رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على الأصل دوّر.. بردية فرعونية تكشف عن أول متحرش فى التاريخ

جريدة الدستور

كشفت بردية فرعونية، عمرها ٣ آلاف عام، مودعة بالمتحف البريطانى فى لندن، عن حدوث حالات تحرش جنسى واغتصاب ضد المرأة فى المجتمع المصرى القديم، رغم المساواة الكبيرة التى كان يكفلها القانون للنساء فى تلك الحقبة.

ذكرت صحيفتا «الإندبندنت»، و«الديلى ميل»، أن البردية المعروفة باسم «Papyrus Salt 124»، تتناول اتهامات بالتحرش، وجهت لرئيس عمال فى الدولة المصرية القديمة، بالتعرض للعاملات معه، مشيرة إلى أن ذلك المتهم يدعى «بانيب»، وكان يعيش فى «دير المدينة»، وهى منطقة كان يسكنها العمال الذين كانوا يشرفون على أعمال بناء مقابر الفراعنة فى وادى الملوك، وتكشف أيضًا تفاصيل الفساد الأخلاقى لذلك الرجل، وجرائمه الجنسية ضد النساء.
وأوضحت التقارير الصحفية أن المؤرخين اكتشفوا البردية لأول مرة، فى القرن التاسع عشر، فيما يأمل العلماء فى الوقت الراهن، فى استخدام البردية لفحص المواقف الثقافية القديمة، والسياسة الجنسية التى كان يعتمدها المصريون القدماء، حيث تمت إعادة تقييم تلك البردية، وتبين احتواؤها على عدد من الاتهامات، للرجال، بالاغتصاب والاعتداء الجنسى على السيدات، كما تتناول بدقة واقعة اعتداء كبير العمال «بانيب» على عدد من نساء منطقة طيبة.
وتعتبر البردية، أول السجلات على الإطلاق، التى تكشف عن حدوث اعتداءات جنسية على النساء فى مصر الفرعونية، وتشير أيضًا إلى أن رئيس العمال «بانيب»، لم يكن المتحرش الوحيد، بل إن هناك محاكمات فرعونية عُقدت، لمجموعة من الرجال بتهم الاعتداء الجنسى.
وقال المؤرخ كارلى سيلفر، المشارك فى فحص البردية، إنها تشبه السجلات القانونية للمحاكم الحالية، وتتحدث عن بعض الرجال المصريين فى مصر القديمة، الذين استغلوا قوتهم وسلطاتهم لإيذاء النساء، مضيفًا أنه من الواضح أن التحرش قصة قديمة، قدم الزمان.
وأوضحت البردية أن التحرش الجنسى كان ضمن عدة اتهامات أخرى مرتبطة بالفساد، واستغلال السلطة، والسرقة، ومنها سرقة البضائع، والمعدات من المعابد والمقابر الملكية، وإلحاق الضرر بالأراضى المقدسة، والكذب تحت القسم، والاعتداء وارتكاب الزنا مع العاملات، وربات البيوت المصريات.
وكشف سيلفر عن أن البردية تحتوى أيضًا على تفاصيل دعوى قضائية وجهت إلى الوزير «هورى»، أعلى مسئول فى مصر القديمة، فى عهد سيتى الثانى، ورمسيس الثالث، ورفعها مصرى يدعى «أمنخت»، ضد كبير العمال «بانيب»، حيث اتهمه بأنه فصله فصلًا تعسفيًا من عمله، مشيرًا إلى أن البردية من أكثر الوثائق إثارة للاهتمام، وتثير أسئلة رائعة، ليس فقط عن مصر القديمة، بل عن العالم الحديث أيضًا.
وأكدت البردية أن قصة «بانيب» الذى أطلق عليه بعض المؤرخين، «رجل مصر القديمة السيئ»، ليست الوحيدة، فيما أشارت التقارير إلى أن البردية انتقلت بعد اكتشافها فى القرن التاسع عشر إلى المتحف البريطانى، بفضل عالم المصريات فى تلك الفترة هنرى سول، فى حين تمكن العلماء من فك طلاسمها عام ١٩٢٩، وترجمت من «الهيروغليفية» إلى الإنجليزية، بمعرفة عالم المصريات التشيكى ياروسلاف سيرنى، حيث تبين المدى الحقيقى للجرائم التى ارتكبها «بانيب»، وهو الأمر الذى دفع المؤرخين، إلى أخذ المخطوطة على محمل الجد لأول مرة.
وذكرت البردية تفاصيل إحدى عمليات الاغتصاب الذى نفذها المتهم، ضد امرأة واحدة تدعى «ييم واو»، حيث تحرش بها وجذبها إلى أحد الحوائط، قبل أن يغتصبها.
وأكدت رولاند إنمارش، المحاضرة فى علم المصريات بجامعة ليفربول، أن المصريين القدماء اعتبروا الزنا، أمرًا مستهجنًا أخلاقيًا، مشيرة إلى أن معاشرة الرجال للمرأة المتزوجة، سواء برضاها أو رغمًا عنها، كانت أمرًا بشعًا.