رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سمير درويش: واجهت «الإرهابية» بـ«دولة الملتحين»

جريدة الدستور

تعقد انتخابات التجديد النصفى لاتحاد كتاب مصر، بعد غدٍ الجمعة، لاختيار ١٥ عضوًا لمجلس الإدارة، وتقدم إلى هذه الانتخابات ٤١ عضوًا من أعضاء الجمعية العمومية بالاتحاد. ويعد سمير درويش، رئيس تحرير مجلة «الثقافة الجديدة»، أحد أبرز المرشحين لعضوية مجلس إدارة الاتحاد، وهو أحد أفراد كتيبة شعراء جيل الثمانينيات الذين شكلوا تيارًا ونوعًا أدبيًا جديدًا، واستطاع عبر إنتاجه الشعرى الذى بلغ حتى الآن ١٥ ديوانًا، أن يخلص «قصيدة النثر» من كل الحمولات غير الفنية التى علقت بها، بالإضافة إلى كتبه السياسية ورواياته.
«درويش»، خلال استضافته فى ندوة «الدستور»، كشف عن أبرز الأزمات التى يعانى منها الاتحاد، مشيرًا إلى دور عدد من الشخصيات الثقافية فى مساندة الاتحاد اقتصاديًا، إلى جانب مواقفه من قضايا التراث وتنقيته من بعض المفاهيم المغلوطة، وكذلك رؤيته كشاعر ومثقف فاعل للأوضاع الثقافية.. وإلى نص ما قاله فى الندوة.



أباظة ووهبة وسلماوى وضعوا أسس الاتحاد.. وابتعدت عنه بسبب الحرب الداخلية
اتحاد الكتّاب يقوم على ٣ مفاصل، أولها ما فعله الراحل ثروت أباظة عندما استطاع أن يحصل على مقر اتحاد الكتّاب بالزمالك بعد أن تقدم بطلب لمجلس الشورى وبإيجار سنوى جنيه واحد فقط.
المفصل الثانى يتمثل فى دور سعدالدين وهبة خلال ٦ أشهر فقط عندما عمل على تفعيل قانون اتحاد الكتّاب، وعقد الجمعية العمومية الطارئة بالاتحاد والخاصة بالمعاشات، كما فعّل عددًا من البنود غير الفاعلة فى قانون الاتحاد مثل تأسيس عدد من الشعب والفروع، والعمل على إصدار نشرة شهرية ومشروع نشر، وهو ما دفع بالاتحاد لأن يصبح فاعلًا فى المشهد الثقافى المصرى، وهو ما نتبعه حتى الآن. أما المفصل الثالث فهو موقف الكاتب محمد سلماوى الذى جاء فى وقت كان يعانى فيه الاتحاد أزمة مالية وكان يدفع معاشات لمدة ٣ أشهر فقط ويتوقف، فخاطب سلماوى وزارة المالية، وبالفعل أرسلت الوزارة «خبيرًا اكتواريًا» على نفقتهم ووضع تقريرًا بما يحتاجه اتحاد الكتّاب من مبالغ.
كما حصل سلماوى على تبرعات تقدر بـ٢ مليون جنيه من رجال الأعمال والمفكرين المصريين، بداية من الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، حتى المهندس نجيب ساويرس.
وحصل على قرار بتخصيص مقر للاتحاد بالقلعة، وكانت تكلفة المقر تبلغ ٢ مليون جنيه، تبرع «ساويرس» بمليون ونصف المليون جنيه منها، فيما قبلت الشركة المنفذة بتحمل ما يقرب من ٥٠٠ ألف جنيه الباقية ونفذت المشروع.
وحصل «سلماوى» أيضًا على دعم ١٢٠ ألف جنيه من وزارة الثقافة، لتجهيز المقر، وتكفل الدكتور زاهى حواس بالمبلغ المتبقى آنذاك وكان ٣٦٠ ألف جنيه، كما حصل على ٢٠ مليون جنيه وديعة من حاكم الشارقة ليصرف منها الاتحاد على علاج أعضائه، وهو ما أدى إلى حدوث انتعاشة مالية باتحاد الكتاب.
كان هؤلاء الثلاثة، الأعمدة الأساسية للاتحاد، وكنت مطلعًا على تجاربهم منذ أن عملت فى الاتحاد سنة ١٩٩٨، لكن بعد ذلك انتقلت منه لوزارة الثقافة سنة ٢٠٠٩ وانقطعت صلتى الوظيفية به، وعملت مديرًا عامًا لقصر ثقافة الجيزة، وبعد ذلك عملت فى أكثر من مكان حتى توليت رئاسة تحرير مجلة «الثقافة الجديدة». وطوال تلك الفترة، وكلما جاءت انتخابات الاتحاد، عرض علىّ أن أنضم لأكثر من فريق انتخابى، وكنت دائمًا أرفض ذلك سواء فى اتحاد الكتّاب أو فى أى مكان آخر، وفى إحدى المرات اتصل بى صديقى الراحل قاسم مسعد عليوة، والدكتور محمد زكريا عنان والدكتور سيد فضل من لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة وأبلغونى باختيارى عضوًا باللجنة باعتبار أن التشكيل يضم رئيس تحرير مجلة أدبية، ورفضت ذلك لأننى ليس ممن يفضلون العمل باللجان.
وفى آخر ٣ سنوات شهد اتحاد الكتّاب احترابًا داخليًا بين عدد من الجبهات وكانت هناك اعتداءات وقضايا، ويبدو أن الحقائق تاهت فى هذا المشهد المرتبك، وكنت مهتمًا بالتواصل مع الأطراف الفاعلة المختلفة داخل الاتحاد، رغم كونى فى الخارج، وطالبتهم بضرورة أن يتكاتفوا وينسوا جبهاتهم القديمة، وبعد أن يحدث هذا التوازن «يتخانقوا».


الاتحاد عاقب أعضاء الرأى على «فيسبوك».. وأخطأ فى عدم مساندة المحبوسين
وصل الأمر إلى أن اتحاد الكتّاب حرك عددًا من القضايا ضد بعضأعضائه، كما أن هناك ٥ من أعضائه تم فصلهم، ومُنع ١٠ من الترشح، وكل هذا يتم خارج القانون.
كما أن بعض أعضاء الاتحاد تم فصلهم نتيجة نشر آرائهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك وتويتر»، رغم أنه من المفترض أن اتحاد الكتّاب هو قلعة لحماية حرية الرأى والدفاع عنه.
وكان من المفترض أن يقف اتحاد الكتّاب مع أحمد ناجى وعبدالله نصر وإسلام بحيرى وفاطمة ناعوت، وكل الكتّاب المنتمين له وغير المنتمين، لأن وظيفة اتحاد الكتّاب الأساسية هى أن يضمن للكاتب أن يقول رأيه بكل حرية.
ما بالك أن تتم محاسبة الكاتب داخل اتحاد الكتّاب بسبب التعبير عن رأيه، لذا فإن واحدًا من البنود التى طرحتها ببرنامج ترشيحى يضمن أن تكون هناك مساحة يعبر الناس فيها عن آرائهم، وأن يتم توضيح الرؤيا للأعضاء الخاصة بالمعلومات الخاطئة.
وأود أن أقول إننى عندما توليت إدارة الاتحاد آخر ثلاثة أشهر فى عام ٢٠١٤ وحتى الشهور الثلاثة الأولى من عام ٢٠١٥، تقدمت بعدة مذكرات مكتوبة للاتحاد لإصلاح هذا الخلل.
كما تقدمت باقتراح تم تطبيقه بالفعل لعلاج واحد من الاختراقات الكبرى التى تحدث فى الانتساب لعضوية الاتحاد، وهى أن الكاتب يقدم كتابًا واحدًا ويحصل على العضوية المنتسبة ومن بعد ذلك يتقدم برفع عضوية، ونصت المذكرة على أن المفترض أن يتقدم الكاتب كمنتسب أو عامل.
أما بالنسبة للجوائز وفحص طلبات العضوية المقدمة من الأعضاء، أرى أن واحدًا من الأخطاء الكبرى التى يقع فيها الاتحاد تاريخيًا أن أعضاء مجلس الإدارة غالبًا يستأثرون بمسألة فحص الأعمال المقدمة للعضوية أو الجوائز.
لكن مبدئيًا من المفترض أننى لو كنت عضوًا بالمجلس وعرض علىّ عمل لصديق سأبتعد عنه، وتقدمت هنا بمذكرة تنص على أنه «يجب ألا يكون أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكتّاب فى لجان الفحص نهائيًا لا فى العضوية أو فى الجوائز» وهذا على رأس أولوياتى فى حال فوزى بالانتخابات، على أن تتقدم الأعمال للجنة من المتخصصين من خارج الاتحاد حتى تنتفى الشبهة عنهم.
وفيما يتعلق بجوائز الدولة، فمن الأخطاء الكبرى التى أطالب بتغييرها هى فكرة السماح لأعضاء المجلس لكى يرشحهم الاتحاد لجوائز الدولة، وذلك بعد أن يرسل المجلس الأعلى للثقافة خطابًا سنويًا لاتحاد الكتّاب بالمرشحين لجوائز التفوق والتقديرية والنيل، ويتضمن برنامجى الانتخابى مخاطبة المجلس الأعلى للثقافة لتعديل ذلك.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادى لاتحاد الكتاب، أرى أن الاتحاد ليس مؤسسة اقتصادية وليس متخصصة، وحسب قانونه يحصل الاتحاد على ٢٪ من عقود المؤلفين فى دور النشر، و٥٪ من كتب التراث التى سقط عنها حق المؤلف، وعندما جاءت اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، زادت المدة إلى ٧٥ سنة والدولة حصلت على المبلغ كاملًا فى آخر عهد الرئيس الأسبق مبارك بقانون صدر فى السنوات الأخيرة.
وما يحدث فى الواقع، أن الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة تتقدم بطلب لوزارة المالية كل عام بطلب دعم ويتم التحصل على ما بين ١٠٠ و٢٠٠ ألف جنيه، وهذه هى أبرز موارد اتحاد الكتاب، هذه الأموال ليست بالقليلة، وأغلب من يدفع الدور الحكومية بشكل كبير وأهمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون لشرائه السيناريوهات، والهيئة المصرية العامة للكتاب والمجلس الأعلى للثقافة، بالإضافة إلى فؤائد الودائع التى تضاف إلى الميزانية.
ولدىّ تجربة شخصية، فى عام ١٩٩٩ كلفت بتحصيل هذه النسب من دور النشر الخاصة، ورغم أن القانون ينص على أنه لا تترتب أى عقوبة على الممتنع، عندما دخلت فى تفاصيل التجربة حصّلت ١٠٠ ألف جنيه فى عام من دور النشر الخاصة، وشكرنى الشاعر فاروق شوشة فى جمعيتين عموميتين.
وبالنظر إلى دور النشر تجد أن بعضها يقوم بطباعة طبعات كثيرة برقم إيداع واحد، إذًا ليس لديك حق الضبطية القضائية الذى تستطيع من خلاله ضبط عملية التحصيل، وأظن أن القانون الجديد يعالج هذه الإشكالية.
كنت موظفًا عاديًا فى اتحاد الكتاب، يمكنك أن تقول «موظف شبه منبوذ» وأزمتى مع الاتحاد تتمثل فى أن اتصالى بالحياة الثقافية يحول بينى وبين رؤيتى الملفات بالمجلس، فقط أنا موظف يتقاضى راتبا نظير عمله، وهو وضعى الذى لا أتخطاه، ومع ذلك كتبت مقالات عن اتحاد الكتاب بالصحف، وعندما جاء الكاتب محمد سلماوى لرئاسة اتحاد الكتاب قال لعدد من زملائى بمؤتمر بالعريش إن سمير درويش جيد ولكن يقوم بتسريب أخبار الاتحاد للصحفيين.


أقول لـ«إيناس عبدالدايم»: إدارة «الثقافة» تختلف عن الأوبرا.. والوزارة تفتقد خيال فاروق حسنى
كتابى «دولة الملتحين» هو ليس فقط النص الوحيد لى عن تفنيد الأخطاء التراثية التى انتقلت لنا، ولى عدد كبير من المقالات فى صحف مصرية وعربية فى هذا الصدد، وأيضًا خلال فترة تولى جماعة الإخوان الإرهابية، الحكم سنة ٢٠١٣.
وأرى فى هذه المسألة أننا أمام عدد من الخطابات المتناقضة والمتصارعة والمتعارضة مع القرآن الكريم أحيانا، نتج عنها أن جزءًا مهمًا من أموال النفط التى تدفقت على الجمعيات والسلفيين فى مصر، حتى الآن، أدى إلى تضخيم المشكلة.
وننتقل إلى أوضاع المجلات الثقافية فى مصر، والتى لابد أن يكون لها توصيف فوقى، لذا يجب على وزيرة الثقافة أن تجرى توصيفًا لتلك المجلات، وبالتالى يستطيع أى شخص إدارتها طالما تحقق ذلك، لأنه حينها سيحدد ما ينقصنا، فمثلا عندما نريد طباعة ١٠ آلاف نسخة مثل مجلة «الدوحة»، سنستطيع معرفة الواجب فعله من خلال التوصيف، وإذا كنا نحتاج لتدشين مجلة لاكتشاف المواهب سنفعل ذلك.
ومن خلال هذا التوصيف أيضًا سنختار كوادر مؤهلة، تعرف ما يجب فعله، فلا يصح بأى حال من الأحوال ان يحاضر شيخ سلفى فى ندوة بهيئة قصور الثقافة.
أما بالنسبة لمجلة «الثقافة الجديدة»، فأرى أن أهميتها كونها تصدر فعليا فى السوق يوم واحد من كل شهر، وهذه ميزة هيئة قصور الثقافة، بأنها تسمح لنا أن نجهز المجلة ونصدرها بمواعيد منتظمة، نهتم فيها بالجانب الثقافى فقط.
لا أعرف إيناس عبدالدايم بشدكل شخصى، وهناك فرق كبير بين إدارة الأوبرا وإدارة وزارة الثقافة، فهى عازفة «فلوت»، وعلى دراية بإدارة الأوبرا باعتبارها فى نطاق تخصصها، لكن يظل السؤال عالقًا: «هل تستطيع إدارة وزارة الثقافة؟»... لم تظهر الإجابة بعد.
ومع ذلك، أخبرنى بعض المقربين بأنها جادة جًدا وتقصد ما تقول، ولديها ذهن حاضر وواع وتراقب خطواتها جيدًا، لكنها تولت إدارة الوزارة حديثا، فلا نستطيع الحكم عليها الآن.
وزارة الثقافة الآن تعانى ٣ أشياء: الوزراء لا يضمنون بقاءهم على المقاعد، ثم قلة الموارد، فوزير الثقافة لا يحصل على المبالغ التى كانت تدخل للوزارة قبل «تعويم الجنيه»، وأخيرًا لا يوجد خيال فى إدارة الوزارة، والكل يعتمد على تصريف الأعمال فقط.
كان فاروق حسنى يشكل تلك الحالة «الخيال»، وقد يكون ثلاثة أرباعها «كذب» كما قال الروائى صنع الله إبراهيم، لكنى أعتقد أن ربعها الباقى حلو.. كان يبدو أن «حسنى» غير مدرك لكنه كان يعرف، ويضع يده على المشهد الثقافى جيدًا، وهذا غير موجود الآن.
أما الدكتور جابر عصفور، فهو مهندس وزارة الثقافة الحقيقى منذ ربع قرن، ومن يقل غير ذلك فهو جاهل، عمل مع فاروق حسنى لفترات طويلة، وكان هو الفاعل الرئيسى فى المشهد الثقافى، وحوّل المجلس الأعلى للفنون إلى المجلس الأعلى للثقافة، وتسبب فى حراك ثقافى كبير عندما تولى إدارته، لكن المشكلة الرئيسية هى أنه تولى وزارة الثقافة فى ظروف غير مناسبة، فلو أتيحت له ظروف أخرى لتسبب فى إنجاز كبير فيها، ورغم اختلاف كثيرين معه، إلا أنه - فى رأيى- دعم المشهد الثقافى فى الـ٢٠ سنة الأخيرة.
المشكلة الرئيسية فى وزارة الثقافة، تتمثل فى أنه بعد ثورة ٢٥ يناير، تعاملوا مع وزير الثقافة على أنه «وزير ضيف»، فأطول فترة جلس فيها وزير كانت لحلمى النمنم، وكانت سنة أو تزيد قليلًا، والحكومة عندما تريد أن ترسل للشعب رسالة بأنها تريد إحداث تغيير، تغير وزير الثقافة دون غيره. وسبق أن أخذوا جزءًا هامًا من وزار الثقافة وهو «الآثار»، التى تكونت مجاملة لـ«زاهى حواس»، وبالتالى خصموا من ميزانية الثقافة مبالغ كبيرة كانت تأتى من زيارة المتاحف، وما إلى ذلك.