رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدور الثقافى المصرى.. مشرق.. مغرب






بدأ هذا العام بأحداث ثقافية مهمة، حيث كانت الجزائر ضيف الشرف فى معرض القاهرة للكتاب، وفى نفس الشهر كانت مصر ضيف الشرف فى معرض الدار البيضاء للكتاب فى المغرب. وهى مهمة ثقيلة ومهمة قامت بها وزارة الثقافة المصرية على الوجه الأمثل.
هكذا تعود القاهرة لتلعب دورها التاريخى فى ربط المشرق بالمغرب. ويحتار المرء من أين يبدأ فى تتبع هذا الدور، خاصة مع عمق العلاقات التاريخية وقدمها.
نجد كتابات الرحالة المغاربة خير شاهد على ذلك الأمر، إذ كانت مصر، كما يصفها هؤلاء الرحالة «دهليز البلد الحرام». حيث تتجمع فى القاهرة قوافل الحجاج القادمة من المغرب الأقصى والجزائر وتونس وليبيا لتلتحم مع قافلة الحج المصرى، وتنعم فى رحابها بالأمن والأمان. وفى رحلة الذهاب والعودة كان يطيب للعلماء المغاربة الإقامة بعض الوقت فى القاهرة، والتواصل مع الأزهر وعلمائه، وبعضهم يحلو له الاستقرار فيها والتدريس فى الأزهر، وساعد على ذلك وجود رواق المغاربة فى الجامع الأزهر. وازدادت الصلات العلمية الوثيقة بين الأزهر فى القاهرة والزيتونة فى تونس والقرويين فى المغرب، حتى أن الأزهر كان هو المركز المُعتمد للمذهب المالكى السائد فى ربوع بلاد المغرب العربى.
وتعتبر سيرة حياة العالم اللغوى الشهير «مرتضى الزبيدى» خير دليل على الدور الثقافى للقاهرة كبوابة لقاء المشرق بالمغرب. فالشيخ مرتضى من «زُبيد» فى اليمن، لذلك سُمى بالزبيدى، جاء إلى الأزهر حيث قام بالتدريس وأصدر قاموسه اللغوى الشهير «تاج العروس». وذاع صيت الزبيدى فى المشرق والمغرب، حتى إن محمد سلطان المغرب كان يرسل الهدايا والدعم المالى له ولطلابه.
وفى القرن التاسع عشر، خرجت البعثات الأولى من المغرب ليس فقط تجاه أوروبا، ولكن أيضًا تجاه مصر. ودارت مراسلات عديدة بين الخديو إسماعيل وسلطان المغرب لتنظيم استقبال البعثات التعليمية المغربية فى مصر. كما ساهمت المطبعة الأميرية فى القاهرة فى دخول الطباعة إلى المغرب، وتم إرسال خبراء مصريين لهذا الشأن.
ومن المهم تتبُع أثر زيارات الشيخ الإمام محمد عبده إلى تونس والجزائر على حركة الإصلاح الدينى والحفاظ على الهوية العربية فى بلاد المغرب العربى جميعها.
هل ننسى الدور المصرى فى دعم ثورة الجزائر.. هل ننسى أن أحد أهم مفكرى الجزائر، وهو «مالك بن نبى»، وجد فى القاهرة الملاذ والمُستقَّر حيث أخرج لنا أهم كتب مشروعه الفكرى؟
هل ننسى افتتاح مصر للمكتب الثقافى المصرى فى الرباط ليكون هو الداعم لعملية التعريب فى المدارس والجامعات، واستعادة الهوية العربية فى بلاد المغرب؟
هل ننسى دور الفن المصرى، لا سيما السينما والغناء، فى دعم الهوية العربية فى بلاد المغرب، وربط المشرق بالمغرب؟
الدور الثقافى المصرى رسالة وحتمية تاريخية، ومصر هى بوابة المشرق والمغرب