رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المزوّر».. كيف كتب علاء الأسواني تاريخ «25 يناير»؟

علاء الأسواني
علاء الأسواني

من السهل أن تنصب مشانق من ورق لعلاء الأسوانى، جَزَاءً وِفَاقًا على رواية «جمهورية كأنّّ»، التى يدّعى أنها ممنوعة فى مصر، لأنها، وفق قوله على الغلاف الخلفى، ستحدث الأثر الكابوسى نفسه لرواية جورج أورويل «١٩٨٤»، لكن لأسباب أخرى، فالرجل من حيث أراد أن يكتب تاريخًا نقيًا لـ٢٥ يناير لتكون روايته رواية الثورة، أهال بالتراب عليها، فحوّل أبطالها إلى مسعورين جنسيًا وحشَّاشين، يختلسون دقائق من زحمة التحرير لتدخين سيجارة محشوّة بالحشيش تعين على صخب الميدان، وينزلون للتظاهر بعدما استبدَّت بهم الشهوة شوقًا لـ«الرفيقات» كى يخطفوا قُبلة عابرة تلخص شبق «الأسوانى» الجنسى.

وقبل أن تسأل، هل دَانَ الرجل نشطاء الثورة وحدهم؟، سأقول إن الأسوانى لم يطور أسلوبه وطريقة سرده منذ ١٧ عامًا، حين صدرت «عمارة يعقوبيان»، فأمسك- من يومها- بدليل.. كيف تكتب رواية عالمية؟، حتى إنه نصح أحمد خالد توفيق بكتابة رواية عن قصة حب منتقبتين مثليتين جنسيًا، كى يصير عالميًا، ووعده بـ٦٠ مليون نسخة مبيعات.

وضع الأسوانى أوصافه ومفرداته فى فريزر، فتجمّدت بين يديه، وأصبحت ضيفًا ثقيلًا على جميع رواياته، مهما اختلف الزمن، فكل نساء الأسوانى ترتدى «مشد صدر قطنى مبطَّن»، وكل رجاله يرشون بضع زخات من العطر المفضل على صدورهم بعدما يخلعون الروب دى شامبر عن أجسادهم العارية، تمهيدًا للارتماء على شاطئ اللذة. رغم الطابع الثورى لـ«جمهورية كأنّّ»، التى أراد الأسوانى أن يجعلها- بعد ٦ سنوات من الكتابة- رواية الثورة، جاء أسلوبه تقريريًا كأنه مقال سياسى طويل، يعلن فيه هزيمته، ويسرد ما جرى كما رآه الجميع على شاشات التليفزيون وصفحات فيسبوك بلا رؤية أو معالجة جديدة لمجرد أن يقال إنه كتب رواية عن الثورة تعلقت بين أصابعه فيها شخصيات تقليدية وردت فى عشرات الروايات والأفلام: رجل أمن شديد التدين لا يجد مشكلة فى تعذيب المساجين، شيخ سلفى يرفض الخروج على الحاكم مقابل نفحة من عطايا نظامه، مذيعة تحضر دروس «مولانا» داخل أحد بيوت الأثرياء وترتدى الحجاب فى أقرب فرصة، ومعتقل القديم تحوَّل- مع أول عَرْض جاد- إلى خادم على يمين السلطة، ومسيحى يقع تحت رحمة التأبيدة المقدسة فيقيم علاقة جنسية مع الخادمة. من الصفحات الأولى، بدا أن الأسوانى لم يهجرْ خلطته القديمة فى الروايات: عدّة شخصيات تختصر حالات نفسيّة وظروفًا اجتماعية مختلفة، يجمع بينها روابط تظهر فى منتصف الرواية، وتتلاقى وتبتعد، بلغة صحفية لا تعبأ بأى جماليات طالما أن الرسالة السياسية- التى يقف عليها الكاتب- واضحة.. فكانت الفصول الأولى من «جمهورية كأنّ» مسلية رغم فراغها, بينما ما تلاها من فصول تصف أحداث الثورة بأسلوب يشبه مقالات «مصر على دكة الاحتياطى».. موضوعات تعبير طفولية لا بد أن تنتهى بأن الديمقراطية هل الحل.. أو سَرْد مضلل للأحداث على «ويكيبيديا». يضع الأسوانى، طوال الرواية، رأيه على لسان أبطاله، بأسلوبه وطريقته واندفاعه وسذاجته. على لسان خالد وهو يُشرّح الشيوخ ويتهمهم بالنصب وتقاضى ملايين مقابل دعم السلطة، على لسان مازن وهو يتحدث بمراهقة عن الثورة التى تنجح دون مواءمات وتنازلات، وعلى لسان أشرف ويصا حين يتحسس ثدى خادمته.. كأن علاء الأسوانى يكتب عمّا ينقصه ليغرق جميع شخصياته فى الإثم.

 

علاء الأسوانى يُشهر إفلاسه ويستعين بزكى الدسوقى وكمال الفولى

كان يمكن لعلاء الأسوانى أن يفتش فى ركام الثورة عن وجوه غير مألوفة، أن يبحث عن شخصيات جديدة ويقدّمها فى «جمهورية كأنّ»، لعلّها تشفع له، فتشير إلى أن الرجل اجتهد وكتب فصلًا جديدًا من فصول الثورة، ومسح التراب عن بشر مرّوا من هنا ولم نلتفت لهم، أو أبدع حياة أخرى على هامش الثورة، لكنه قرر استدعاء شخصيات رواياته القديمة من موتها لتعيد تجسيد أدوارها فى ظروف أخرى وبتفاصيل مختلفة.

أشرف ويصا مستنسخ من زكى الدسوقى- عادل إمام فى عمارة يعقوبيان- بهيأته ورَسْمه وعلاقاته وشراهته الجنسيّة: «كان شكله غير عادى، تحسّ بأنه قديم وعريق بشكل ما، واحد من باشوات زمان مثلًا، أو ممثل مخضرم طلع من فيلم أبيض وأسود. رشيق ووسيم، وجهه أسمر، وتبدو عليه تجاعيد السن، وشعره ناعم أبيض تمامًا.. كان يرتدى روب دى شامبر كاروهات صوف وتحته فانلة صوف بياقة. كل شىء فى شقته ينمّ عن ذوق كلاسيكى جميل، الطقم الجلد الوثير، واللوحات المعلقة على الجدران، والمكتب الخشبى على الطراز الإنجليزى».

إلى جانب الشَكل، فالدور الذى لعبته إكرام مع ويصا هو نفسه دور بثينة مع زكى فى عمارة يعقوبيان: خادمة ترتبط بسيدها عاطفيًا وجنسيًا.

وعصام شعلان لا يختلف كثيرًا عن الحاج محمد عزام- نور الشريف فى عمارة يعقوبيان- فكلاهما انتقل من الفقر الشديد إلى الثراء الفاحش بضربة حظ، الثانى كان ماسح أحذية رزقه الله فأصبح رجل أعمال، والثانى كان ناشطًا طلابيًا مدافعًا عن حقوق العمال وبعد اعتقاله قرر أن يحوّل نضاله إلى رصيد فى البنك، و«المؤكد أنه يمتلك جاذبية ما للنساء.. إنه يبدو لأول وهلة، غريبًا نافرًا خارجًا عن المألوف. لكنه وقد تجاوز الستين ما زال يملك جسدًا قويًا ممشوقًا بلا ترهّل، وشعرًا كثيفًا أشيب تماما، ووجهًا أسمر داكنًا ملامحه صخرية حادة. أضف إلى ذلك صوته المرتفع الأجش، ونظراته المتفحّصة المريبة التى يوجهها إلى من يحدثه كأنه يختبر صدقه. هذا الطابع الصدامى الخشن (الجذاب غالبًا للنساء) ربما اكتسبه فى المعتقل، وربما يكون من أثر الكحول، إذ إنه لاينام أبدًا قبل أن يحتسى نصف لتر من الويسكى».

لا يتشابه شعلان مع الحاج عزام فى محبة الويسكى فقط، إنما فى تفاصيل زواجه السرّى، فالأول اصطاد نورهان، والثانى تزوّج سعاد.. وسعاد ونورهان كلتاهما أرملة متديّنة فى رقبتها ولد يتيم تبحث عن السَتْر.

اللواء علوانى (بتديّنه الظاهر) يخفى وجهًا قبيحًا للسلطة، إذ إنه لا يجد مشكلة فى تعذيب المساجين أو اغتصاب زوجاتهم، ليس غريبًا عن كمال الفولى (خالد صالح فى عمارة يعقوبيان) فى الهيئة، والرغبة العارمة فى الترقى الوظيفى، مهما كلَّفه ذلك من حياته الشخصية.

 


محمد حسان وبسمة وهبة فى «جمهورية كأنّ»

 

أهم عناصر خلطة علاء الأسوانى تقديم شخصيات رئيسية وربطها بمواقف حقيقية وأحداث معروفة للقارئ، فتتحول الرواية إلى فضيحة لكواليس المال والسلطة فى مصر، فأنت لا تقرأ عن شخصيات من وحى الخيال إنما عن سياسيين طالما سمعت خطبهم الرنَّانة ولم تقترب منهم.. لكنك الآن تدخل غرف نومهم، وتشاهد كيف ينامون مع بنات الليل، ويسهرون فوق أسطح الفنادق العملاقة فى وسط القاهرة.. بهذه الطريقة قدم الأسوانى شخصية كمال الفولى فى عمارة يعقوبيان، فكان واضحًا أنه كمال الشاذلى، وترك الباب مفتوحًا للشكّ فى شخصية الصحفى المثلى جنسيًا (حاتم رشيد).

فى «جمهورية كأنّ»، تزايد إفلاس علاء الأسوانى، وتابع نفس المنهج، فقدّم شخصية مذيعة متدينة خلعت الحجاب لأجل عملها فى التليفزيون (نورهان) وجعلها تقدّم مشهدًا تعلن فيه شوقها للحجاب وتدعو- على الهواء- بالهداية مرة أخرى.

تقاطَع المشهد مع الإعلامية بسمة وهبة (تحجَّبت لفترة) وقالت فى ختام إحدى حلقاتها: اشتقت للحجاب (قبل أيام هاجمت «بسمة» رواية علاء الأسوانى بقولها: «دى فيلم إباحى»).

ولأن الرواية عن الثورة فلا بد من نموذج رجل دين، يكفِّر الخروج على الحاكم، ويلقى بالثوَّار فى جهنم، اقتبس «الأسوانى» شخصية الداعية السلفى محمد حسان (الشيخ شامل)، الذى «عاش عشر سنوات فى السعودية، ثم عاد إلى مصر وقد آل على نفسه أن يكرس حياته للدعوة إلى الله. أحب المصريون الشيخ شامل عندما ظهر لأول مرة فى برنامجه الأسبوعى على قناة التقوى، ولما زادت شعبيته انسحب منها وأنشأ قناة الصراط، التى فتحت عليه أبواب الخير».


اللواء علوانى.. كيف يتفرج مسلم تقى على أفلام بورنو؟

ما إن يؤذن لصلاة الفجر حتى يستيقظ اللواء علوانى وحده، يتوضأ ويرتدى «ترنج رياضى» أنيق، ويتوجه إلى المسجد المجاور، يحب الصلاة وسط الناس، ورفض أكثر من مرة طلبًا من قائد الحرس بإنشاء مسجد داخل الفيلا، إذ يستغرق فى خشوع عميق ويطرق خاشعًا وكثيرًا ما تنهمر دموعه عندما يتلو الإمام آيات القرآن بصوته العذب الرخيم وهو يصلى فى الصف الأخير رافضًا الإمامة- التى تؤهله لها سنه ومنصبه مديرًا لجهاز أمنى حسَّاس- ثم يحمل حذاءه تحت إبطه بعد الصلاة، ويخرج من المسجد عائدًا إلى البيت.

٥٨ عامًا عاشها اللواء علوانى متدينًا ملتزمًا يفضّل لقب «الحاج» أكثر من سيادة اللواء أو الباشا، لا يفوته فرض ولا سنة، ولا يخطو خطوة إلا بعد أن يتأكد من أنها حلال شرعًا، فلم يذق فى حياته قطرة خمر ولا نَفَسًا واحدًا من الحشيش ولم يعرف المرأة إلا فى فراش الزوجية.. لكن علاء الأسوانى جعله- رغم كل تلك التقوى- ينشط جنسيًا فى الصباح حين تكون زوجته مستغرقة فى النوم، فيمد يده إلى ريموت الدش ويفتح إحدى القنوات الجنسية ويحملق فى المضاجعة الساخنة على الشاشة حتى يعجز عن احتمال الإثارة فيخلع البُرنس ويهجم على زوجته (التى تتفرّج على الفيلم من تحت الغطاء).

يسوق الأسوانى فى طريق اللواء علوانى تناقضًا غير منطقى، كى يحول علاقة حميمية بين كهليْن على باب الستين إلى مشاهد ساخنة يمكن حذفها دون أن تتأثَّر الرواية. منذ «يعقوبيان»، يتكئ على الثنائيات فى كل رواياته ليبقى فى مرمى المديح الجارف أو النقد الجارح، فكيف يصبح الرجل متدينًا فقط؟ لا بد أن يكون متدينًا ويشاهد البورنو، ويأمر بتعذيب السجناء واغتصاب زوجاتهن حتى تصبح الرواية عالمية.

سنتوقف قليلًا أمام «سطحية» الحكاية.

لا يصلح عقل علاء الأسوانى لكتابة رواية فى الألفية الثالثة، إذ إنه لا يزال يعيش فى عصر اغتصاب الزوجات فى مقار الأجهزة الأمنية لابتزاز أزواجهن وإجبارهم على الاعتراف، ويضعه فى رواية «جمهورية كأنّّ» متأثرًا بشخصية فرج فى رواية «الكرنك» لنجيب محفوظ.. دون أن يضع فى حسابه أنه منذ وقت بعيد.. لم تُنشرْ شهادة واحدة- حتى من الجهاديين- عن التحقيق بطريقة اغتصاب الزوجة أو الأخت أو الأم.


الشيخ شامل يهزم عمرو خالد ومحمد حسان بحكاية «الحلوى المكشوفة»

يقال إن عمرو خالد حين خرج من مصر فى عصر مبارك، كان متورِّطًا فى دعوة هايدى، زوجة علاء مبارك، للحجاب. نميمة تسرى فى الأوساط السياسية يستوحى منها علاء الأسوانى فى صياغة شخصية الشيخ شامل.

هذا شيخ مودرن وسلفى فى نفس الوقت، يسجل شرائط عن الحجاب ويدخل بيوت الأثرياء، مذكّرًا بالله، وداعيًا للقرب من تعاليم القرآن والحجاب، وفى كل درس، يكسب أرضًا جديدة، ويضع غطاء الرأس على شعرٍ جديد.

اكتسب الشيخ شامل الأهمية التى حببت إلى مريديه انتظاره قبل الدرس، الذى يلقيه فى فيلّا مدير جهاز أمنى، أمام البوابة: «خرجوا يترقّبون وصول الشيخ شامل على بوابة الفيلّا، الرجال فى المقدمة، وخلفهم النساء، «كانوا جميعًا من كبار الشخصيات: رجال أعمال وأطباء ومهندسين مشهورين ووزراء سابقين وحاليين وألوية شرطة فى الخدمة وعلى المعاش، بالإضافة إلى ممثلات معروفات بعضهنّ تحجبن وتُبن عن التمثيل والبعض الآخر ما زلن فى أول طريق التقوى: ثياب محتشمة دون حجاب. تصل سيارة الشيخ، وما إن يهم بالنزول، حتى يندفع الرجال إلى مصافحته وينحنى بعضهم لتقبيل يده الكريمة».

يعبث الأسوانى بخلطة قديمة كانت صالحة بعد عام ٢٠٠٠ بقليل.. حين كان ما يكتبه يحدث فعلًا.. شيوخ سلفيون ومودرن يدخلون بيوت الأثرياء لتذكيرهم بالله.. كان عمرو خالد وخالد الجندى ومحمد جبريل ومحمد حسان نجوم مجتمع ووصالهم موضة.. لكن هذه الجلسات انتهت قبل أحداث الرواية بفترة طويلة، حين بدأ الأثرياء يخشون على بناتهنّ وأولادهم من التديّن المبالغ فيه.

ويواصل الاستسهال فى رسم شخصياته، فمن الطبيعى أن يكون الشيخ السلفى، كما الشيخ شامل بالضبط مدعيًا ومزواجًا، ويتصل بالأمن وبضاعته مكوّنة من عدة آيات وأحاديث لا تتعرض لحياة الناس (الصورة والحكاية التقليدية للشيوخ فى أغلب الأفلام والروايات): «يسكن فى فيلّا كبيرة، تسكن ثلاث زوجات فى طوابقها الثلاثة، كل واحدة مع عيالها بينما يحتفظ بالطابق الرابع للزوجة الجديدة التى تكون بكرًا يستمتع بها فى الحلال ثم يصرفها بإحسان.. ولا يعيب الشيخ شامل حبه للنكاح ما دام لا يكشف ذَكره على حرام».

يبلغ الاستسهال والكَسَل أشدّه مع الأسوانى، حتى يضرب مثلًا شائعًا على صفحات الإسلاميين على لسان الشيخ شامل، الذى من المفترض أنه داعية مبدع، مقنع، يأتى بما لم يستطعه الأوائل: «إذا ذهبتِ لشراء حلوى فوجدتِ قطعة حلوة مكشوفة تنتهكها الأيدى ويعف عليها الذباب، وقطعة حلوى أخرى مغلفة جيدًا بغطاء سميك وأنيق.. أيهما تشترين؟ بالطبع ستفضلين قطعة الحلوى النظيفة المغلفة على تلك الحلوى المشوفة القذرة.. أنت يا أختى المسلمة مثل قطعة الحلوى، وأراد الله، سبحانه، أن يحفظك من الدنس ويتم عليك كرامتك وحياءك وعفافك، فهل ترفضين هذه المكرمة من رب الكون؟.. هل تقابلين فضل الله بالرفض والعقوق؟»

الأسوانى ينحت قصة تجنيد مشاهير اليسار

«لم تبكِ نورهان فى درس الشيخ شامل، إلا عندما تحدث عن الحجاب الذى اضطرت إلى خلعه كى تظهر على الشاشة، الأمر الذى سبَّب لها إحساسًا عميقًا بالذنب حتى أنها حاولت أكثر من مرة إقناع المسئولين بالسماح لها بالظهور محجبة لكنهم رفضوا».

يقول الراوى الخبير- الأسوانى- إن نورهان صادقة فى بكائها وفى تدينها، ولا تقدم على أى تصرف فى حياتها- مهما يكن بسيطًا- قبل أن تتأكد من موافقته للشرع.

كيف يُغرى الأسوانى بقراءة حياة سيدة متدينة؟

تزوّجت مرتيْن سرًا، كان زوجاها ثريين، يحبَّان الويسكى، ورغم تدينها الحق، يجرى وراءها الأثرياء بسبب غنجها وقدرتها على إغوائهم (مرَّر المؤلف التناقض دون مبرر، ساردًا فى ٣ صفحات متتالية قدراتها الجنسية التى اكتسبتها من مشاهدة أفلام البورنو)، إذ إنها تتحوّل فى فراش الزوجية إلى عاهرة مطيعة، تطبق ما رأته فى فيديوهات جنسية على الإنترنت، بدءًا من إمتاع زوجها بمؤخرتها الطرية البضّة دون إيلاج محرَّم، حتى مصّ القضيب- كما أحلّ الشرع- بحيث يصبح طعم المنى حلوًا كما «عصير الأناناس».

قبل أن تصل الثلاثين، ترمَّلت لوفاة زوجها الأول، فوقعت على الثانى.

مَنْ هو عصام شعلان؟

ناشط سياسى من عصر السادات، اعتقل، وبعدما خرج، احتفظ بذكرياته ومبادئه فى ركن من الذاكرة ليحرقها يوميًا مع زجاجة الويسكى، وتحول من مناضل اشتراكى إلى سمسار صفقة بيع مصنع أسمنت حكومى إلى شركة إيطالية.. مر المصنع بمرحلة تجويع وتدمير وخسارات مستمرة لحساب مصانع خاصة.

تواطؤ شعلان أدرّ فى حسابه البنكى ملايين الجنيهات.

أصبح شريكًا للسلطة فى فسادها وفجرها بالعمال، الذين كانوا سندًا له مع أصدقائه، الاشتراكيين القدامى، لفترة طويلة خرج منها بأن «العمال يمكن أن يبيعوك مقابل علاوة أو حافز».

لجأ الأسوانى- فى رسم شخصية شعلان- إلى خط سير الاشتراكى التقليدى، الذى يتحول بالوقت إلى رجل أعمال، من يسار السلطة إلى اليمين، دون أن ينفح شخصيته أى تفاصيل أو ملامح إضافية.. هكذا تحوّل رفعت السعيد من أصغر معتقل سياسى فى مصر إلى صديق الحاكم، وصار الصحفى صلاح عيسى رئيس تحرير مجلة حكومية، حين حاصره فقر الاشتراكية وحرمان المعارضة فقفز إلى مركب حاشية الرئيس.

هذه قصة كل مشاهير اليسار فى مصر.. فماذا أضاف علاء الأسوانى؟


صاحب «عمارة يعقوبيان» وقع فى فجوة زمنية فكتب عن «ابن السواق وبنت الباشا»

يحول علاء الأسوانى كل العلاقات إلى رغبة جنسية جارفة.. ومريبة.. فلا بد أن كل الأبطال- بدون مناسبة أدبية أو درامية- يريدون أن يعتصروا أثداء البطلات، وكل البطلات منشغلات بتقبيل صدور الأبطال العارية، وفك سوستة البنطلون.. ثم.. «تهزها عندئذ لذة عارمة وينتهى الحلم، لكنها تحس بالذنب فى الصباح فتستحم وتستغفر الله وتصلى».

حتى دانية، ابنة اللواء علوانى، التى يصدّرها الأسوانى بأنها قطة مغمضة فى كلية الطب لم تسلمْ من الشراهة الجنسية، فكانت كلما فكّرت- بنهاية اليوم- فى زميلها خالد «دخلت الحمام لتفرغ شهوتها»، وبغير مناسبة يتبادل أسماء ومازن- ناشطان سياسيان- الإيميلات بصيغة «يا صديقى.. يا صديقتى»، فيقول لها إنه يريد أن يدفن رأسه فى صدرها.

كيف ينفخ الأسوانى من روحه المسمومة فى كل ابتسامة طاهرة على شفاه أبطاله فتتحول إلى شهوة فاجرة؟

ثم إن عقل الأسوانى توقف عن النمو عند عصور سحيقة جعلته يتحرك خارج الزمن.. فمن قال له إن هناك من يرسل «جوابات» ويغازل حبيبته عبر الإيميل فى ٢٠١١؟

وقبل أن يموت خالد، حبيب دانية، التى جعل الله لاسمها نصيبًا من وصف الجنة، فى أحداث ٢٥ يناير، يعاود الأسوانى الاستسهال ويعرج إلى بضاعة قديمة ومستهلكة.. يعيد كَرّة «على ابن البواب وإنجى بنت الباشا» فى حوار طويل بينهما.

يقول خالد لدانية: «على كلٍ أشكرك إنك مصاحبة واحد زيى فى جيبه بالضبط عشرة جنيه وستين قرش وبينط كل يوم فى الميكروباص عشان ييجى الكلية، فترد: هل أحسست مرة بأننى أتعالى عليك؟.

يقول: إنك دانية بنت الأكابر وأنا خالد ابن السواق».


براءة الإخوان من اقتحام السجون

من السطر الأول، يضع «الأسوانى» رسالة سياسية نصب أعين قرائه.. لا يهتم بحبكة الرواية الأساسية، ولا الفرعية.. المهم، أن تصل رسائله.. كأنه طبع منشورًا سياسيًا ممهورًا بتهديد بالأثر الكابوسى لرواية «١٩٨٤» لجورج أورويل، وليس رواية عابرة من قرأها حتى الآن وضعها فى صندوق الذكريات المملة.

يحاول الأسوانى، حين يصل إلى ٢٥ يناير- يومًا وموجة احتجاجات- فى أحداث الرواية، أن يصيغ تاريخًا مزيفًا، ربما يصادف أن يصدقه أحد دراويشه، فيبرئ تنظيم الإخوان المسلمين، الذى زال من الحياة السياسية بعد ذلك التاريخ بعامين، من اقتحام السجون وتهريب المساجين، محاولًا بطريقة رواية الكواليس، تحميل المسئولية لأجهزة الأمن دون أن يلتفت إلى أن الاتهام يلاحق التنظيم- صوتًا وصورة- منذ وقوع الحادث، إذ تحدث سجناء الجماعة على هواء قناة «الجزيرة» القطرية عقب خروجهما بدقائق.

يضع «الأسوانى» على لسان اللواء علوانى- فى حواره مع وزير الداخلية- خطة فتح السجون وتهريب المساجين لترويج الروايات التى يتبناها الإخوان بأن أجهزة الأمن عضَّت أصابعها كى تحمِّلها المسئولية:

- طبقًا للخطة، ممكن تفتح السجون؟

- ده حيحصل فقط فى حالة فشلنا فى السيطرة على المظاهرات.. لا قدر الله.

- مفهوم.. حتفتح كم سجن، وكم عدد الهاربين؟

- حنفتح حوالى خمسة سجون وعدد الهاربين حيكون بين ٢٥ لـ٣٠ ألف مسجون. طبعا زى ما كتبت فى الخطة. الهدف إحداث حالة هلع بين المصريين، بحيث إنهم يقفون مع الدولة ضد المخربين.

- عندك غطاء قانونى؟

- الموضوع سيتم تقديمه على أنه محاولات تمرد فى السجن تصدى لها الضباط.. أنا شكلت مجموعة خاصة من الضباط الأكثر ولاء. المجموعة دى تتلقى أوامرها منى شخصيًا وهم موجودون فى كل مكان، لكن زملاءهم لا يعرفون عنهم شيئًا. ضباط المجموعة الخاصة هما اللى حينفذوا فتح السجون. بقية الضباط حيعتبروا اللى بيحصل تمرد عادى.

انتهى الحوار «الملفَّق» بين مسئولين عن أمن دولة كانت ستنهار، لكن ضلالات «الأسوانى» لم تنتهِ.


أكاذيب «النائحة المستأجرة» عن الجيش.. صواريخ من لبنان

فى لبنان، فضَّل علاء الأسوانى أن ينشر أكاذيبه عن الجيش المصرى، عن وقائع جرت فيما بعد ٢٥ يناير، حين وثَقَ الثوّار فى الجيش وسلّموه أمرهم، وفوّضوه لتولى مسئولية الثورة.. «الشعب والجيش إيد واحدة».. وظهر ماجد بولس ورفاقه، فصاروا ظهر الثورة القوى.

رغم ذلك.. هناك من حفر الأرض الصلبة، التى يقف عليها الطرفان حتى يتخلخل الرباط المقدس بين الثورة والجيش، كان فى المقدمة الإخوان، وسَنَدهم علاء الأسوانى.

يعود المضلل الأكبر، الآن، ليروى ما يدّعى أنه مشاهد لم يدوّنها أحد.

على لسان أسماء، فى رسالة إلى مازن، يكذب الأسوانى ويمعن فى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا. يدّعى أن قوات الجيش صنعت فخًا للثوار ليلة ٢٨ يناير، أدى إلى سقوط عشرات الشهداء: «لمّا وصلنا إلى مجلس الشورى كان الجيش قد أغلق الطريق. اقترب منا ضابط جيش برتبة نقيب، وقال: يا جماعة فيه عساكر أمن مركزى محصورين فى الميدان وعاوزين يخرجوا. دول مساكين ومالهمش ذنب فى حاجة. بقى لهم ثلاثة أيام ما شافوش النوم. ممكن تسيبوهم يعدّوا الناحية التانية عشان يركبوا عربية الشرطة ويرجعوا المعسكر، وكل واحد فيهم يرجع على بلده؟.. كان منظر العساكر، فعلًا، مثيرًا للشفقة، فقرر الثوار تمريرهم فى حاجز بشرى لحمايتهم، واعدين ضابط الجيش بعدم التعرض لهم. هناك، كانت سيارة شرطة كبيرة تنتظرهم، بمجرد وصولهم إلى السيارة ظهر ضابط ووزع ذخيرة على الجنود وأمرهم فبدأوا يضربوننا بالرصاص الحى».

لم تسجل أى كاميرا تلك الواقعة، رغم أنها مصدر بهاء وفخر للثوار ودليل على نقاء ونُبْل الثورة وسلميتها، لو حدثت، لكن بنات أفكار الأسوانى تصرّ على تشويه الجميع دون دليل.

أراد أن يكتب رواية ٢٥ يناير كأنه «ويكيبيديا» فتحول إلى «نائحة مستأجرة».. يلطم على ركام ثورته المشوَّهة.