رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلاح الشعر فى معارك الفتن والإرهاب




هذه هى الأستاذة الشاعرة مريم توفيق، التى تكتب عن الرموز الإسلامية والمسيحية وعن الرسل الكرام، وتكنُّ لهم الاحترام والتقدير. تقول عن سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم: «الرسول الكريم فوق بديع الشعر والكلم، ذلك سر للإله به قد خصه الله بالسامى من القيم، من بحبه ينجينا من الظلم ويغرس الحب فياضًا ويزرع فى قلوبنا النور والإيمان، فيحميها من السقم، لولاه ما اهتزت جوانحنا بنشوة العشق للأخلاق والشيم، لولا رضا الإله لما جاد لنا بأحمد، بالعطر نفيض على كل الكون، فى انتظار لجنة الخلد والرضوان والنعم.
وحين يعلو الأنين من شر ومن صخب وأمام سيول الألم، نناديك فنذوب هيامًا بقربك، ننشد الشعر يا طه فنرتوى من ظمأ، دفء حديثك فرح، زهر ندى وشمس تضىء الدرب، تدعونا للفجر العذب، للحكمة حين تحارب عاطفة فيذوب نقش الحب.. يا نبع عطاء وحنان يا شاهدا ورحيقا وضياء، لك القنديل والقربان، التواشيح والتراتيل فيحيط بنا الزهو، عشق المصطفى لحن وشدو ليس فيه زيف، حلم سرى فى الحنايا وطهر وبدر، فلا حاجة لسهم وجرح نهيم بمحمود فلا نبالى بالألم، وما أجمل ما يأتى به القدر، هو الإشراق والخصب ليشفع فينا من مرض ومن خطر، فتتجلى بشائره ويطيب لنا السمر، نناجيك يا حبيب أن تدعو من أجل مصر، فلا فرقة بين قبطى ومسلم فنعيش بعذاب أو ضجر.. القدس فى لهفة لكلينا يدا بيد، يا من بكفيه الجواهر والدرر، حلو اللسان كنغمات الوتر، نزل الوحى، طلع البدر، عشت فينا مروج الروض، والسر فرات سلسبيل ونور على الجبين، يبعث من حب سيد الأنام، من جاء ليتمم مكارم الأخلاق فننعم، تاج القلوب... حلو الرواء إبريق من زمزم». ثم تكتب عن السيدة زينب، ابنة الإمام على، رضى الله عنهما، فتقول: «سنظل نحلمُ باخضرار المروج فى معيّة ربيبةِ الفضل، مليكةِ الدنيا وسليلة الزهراء، نغفو على ذراعيها بشوق وهُيام وفرح، سنظل نحلم بشموع ونور يا غاية القلب، هنا مقام الهاشمية «زينب بنت علىّ»، هنا يسرى الشّذى فى الفؤاد يحمينا من عصف الزمان نركض نحوها إذا الشراع تمرّد، إذا ارتدّت فى ظُلمة الأقدار الصّرخات بلا صدى، إذا أحاطنا اليأس من هول الإعصار فى عرض اليم، وبات الموج فى كرّ وفرّ، أو كبّلتنا أقبية الثلج، إذا بات النجم مُسهّدا، نحلم بجنةٍ فيها النخيل والشجر والماء شلّالات تنحدر، بصحبتك يا زينب نتذوق الشهد وعذب الكلم، حُلو الرحيق يا رفاقى مع شمس الوجود وقُرّة عين المرتضى، فلتحتوينا يا نجمة السماء ومحبوبة المصطفى، سنظل نحلم بالجلوس إلى شقيقة الحسن والحسين سيدى شباب أهل الجنةِ هى الحُسن والجمال هى الكريمة كجدّها، صلى الله عليه وسلم.
نرنو إليك يا أم العواجز بحب لا تطويه الحُجب، معك يُشرق الحب فينا كلما وطأت أقدامنا دارَك، المدَدُ منك ونفحة العطر، منك النور وجميل الزهر، أنت الظل والدفء فى ليل الجدب، فالخصب أنت، وأنت الآمرة بالمعروف، فما السر؟ ذلك سر للإله بك يا نهر الحياة، يا من تنامين بالأحداق فموئلك بين العين والهدب، تتجوّلين بالقلب، إنى أراك والعذراء تشيّدان ممالك من النور والحب، تزرعان فى ربيع أيامنا الورد، تردّدان أنشودة اللقاء، بالإيمان.. بالسلام.. لن تضار أبدا «درة الشرق» فلنجدد العهد يا مريم.. يا زينب، سوف نعيد مذاق الألوان، وصورة لا حدود لها من الخيال، هنا إنجيل هنا قرآن، يبدّدان الخوف، لحنا أنقى وأطهر، منكما الشّيم والقيم والفخر، قليل من الخبز يكفينا، قطرة من المطر تروينا، يا الله.. فلتنبت لنا سنابل الرحمة، بالحق نقتسمها، بالحب نُطعم صغارنا، فى مواسم البهجة تعود الطيور لأعشاشها، فتهرب عناكبُ الريبة، نُسقط القلاع، نداعبُ النور والفراشات، نصلّى صلاةً تهدم مدن الخرافة، نمحو طُقوس العرّافة، هى مصرنا يرفرف القلب بحبها... فلنقاوم من أجلها الموج والصخر، فالشمس لن تكفّ عن بناء النهار».
أقول: تذكرنا مريم ابنة توفيق فى العصر الحديث بالشاعرة الأندلسية زينب بنت إسحاق النصرانية التى اشتهرت بحب آلِ البيت وهى تقول هذا الشعر الجميل:
عديّ وتيمٌ لا أحاول ذكرهم
بسوءٍ ولكنّى محبّ لهاشمِ
وَما يَعترينى فى علىّ ورهطهِ
إِذا ذُكروا فى اللَه لومة لائمِ
يَقولون ما بال النصارى تحبّهم
وأهل النُّهى مِن أعرب وأعاجمِ
فقلتُ لهم إنّى لأحسب حبّهم
سَرى فى قلوب الخلقِ حتّى البهائمِ
تقول الشاعرة مريم توفيق «إذا لم يكن للأديب دور فى إرساء القيم السامية التى هى من صميم الأديان السماوية السمحة، يصبح أدبه بلا معنى، تذروه الريح فى كل واد، من أجل ذلك قررت أن تتعدى أشعارى وكتاباتى أروقة الغرف المغلقة خاصة المتعلقة بالوحدة الوطنية، فتبنيت رسالة محبة وسلام من خلال «ثلاثية السلام» وهى عبارة عن ثلاثة كتب «عشق مختلف جدًا» ويتناول العديد من المواقف الحياتية التى ترصد العلاقة بين المسيحيين والمسلمين من خلال تجارب حياتية شكلت وجدانى، أوضح من خلالها كيف كان الوئام سائدًا والمحبة فى الله بلا حدود، والتى تصل إلى حد التضحيات بالنفس من أجل سلام شريكى فى الوطن».
وتقول مريم فى كتابها «كلمات فى جزيرة السلام»: فيه أتناول الجوانب الإنسانية للعالم الجليل الدكتور أحمد الطيب، الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، خاصة بعدما فتحت صفحة جديدة من عمر الإخاء بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف. كما كتبت مريم توفيق «كلمات فى أرض السلام»، تحدثت فيه عن زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إلى مصرنا الغالية، ولهذا مقال آخر.
إن هذا هو دور الشعر فى عصرنا الحاضر، وهذه هى معركة الأدباء والشعراء وإسهامهم فى مواجهة الفتن الطائفية وفى مواجهة الإرهاب الذى يأتى بسبب الجهل والتعصب المقيت. وللحديث صلة. وبالله التوفيق.