رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ علاقة بريطانيا بجماعة الإخوان

جريدة الدستور

طلب نواب برلمانيون بريطانيون من الحكومة المصرية السماح لهم بزيارة الرئيس المعزول محمد مرسي، حسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، حيث أعربت لجنة العلاقات الخارجية عن استيائها ما نشرته الصحيفة، عن طلب وفد بريطاني يضم عددٌا من أعضاء مجلس العموم، زيارة مرسي في محبسه، بدعوى الاطمئنان على حالته الصحية، التي تدهورت في السنوات الأخيرة نتيجة الإهمال المتعمد من قبل السلطات المصرية، حسبما أوردته الصحيفة.

في عام 1936 دعا الإخوان المسلمون للجهاد ضد اليهود في فلسطين، وأرسلوا متطوعين إلى هناك بعد مطالبة المفتي بالجهاد هناك، واعتبرت جماعةُ الإخوان بريطانيا دولة ظالمة، ودعت لمقاومة الاحتلال البريطاني في تلك الفترة، الذي تنامى خاصة بعد تمرد فلسطين خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، في بداية الأمر انتهجت بريطانيا استراتيجية قمعية ضد الإخوان بعد تحالفها مع القوى السياسية الأخرى، ولكن في الأربعينيات ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا.

وفى عام 1940 بدأت بريطانيا في تمويل جماعة الإخوان، حيث رأى فاروق أنه من المفيد التحالف مع قوى سياسية أخرى، ضد الأحزاب السياسية حيث كان يمثلها حزب الوفد، ويشير تقرير للمخابرات البريطانية.

وفي عام 1941 تم أول اتصال مباشر بين المسئولين البريطانيين وجماعة الإخوان الإرهابية حيث سمح للبنا بنشر مقالات في الصحف تدور حول إرساء مبادئ الديمقراطية، الأمر الذي سيؤدي بدوره لتفكيك الجماعة، والاجتماع ناقش أيضًا كيفية دعم الإخوان في تشكيل فرق تخريبية للتجسس على النازيين، ووصفت الجماعة خلال الاجتماع بأنها جماعة دينية ظلامية، يمكن استغلالها في إخراج فرق انتحارية وقت الاضطرابات، كان الطرفان مدركين بأن الإخوان معادون لأوروبا وإنجلترا بسبب مواقف الأخيرة في مصر، ولكن توقعت إنجلترا أن يكون للجماعة شأن ونفوذ سياسي فيما بعد.

وفى عام 1942 رأت بريطانيا أن وجود جماعة الإخوان مفيد له، لتبدأ رعاية القصر الملكي لها، وحتى يومنا هذا تم رعاية العديد من المجتمعات الإسلامية في مصر من قبِل الحكومة البريطانية، لمعارضة خصوم له أو لتعزيز مصالحهم.

وفى عام 1944 وصفت لجنة الاستخبارات السياسية في بريطانيا جماعة الإخوان باعتبارها خطرًا قائمًا لمصالحها، وفي ظل ضعف قيادة البنا، الشخصية البارزة الوحيدة، قد يعجل ذلك بانهيارها بسهولة، ما جعل الاستخبارات البريطانية ترفض التعاون مع الجماعة، وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، كان لدى بريطانيا خبرة كبيرة بالتعامل مع الجماعة التي ساعدتهم في تحقيق أهدافها، بينما أدرك المسئولون أيضًا أن هذه الجماعة نفسها تعارض سياسة الإمبراطورية البريطانية والأهداف الاستراتيجية لها عمومًا، هذا التعاون المؤقت كان لتحقيق أهداف محددة في حال افتقار بريطانيا لحلفاء آخرين أو القوة الكافية لفرض أولوياتها.

وفى عام 1945 م كان الإخوان من القوى السياسية المؤثرة على الأحداث في مصر، إلى جانب حزب الوفد، ومن جانبه واصل الملك فاروق الاستفادة من الإخوان، حيث ظل الإخوان يمدون الحكومة بمعلومات عن الشيوعيين الموجودين في النقابات والجامعات، في أجواء اتسمت بالتصعيد ضد الوجود البريطاني، وزيادة تيار العنف الإخواني.

وفي ديسمبر 1948 اكتشفت الحكومة المصرية مخابئ الأسلحة تابعة للإخوان جُهزت لقلب نظام الحكم، الأمر الذي جعل بريطانيا تطلب من الحكومة المصرية تضييق الخناق على أنشطة الجماعة المعادية لها، فأصدرت الحكومة قرارًا بحل جماعة الإخوان، ولكن بعد قرار الحل بثلاثة أسابيع، تم اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، على يد أحد أعضاء الجهاز السري للجماعة، وهو نفس الجهاز الذي نفذ هجمات بالقنابل ضد البريطانيين في منطقة القناة.

وفى يناير 1949 طلبت السفارة البريطانية في القاهرة من بريطانيا استخدام كل الطرق لسحق الإخوان، وبالفعل تم اعتقال أكثر من 100 عضو من الجماعة، ليعقبها في فبراير من نفس العام اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا، وتم ترويج أن أفراد من البوليس السري هم وراء حادث مقتله، بأوامر مباشرة من القصر، ولكن وفقًا لتقرير الاستخبارات البريطانية، الذي أكد أن التخلص من البنا جاء بأوامر من القصر الذي تسبب لاحقا بمتاعب للحكومة المصرية على أيدي أتباعه الذين اعتبروه شهيدًا من أجل قضية الإسلام، وبعد مقتل البنا بثلاثة أيام التقى السفير البريطاني، رونالد كامبل، بالملك فاروق والذي ألقى مسئولية مقتل البنا على أتباع الأخير من أعضاء الجهاز السري، أو على يد السعديين "أنصار سعد زغلول".

فى أكتوبر 1951، انتخبت جماعة الإخوان حسن الهضيبي مرشدًا جديدًا للجماعة خلفًا للبنا، وهو شخصية لا ترتبط علنًا مع الإرهاب ومعروف بمعارضته للعنف.

لم يكن الهضيبى قادرًا على إحكام سيطرته على المجموعات المتنافسة من داخل الجماعة، وظهرت بعض ملفات الاستخبارات البريطانية محاولة مسئوليها ترتيب لقاء مباشر بالهضيبي في ديسمبر 1951، وعقدت عدة اجتماعات مع فرخاني بك، أحد مستشاريه، وهو لم يكن عضوًا في الجماعة، من أجل إبقاء الإخوان بعيدة عن المشهد السياسي، ووقف أي أعمال عنف تُنفذ ضد المنشآت الحيوية أو الجيش الإنجليزي.

بعد ثورة يوليو عام 1952، نجح الإنجليز في مقابلة الهضيبي في أوائل يناير 1953، لمعرفة موقفه من مفاوضات الجلاء بين بريطانيا والحكومة المصرية، كما قال المحلل الإنجليزي لجماعة الإخوان المسلمين وثق ما حدث من مختلف الأطراف الحكومة البريطانية والمصرية والإخوان، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عدوًا للإنجليز، فبدلًا من الدخول في حرب مباشرة معه استخدم الإنجليز الإخوان في معرفة شئون الأمة وشق توجه الرأي العام المناصر لثورة يوليو، الأمر الذي أكده ميتشيل الذي توصل في تقريره أن دخول الإخوان في مفاوضات الجلاء كان بناءًا على طلب بريطانيا، ما لم يلق قبولًا من الجانب المصري، وجاء طلب بريطانيا بناء على سعيها معرفة موقف الإخوان من المفاوضات، الذي سيكون مؤثرا في الرأي العام، ولهذا تم الاجتماع بحسن الهضيبي آنذاك.

في 7 فبراير 1953 قال أحد أعضاء الإخوان للبريطانيين نصًا: "إذا بحثت مصر في جميع أنحاء العالم لصديق لن تجد سوى بريطانيا"، التعليق الذي فسره الإخوان والسفارة البريطانية بأن هناك وجود مجموعة من قادة الإخوان على أتم استعداد للتعاون مع بريطانيا.

فى عام 1957 أوصى تريفر إيفانز، المسئول الذي قاد الاتصالات البريطانية مع الإخوان في عدة تقارير كتبها قبل أربع سنوات، بأن "اختفاء نظام عبد الناصر، ينبغي أن يكون هدفنا الرئيسي"، وأشار مسئولون آخرون إلى أن جماعة الإخوان ظلت نشطة ضد ناصر داخل وخارج مصر، خاصة في الأردن، وأشارت التقارير إلى ضرورة استخدام الجناح العسكري للإخوان، في الفترة المقبلة.
                                       للمزيد اضغط هنا