسة عربية خارجية مستقلة، ضمن نطاق الجامعة العربية، وتقوية ميثاق الضمان الجماعي العربي فقد لقي هذا الشعار ما يستحقه من تقدير لدى القوى الوطنية في سوريا فألفت حكومة جديدة ساهم فيها حزب البعث في الحكم، كذلك بدأت منذ تلك الفترة دعوة حزب البعث إلى الاتحاد بين مصر وسوريا باعتبار أنهما البلدان الأكثر تحررا من البلدان العربية الاخرى".
اما الاستاذ فتحى رضوان – وهو من القلائل الذين يطلق عليهم لقب استاذ - فهو احد المفكرين الكبار ووزير للإرشاد القومي (الإعلام) في بدايات ثورة 23 وهو السياسي المعروف واحد مؤسسي حزب مصر الفتاة
فيصف الايام القليلة التى سبقت اعلان الوحدة من خلال قربة من الزعيم جمال عبدالناصر وخصص لهذة الايام فصلا في كتابة " 72 شهرا مع عبدالناصر " بعنوان يوم وقعنا ميثاق الوحده مع سوريا فقد وصف حالة عبدالناصر يوم التقي الوفد السورى فى قصر القبة بحضور الرئيس السورى شكرى القواتلى فى 31 يناير سنة 1958 مؤكدا ان عبد الناصر كان متوترا لدرجة كبيرة، وان من عادات الرئيس حين يكون متوترا ويحاول اقناع احد برأية ان يمسك بيدة وهو يحاورة فى محاولة منه لافهام من يحاوره بقربه منه وحبه له وليزيل التوتر القائم مفى الحوار، وهو ما فعله الزعيم مع رضوان حين اختلف على تعديل قانون المؤسسات الذى اعترض على صيغته ولكن بعدما صدق عليه البرلمان فقال لة ناصر دعك من هذا القانون وقل لى رأيك فى الوحده ؟ فقال رضوان: الوحدة فى ذاتها ليست محلا لاعتراضي.. ولا يمكن ان تكون محلا لاعتراضي، وانما الاعتراض قائم على ملابساتها، هل الظروف فى سوريا مواتية ؟ وهل الظروف فى المجل العربي تسمح ؟ وهل الظروف فى مصر تأذن ؟ فالتفت الى – رحمة الله – بكل وجهة وقال: وما رأيك انت ؟ هل كل هذة الظروف تسمح ؟
فقلت: النظرة العجلى لا تكفى مطلقا، وهذة الخطوة الضخمه لا تتم الا بتمهيد طويل فقاطعنى:
لو سبق هذة الخطوة تمهيد لما تمت في جيلنا.. وانا معك فى كل ما تقول ولكن.. هذا هو قدرنا، فلقد رفض السوريون رفضا باتا أى تأجيل ورفضوا منحنا فرصة نتنفس فيها وقد قبلت.. وقلت هى خطوة قررها الله لنا فنتوكل وليكن ما يكون
ويقول فتحى رضوان:وهنا بدت على وجهة عبدالناصر علائم قلق خفية جعلتنى اشفق علية وقد كان بودى لو استطعت ان اضمة الى صدرى واعانقه طويلا وان اقبل جبهتة فقد قدرت مقدار ما يعانية فى هذة اللحظة واردت ان اسرى عنه فقلت:
ان ما يحدث لك الان لم يحدث من قبل لرجل اخر فى التاريخ.. واسترسلت فى الحديث وقلت: انت غدا ستكون رئيس دولة سوريا، وانت تضع قدمك فيها ولا تعرف الكثير عنها ولم تفكر من جانبك في هذة الخطوه، اذن هى ارادة الله، وكما قلت فلنتوكل علية
واضاف رضوان: ان الرئيس عبد الناصر ترك يده وقال له اذن انت لست قلقا ؟ فقلت:
مواجهة الجديد تستدعى القلق، وتدعو الى التردد ولكن بعد المواجهة يهدأ الانسان.. اسمع يا سيادة الرئيس.. المصريون زارعون في دمهم مايدعوا للاستقرار والمحافظة وكراهية الحركة.. والسوريون تجار ميالون للحركة قليلو الاستقرار فلعل هذة المواجهة تنقل الى المصريين بعض خصائص السورين، وفى اول الامر سيشكو التجار المصريون من شدة منافسة التجار السورين ولكن ستحصل المزاوجة وسيصعب علينا ان نعرف من المصرى من السورى فالتجار السوريون امثال " الشوربجى " و" حلاوة " و" الحلبي " و" الحلبونى " فقد تزوجوا من مصريات واصبحوا هم انفسهم مصريين يقولون عن اهل سوريا هؤلاء الشوام !
فضحك عبدالناصر وبدا ان نفسة انبسطت وان قلقة خف
ويضيف رضوان: واتجهنا الى قاعة الاجتماعات وهو احسن حالا واكثر استبشارا وجلس على رأس المائدة وكان اول ما قالة للرئيس شكرى القواتلى رئيس جمهورية سورا انذاك " الناس في مصر بتقول ان التجار السوريين سيغزون البلاد.. فقال شكرى القواتلى: لقد خلصتم من اليونانى والطليانى وسيطلع لكم السورى.. وضحك الجميع وعادت الايام بالسوريين ولكن ليس بأمر الوحدة ولكن بفعل المؤامرة