رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رائد العزاوى يكتب: أصوات العرب للرئيس

رائد العزاوى
رائد العزاوى

لن أبالغ كثيرا إذا قلت إن الانتخابات المزمع إجراؤها قريبًا فى مصر تشكل حدثا مهما للشارع العربى، فأغلب الصحف ووسائل الإعلام، وكذا وسائل منصات التواصل الاجتماعى فى العالم العربى، تهتم كثيرًا بهذه الانتخابات لأسباب يعرفها الجميع.
المتغير المهم فى هذه الانتخابات هو ترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسى لولاية رئاسية جديدة، التى تشكل أهمية كبيرة للعالم العربى، فالرئيس السيسى وحتى قبل توليه رئاسة مصر فى عام ٢٠١٤ كان يضع القضايا العربية كأولوية أساسية فى إدارة علاقة مصر بالعرب وبالعالم. فقبيل توليه الرئاسة كان العالم العربى يعيش حالة من التخبط بعد ما سمى «الربيع العربى»، فكانت جميع جبهات مصر العربية، سواء الشرقية فى فلسطين، وجمود ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، أو الجبهة الغربية فى ليبيا المفككة أو فى عمق مصر الخليجى، وبعدى مصر العربى الاستراتيجى فى كل من سوريا والعراق، بالإضافة إلى الخطر الداهم للأمن القومى المصرى فى اليمن والصومال وجيبوتى، زد على ذلك القلق المستمر من توغل التطرف السياسى الدينى فى تونس والمغرب.. كانت الخريطة العربية أشبه ما تكون بحقل ألغام ضاعت بوصلته، فالمنطقة كلها تقريبا تعيش حالة ارتباك، بالإضافة إلى تصاعد قوة التنظيمات الإرهابية المسلحة.
فى أولى سنوات تولى الرئيس السيسى زار خمس دول عربية، وهى كالآتى: الجزائر، والسودان، والسعودية، والأردن، والكويت، واستمر فى زيارته خلال الأعوام التالية بذات الوتيرة، التى عمل فيها الرئيس السيسى على بناء علاقات عربية مصرية، انطلاقا من أهمية مصر فى عمقها الاستراتيجى العربى.
شاءت الأقدار أن تحتضن مصر القمة العربية (٢٦) فى شرم الشيخ فى مارس ٢٠١٥ ونجح الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إدارة أعمال القمة فى ظروف أشد خطورة وصعوبة واستطاع بصلاته الشخصية أن يجمع ١٦ ملكًا ورئيسًا عربيًا فى سابقة لم تتكرر منذ قمم عربية سابقة. وأوضح الرئيس السيسى فى هذه القمة، التى حملت عنوانا عريضا ومهما «تحديات الأمن القومى العربى»، أن الصدق بين الدول العربية هو الأساس للتصدى للمخاطر التى تواجه الأمة العربية وهو عنوان مصر بزعامة السيسى، وقدم فى أول خطاب له، الذى استمر نحو ٢٩ دقيقة، عرضًا للمخاطر التى تواجه الأمة العربية فى اليمن، حيث أكد أن الشرعية هى الأساس فى حل الأزمة، مؤكدًا أن التدخل العسكرى العربى فى اليمن هو الضامن لأمن المنطقة العربية.
فى ملف ليبيا، أكد أهمية عودة النسيج الوطنى الليبى وإبعاد التدخلات الخارجية فى هذا الملف، ودعا الليبيين إلى الحفاظ على وحدتهم الوطنية والتصدى للجماعات الإرهابية، وهنا لا بد أن نقف أمام كلمات الرئيس السيسى «أمن ليبيا أولوية قصوى لمصر» كبوابة أساسية لأمن المنطقة العربية بأكملها. وطرح الملف السورى للمرة الأولى على طاولة القمم العربية برؤية مصرية، أثبتت السنوات اللاحقة صدق هذه الرؤية المبنية على أساس الحوار السلمى ومواجهة الجماعات الإرهابية، ومصر كانت الدولة العربية الوحيدة القادرة على تقديم حل حقيقى للأزمة السورية، وعلى مبدأين هما حق الشعب السورى فى دولة مدنية ديمقراطية والتصدى للتنظيمات الإرهابية. كان الموقف الرسمى المصرى فى الشأن العراقى مبنيًا على أساس المسافة الواحدة من جميع طوائف الشعب العراقى وسلامة وحدة العراق، ومساعدته فى مواجهة تنظيم داعش الذى شكل تهديدا لوحدة العراق وتهديدا للمنطقة العربية مع رفض التدخلات الخارجية فى الشأن العراقى. ولعل هذا الخطاب الذى رسم فيه الرئيس السيسى علاقة مصر بالأشقاء العرب وكرر فيه أننا أمة مجيدة لا يمكن أن نركن للتاريخ فى حاضر نواجه فيه مخاطر شتى ومستقبلا يجب أن نعد له جيدا، وتكراره ثلاث مرات «تحيا الأمة العربية» فى إشارة لنهجه العروبى القومى. ما من بلد عربى زرته إلا وكان فيه للرئيس السيسى محبة واحترام لدى الجميع، لأن الكثير من مواطنى الشارع العربى يضعون للرئيس السيسى أهمية كبيرة فى نفوسهم، فيكفى أن الشارع العربى يعلم جيدا أنه رجل صادق فى كل وعوده فى الدفاع عن كرامة العرب وحدود العرب، فلا ننسى تصريحه الشهير «مسافة السكة»، الذى كان أقوى رسالة لإيران بأن أمن الخليج العربى وما يتبعه من أمن العراق وسوريا واليمن، كله عمق للأمن القومى المصرى. وفى السودان يكفى أن الرئيس السيسى تعامل مع الأزمات بروح العربى، الذى لا يمكن أن يشتم شقيقه مهما حصل من ذلك الشقيق، وإن جار ظلما ذلك الشقيق، وهو بذلك يضرب مثلا فى ترفع العربى عن صغائر الأمور. فى العراق للرئيس السيسى محبة كبيرة وجميع طوائف الشعب العراقى ترى أن وقوف الرئيس على مسافة واحدة منهم محل تقدير للجميع، ويكفى ما يقوله العراقيون عن دور السيسى فى حماية الدولة المصرية من خطر الإسلام السياسى، الذى أذاق العراقيين الأمرين، زد على هذا أن السيسى كان أول قائد عربى فتح مخازن السلاح للجيش العراقى وكان داعما لهذا الجيش فى حربه ضد تنظيم داعش الإرهابى. ليس هذا فحسب، فللرئيس السيسى مواقف عروبية فى المشهد اللبنانى المعقد، ويكفى موقفه من الأزمة الأخيرة فى لبنان، وهو الذى أكد فى أكثر من خطاب أن مصر تقف مع وحدة وسلامة لبنان.
ويكفى أن نقول إن الرئيس السيسى يرفض اعتبار العرب الذين فروا من بلادهم إثر اشتعال الحروب بها- لاجئين، وهم كثر، حملتهم أرض مصر وتحملهم الشعب المصرى، ماذا يمكن أن يقول مواطن عربى غير كلمة سمعتها كثيرا، وفى أكثر من بلد عربى «يا بخت الإخوة المصريين بالرئيس السيسى». وللتاريخ فإن هذا القائد أضحى أيقونة عربية لكل معانى الأصالة والنبل والكرم العربى، فتحية للقائد العربى عبدالفتاح السيسى، ولو قدر للعرب أن يضعوا أصواتهم فى صناديق الانتخابات المصرية فإنها وبلا أدنى شك ستكون للرئيس القادم لمصر بإذن الله الرئيس عبدالفتاح السيسى.