رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: سر الـ٩٧%.. شعبية الرئيس لم تتأثر.. والقرى والأقاليم «امتياز» فى الوطنية

السيسي
السيسي

ما إن أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات تفوق الرئيس عبدالفتاح السيسى فى انتخابات رئاسة الجمهورية، وفوزه عن جدارة بفترة رئاسية ثانية، حتى تحول الشارع إلى حالة خاصة جدًا، تتسم بالفرحة العارمة، وكأنّ «بركانًا من السعادة» قد تفجر فى لحظة ليعكس بصدق طيبة وبساطة هذا الشعب صاحب القلب الطيب والمعدن الأصيل. كيف لا يكون المشهد على هذا النحو من الروعة، والشعب يعى جيدًا ما فعله الزعيم السيسى، الذى خاض حربًا ضد الإرهاب لا تقل فى أهميتها عن حرب أكتوبر، بنجاحه فى تخليص الوطن من وباء الإخوان، تلك الجماعة الإرهابية التى كادت تغتال إرادة شعب وتسرق مقدرات وطن.

خرجت الجماهير فى كل مكان على أرض مصر، فى القرى والنجوع والمدن، من أجل التعبير عن فرحتهم بفوز الزعيم والقائد، وتحولت الشوارع والميادين فى غمضة عين إلى مظهر احتفالى لا يمكن بأى حال أن نرى مثله إلا فى مصر.
إنها حالة خاصة جدًا تفيض بالشعور بالوطنية والإحساس بالانتماء، وهذا الانتماء مهما كانت أسبابه ودوافعه، إلا أنه فى نهاية الأمر يلخص لنا حالة ارتباط ببلد كبير بدأ ينهض ويتعافى على يد قائد عظيم فى حجم ومكانة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أدعو له من كل قلبى أن يوفقه الله ويسدد خطاه لما فيه الخير له ولنا جميعًا.
الرئيس والشعب فى تقديرى هما وجهان لعملة واحدة، هى عملة الاستقرار والنهوض والتنمية الحقيقية.
وربما يعتقد البعض أنه بانتهاء الانتخابات، والإعلان عن هذا الفوز الساحق للرئيس السيسى بفترة رئاسية ثانية، يكون دور المواطن قد انتهى، وأن هذه المشاركة الإيجابية والمشرفة التى ظهر عليها الشعب فى تلك الانتخابات طوت صفحة فى سجل العمل الوطنى.
لكننى أرى أن هذا الرأى ليس صحيحًا على الإطلاق، وأنه تصور خاطئ وتفكير عقيم وبعيد كل البعد عن الواقع، فبمجرد الإعلان عن فوز الرئيس السيسى، دخلنا على الفور وبشكل تلقائى فى مرحلة جديدة تمامًا من العمل الوطنى، لها مفرداتها وآلياتها التى لا تقل فى أهميتها عن تلك المشاركة الإيجابية والمشرفة التى أذهلت العالم.
هذه المشاركة ــ إلى جانب إبهار العالم ــ أربكت أعداء الوطن، الذين استندوا فى خططهم واستراتيجياتهم المعادية للدولة المصرية إلى رؤى مغلوطة، كانت جميعها تشير وبشكل غير حقيقى، إلى أن الشعب لن يخرج ولن يشارك فى الانتخابات.
لكن، وكما شاهدنا وسمعنا وقرأنا، فإن هذا المواطن الشريف عزف سيمفونية رائعة فى حب الوطن، ليس هذا فحسب، بل رأيناه وهو يكتب فصلًا جديدًا فى ملحمة العطاء التى اتسم بها على مر العصور وفى أحلك الظروف، وفى ظل المحن والأزمات.
لذا، فإننى أرى أننا الآن مُقدمون على مرحلة ليست جديدة علينا، بل هى خطوة فى مسيرتنا من أجل استكمال ما كنا بدأناه مع الرئيس خلال الفترة الرئاسية الأولى، وهذه مرحلة تستوجب على الجميع الخروج من شرنقة الماضى من أجل استشراف المستقبل، وخلق بيئة صحية قادرة على استنهاض الهِمَم وتفجير الطاقات الكامنة داخل كل مواطن مصرى شريف يحب هذا البلد ويعشق تراب المحروسة، بعيدًا عن كل الحسابات وخلافًا لما هو متوقع.
ويمكن القول إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، جاءت معبّرة بصدق عن مدى تمسك الشعب المصرى بهدف رئيسى، هذا الهدف يصب فى نهاية المطاف فى صالح الوطن والمجتمع أيضًا، انطلاقًا من إيمانه بحكمة الرئيس فى قيادته الرشيدة للبلاد، مع الحرص على مواصلة مسيرة الخير والنماء لمصرنا الغالية لسنوات ٤ أخرى قادمة تستند فى المقام الأول إلى ما تم إنجازه خلال الفترة الرئاسية الأولى.
وما تضمنه مشهد الانتخابات الرئاسية المصرية من نزاهة وحيادية ووعى تام من جميع الأطراف بالحقوق والواجبات، والذى شاهده العالم أجمع وأشاد به الجميع، وهو إنجاز يعبر تعبيرًا صادقًا عن قوة الاصطفاف الوطنى فى مصر، والذى ساهم فى تعزيزه على أرض الواقع تلك الخطوات الحكيمة والمدروسة للرئيس السيسى خلال فترة ولايته الأولى.
كما أن الأمان والأمل فى مجتمع أفضل، هو فى تقديرى بمثابة قاطرة التنمية والاستقرار، وحاضنة التميز وترمومتر جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، والسر الذى يكمن وراء ارتباط الشعب بالرئيس على هذا النحو الذى شاهدناه خلال العملية الانتخابية.
حتى نتعرف عن قرب على ملامح المرحلة المقبلة، علينا ــ أولًا وقبل أى شىء ــ التدقيق فيما حدث أثناء العملية الانتخابية، وأن نحلل ما جرى فى هذا العُرس الانتخابى، فهذه الانتخابات وعلى الرغم من أنها جاءت فى توقيت حرج، وفى ظل ظروف اقتصادية صعبة وقاسية يعيشها الشعب، فإنها تُرجمت وبشكل عملى مدى ما يتمتع به هذا الشعب من إدراك حقيقى لما يحيطه من أخطار، سواء من أعداء الداخل أو الخارج.
وعلينا أن ندقق كثيرًا ونناقش ونحلل ما شهدته الانتخابات الرئاسية من مظاهر ودلالات، أولاها أنه لم يطرأ تغيير يُذكر فى الكتلة التصويتية لصالح الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهذا يعنى أن شعبيته لم تتأثر كثيرًا، كما حاول البعض تصدير تلك الفكرة المسمومة عبر أدواتهم ووسائلهم الإعلامية.
وأظهرت الانتخابات أيضًا فشل الأحزاب فى خلق تواجد جيد فى الشارع، يمنحها القدرة على الحشد، فإن لم يكن الأمر على هذا النحو فأين ذهبت الأحزاب وأين الكوادر الحزبية التى كان يجب أن تظهر فى مثل تلك المناسبة القومية المهمة وهذا الاستحقاق الدستوى الكبير؟.
كما لاحظت ــ من خلال ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات ــ أن نسب تصويت الأقاليم أعلى من تصويت المحافظات الكبرى، وليس هذا فحسب، بل إن هذا الخلل فى نسب التصويت طال أيضًا المحافظات التى حظيت بمشروعات قومية كبرى وجديدة، كان من الأجدر أن تكون فى صدارة المحافظات ذات النسب التصويتية العالية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه من الملاحظ أيضًا، وبشكل يبعث على التساؤل، أن نسب التصويت فى القرى أعلى بكثير من المدن، على الرغم من أنها وحسب كل التقارير الرسمية وغير الرسمية، هى الأكثر تضررًا من الظروف الاقتصادية الصعبة.
ومن الملاحظات الأخرى، العودة القوية للقبائل والعائلات الكبرى فى المحافظات، ما يؤكد أن تلك التكتلات تعى جيدًا أن الالتفاف حول القيادة السياسة هو الضمانة الوحيدة لاستمراريتها وبقائها وحفاظها على كيانها. كما لاحظت وبشكل لا يدع مجالًا للشك، أنه لا تأثير يُذكر للإعلام المعادى، الذى ظل يعيد ويزيد فى نفس الحكايات التافهة، فانطبقت عليه مقولة: «نسمع جعجعة ولا نرى طحنًا».
لن أكون مبالغًا إذا قلت إن أفضل ملاحظاتى على سير العملية الانتخابية يتمثل فى أن المرأة المصرية تحتل مكان الصدارة فى التصويت، وهو ما حدث من قبل فى الانتخابات الرئاسية السابقة، ما يدعونى إلى التفاؤل بأن ذلك سيكون له عظيم الأثر فى زيادة اهتمام الدولة بـ«حواء» وتعظيم دورها فى المجتمع بما يتلاءم والمرحلة المقبلة.
خلاصة القول إن الإشكالية ليست فيمن فاز ومن خسر فى تلك الانتخابات، وإنما الرهان الحقيقى على تلك الحالة التى عشناها مؤخرًا حول مصر ومستقبل مصر وأمن واستقرار مصر، وفى تلك اللحظات التى أعقبت الإعلان عن فوز الرئيس بنسبة تزيد على ٩٧٪.
وأهمس فى أذن المواطن بأن القادم أفضل، وما يجرى على أرض مصر من تنمية شاملة سيأتى بثماره فى القريب العاجل إن شاء الله.