رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يعود «الأبيض» إلى منصات التتويج؟

الزمالك والداخلية
الزمالك والداخلية

مع قاهر الأهلى نيبوشا تعاقدنا وفشل، وبأفضل مدربى مصر- كما يرى الزملكاوية إيهاب جلال- استعنا، فلم يتبدل الوضع، لم نترك نجمًا دون التفاوض معه، ولم ندع لاعبًا مميزًا دون استدعائه لصفوف الفريق.. فأين أزمتنا؟
هكذا صار لسان حال كل زملكاوى بعد النتائج المخيبة والبداية السيئة للمدرب الجديد، الذى علق عليه ملايين من عشاق الأبيض كل الآمال.
أين أزمة الزمالك، وماذا يحتاج، وكيف يعود؟.. تساؤلات كثيرة تشغل عقول كل الزملكاوية، تضع «الدستور» إجاباتها فى هذا التقرير.


جرِّدوا اللاعبين والجهاز من ضغوط النتائج.. انسوا المكاسب مؤقتًا.. وأجِّلوا الرغبة فى البطولات
بحث الزملكاوية «إدارة، وأجهزة فنية، وجماهير» عن كل المسببات الفنية التى أدت إلى السقوط وحاولوا علاجها، لكنهم لم يتطرقوا ذات مرة إلى الجانب الأهم والأبرز وأكثر ما يفتقده الفريق، ألا وهو «الجانب النفسى».
يقول البرتغالى جوزيه مورينيو إن كرة القدم فى الأساس «لعبة نفسية» قبل أى شىء فنى، ويرى أن الضغوط تحاصر اللاعبين من كل الاتجاهات طوال الوقت، والمهمة الأولى لنجاح أى فريق تتلخص فى كيفية تقليص تلك الضغوط وتهيئة اللاعبين نفسيًا.
ويرى بيب جوارديولا أن خسارة لا تؤثر على البطولة قد تكون مهمة للغاية للتخفيف من ضغوطات المكاسب المتتالية وسلسلة اللاهزيمة التى تتحول لعبء على جميع اللاعبين.
هكذا يؤمن مورينيو وجوارديولا، ويعملان مع كل الأندية التى دربها كلاهما.. الأول يصطنع المشاكل والقضايا أوقات الهزيمة لكى يخطف كل الضغوط ويحولها من لاعبيه ليتحملها هو منفردًا، ولا غضاضة لديه أن يصطدم بالحكام والاتحادات عبر انتقادهما فى المؤتمرات.
أما الثانى- أعظم مدربى هذا الزمان- فيزامل لاعبيه، يبحث عن سعادتهم خارج المستطيل الأخضر أولًا، يريد أن يهيئ لهم المناخ المناسب لتنفيذ قناعاته، ويقتنع تمامًا بأن المبدع لا يعمل إذا كانت لديه رغبات غير مُشبعة هذا إلى جانب عدم قناعة الإثنين بمسألة التضخيم من الإنجازات.
فى الزمالك وحده، لا يؤمن أى طرف: إدارة، مدربين، جماهير، بما يؤمن به مورينيو وجوارديولا، لا يعتقدون فى حقائق ثابتة فى كل مكان، فمع مطلع كل موسم، يقول مجلس الإدارة «تعاقدنا مع أفضل ٢٠ لاعبًا فى مصر، وسنحصل على كل البطولات»، وبعدها تنطلق حملات الجمهور وثورتهم المتباهية على «السوشيال ميديا» رافعة شعار: «اللى يتعادل معانا هذا الموسم هيعمل حفلة»، ويحمّلون لاعبيهم ما لا طاقة لهم به، وكل ذلك يتحول إلى ضغوطات لا يتحملها أحد.
عودة الزمالك مرهونة بالأساس بتجريد اللاعبين من أى ضغوطات، فمن غير المعقول أن تطلب من ٢٠ لاعبًا يجتمعون مع بعضهم للمرة الأولى بأن يحصلوا على كل البطولات من أول مواسمهم، رغم أن منافسهم الرئيسى يعيش حالة استقرار ويمتلك أهم الأدوات وأفضل المدربين، ويسير مثل القطار «القشاش».
أنسب طريق يعود به الزمالك هو العلاج النفسى بالتجرد من الضغوط، وأعباء النتائج، فقط اطلبوا من اللاعبين استعادة روح الفريق وشخصيته، واطلبوا من الجهاز الفنى البحث عن الشكل الخططى الأفضل، ولا تنتظروا منهم نتائج، فالمهمة الأساسية هى إعداد فريق قوى له شكل تكتيكى وفلسفة واضحة يعتمد عليها بشكل ثابت.


همسة فى أذن إيهاب جلال: «العالمية ليست مجرد أرقام ورص لاعبين»
جاء إيهاب جلال إلى الزمالك وهو يحظى بإجماع غير مسبوق من الجماهير، انضم إلى الفريق وهو زعيم متوج بلقب «الأفضل فى مصر»، بدأ قيادته وسط إشادات هائلة بما يراه القطاع الكبير من الزملكاوية وربما خصومهم بطريقة اللعب العالمية التى ينتهجها «جلاليولا»، حتى صدق الرجل أنه عالمى حقًا رغم أن تاريخه لم يتخط «صحراء الفيوم».. نقصد «مصر للمقاصة».
ورغم نتائجه الجيدة مع الفريق الفيومى، فإن الأمر لن يكون بنفس اليسر فى ناد مثل الزمالك، فالفريق الذى ينافس على البطولات يواجه خصومًا يتكتلون دفاعيًا أمامه، ويحتاج إلى فلسفة لعب خاصة تجعله قادرًا على فك هذه التكتلات، بعكس الفرق المتوسطة مثل المقاصة، فهى دائمًا ما تجد المساحات وتكون فرص النجاح معها كبيرة جدًا.
هكذا فعل جلال مع المقاصة، وحسام حسن مع المصرى، وطارق العشرى مع حرس الحدود، فجميعهم أبدعوا بالالتزام الخططى واستغلال المساحات المتروكة لدى الخصوم، لكن الأمر يتبدل عندما تقود فريقا يحترمه الجميع ويتراص دفاعيًا أمامك.
إيهاب جلال جاء إلى الزمالك موهومًا بأنه قادر على تطبيق منظومة لعب شاملة مع فريق ميت إكلينيكًا، فكان قراره انتهاج فلسفة الكرة الشاملة والاستحواذ أمام الأهلى بمثابة الانتحار، ولما قرر التخلى عن تلك الفلسفة أمام المصرى لجأ إلى طريقة مختلفة تمامًا وهى طريقة أنطونيو كونتى، مدرب تشيلسى، التى تميل إلى الحالة الدفاعية أكثر.
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تحول إيهاب جلال، فهل هو حقًا يؤمن بطريقة جوارديولا، أم يؤمن بدفاعات كونتى؟، وهل يعرف إمكانيات أدواته التى يمتلكها ومدى قدرتها على تنفيذ تلك الطرق التى ينتهجها؟.
يستوجب على «جلال» أن يعى جيدًا حقيقة قدرات لاعبيه، فمن غير المعقول أن يلعب بطريقة لعب «٣٤٣» التى خاض بها آخر مبارياته أمام المصرى، وهو لا يملك أطرافا قوية قادرة على القيام بالمهام الهجومية والدفاعية معًا، كما يفعل ألونسو وموسيس فى تشيلسى؟!.
هل يعى «جلال» أن العمود الرئيسى لهذه الطريقة هما الطرفان، ويتطلبان مقومات خاصة، وإمكانيات فريدة، فطرق اللعب العالمية ليست مجرد أشكال عددية تتباين، ولاعبين يتراصون وفق تلك الأشكال.
فى المباريات الأربع الأولى، بدا إيهاب جلال كما أحمد حسام «ميدو» مع دجلة، يريد تطبيق فلسفة وطرق لعب عالمية ينتهجها أعظم المدربين، دون الدراية بكيفية التطبيق، والقدرة على تعليم اللاعبين التفاصيل الصغيرة لها.
على إيهاب جلال أن يحدد أولًا ماذا يمتلك، ثم يقرر ما الطريقة الأنسب، وعليه ثانيًا أن يتخلى عن الصورة الذهنية الكاذبة التى صنعها أباطرة «السوشيال ميديا» بأنه المدرب العالمى على أراض مصرية. عليه أن يكون أقرب إلى الواقع من الخيال غير الحقيقى، فالنجاح يبدأ بالواقعية، ثم ربما تتاح فرص الإبداع إذا توافرت المقومات.